تفاصيل الخبر

هل تحسم معركة حلب الحرب في سوريا؟

12/02/2016
هل تحسم معركة حلب  الحرب في سوريا؟

هل تحسم معركة حلب الحرب في سوريا؟

 

بقلم علي الحسيني

العميد-حطيط

منذ بداية التدخل الروسي المباشر في الحرب السورية، شهدت هذه الساحة العديد من التحولات البارزة كان أهمها في منطقة ريف اللاذقية الإستراتيجية التي تمتد على الحدود مع تركيا وهي من المتوقع أن تشكل نقطة مهمة في سير المعارك في المستقبل، لاسيما في ريف حماه وإدلب، لكن كيف تطورت الأمور خلال هذه المعركة التي شارفت على نهايتها بعد سقوط أبرز معاقل المعارضة المسلحة؟

مما لا شك فيه انه وقبل بداية التدخل الروسي كانت القوات السورية تعاني من أزمة الدعم التركي لفصائل المعارضة الموجودة بالقرب من حدودها، ما أدى إلى فشل اكثر من عملية عسكرية حصلت في هذه المنطقة، وكانت التقديرات تشير الى ان نحو 18 بالمئة من محافظة اللاذقية يقع تحت سيطرة فصائل المعارضة المسلحة قبل ان يتم قطع معظم خطوط إمداد المسلحين بعد التدخل الروسي الذي جاء هو الآخر ضمن عملية بدأتها روسيا بقصف مواقع المعارضة في سوريا مع العلم انها اعلنت يومئذٍ بأن الهدف من عملياتها مواجهة تنظيم <داعش> الإرهابي، لكن سرعان ما تغير الموقف عندما قال المتحدث باسم <الكرملين> ان العمليات الروسية في سوريا تهدف إلى دعم الجيش السوري في كل المناطق، فكانت اولى الاستهدافات من نصيب الجيش السوري الحر ثم <جبهة النصرة> وبقية الفصائل المقاتلة علماً ان اي عملية مواجهة بين الروس و<داعش> هي حتى الان حبراً على ورق ولم تحصل على ارض الواقع على الرغم من الانتقادات التي ما زالت توجهها روسيا الى التحالف الغربي واتهامه بالتواطؤ مع الارهاب وتحديداً تنظيم <داعش>.

  

النصرة-تقود-عملية-صد-الهجوم-في-حلبالتفاف للنظام وحلفائه

في ريف حلب

اليوم وبعد سنوات من سيطرة المعارضة على مدينة حلب وريفها، اختار الجيش السوري وحلفاؤه الروس والايرانيون وحزب الله التوقيت المناسب ليفاجئوا أعداءهم في الريف الشمالي لمدينة حلب ويخوضون معركة تطويق عاصمة الشمال بهدف اولي هو فك الحصار عن بلدتي نبّل والزهراء الشيعيّتين في معركة لم تُحسم بعد خصوصاً وان لها ابعاداً وتبعات بالغة الأهمية تمتد من حلب نفسها الى ما بعد الحدود التركية، وهو سياق عسكري يذكر بما قام به جيش النظام وحزب الله منذ سنة ونصف السنة تقريباً، عندما فرضوا طوقاً حول الغوطة الشرقية في ريف دمشق الشرقي ليبعدوا خطر هجمات المسلحين عن العاصمة دمشق ويحاصروهم بعد أن كانوا هم الجهة المُسيطرة لسنوات عدة. وتكتسب المعركة في ريف حلب اليوم أهميتها من اعتبارات عدة أولاً انها تتزامن مع مثول المبعوث الدولي إلى سوريا <ستيفان دي ميستورا> أمام مجلس الامن الدولي بعد نيله موافقة الحكومة السورية على خطته الرامية إلى تجميد القتال في مدينة حلب. ثانياً، تتزامن ايضاً مع معركة كبرى فتحها الجيش السوري في الجنوب ريف درعا الشمالي الغربي وريف القنيطرة بهدف تحصين العاصمة دمشق خصوصاً بعد سقوط الزبداني ومحاصرة مضايا وهوالأمر الذي من شأنه أن يمنع تحوّل قوات المعارضة في الجنوب إلى تهديد استراتيجي للعاصمة، وهذا يعني ان النظام اذا ما استمرت تحركاته المدعومة من الطيران الروسي على الوتيرة نفسها، فإنه سيكون قادر على خوض معارك كبرى على اكثر من جبهة في الوقت عينه، وقد يسلب المعارضة قدرة فرض توازن ميداني يُفرغ اي انجاز يحققه الجيش من مضمونه العسكري والمعنوي، من دون إسقاط أمر مهم ايضاً وهو ان استكمال التقدم سيؤدي الى قطع طريق رئيسي يربط الأحياء الشرقية في مدينة حلب الخاضعة لسيطرة المعارضة بالأراضي التركية وهو الأمر الذي بدأت تتنبه اليه السلطات التركية وتهدد بالتدخل البري الى جانب بعض الدول الاخرى.

عناصر-من-حزب-الله-في-نبل-والزهراء 

روايات النظام في ريف حلب

أشاع النظام السوري رواية حول كيفية دخوله مناطق في ريف حلب الشمالي. تقول الرواية إن ما بين ستين وسبعين من عناصره تمكنوا صباح الاحد الماضي من التسلل من بلدة رتيان الى بلدتي نبل والزهراء الى حد اصبح يمكنهم رؤية البلدة بالعين المجردة وانه  لم يعد يحول بينهم وبين رفاقهم سوى جيوب يحاول المسلحون حشد قواتهم لتدعيمها. وبحسب الرواية ان التقدم على جبهة منطقة المعامل كان صعباً نظراً إلى طبيعة المنطقة وأبنيتها، فتحرك الجيش في الوقت ذاته بدعم من قوات لواء القدس الذي يضم مقاتلين من قرى الريف الجنوبي والجنوبي الشرقي على جبهة مزارع الملاح وتمكن من السيطرة على عدد من المزارع الغربية بالقرب من بلدة حريتان مقترباً بذلك من مفرق <الكاستلو> مدخل مدينة حلب من الجهة الشمالية الغربية والمتصل بالطريق الدولي الذي يربط حلب بالأراضي التركية عبر حريتان وبيانون والزهراء وأعزاز. وفي الوقت عينه تم فتح اكثر من جبهة مما أفقد المسلحين التركيز على جبهة جمعية الزهراء ومنطقة الراشدين الرابعة غربي حلب الأمر الذي أتاح لقوات المخابرات الجوية المرابطة في المنطقة ان تتقدم وتسيطر على سبع كتل عمرانية في محيط مبنى المخابرات الجوية ومسجد الرسول الأعظم. كما تمكن الجيش من التقدم في الراشدين الرابعة في حين فشلت مساعي المسلحين في ارباك جبهات حلب المدينة عندما حاولت التسلل في جبهة مناطق بستان القصر والقلعة وحلب القديمة.

ماذا عن استعدادات المعارضة؟

رغم الخلافات التي استحكمت مؤخراً بين فصائل المعارضة السورية في أكثر من بلدة ومدينة وتحديداً في حلب وريفها حيث شهدت أكثر من صراع بين هذه المكونات تحت عنوان السيطرة الكاملة لا الجزئية، الا ان هذه الفصائل وضعت الاسبوع الماضي خلافاتها جانباً وقررت رص صفوفها لمواجهة خطر النظام وحلفائه. وفي المعلومات ان الهجوم المباغت الذي شنه النظام ترك او خلف تخبطاً كبيراً في صفوف المجموعات المسلحة ما انعكس في شكل تقاذف للاتهامات والتخوين بينهم قبل أن تُجرى سلسلة اتصالات مكثفة ادت في نهاية المطاف الى دخــــــول <جبهــــــة النصــــــرة> على خــــــط المعـــــــارك من دون ان يتضح من هي المعارضة-السورية-تتوحد-في-ريف-حلبالجهـــــة او الدولة التي دفعت النصــــــرة الى إرسال إمدادات عسكرية ولوجستية ساهمت الى حد كبير في امتصاص مفاجأة الهجوم واستعادة التوازن ضمن خطــــــة اطلقت عليها اسم <التنسيق لإحباط التطويق>.

وفي السياق نفسه أكد أكثر من مصدر مقرب من <النصرة> ان المجاهدين قد تعاهدوا على نبذ الخلافات في الوقت الراهن والتفرغ لصد الهجوم وان هذا القرار أبلغ لكل المجاهدين بصورة فتوى شرعية واجبة التنفيذ صدرت عن اعلى المرجعيات الشرعية في الشمال. ورغم اعتراف مصادر المجموعات بالخسائر التي مُنيت بها، غير ان الساعات الأخيرة شهدت تكثيفاً لضخ أخبار انتصارات الثوار والمجاهدين سواء عبر وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي او من خلال الاتصالات بين المجموعات نفسها. وبحماسة غير محدودة تداول مسلحو حركة نور الدين زنكي عبر اتصالاتهم اللاسلكية انباء عن استعادة الملاح بالكامل ورتيان وحردتنين وتكثيف المعارك لاستعادة الجزء الجنوبي من باشكوي. لكن ابرز ما صرحت بــــه المصــادر نفسها هو تعــــرض مقـــــــاتلي <النصرة> الى خيانات من قبل فصائل مسلحة أخرى قيل ان النظام قد ساومهم على أموال ومناطق نفوذ اخرى وسط تأكيد ان <النصرة> لن تتخلى عن المجاهدين لكنها طالبت بوضع حد للتخاذل لكي لا تتحول المعركة الى مقتلة لعناصرها.

 

تسريبات <رويترز>

حول التخطيط للعمليات في حلب وريفها كشفت <رويترز> عن زيارة قام بها قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني قاسم سليماني الى موسكو منذ ايام لوضع المسؤولين في صورة المخططات العسكرية التي وضعها من اجل تحرير حلب وريفها، وبحسب الوكالة ان سليماني الذي يشرف بالفعل على عمليات برية في مناطق متعددة في سوريا ضد مقاتلي المعارضة، يلعب الآن دوراً رئيسياً في التخطيط للعملية الجديدة في حلب التي تساندها روسيا وإيران. ويقول ثلاثة من كبار المسؤولين في المنطقة لـ<رويترز> ان رحلة سليماني إلى موسكو سبقتها اتصالات روسية ايرانية رفيعة المستوى اسفرت عن اتفاق سياسي يقضي بضرورة ضخ دعم جديد للأسد الذي مني بخسائر متلاحقة. وتقول التقارير ان الإيرانيين والروس توصلوا الى تصور مشترك وخلاصات امنية وسياسية للعمل معاً للمرة الاولى في سوريا. ويُذكر ان مئات الضباط والجنود الإيرانيين وصلوا الى في الأيام العشرة الاخيرة الى شمال حلب مع أسلحة لشن هجوم بري كبير سيدعمهم فيه كل من حزب الله بالاضافة الى الوية مقاتلة من العراق معظمهم ينتمي الى جماعة الحشد الشعبي.

السعودية على استعداد لتدخل

بري في سوريا

العميد-عبد-القادر

في وقت حذر فيه رئيس الوزراء التركي <أحمد داوود أوغلو> من ان عدد اللاجئين السوريين سيرتفع بسبب الأوضاع في مدينة حلب وان الجيش السوري مدعوماً بالقوات الأجنبية والغطاء الجوي الروسي يهدف إلى تجويع المحاصرين في حلب، كان مسلحو المعارضة السورية بدأوا بتحضيرات لوجستية لهجوم على بلدتي كفريا والفوعة في ريف ادلب كرد على هجوم النظام وحلفائه على ريف حلب، وذلك بالتعاون مع ضباط كبار من الجيش التركي قيل ان مهمتهم تقتصر فقط على الاشراف المباشر على هذه العملية كرد على محاولة دخول الجيش السوري لمدينتي نبل والزهراء. ولكن ابرز هذه المعطيات تمثل بتصريح لمستشار وزير الدفاع السعودي احمد العسيري قال فيه أن بلاده على استعداد للمشاركة في أي عمل عسكري بري ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا. وأضاف أن السعودية مستعدة للتدخل برياً ضد تنظيم الدولة إذا قرر التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة القيام بعمليات من هذا النوع وان موقف بلاده هذا جاء بناء على تجربة التحالف العربي في اليمن وأكد ان القصف الجوي غير كاف لتحقيق نتائج على الأرض ما لم يسند ذلك عمل بري، وذلك مع نفي تام لوجود أي خطط لتوسيع مهام أي تدخل بري محتمل خارج محاربة تنظيم الدولة.

حطيط: من هنا جاء الاعلان السعودي

ماذا يقول الخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد أمين حطيط حول ما تضمنه كلام العسيري عن استعداد السعودية للتدخل عسكرياً في الحرب السورية؟.

يقول حطيط: في الأسبوع الماضي وقبل ان يطلق السعوديون والاتراك تهديدهم بالتدخل العسكري المباشر في سوريا كنت وعلى اثر الانتصارات الكبرى التي حققها الجيش العربي السوري مع حلفائه، عرضت لهذا الأمر ضمن فرضية يمكن ان يلجأ اليها السعوديون والأتراك في مواجهة الانهيار المتعدد الابعاد الذي لحق بالجماعات المسلحة والإرهابية، وفي سياق المناقشة خلصت يومئذٍ الى استبعاد هذه الفرضية. لكن وبعد يومين جاء الموقف السعودي الذي اظهر الاستعداد للأمر. فهل ان التهديد جدي وقابل للتنفيذ؟. اعتقد أنه لا بد من التذكير بأن المشهد الذي بات عليه الميدان السوري ينبئ بأن نتيجة المواجهة باتت محسومة ضد الارهاب ومن يديره ويستثمر به على الأرض السورية، بعد السيطرة على الحدود مع لبنان والاستدارة التي فرضت على الأردن وقلصت المخاطر الآتية عبر الجبهة الجنوبية، وبعد الإنجازات الاستراتيجية التي تتحقق في جبهة الشمال من ريف اللاذقية الشمالي الى ريف حلب الشرقي وصولاً الى الإنجاز المفصلي البالغ الأثر المتمثل بكسر الحصار عن نبل والزهراء والذي ارسل رسالة واضحة بأن إغلاق محاور تحرك الإرهاب من تركيا الى سوريا بات قريباً، و بات عزل العامل التركي عن الميدان السوري أمراً أقرب الى الحقيقة والتنفيذ من أي وقت مضى، في هذا المشهد يكمن السبب وتتجسد خلفية التهديد السعودي التركي بالدخول الى سورية عناصر-من-النظام-يحتفلون-في-ريف-حلب-الشماليعسكرياً بالقوات الذاتية للبلدين.

ويشير حطيط الى ان تركيا والسعودية استشعرتا الخطر من احتمال إتمام السيطرة السورية على الحدود الشمالية مع تركيا لأن ذلك يعني قطع اليد الأجنبية ومنعها من العبث في الداخل السوري، ما يقود الى انهيار العدوان كلياً وإدخال رعاته ومنفذيه في وضع لا يقوون فيه على معالجة هزيمة ذات طبيعة استراتيجية، هزيمة فيها القضاء على أحلام راودت أصحابها، والاجهاز على فضاءات استراتيجية عملت على امتلاكها. ولأن ذلك يرعبهم فقد سارعوا الى منع انطلاق المباحثات بين الحكومة السورية ومن سموهم معارضة، حتى لا يضطر منخوبوهم الى أروقة التباحث والمتحركين تحت تسمية <الهيئة العليا للمفاوضات>، الى التوقيع على هزيمتهم لذلك كان المخرج لديهم بتعليق التباحث في جنيف لأسابيع ثلاثة، قابلة للتمديد، يعولون عليها لوقف الانهيار في الميدان، وإبقاء شيء ما في اليد الإرهابية حتى يصرف في الحل السياسي.

وتابع: لقد اتجهت السعودية ومعها تركيا الى التهديد بالتدخل العسكري آملين من هذا الأمر تحقيق اهداف ثلاثة: الضغط لوقف اندفاعة الجيش العربي السوري وحلفائه في الميدان، رفع معنويات الجماعات المسلحة الإرهابية المنهارة والتي تتساقط المناطق من يدها بشكل متلاحق منذ خمسة أشهر، واثبات القوة والإرادة على التدخل العسكري الذي يمنع تحقق الهزيمة. وإذا كانت هذه هي الخلفية والأسباب التي حملت على المجاهرة بالتدخل العسكري في سوريا  ضد <داعش>، فهذه مزحة تضحك الثكلى، ولن تجد من يصدقها، فتدخلهم هو قطعاً وبغير نقاش ضد سوريا وحلفائها لمنعها من الاستمرار في حصد المكاسب الميدانية، فاذا كانت دوافعهم كذلك فهل هم قادرون على التنفيذ؟

وختم: أستبعد هذا العمل الجنوني الذي وفي ظل الواقع القائم يستحيل تنفيذه من غير ان يكون فيه انتحار للفاعل دون ان يكون فيه أي فرصة او احتمال لتحقيق شيء ما على الأرض لأسباب مختلفة منها ما يتعلق بالمهاجم المعتدي، ومنها ما يتصل بقدرات المدافع.

عبد القادر: الطرح السعودي جدي

أما الخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد نزار عبد القادر فقد رأى ان الطرح السعودي بالتدخل برياً لمحاربة <داعش> جدي تماماً وهي محاولة للتجاوب مع متطلبات الوضع في سوريا ومنع انزلاقه باتجاه متاهات جديدة في ظل الهجمة الروسية - الايرانية الشرسة على حلب ودرعا وغيرهما من المناطق. إجراء مماثل من شأنه ان يُنقذ تركيا من الأزمة التي جعلتها في وجه روسيا عندما هددت الأخيرة بالانقضاض على اي تدخل لأنقرة في سوريا. كما وان التدخل البري للسعودية يجب ان يكون بغطاء اميركي، وعلى واشنطن ان تدعو أولاً موسكو الى تغيير استراتيجيتها في سوريا، واذا رفضت سيكون على اميركا وحلفائها الدخول براً الى سوريا على ان يكون ذلك بالتزامن مع إقامة منطقة حظر جوي في الشمال السوري.