تفاصيل الخبر

هل تهب رياح تقسيم المنطقة من... إدلب؟

06/03/2020
هل تهب رياح تقسيم المنطقة من... إدلب؟

هل تهب رياح تقسيم المنطقة من... إدلب؟

 

بقلم خالد عوض

عدة مفاجآت طبعت الأسبوع الماضي. منها إنتخابية، واحدة في الولايات المتحدة، وأخرى في إسرائيل. ومنها ميدانية بين سوريا واليونان من خلال تركيا، فقد تبين أن مسألة ادلب أصعب مما كان يعتقد أكثر المتشائمين بطريقة حلها.

 

الطريق إلى الحقوق... من الداخل؟

لولا <صفقة القرن> ودعم الرئيس الأميركي <دونالد ترامب> له لما فاز <بينيامين نتنياهو> في الإنتخابات الاسرائيلية الأخيرة. الرجل متهم بقضايا فساد ثابتة ولم يتمكن من الفوز في إنتخابات جرت مرتين في العام الماضي. إذا كانت هناك نتيجة واحدة لـ<صفقة القرن>، غير الظلم المستمر للفلسطينيين، فهي نجاح <نتنياهو> بان يصبح أقدم رئيس وزراء في تاريخ إسرائيل، فهو في هذا المنصب منذ ٢٠٠٩ إلى جانب ترؤسه الحكومة بين ١٩٩٦ و ١٩٩٩. رغم المفاجأة النوعية التي احدثها <نتنياهو> هناك مفاجأة أكثر تأثيرا للعرب والفلسطينيين وهي فوز اتحاد الأحزاب العربية بـ ١٥ مقعدا وفوز أربع نساء بينهم، فقد يرسم هذا النجاح العربي طريقا ولو طويلة لاستعادة الحقوق الا وهي الحرب من الداخل وبالأطر الديمقراطية. يبدو هذا المسار صعبا وطويلا ولكن يجب البناء عليه خاصة عندما يتبين أن نسبة اليهود التي انتخبت لهؤلاء النواب العرب هي الأكبر في تاريخ الإنتخابات الإسرائيلية.

<بايدن> أو <اوباما> من جديد؟

 

يقال أن الإنتخابات الإسرائيلية هي رسم مصغر لتوجه الإنتخابات الرئاسية الأميركية لأنها تعكس توجه اللوبي الصهيوني هناك. مع فوز <نتنياهو> في إسرائيل ترسخت أكثر حظوظ الرئيس الأميركي الحالي <ترامب> بولاية ثانية. المفاجأة كانت بفوز <جو بايدن> نائب الرئيس الأميركي السابق بإنتخابات <الثلاثاء السوبر> وإنتصاره على منافسه الثوري <بيرني ساندرز> الذي كان متفوقا عليه قبل ذلك. السبب الأهم هو صوت الأميركيين من أصول أفريقية الذين تهافتوا لانتخاب <بايدن> إيمانا منهم بأنه الأقدر في الفوز على <ترامب> وأنه سيكمل ما بدأه <باراك اوباما> في مسألة النظام الصحي أو <اوباما كاير>. لولا الأميركيون السود لما حظي <بايدن> بهذا الإقبال أولا والتصويت ثانيا وها هو يتقدم بثبات نحو انتزاع الترشيح الديمقراطي.

تركيا إلى الحرب أو إلى المناطق الآمنة؟

ماذا تريد تركيا من سوريا؟ تارة تحارب الأكراد في الشمال وطورا تحارب في ادلب في الجنوب. هل فقط لها أطماع جغرافية؟ وما بالها اليوم تتحدى الروس أنفسهم وهي تعرف أن الروس ليسوا في سوريا من أجل نزهة بل من أجل مصالح إستراتيجية؟ لتركيا بالطبع أطماع في أراضي سوريا وتريد أن تحصل على جزء من كعكة الغاز هناك، ولكن همها الأساسي ديموغرافي. عندها ملايين العلويين والأكراد في الداخل وهي تسعى بكل ما لديها من قوة أن تمنع أي تواصل بين علوييها الأتراك والعلويين السوريين تماما كما تريد منع تواصل الأكراد السوريين بالأكراد الأتراك. من أجل ذلك تريد تركيا ضمان منطقتين آمنتين واحدة من ناحية الرقة وأخرى من صوب ادلب. كما تسعى لإرسال أكبر عدد من السوريين المسلمين السنة إلى هاتين المنطقتين حتى تضمن تمييعا ديموغرافيا يحمي حدودها الجنوبية من أي خطر عرقي يشكله الأكراد أو مذهبي يمكن أن يمثله العلويون. الأتراك يعلمون أن شبح التقسيم يلوح في المنطقة ويسعون إلى ابعاده قطعيا عن حدودهم. وحتى ينتزع قبول العالم بمناطق آمنة في الداخل السوري يلعب الرئيس التركي <رجب طيب اردوغان> بورقة اللاجئين ويقذف بهم إلى البوابة اليونانية ليخيف الأوروبيين، كما أنه لن يتوانى عن مواجهة الروس مدعوما من الأميركيين إذا منعه <فلاديمير بوتين> من تنفيذ اهدافه. يبدو أن الروس والأوروبيين بدأوا يقتنعون بالمناطق الآمنة بين تركيا وإدلب كما فعل الأميركيون في الشمال السوري من الشرق. هذا يعني أن حدود سوريا التي نعرفها لن تعود أبدا إلى ما كانت عليه قبل الحرب عام ٢٠١١

التقسيم على الأبواب؟

التدخل التركي في سوريا هو بالنتيجة استباق للتقسيم، فإذا تمكن <اردوغان> من خلق مناطق آمنة وبمساحات شاسعة كما يريد فإن رياح التقسيم ستقوى كثيرا ولن تقف عند الحدود السورية. شمال لبنان وبقاعه يصبحان مهددين كما يمكن أن تنتقل العدوى إلى العراق بسرعة. الحل هو باستنباط توافق داخلي مطلق يمنع دخول الرياح التقسيمية من أي منفذ.

حتى الآن لا يبدو أن حكومة الرئيس حسان دياب على دراية بحجم الأخطار الداهمة... والحديث عن التركة الثقيلة والموبوءة لا ينفع نهائيا. المطلوب نظرة إلى المستقبل وليس إلى الماضي وخطاب توحيدي وليس تهبيطيا.