تفاصيل الخبر

هل تجرؤ حكومة دياب على استعادة اموال السياسيين من سويسرا؟

27/12/2019
هل تجرؤ حكومة دياب على استعادة اموال السياسيين من سويسرا؟

هل تجرؤ حكومة دياب على استعادة اموال السياسيين من سويسرا؟

بقلم خالد عوض

من الواضح أن المسار اللبناني للأحداث متلازم بطريقة أو بأخرى مع المسار العراقي رغم الفوارق الكبيرة بين البلدين. هذا لا يعني أن مصير رئيس الوزراء المكلف الدكتور حسان دياب سيكون مثل مصير المرشح لرئاسة الحكومة في العراق قصي السهيل، الذي كان هو أيضا وزيرا للتعليم العالي مثلما كان حسان دياب وزيرا للتربية عام ٢٠١١. فالسهيل فقد بعض الدعم بعدما كان في طريقه إلى تشكيل حكومة إنقاذ بينما لا يزال الدكتور دياب، حتى الآن، حائزا على دعم أو على الأقل عدم معارضة معظم الأحزاب اللبنانية رغم ارتياب الشارع.

العراق ولبنان... طريق الحل غير معبدة!

مجرى الأحداث في العراق حيث بدأت الإنتفاضة في أول تشرين الأول (أكتوبر) الماضي وانفجرت في ٢٨ من الشهر نفسه يشير إلى أن الأزمة في البلدين متلازمة إلى حد كبير. العراقيون واللبنانيون انتفضوا في الشهر نفسه ضد الفساد والطائفية والزبائنية مطالبين بالعيش الكريم، ولكن الطبقة السياسية ظلت تتعامل معهم بالطريقة العقيمة والرثة نفسها التي اعتادت عليها، وهي اليوم تتخبط للخروج من أزمة حكم لم تعرف لها مثيلا. في العراق ينص الدستور على أن ترشح الكتلة الأكبر أو أوسع تحالف للكتل في البرلمان رئيسا للوزراء فيكلفه رئيس الجمهورية. كان الخلاف في الأيام الماضية يدور حول من هي الكتلة الأكبر أي من يحق له ترشيح رئيس الوزراء. وبعد تمنع المحكمة الإتحادية العليا عن تحديد الكتلة، وتأكيدها أن من واجبها فقط النطق بالأحكام وتفسير الدستور، طلب الرئيس العراقي <برهم صالح> من مجلس النواب تحديد الكتلة الأكبر بالأسماء والتواقيع. السبب المعلن لتردد الرئيس في تكليف <قصي السهيل> دستوري ولكن السبب الحقيقي شعبي إذ أن الشارع العراقي يعتبر <السهيل> جزءا من الطبقة السياسية الفاسدة لأنه <عاشرها> عن قرب عندما كان وزيرا للتعليم العالي. الملاحظات نفسها تنطبق على رئيس الوزراء المكلف في لبنان وتكاد أوجه الشبه تكون سوريالية. التحدي للرئيسين المكلفين هو نفسه: تشكيل حكومة تعكس التوازنات السياسية وتنال في الوقت نفسه رضا الناس فتتمكن من الحصول على الثقة في المجلس النيابي والشارع معا. كل المؤشرات تبين أن كسب ثقة الشارع وثقة الأحزاب السياسية في الوقت نفسه أمر شبه مستحيل في لبنان والعراق على حد سواء، فالسلطة لا زالت تعمل بمنطق المحاصصة السياسية بينما الناس في واد آخر تماما. وفي ظل تعامي الطبقة السياسية عن قراءة التغيير الذي حصل على الأرض من الصعب توقع حل قريب في البلدين.

 

الحل في الداخل أولا!

 

في جو كهذا يصبح من المضحك والسخف الكلام عن تدخلات خارجية من هنا أو هناك. حتى لو اتفقت إيران والولايات المتحدة على كل شيء خلال أيام، وهذا خيال اليوم، أصبح من المستحيل إخراج الناس من الشارع، لا بل سيصبح صدى الإنتفاضة أقوى مع تراجع الأوضاع المعيشية، ولا يمكن للمجتمع الدولي أو الخليجي أن يتدخل في غياب حكومة تنال ثقة الناس أولا والبرلمان ثانيا. كل ما يمكن للخارج أن يتدخل فيه هو أن يدخل من الباب الأمني لإستثمار الإنتفاضة إما في حروب شبيهة بما حصل في سوريا أو ليبيا أو في خضات أمنية وتسهيل تولد خلايا ارهابية <داعشية> أي أن الخارج بوسعه إشعال الأمة ولكنه لا يتحكم بمفاتيح الحل. إذا لم تقتنع القوى السياسية المهيمنة على السلطة منذ عقود أن دورها السياسي انتهى وأنه حان الوقت لإستنباط طبقة جديدة فإن الأفق للحل شبه معدوم والمخاض السياسي والأمني والإقتصادي سيكون عسيرا وطويلا.

حل مالي للبنان في سويسرا؟

كيف يمكن إقتصاديا إدارة أزمة تنذر بأن تكون طويلة؟ في البداية يجب توصيف الحالة كما هي. مداخيل الدولة في تراجع كبير لن يقل عن ٤٠ بالمئة عام ٢٠٢٠ أي أن أفضل ما يمكن أن تحصله الدولة هو ٨ مليارات دولارات في العام المقبل، مقابل نفقات لن تقل عن ١٤ مليار دولار، وهذا مستوى أقل من ٢٠ بالمئة من نفقات ٢٠١٩ بفعل تخفيض الفوائد على الدين العام، مما يعني أن العجز سيكون حوالى ٦ مليارات دولار أي ما يعادل ١٢ بالمئة من الناتج المحلي. أما ما تحدثت عنه الورقة الإصلاحية للحكومة المستقيلة من ضرائب على القطاع المصرفي واقتطاع من مصرف لبنان بقيمة ٣ مليارات دولار فهذا من الصعب جدا تنفيذه في ظل الضغط الكبير الذي يتعرض له القطاع المصرفي حاليا. وحتى لو اعتبرنا أن هذا لا يزال ممكنا فلن يقل عجز السنة المقبلة عن ٣ مليارات دولار في أحسن الأحوال أي ما يزيد عن ٦ بالمئة من الناتج المحلي وليس ٠,٦ بالمئة كما كان منشودا في الورقة الإصلاحية التي سبقت استقالة الحكومة. هل يقبل المجتمع الدولي بهكذا مستوى من العجز فيهب إلى المساعدة؟ بالطبع لا، قبل إتمام إصلاحات هيكلية تستوجب شهورا طويلة. الحل الممكن سريعا هو توجه الحكومة الآتية بطلب إلى الحكومة السويسرية بإعادة كل الأموال التي خرجت من لبنان عام ٢٠١٩ والمسجلة بأسماء سياسيين أو اقاربهم وأصحاب مصارف والأعضاء اللبنانيين في مجالس إدارة البنوك المحلية إلى مصرف لبنان. التقديرات مختلفة ولكن مصادر البنوك السويسرية تفيد إنه بالإمكان إعادة ما لا يقل عن ٤ مليارات دولار إلى مصرف لبنان عند طلب الحكومة اللبنانية ذلك. هذا المبلغ هو اقل من مجموع الودائع المسجلة بإسم سياسيين أو مصرفيين لبنانيين ولكنه أتى خلال ٢٠١٩ وارجاعه ممكن في القانون السويسري إذا تبين أنه ناتج عن إثراء غير مشروع.

السؤال: هل يمكن لحكومة الرئيس المكلف حسان دياب أن تطلب ذلك؟