تفاصيل الخبر

هل تدخل روسيا إلى بوابة الحل اللبناني من الباب العريض؟

13/12/2019
هل تدخل روسيا إلى بوابة الحل اللبناني من الباب العريض؟

هل تدخل روسيا إلى بوابة الحل اللبناني من الباب العريض؟

 

بقلم خالد عوض

 

الأزمة اللبنانية طويلة سياسيا وغير واضحة المعالم إقتصاديا وماليا، فالإحتمالات كلها مطروحة: منها إمكانية تعثر الدولة في تسديد التزاماتها (Default) وهذا يؤدي إلى تدخل البنك الدولي بوصفاته القاتلة إجتماعيا، أو تمكن لبنان في الفترة المنظورة أي خلال اسابيع قليلة من استنباط حل سياسي يبعث بعض الثقة فيتراجع الهلع ويصبح بالإمكان الحديث عن قروض دعم شبيهة بـ<سيدر>. ولكن بالنظر عن قرب إلى المالية اللبنانية يتبين أن المشكلة الحقيقية هي داخلية وليست مع الخارج لأن معظم الدين العام داخلي وهذا يعني أن كلفة الإنهيار سيدفعها الداخل وليس الخارج، إما عن طريق إعادة هيكلة للدين تطال المصارف وحاملي السندات وبالتالي المودعين أو بدخول البلد في مرحلة تقشف طويلة الأمد فيها ضغط ضريبي كبير لسد الفجوة. ربما لن يتحمل البلد الكساد الإقتصادي والإنفجار الإجتماعي الذي أصبح على الأبواب، ولكن مصرف لبنان والمصارف يمكن أن تتحمل اعباء سنة ٢٠٢٠ ولو بصعوبة فائقة.

الخيارات المالية... صعبة ولكن غير مستحيلة!

 

لبنان أمام خيارات مالية صعبة جدا عام ٢٠٢٠، فمن جهة هناك ثلاثة إستحقاقات لسندات <يوروبوندز> العام المقبل مجموع قيمتها ملياران وخمسمئة مليون دولار، الأول بعد ثلاثة شهور وتحديدا في ٩ آذار (مارس) بقيمة مليار ومئتي مليون دولار والثاني بقيمة ٧٠٠ مليون دولار في ١٤ نيسان (ابريل) والثالث بقيمة ٦٠٠ مليون دولار في ١٩ حزيران (يونيو). ومن جهة أخرى هناك مستلزمات أساسية يجب أن يستوردها لبنان تشمل المحروقات والطحين والدواء والمعدات والأجهزة الطبية تزيد عن ٤ مليارات دولار. تضاف إليها مطلوبات أخرى تصل إلى خمسة مليارات ونصف مليار دولار بأقل تقدير، هي أيضا ضرورية جدا لتمكين الإقتصاد من الإستمرار ولو بأدنى مستوى ممكن، مثل الأسمدة والأطعمة والمواد الأولية للصناعة ومواد البناء الأساسية وقطع الغيار وبعض الأساسيات التجارية. مجموع كل هذه الإستحقاقات الخارجية سيتجاوز ١٢ مليار دولار عام ٢٠٢٠. مقابل ذلك ، أفضل التوقعات تشير إلى تدفقات من الخارج تصل في العام الآتي إلى ٤ مليارات دولار هي تحويلات اللبنانيين بالإضافة إلى نسبة محدودة من الصادرات يمكن أن تصل إلى مليار ونصف مليار دولار هذا في حال تمكن الصناعيون من استيراد المواد الأولية. هذه التقديرات الأولية تشير إلى أن مصرف لبنان سيستهلك بين ٨ و١٠ مليارات دولار من احتياطه من العملات الأجنبية الذي يصل اليوم إلى ٣١ مليار دولار.

 

الدولة... الحفرة الكبيرة!

الأرقام السابقة تشير إلى قدرة مصرف لبنان في السنة المقبلة على تحمل كل هذه الأعباء المذكورة من دون أي مشكلة، ولكن هناك ضبابية تمنعه من الإلتزام بمتطلبات الأسواق وهي مرتبطة بشكل ميزانية الدولة ومستوى عجزها عام ٢٠٢٠ خاصة في غياب الواردات الجمركية والضرائبية واستحالة تمويل مستلزمات الدولة من الأسواق المالية، فإصدار <اليوروبوند> بـ٣ مليارات دولار الذي كان مقررا قبل ١٧ تشرين الأول (أكتوبر) الماضي تأجل نهائيا لأن الحماسة المالية كانت شبه معدومة في الخارج والداخل مهما علت الفوائد، وهذا كله قبل الثورة، أما اليوم فمن المستحيل التفكير في أي إصدار من دون إستقرار سياسي، مما يعني أن مصرف لبنان يجب أن يتحمل أيضا تمويل كل متطلبات الدولة اللبنانية، التي لا أفق لها في ظل الهدر الإداري وضعف الانتاجية وشلل الإقتصاد، في حالة تأخر الحل السياسي الكبير.

الحل في موسكو أم في الشارع؟

 

هل يمكن حتى الحلم بهكذا حل في المدى المنظور؟ هناك متحركان أو متغيران حاليا يتحكمان بالوضع اللبناني. واحد خارجي متعلق بالكباش الإيراني - الأميركي والثاني داخلي متعلق بالانتفاضة الثورية الشعبية التي من الصعب التحكم بها وبمسارها رغم كل المحاولات الأخيرة للسلطة والمخابرات الداخلية والخارجية. في مسألة الخلاف الأميركي - الإيراني بدأت روسيا تتحضر لتسلم دور الوسيط وإقناع الأميركيين بتلزيمها لبنان كما فعلوا ولو جزئيا في سوريا، ومسألة لبنان لم تغب عن اللقاء بين وزير الخارجية الروسي <سيرغي لافروف> ونظيره الأميركي <مايك بومبيو> ثم مع الرئيس <دونالد ترامب> في واشنطن منذ أيام. نتائج هذا اللقاء بالنسبة للأزمة اللبنانية ستظهر قريبا من خلال المواقف الروسية الآتية. تبقى الانتفاضة التي يراهن الجميع على تعبها... ولكنها هي التي يمكن أن تغير كل الترتيبات السياسية الجارية حاليا، وهي التي يمكن أن تطيح حتى بسعد الحريري، الذي أصبح المتراس الأخير الذي يختبئ وراءه الجميع.