بقلم خالد عوض
هناك أكثر من عشرين تجمعاً اقتصادياً أو تجارياً حول العالم. كل منطقة جغرافية لديها تجمع ما يعزز التبادل التجاري أو التكامل الاقتصادي بين بلدانها. وليس المقصود بهذه الكيانات الاتفاقيات الجمركية أو الضرائبية الثنائية بل التطور نحو كتلة اقتصادية ومالية موحدة مثل الاتحاد الأوروبي و<منطقة اليورو>. وما عدا بعض الدول التي تعد على أصابع اليد، فإن معظم بلدان العالم انضوت أو هي في سبيل الانتماء إلى تجمعات إقليمية تعزز اقتصادها بطريقة أو بأخرى. الكل متفق على أنه بحاجة إلى أسواق خارج حدوده حتى يتحقق النمو الاقتصادي عنده. هناك اتحادات في آسيا والأميركيتين وأوروبا ومنطقة أوراسيا وحتى أفريقيا. كما هناك الاتحاد المتوسطي الذي كان المقصود منه أساساً أن يكون شبيهاً بالاتحاد الأوروبي ولكنه تحول الى إطار إقليمي للتعاون بين الاتحاد الأوروبي ودول المتوسط الأخرى.
إلى جانب الاتحاد الأوروبي الذي يضم ٢٨ دولة أوروبية و<نفتا> الذي يضم الولايات المتحدة والمكسيك وكندا و<ميركوسور> الذي يضم خمس دول في أميركا اللاتينية (البرازيل والأرجنتين والأوروغواي والباراغواي وفنزويلا) و<آسيان> الذي يضم عشر دول آسيوية أهمها اندونيسيا وماليزيا وسنغافورة وتايلاند، هناك مجلس التعاون الخليجي الذي أثبت أنه تكامل إقليمي اقتصادي ناجح بكل المعايير. صحيح أن دول الخليج لم تتمكن بعد من ركوب القطار نحو الاتحاد الخليجي ولكنها لن تتأخر في رسم الإطار النهائي لذلك رغم بعض الخلافات حول مسألة توحيد العملة والموقف السياسي إزاء إيران. كما أن مملكتي المغرب والأردن مرشحتان للإنضمام إلى مجلس التعاون بالإضافة إلى اليمن في حالة الوصول إلى حل سياسي هناك.
في ظل كل هذه التكتلات الاقتصادية من المستغرب ألا تسعى إيران نفسها إلى الانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي بعد أن تنتهي من التوقيع على الاتفاق النووي مع الغرب. لقد كانت أساساً تتنفس اقتصادياً ومالياً وتجارياً من <دبي> طوال فترة العقوبات وهي ستكون بحاجة إلى الأسواق الخليجية في المستقبل ليس فقط لتصدير بضائعها التجارية بل <اليورانيوم> المخصب لأن معظم الدول الخليجية متجهة إلى تطوير الطاقة الكهربائية النووية. فالإمارات ستكون بحاجة إلى استيراد <اليورانيوم> إبتداء من عام ٢٠١٨ والسعودية والكويت بعدها بثلاث سنوات. كل هذا ناهيك عن الفوائد الجمة التي يمكن أن تكسبها إيران من خلال مشاركة شركاتها في المشاريع المختلفة في الخليج.
وبدل أن تكمل إيران في مشاريعها التوسعية التي تأخذ الطابع الفتنوي في اليمن وغيرها من أجل أن تصل إلى مكاسب اقتصادية، يمكنها اختصار الطريق واعتبار مجلس التعاون الخليجي أهم حليف اقتصادي ومالي يمكن أن يتوفر لها في المستقبل. فما يجمعها به ليس فقط بحر الخليج أو منظمة <اوبك> بل مصالح متعددة لا يمكن أن توفرها لها الصين أو روسيا أو الولايات المتحدة.
ربما على إيران أن تعي أنه ولّى زمان استذكار معركة القادسية منذ ١٤٠٠ سنة والتصرف ثقافياً وسياسياً وعسكرياً على أن العرب أعداء إيران. يكفي النظر إلى العلاقة بين فرنسا وألمانيا اليوم لنجد أن رخاء الشعوب يقوم على المصالح الاقتصادية بين دول الجوار وليس على الحروب أو الضغائن. ما يجمع ماليزيا وسنغافورة في <آسيان> أهم بكثير مما يفرقهما سياسياً وثقافياً وتاريخياً. والأمر نفسه ينطبق على البرازيل والأرجنتين في <ميركوسور>. وما يجمع إيران بالخليج أهم بكثير من الاعتبارات العرقية والثقافية والتاريخية والمذهبية أو حتى الخلاف على تسمية الخليج نفسه. إنها مصلحة الشعوب.. أي الاقتصاد. هو الذي جمع روسيا والصين والهند وجنوب افريقيا والبرازيل في <البريكس> وهو ما يجب أن يجمع إيران بالخليج.