[caption id="attachment_81919" align="alignleft" width="372"] سبعة من النواب المستقلين عمد البطريرك الراعي[/caption]
في غمرة الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان اقتصادياً ومالياً واجتماعياً، يجد المراقب السياسي من يهتم في اثــــارة مواضيع يفترض ان تكون طوي النقاش فيها لاعتبارات مختلفة، ولكن يتضح ان ثمــــة من " ينبش" من وقت الى آخر اشكالية قانونية او دستورية ليطرحها ويثير نقاشاً حولها. مثال على ذلك محاولة بعض السياسيين اثارة مسألة عدم اجراء الانتخابات الفرعية في دوائر بيروت الاولى والمتن والشوف وكسروان وزغرتا وعاليه لملء المقاعد النيابية التي شغرت نتيجة استقالة ثمانية نواب يتوزعون على هذه الدوائر وهم: مروان حمادة ( الشوف)، هنري حلو( عاليه) سامي الجميل والياس حنكش ( المتن)، نعمة افرام ( كسروان) نديم الجميل وبولا يعقوبيان ( بيروت الاولى)، وميشال معوض ( زغرتا).
اما سبب اثارة هذه المسألة من جديد على رغم صدور موافقة من الحكومة اللبنانية بارجاء الانتخابات الى السنة المقبلة، فيعود الى انه مع حلول يوم الثلاثاء الماضي 13 تشرين الاول ( اكتوبر) انتهت دستوريا مهلة الشهرين لاجراء هذه الانتخابات على اساس ان مجلس النواب اخذ علما باستقالة النواب الثمانية في الجلسة التي عقدت في 13 آب ( اغسطس) الماضي ولم تطبق المادة 41 من الدستور لجهة ضرورة اجراء انتخابات فرعية في المقاعد التي تصبح شاغرة لاي سبب كان، واذا ما كانت ولاية المجلس لا تزال تسمح بذلك، اي يبقى منها اكثر من ستة اشهر.
القرار الذي صدر بتأجيل اجراء الانتخابات الفرعية الى السنة المقبلة حدد الاسباب لجهة ارتباطها بالظروف الراهنة التي تمر بها البلاد اضافة الى انتشار وباء " كورونا" بشكل واسع في المناطق اللبنانية. الا ان هذه التبريرات لم تقنع بعض السياسيين والشخصيات التي تمثل " الحراك الوطني" الذين يعتبرون انه لا ثقة بالسلطة وقراراتها، وان السلطة وجدت ذرائع للتأجيل. ويشترك نواب مستقيلون مع اصحاب هذا الرأي ويتحدثون منذ الان عن " مخطط لتأجيل الانتخابات النيابية في العام 2022 التي يفترض ان تجري في شهر ايار ( مايو) من تلك السنة وبالتالي، فان تأجيل الانتخابات الفرعية هو مقدمة لذلك بهدف الابقاء على المجلس النيابي الحالي لينتخب رئيس الجمهورية المقبل. وفي رأي المعترضين ان الشعب اللبناني " سحب" الوكالة من النواب الحاليين وبـــات المزاج الشعبي مختلفا تماما عما انتجتـــــه الانتخابات النيابية الاخيرة وفق قانون " فصلوه" على قياسهم. ويضيف المعترضون ان المشكلة مع السلطة تكمن في ان الموقت قد يصبح دائما وبالتالي قد يؤدي التأجيل الى عدم اجراء الانتخابات الفرعية.
وهذه المخاوف السياسية، تلتقي مع " رؤية" سياسيين بأن اطراف السلطة غير مطمئنين على ان اجراء الانتخابات الفرعية في هذه المرحلة ستأتي نتائجها لمصلحتهم، بل يتخوفون من ان تصب في مصلحة خصومهم لان الاجواء الشعبية غير متجاوبة مع النواب الحاليين والاحزاب التي تمثلهم. لذلك ودائما حسب المعترضين- فان السلطة تفضل بقاء المجلس الحالي بتركيبته السياسية بدلا من مجلس جديد قد تفقد فيه الاكثرية خصوصا ان ثمة مخاوف لدى فريقين اساسيين هما " التيار الوطني الحر" وتيار " المستقبل" لجهة خسارة مقاعد عائدة لهم في المجلس الحالي.
الدستور ... والواقع
[caption id="attachment_81920" align="alignleft" width="438"] وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال محمد فهمي ارسل الى الوزارات المعنية كتباً حول الانتخابات الفرعية.[/caption]من الناحية الدستورية، يتحدث الخبراء عن الخطوات المطلوبة لاجراء الانتخابات منذ قبول استقالة النائب او النواب المستقيلين علماً بأن الموافقة على استقالة النواب الثمانية تمت في جلسة البرلمان في 13 آب ( اغسطس) الماضي وتنتهي بالتالي مهلة اجراء الانتخابات في تشرين الاول ( اكتوبر) الحالي.
وتدعى الهيئات الناخبة بمرسوم ينشر في الجريدة الرسمية قبل 30 يوما على الاقل من موعد الانتخابات لملء المقعد الشاغر على مستوى الدائرة الصغرى وفقاً لنظام الاقتراع الاكثري، اما اذا تخطى الشغور المقعدين في الدائرة الانتخابية الكبرى، فاعتمد نظام الاقتراع النسبي. لكن ومع انتهاء مهلة اجراء الانتخابات التي لم تتم الدعوة لاجرائها، فان الاسباب التي وضعت مع قرار التأجيل هذه المرة قد تكون موجبة في ظل انتشار وباء (كورونا) وازدياد الاعداد بشكل كبير في لبنان في الاسابيع الاخيرة وعدم ضمان التقيد بالاجراءات اللازمة خلال اجراء الانتخابات على امل ان يتم اجراؤها في الوقت الذي حدد في بداية العام المقبل.
في المقابل، يؤكد خبير دستوري ان انجاز الانتخابات النيابية الفرعية واجب وليس مجرد خيار، وذلك طبقاً للمادة " 41" من قانون الانتخاب. وقال انه لم يقتنع "بحجة الحكومة القائلة بانها اجلت الانتخابات الفرعية بذريعة حال الطوارىء التي اقرت بعد انفجار المرفأ" مذكرا بأن " حال الطوارىء هذه محصورة في بيروت ولا تطبق في سائر الدوائر" لافتاً الى ان " الحكومة استعملت كل الوسائل لتبعد عنها هذه الكأس". واوضح الخبير ان وزير الداخلية محمد فهمي ارسل الى الوزارات المعنية كتباً حول الانتخابات الفرعية" وجاءت الردود لافتة حيث ان وزارة الصحة لم تدع الى ارجاء الانتخابات، بل الى اتخاذ التدابير الكفيلة بحماية الناس". واشار الى ان " وزارة التربية ذكرت من جهتها بان المدارس التي ستستخدم في بيروت الاولى ( الاشرفية الرميل، والصيفي، والمدور) متضررة جراء الانفجار الا انها لم تطالب بعدم اجراء الانتخابات". واذ ايد اجراء هذا الاستحقاق في ظل حكومة تصريف اعمال، فقد حذر من تأجيله الى موعد الانتخابات العامة في سنة 2022، واصفا هذا الاجراء بــ " الخطير" على اعتبار انه يجب اجراء الانتخابات الفرعية ولو كانت على مقعد واحد، فكم بالحري عندما تشغر 8 مقاعد.
في اي حال، الانتخابات الفرعية مؤجلة حتى مطلع السنة المقبلة، ما لم تر الحكومة الجديدة - اذا تشكلت- امكانية العودة عن قرار التأجيل وبالتالي اجراء الانتخابات في موعد يحدد قبل نهاية السنة!