تفاصيل الخبر

هل تعجّل نتائج زيارة الحريري لموسكو في قيام حوار جدي لانتخاب الرئيس العتيد؟  

08/04/2016
هل تعجّل نتائج زيارة الحريري لموسكو في قيام  حوار جدي لانتخاب الرئيس العتيد؟   

هل تعجّل نتائج زيارة الحريري لموسكو في قيام حوار جدي لانتخاب الرئيس العتيد؟  

بقلم جورج بشير

putin-hariri

لو تعلّم أولئك الذين رسموا أو أشرفوا او كتبوا ذلك الرسم <الكاريكاتوري> في احدى الصحف الزميلة اليومية الصادرة في لندن <الشرق الأوسط> باللغة العربية، ان الحروف الابجدية التي كتبوا بواسطتها <أن دولة لبنان كذبة> فوق علمه الذي تزيّنه أرزة، هذه الحروف قد وضعها لبنانيون وصدّروها الى العالم ليتعلّم ويكتب ويقرأ منذ آلاف السنين ومن الشاطئ اللبناني أي من مدينة جبيل <بيبلوس> التاريخية، وأن الأرزة شجرة تاريخية عمرها آلاف السنين أيضاً، لو علموا ذلك ما كانوا قد توجّهوا الى الشعب اللبناني بهذه الإهانة التي شكّلت اكثر من جريمة في حق هذا الوطن (لبنان) الوارد اسمه بحروف خالدة في أكثر من كتاب مقدّس على مرّ التاريخ. وأي دفاع عن  جريمة هؤلاء سواء صدر من خارج لبنان أم من داخله هو تواطؤ، لا بل جريمة كون المتواطئون والمدافعون أياً كانوا، خاصة إذا كانوا يشتغلون في السياسة، يُعتبر موقفهم مشاركة في الجريمة..

كثيرون حاولوا على مرّ تاريخ العلاقات الوطيدة والاخوية التي نسجها الأولون بين لبنان والمملكة العربية السعودية إلحاق الأذى أو التشويش على هذه العلاقات، لكنهم فشلوا فشلاً ذريعاً. وكان آخر هذه المحاولات ذلك الرسم <الكاريكاتوري> الشاذ الذي توّج الصفحة الأولى من تلك الصحيفة المحترمة التي ساهم في كتابة مقالاتها ودراساتها لبنانيون وزملاء صحافيون.

صحيح أن سياسيين لبنانيين قصّروا وأهملوا وساهموا في تشويه صورة لبنان عبر أزمة النفايات، أو في التقصير في استخراج ثروة الغاز من البحر واستثمارها، وفي شلل مجلس النواب ومخالفة الدستور بالتمديد لهذا المجلس، وفي شلل مجلس الوزراء، وفي إبقاء موقع رئاسة الجمهورية شاغراً بعدم انتخاب خلف للرئيس السابق، مما ساهم في نشر الفوضى والفساد وانعدام المسؤولية والإخلال بالأمن العام وانتهاك سيادة الوطن وحرمة أراضيه وكرامته من جانب إسرائيل، كما من جانب التنظيمات الإرهابية، لكن أحداً لم يحاول يوماً انتهاك حرمة العلم اللبناني رمز الوطن بهذه الطريقة المهينة للشعب اللبناني. ورغم ذلك، نحن على يقين بأن علاقة لبنان بالسعودية تبقى متينة وتاريخية وصامدة في وجه كل هذه المحاولات.

 

لبنان في الكرملين

 شكّلت الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء السابق سعد الحريري لموسكو نهاية الأسبوع الماضي نقلة استحوذت على اهتمام الوسط السياسي في لبنان، خصوصاً بعدما تصاعد الدور الروسي في منطقة الشرق الأوسط إثر التدخل العسكري والسياسي الحاصل في سوريا على حدود لبنان، ونظراً لدور موسكو في الحلول السياسية المطروحة الجاري بحثها بين الدول الكبرى وتلك المعنية مباشرة أو مداورة بشؤون المنطقة ودولها وشجونها.

وتُعتبر موسكو لاعباً أساسياً في المنطقة خصوصاً على صعيد الحرب على الإرهاب والإرهابيين، وهذه حقيقة لم تعد خافية على أحد ولا أحد باستطاعته أن ينكرها أو يتنكّر لها. هي لاعب أساسي في الحرب في سوريا تمكّن من خلال دوره العسكري المباشر من تحويل مسار هذه الحرب لدرجة حسمها أو الاقتراب من الحسم والوصول الى التسليم بإيجاد حل سياسي من خلال المفاوضات التي حملت النظام السوري ومعارضيه الى محادثات سلام في جنيف، والدور الروسي أساسي في هذه العملية. وأما في ما خص الحرب على الإرهاب والإرهابيين، فإن الدور الروسي ليس دوراً أساسياً فحسب، إنما موسكو ضالعة في المواجهة والصدام المباشرين مع تنظيمات الإرهابيين خصوصاً <داعش> و<جبهة النصرة>، والى ما لا نهاية. وهذه الحرب تعني لبنان مباشرة كون إرهاب هاتين المنظمتين قد طاول الأراضي اللبنانية لا بل هو هدّد ولا يزال يهدّد استقرار لبنان وسلامته في عدة مناطق شمالية وفي منطقتي القلمون والبقاع، فضلاً عن شبكات الإرهاب التي تغذيها التنظيمات الإرهابية المشار إليها في الداخل اللبناني وتهدّد دوماً استقرار لبنان وأمنه وحتى سيادته.

هذه المواضيع ليست وحدها ما له علاقة بالدور الروسي في المنطقة وحتى في لبنان، بل ان قضايا اللاجئين الفلسطينيين، والنازحين السوريين، وأمن الحدود اللبنانية - السورية، وقضية استخراج واستثمار ثروة الغاز اللبنانية، كانت من ضمن جدول محادثات الرئيس الحريري والوفد الذي رافقه الى موسكو، الى جانب الموضوع اللبناني الأهم ألا وهو استمرار الأزمة السياسية التي تعصف بلبنان من جراء الخلاف الحاد القائم بين فريقين لبنانيين سياسيين متصارعين مما يتسبّب باستمرار منصب رئاسة الجمهورية شاغراً بعدم انتخاب خلف للرئيس السابق.

كل ذلك في خضم حرب إقليمية لا بل دولية قائمة ومستمرة في بعض دول المنطقة وخاصة في سوريا والعراق تطاول لبنان، وروسيا تشارك فيها بشكل مباشر وفاعل، فيما يحاول بعض المشاركين الآخرين، وخاصة بعض التنظيمات الإرهابية مدّ هذه الحرب من سوريا الى لبنان، لوصل المناطق السورية الملتهبة بالشاطئ اللبناني لا بل بالداخل اللبناني، مستغلين بذلك نقاط الضعف والثغرات الأمنية والسياسية التي يعاني منها لبنان وشعبه، خصوصاً بعدما ضاقت حدود أخرى في وجه تلك التنظيمات، خصوصاً الأوروبية والأردنية والتركية.

 

لا استدراج لروسيا

وان الرئيس الحريري وصحبه لا يحاولون استدراج الروس سواء في محادثاتهم في وزارة الخارجية مع الوزير <سيرغي لافروف>، أم في تلك المحادثات التي جرت في الكرملين مع الرئيس الروسي <فلاديمير بوتين>، ولا الروس راغبون بالتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية وقد أعلنوا ذلك مراراً وتكراراً، خصوصاً وأن موسكو أكدت أن انتخاب رئيس جديد للبنان هو من اختصاص اللبنانيين وليس من اختصاص الآخرين، لكن كما هو معروف، فإن للروس موقفاً غير معلن لكنه مؤيّد للعماد ميشال عون المرشح للرئاسة، ولهم علاقة وطيدة مع الإيرانيين حيث يرى فريق الرئيس الحريري وأفرقاء آخرون في <تيار المستقبل> والنائب وليد جنبلاط أن طهران تعرقل انتخاب رئيس جديد للبنان من خلال علاقتها الوثيقة مع أفرقاء لبنانيين معنيين بالملف الرئاسي اللبناني وفي طليعتهم حزب الله، وهم يعتبرون أن للروس دوراً على صعيد الحؤول دون استمرار الإيرانيين في تعطيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية من خلال استمرار مقاطعة حزب الله والتيار الوطني الحر للجلسات التي يُدعى إليها مجلس النواب اللبناني لانتخاب الرئيس العتيد.

طبعاً أمن الحدود اللبنانية - السورية كان عنواناً لمحادثات موسكو من خلال الوجود العسكري الروسي في سوريا القريب لوجستياً من هذه الحدود. واللبنانيون يتوجّسون ويتخوّفون من تداعيات محتملة لتحرشات أمنية قد يقوم بها الجيش السوري الموالي لنظام الرئيس بشار الاسد على الحدود المشتركة وعبرها، أو قد تقوم بها التنظيمات المسلّحة المشاركة بالحرب لإحداث اضطرابات ليس على طول الحدود المشتركة بين سوريا ولبنان فحسب، بل إن هذه التحرّشات وتداعيات الحرب السورية قد تمتدّ الى الداخل اللبناني الهش.

والمراقبون للأوضاع السياسية يعرفون سلفاً بأن الرياض وموسكو تجريان محادثات بعيداً عن الأضواء منذ فترة تحضيراً لإمكان قيام العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز بزيارة رسمية الى العاصمة الروسية. والمراقبون السياسيون في لبنان، وفي طليعتهم الرئيس نبيه بري يدركون سلفاً أهمية مثل هذه الزيارة على صعيد المساعي التي تقوم بها موسكو والوزير <سيرغي لافروف> شخصياً لإيجاد حوار بنّاء بين الحكومتين السعودية والإيرانية لتبريد الأجواء المحمومة في العلاقات بين المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي من جهة والدولة الإيرانية من جهة ثانية، في محاولة لإنهاء حال الصدام والصراع المحمومين في الشرق الأوسط، ولإنجاح مشروع حل سياسي للوضع السوري من منطلق مؤتمر <جنيف> بمساندة وتأييد مباشرين من الولايات المتحدة الأميركية.

كاريكاتيرالوجهة اللبنانية الأخرى

أركان الكرملين، وفي طليعتهم وزير الخارجية <سيرغي لافروف> قد  أخذوا علماً بوجهة نظر العماد ميشال عون ومؤيديه بالنسبة لانتخابات الرئاسة الأولى، من خلال المحادثات المكثفة التي كان وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل قد أجراها في موكسو أكثر من مرة مع نظيره الوزير <لافروف>، أو في فيينا على هامش <المؤتمر الدولي> من أجل الحل السياسي في سوريا مع الوزير الروسي ووزير الخارجية الأميركي <جون كيري>. وإن كلاً من واشنطن وموسكو تعلنان بأن انتخابات الرئاسة اللبنانية شأن لبناني داخلي لا علاقة خارجية بتقريره، لكن العاصمتين الروسية والأميركية باتتا على علم مسبق أنه بالإضافة الى لبنانية الأزمة، فإن لهذه الأزمة وجهاً خارجياً، كما أن لأطراف خارجية علاقة بها سواء بالنسبة لتسهيل الوصول الى حل لها أم لجهة العرقلة لهذا الحل. ودور كل منهما - موسكو وواشنطن - يمكن أن يكون فاعلاً على صعيد المساندة والمساعدة في ما خص المعنيين بهذه الأزمة المصيرية سواء كانوا محليين أم غير لبنانيين، وفي إزالة الألغام المزروعة في طريق الحل، خصوصاً وأن العماد ميشال عون يتأهّب للقيام بزيارة للعاصمة الروسية قريباً.

ودور موسكو في مثل هذا الحوار كما الدور الأميركي فاعل، إذ كما أن لموسكو علاقة مباشرة وقوية مع الرئيس سعد الحريري، فإن لها مثل هذه العلاقة مع العماد ميشال عون ومن يدعمون ترشيحه، كما لها مثل هذه العلاقة مع النائب سليمان فرنجية ومن يؤيدون ترشيحه للرئاسة الأولى محليين كانوا أم إقليميين.