[caption id="attachment_84624" align="alignleft" width="372"] صورة تجمع معظم النواب المستقيلين وهم عند البطريرك بشارة الراعي.[/caption]
مع مطلع السنة الجديدة، ينوي عدد من السياسيين تحريك ملف الانتخابات الفرعية في دوائر بيروت الأولى والمتن وعاليه وزغرتا وكسروان والشوف لملء المقاعد النيابية الثمانية التي شغلت باستقالة النواب: نديم الجميل، بولا يعقوبيان (دائرة بيروت الأولى)، سامي الجميل والياس حنكش (المتن)، هنري حلو (عاليه)، مروان حمادة (الشوف) ميشال معوض (زغرتا)، نعمة افرام (كسروان)، خصوصاً ان التأجيل الذي صدر في حينه بــ "موافقة استثنائية" من رئيسي الجمهورية والحكومة، "دفش" الاستحقاق الى مطلع سنة 2021، على رغم ما قيل من أن هذا التأجيل مخالف للدستور الذي ينص على اجراء الانتخابات الفرعية خلال شهرين من حصول الفراغ في المقعد النيابي المعني.
كان من المفترض إجراء الانتخابات الفرعية في هذه الدوائر في منتصف شهر تشرين الأول (اكتوبر) الماضي بعد استقالة النواب الثمانية على اثر الانفجار في مرفأ بيروت، وذلك وفق المادة 41 من الدستور. الا ان التأجيل حصل يومها من دون ان يحدث أي ضجة تحت عنوان "بسبب الظروف الاستثنائية" وسلم الجميع تقريباً بحتمية التأجيل من دون السؤال عن النص الدستوري، ما أوصى بأن القيمين على احترام تطبيق الدستور "طنشوا" عن المخالفة التي يعتبرها رجال القانون والدستور مخالفة لأن لا قرار يلغي القانون او المهل الدستورية المحددة لاجراء الانتخابات والمرتبطة باعادة تكوين السلطة... وهكذا بقيت الدوائر الست من دون انتخابات، علماً ان هذه الانتخابات لو أجريت، كانت ستتم بموجب القانون الاكثري وليس القانون النسبي التي أجريت انتخابات العام 2018 على أساسه. وكان المبادر الى "التبشير" باجراء الانتخابات الفرعية، الوزير المعني باجرائها، أي وزير الداخلية والبلديات العميد محمد فهمي الذي وقع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، لكنه عاد ووقع على اقتراح التأجيل خصوصاً بعدما لمس وجود "رغبة" بالارجاء "موحى" بها أدت عملياً الى "تعليق" تنفيذ نص دستوري له مفاعيله في الحياة الديمقراطية وفي امر أساسي هو إعادة تكوين السلطة وتداولها....
ولعل التبريرات التي أعطيت لتأجيل الانتخابات الفرعية، قد تبدو "واقعية ومنطقية" الا انها تخفي عملياً رغبة بعدم حصول الانتخابات في فترة حرجة سياسياً، إضافة الى الازمة الاقتصادية والمعيشية والأمنية ، فضلاً عن وجود "حراك شعبي" كان يمكن ان يؤثر على مسار الانتخابات لو أجريت في وقتها، تحت تأثير مواقف شعبية مختلفة تتناقض مع التوجهات التي يعبر عنها اركان الحكم من حين الى آخر، وهذه "الطبقة" التي يحملها "الحراك الشعبي" مسؤولية ما يحصل في البلاد من انهيارات على مستويات مختلفة، "تضامنت" لمخالفة الدستور من دون ان يحاسب احد لا رئيس المجلس النيابي ولا رئيس الحكومة ولا حتى رئيس الجمهورية، والتبرير كان وجود "عوائق" لا يمكن تخطيها تتوزع على محاور ثلاثة:
- العائق المالي: بسبب الازمة التي تمر بها البلاد، والتي لا تتحمل أعباء مالية إضافية.
- العائق اللوجستي: لناحية عدم جهوز القوى الأمنية نظراً الى ان البلاد تمر بحالة استثنائية نتيجة الازمات المتتالية، فضلاً عن ان بعض المدارس، ولاسيما في بيروت الأولى، ربما ليست مجهزة كي تكون مراكز اقتراع بعد الاضرار الكبيرة بسبب انفجار المرفأ.
- العائق الصحي: نتيجة استمرار ارتفاع انتشار وباء "كورونا " في ارجاء البلاد بعد تعذر قدرة الدولة على احتوائه وعدم توافر اللقاحات اللازمة للحد من ضحاياه...
هل من يحرك الملف؟
وتقول المعلومات ان الجهات السياسية التي تريد تحريك الموضوع من جديد مع بداية السنة تسعى الى اجراء انتخابات فرعية في الدوائر الست بهدف اختبار قوة ممثلي "الحراك الشعبي" الموجودين في هذه الدوائر، ومدى التفاف القاعدة الشعبية معهم، لاسيما وان الرهان هو على المقترعين الذين سوف يدلون بأصواتهم لاختيار ممثليهم. الا ان ثمة من يرى بأن هذه العوائق التي كانت سبب التأجيل لا تزال ماثلة في بداية السنة الجديدة. فالظروف المالية للدولة يرثى لها والأوضاع الاقتصادية تتراجع بقوة وجهوزية الأجهزة الأمنية لا تزال على حالها من الاستنفار لمواكبة حالة التعبئة العامة من جهة، والوضع الأمني من جهة ثانية. كذلك فإن الاضرار التي لحقت بالمدارس التي يفترض ان تكون مراكز اقتراع، لا تزال قائمة والعمل على ترميمها او ازالتها صعب في الوقت الراهن لعدم توافر الاعتمادات المالية اللازمة. اما العامل الصحي فلا يزال قائماً أيضاً مع تمدد وباء "كورونا " الى غالبية المناطق اللبنانية ما أدى الى ارتفاع اعداد المصابين وتعذر معالجة الكثيرين منهم لعدم وجود الاعداد الكافية من اسرة استشفاء في المستشفيات الرسمية والخاصة على حد سواء!.
ويرى قانونيون ان تحريك ملف الانتخابات الفرعية قد يتعثر سياسياً، ما يجعلهم يقترحون على المعنيين اعتماد الطرق القانونية لجهة الطعن بقرار عدم اجراء الانتخابات امام مجلس شورى الدولة وهذا الطعن لا يعود للنواب المستقلين بل لمن له مصلحة في ابطال القرار، أي المرشحين المحتملين او الناخبين، الا انه تبرز مسألة قانونية تتعلق بضرورة مراعاة المهل وسط معطيات متناقضة، كالعادة، بين من يرى ان المهلة لا تزال قائمة للاعتراض على قرار وزاري، ومن يرى ان المهلة سقطت ولا يمكن بالتالي الطعن. وفي هذا السياق يقول خبير دستوري انه كان من الأفضل لو قدم الطعن قبل نهاية السنة لأن قانون تعليق المهل كان ساري المفعول. ومن الصعوبة ان يتم الطعن في ظل وقف تنفيذ قانون تعليق المهل الذي اقره مجلس النواب مؤخراً، علماً ان مثل هذا الطعن كان ممكناً من صاحب مصلحة أي مرشح او مجموعة مرشحين، او ناخب في الدوائر الانتخابية الست المعنية بالانتخابات....