تفاصيل الخبر

هــــل مـــن رابـــط بـيــــن تـأخـيـــر تـشـكـيــــل الـحـكـومــــــة وفرض إجراء الانتخابات النيابية على أساس ”الستين“؟

09/12/2016
هــــل مـــن رابـــط بـيــــن تـأخـيـــر تـشـكـيــــل الـحـكـومــــــة  وفرض إجراء الانتخابات النيابية على أساس ”الستين“؟

هــــل مـــن رابـــط بـيــــن تـأخـيـــر تـشـكـيــــل الـحـكـومــــــة وفرض إجراء الانتخابات النيابية على أساس ”الستين“؟

 

aoun-geagea-----1ثمة من يرى في تأخير ولادة الحكومة الجديدة، محاولة واضحة لإعاقة الاتفاق على قانون جديد للانتخابات النيابية، واستطرادً إجراء الانتخابات في شهر أيار/ مايو المقبل على أساس <قانون الستين> المعمول به حالياً على أساس أنه القانون الوحيد الخاص بالانتخابات التي سبق أن أُجريت دورة 2009 منها على أساسه تنفيذاً لما كان قد تم الاتفاق عليه في <مؤتمر الدوحة>.

ولعل ما زاد في قناعة من يرى أن الانتخابات ستتم على أساس <قانون الستين> ما أعلنه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق المعني الأول بإجراء الانتخابات من أن وزارته جاهزة لإجراء الانتخابات وفق <قانون الستين>، لاسيما وأن الاتفاق على قانون جديد يحتاج الى أشهر عدة لتحضير الإدارة من جهة، وتثقيف المواطنين على نصوصه من جهة أخرى. وعلى رغم التوضيحات التي تلت كلام الوزير المشنوق من أن هذا الرأي لا يعكس قرار تيار <المستقبل> الذي ينتمي إليه وخياراته بل هو توصيف للواقع المرتبط باستحالة إجراء الانتخابات على أساس قانون جديد في موعدها، نظراً للحاجة الى فترة زمنية معقولة لشرحه للناس ثم الاتفاق على وضع آلية تنفيذه ثانياً.

ويرى متابعون أن الحديث عن تأخير متعمّد في ولادة الحكومة هدفه فرض واقع معين في موضوع الاستحقاق الانتخابي، ويأخذ مداه في الأوساط السياسية اولاً، وفي المحافل الديبلوماسية ثانياً التي تتابع ما يجري من أحاديث حول مصير الانتخابات بكثير من الاهتمام، لاسيما وأن سفراء الدول يتحدثون بشكل دائم عن أهمية إجراء الانتخابات في موعدها، وهم تمسكوا بهذا الرأي حتى قبل أن تحصل الانتخابات الرئاسية وينتهي الشغور، من دون أن يتمسكوا بصيغة محددة للقانون الانتخابي سواء كان <الستين> أو على أساس نسبي، أو الجمع بين الأكثري والنسبي.

 

أين <القطبة المخفية>؟

ويؤكد المطلعون أن <القطبة المخفية> في مقاربة موضوع الانتخابات النيابية تبقى <تمرير> <قانون الستين> الذي يلبي <طموحات> غالبية الكتل النيابية سواء أعلن قادتها ذلك أم لم يعلنوا، لاسيما وأن الحسابات التي أجريت على الدوائر الانتخابية تظهر أن أي تغيير في واقع الكتل النيابية لن يكون كبيراً إذا أُجريت الانتخابات على أساس <قانون الستين> بحيث لن يُسجل فارق يتجاوز الـ10 أو 15 نائباً لهذا الفريق او ذاك، ومثل هذا الرقم لا يمكن اعتباره من الفوارق الأساسية، في حين ان اعتماد قانون النسبية أو المختلط من شأنه أن يجعل الفارق أكبر وقد يتجاوز الـ35 نائباً حسب عمليات <البوانتاج> التي أُجريت خلال الأسابيع الماضية. وتشير المصادر المطلعة الى انه لا يمكن الاعتماد على التصريحات والمواقف المحلية بالنسبة الى مواقف السياسيين حيال القانون الانتخابي، لأن النيات شيء وما هو معلن شيء آخر، ولكل كتلة نيابية berry-nasrallah----2حسابات خاصة تجعل موقفها يرتبط بهذه الحسابات. من هنا، تضيف المصادر ان تأخير ولادة الحكومة لا يعود فقط الى مسألة توزيع الحصص والحقائب الوزارية، بل ان الجانب الخفي منه يرتبط بقانون الانتخابات الذي في حال تغييره لجهة اعتماد نظام النسبية، سوف يعني تغييراً في موازين القوى داخل مجلس النواب، فيفقد كثيرون مقاعدهم وتفقد معهم الكتل النيابية عدداً من نوابها، وتخشى المصادر أن <تنبت> مشكلة أخرى تعيق تشكيل الحكومة إذا ما حُلّت العقد الراهنة، أو تعرقل الانتقال الطبيعي الى انتظام الحياة السياسية في البلاد، كي يتم <التهرّب> من إنجاز قانون الانتخاب الجديد، علماً أن المهل تكاد تقترب من نهايتها ما سيضع المعنيين أمام خيارين: إما إجراء الانتخابات على أساس القانون المعمول به راهناً (أي قانون الستين معدلاً) أو اللجوء الى <التمديد التقني> بحجة طلب مهلة إضافية لتحضير القانون والناخبين على حد سواء.

وفي وقت سعت فيه المصادر المعنية الى محاولة الإيحاء بأن كلام الوزير المشنوق يعكس إرادة تيار <المستقبل> وخياراته، كان القيمون على <التيار الأزرق> ينفون بشدة أي ارتباط بين الموقف <الواقعي> الذي أعلنه وزير الداخلية انطلاقاً من المعطيات المتوافرة، وبين سعي البعض الى الترويج لـ<قانون الستين> بالتزامن مع الحديث عن استحالة إجراء الانتخابات النيابية على أساس قانون آخر... فيما يقول آخرون ان الانتخابات البلدية أفرزت نتائج لم تكن لصالح الكثير من الأحزاب الكبيرة التي رسب مرشحوها في الاستحقاق البلدي حيث يكون للصوت الواحد التأثير المباشر، فكيف إذا اعتمد مثلاً النظام النسبي في الانتخابات النيابية؟!

 

اتفاق عون وبري وصمت الحريري

 

حيال هذا الواقع رصدت المراجع المتابعة مواقف متقدمة لا تصب في صالح اعتماد <قانون الستين> من بينها تأكيد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها الدستوري والتوصل قبل ذلك الى اتفاق على قانون انتخابي نيابي جديد يقره مجلس النواب بعد الاتفاق بين الكتل النيابية الكبيرة. كذلك ذهب الرئيس نبيه بري بعيداً لجهة إعلانه <مقاومته> لـ<قانون الستين> وإعلانه عن اتفاق مسبق مع الرئيس عون على إنتاج قانون جديد تطبق فيه النسبية، بينما لم يسمع - يقول الرئيس بري - من الرئيس سعد الحريري انه يسعى الى قانون جديد أو البحث في هذا الملف. وفي قناعة رئيس مجلس النواب، ان اللبنانيين سيردون برفض <قانون الستين> لأنه يجر البلاد الى الوراء علماً أن استطلاعات الرأي أظهرت عدم وجود غالبية كبيرة تؤيد البقاء على القانون المعمول به حالياً. إلا أن الرئيس بري سمع في أحد اللقاءات النيابية الأسبوعية كلاماً يذكّر فيه أصحاب نظرية <ضيق الوقت> بأن الأفرقاء لم يتمكنوا منذ شهر من تأليف الحكومة، فكيف سيتوصلون الى قانون جديد وسط انعدام مناخات الثقة بين أكثر من فريق؟

وفيما تبدو <الثنائية الشيعية> متفقة على ضرورة ايجاد قانون انتخابي جديد على أساس النسبية على رغم عدم انزعاجها من القانون الحالي، يسجل ركن في هذه <الثنائية> ما وصفه بـ<النقزة> من حسابات <الثنائية المشنوق-----3المسيحية> التي تجمع بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، والتي باتت قادرة على كسب أصوات غالبية المسيحيين لمرشحي هذه الثنائية في مختلف الدوائر الانتخابية ذات اللون الواحد، أو تلك التي يطغى فيها اللون المسيحي، خلافاً لما كان عليه الوضع في دورة 2009 حيث تواجه أنصار <القوات> مع أنصار التيار الوطني الحر في العديد من الدوائر الانتخابية خصوصاً في جبل لبنان. وعليه، فإن الركن نفسه يتخوف من وجود اتفاق ضمني بين الحزبين المسيحيين القويين على الاستمرار في القبول بالقانون الحالي لأنهما سيكسبان غالبية المقاعد النيابية معاً، وبالتالي فإن <تفاهم معراب> لم يقتصر على الاستحقاق الرئاسي، بل تعداه الى مواضيع مشتركة أبرزها الانتخابات النيابية وضرورة تشكيل لوائح موحدة لمواجهة الأحزاب الأخرى، لاسيما حزب الكتائب، و<المستقلين>. إلا أن مصادر مطلعة في التيار الوطني الحر تنفي وجود مثل هذا الاتفاق وإن كانت تقرّ بأن اللوائح العونية ستضم مرشحين من <القوات> لتحقيق المشاركة المسيحية الحقيقية في السلطة، علماً أن استطلاعاً أُجري مؤخراً أظهر أن <الثنائي المسيحي> قادر على حصد ما لا يقل عن 50 نائباً مسيحياً من أصل 64 يشكلون النواب المسيحيين في مجلس النواب المؤلف من 128 نائباً. وتشير المصادر الى أن ما يدفع <القوات> و<التيار> الى تثبيت تحالفهما، موجة الارتياح التي سجلت في الشارع المسيحي بعد الاتفاق بين الطرفين الذي طوى - ولو ظاهرياً - حقبة ما بعد <اتفاق الطائف> وما كان يوصف بـ<الإحباط> الذي عانى منه المسيحيون.

في موازاة ذلك، ثمة من يرى في الأوساط السياسية أن أي اتفاق مسيحي - مسيحي على تشكيل لوائح مشتركة هو حق شرعي لـ<القوات> و<التيار>، لكن ذلك قد يؤدي الى تعديل في أصوات الناخبين الشيعة في الدوائر المختلطة لاسيما في بعبدا والبقاع والجنوب الذين سوف يحتفظون بـ<حقهم الطبيعي> في شطب من لا يلتقون على سياساته وخياراته، خصوصاً أن <الثنائية الشيعية> لا تنظر بارتياح الى التقارب <القواتي> - <العوني> وإن كانت غير قادرة على معارضته لأنه خيار القيادات المسيحية. لكن الواقع يشير ايضاً الى أن القادة الشيعة في <الثنائية> يرون في المسيحيين <جسر تواصل> بين الشيعة والسنة، وهم لأجل ذلك سيلجأون الى <ضغط مبرمج> لعدم تجاوب <التيار> كلياً مع مطالب <القوات> وإبقاء هامش من التحرك المستقل لـ<تحصين> التفاهمات التي تمت بين <التيار> وحزب الله.

في أي حال، فإن الاوساط السياسية تدعو الى مراقبة ما سيصدر من مواقف خلال الأسابيع المقبلة، وتذكّر أن التفاهم على تشكيل الحكومة الجديدة قد يحتاج الى تفاهم مسبق على قانون الانتخابات النيابية العتيد... أو على إبقاء القديم على قدمه ولو من دون إعلان رسمي مسبق، فتبقى المواقف المعلنة ضرورة التوصل الى قانون انتخابي جديد، وتكون المواقف الفعلية التسليم بـ<قانون الستين>، لاسيما وأن ثمة من يؤكد بأن حسابات حقل القوى السياسية تختلف كثيراً عن حسابات البيدر، وبالتالي فإنه إذا كان مصطلح <النسبية> له رنّة إيجابية لدى الناس، فإن ضمان المقعد النيابي من خلال <قانون الستين> له التأثير الأفضل لدى النواب الحاليين المرشحين للعودة الى ساحة النجمة من جديد!