تفاصيل الخبر

هل قطع بري الطرق على قادة الحراك الشعبي بحصر الدعوة الى طاولة الحوار «بأرباب النظام »؟

04/09/2015
هل قطع بري الطرق على قادة الحراك الشعبي بحصر  الدعوة الى طاولة الحوار «بأرباب النظام »؟

هل قطع بري الطرق على قادة الحراك الشعبي بحصر الدعوة الى طاولة الحوار «بأرباب النظام »؟

 

بقلم جورج بشير

machnouq الانتفاضة الشعبية العارمة التي هبّت في وجه النظام اللبناني و<مافياته>. سواء في الحكم أم في السياسة بفعل جبال النفايات المكدّسة في شوارع مدن وقرى لبنان الأخضر الجميل، والروائح الكريهة التي عمّت كل الأوساط اللبنانية مع جراثيمها وميكروباتها، هذه الانتفاضة لا بد من القول بعد الذي جرى في الأسبوع الماضي من انعكاسات في الوسطين السياسي والشعبي، وفي أوساط الحكم والحكومة والبرلمان، وحتى في الوسط الديبلوماسي بأنها تجاوزت فعلاً أزمة النفايات وما سبّبته من تداعيات الى النظام البناني برمته، هذا النظام الذي أشاح بوجهه طوال سنوات ولا يزال عن التخطيط والتصميم المسبقين لاستباق حدوث أزمة نفايات تاركاً <المافيا> التي صارت معروفة جداً مع اسماء أركانها تنهش البلد وخبراته ومقدراته وماله من دون حسيب أو رقيب.

 نبدأ من عملية النفايات التي أصبحت معروفة بأزمة <السوكلين>.

صحيح أن عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية تسبّب ولا يزال بمقاطعة الانتخابات وبأزمة شغور في منصب القيادة الأول في البلاد وخلل في هيكل السلطة ككل، وبتنا لا نأمل بإنهاء وحل هذه الأزمة إلا بإجراء انتخابات نيابية فورية أو استحداث نظام انتخابي جديد، أو عقد مؤتمر حوار وطني يمكن أن يتحوّل الى مؤتمر تأسيسي. لكن إيجاد الحل المنشود لأزمة جمع نفايات لبنان وطمرها أو إتلافها، بحاجة أيضاً الى حوار سياسي أو الى قانون أو الى مؤتمر تأسيسي يتناول إيجاد حلّ للصراع الخفي الدائر في السرايات وصالونات السياسة في شأن صلاحيات رئيس الجمهورية التي انتُزع بعضها نتيجة العنف الميليشياوي قبيل اتفاق الطائف، وما تبقّى منها لرئيس الجمهورية وهو صلاحية التوقيع على المراسيم الصادرة عن مجلس الوزراء لتأخذ طريقها الدستوري الصحيح، هذه الصلاحية الباقية التي يراد اليوم وفق <قطبة مخفية> يقال، اختصاراً لطريق انتزاعها، أو نزعها من الرئيس، بأن يقتصر الموقعون عليها من جميع الوزراء الذين صاروا <رؤساء> بحكم الشغور، على <من حضر> من هؤلاء الوزراء. وبهذه الطريقة وجد <الطابخون> إمكانية أن يتحوّل الشغور الى أمر واقع، قبل أن يتحوّل منصب الرئاسة الى منصب فخري لا يحلّ ولا يربط، وحتى لا علاقة أو تأثير عملي له في أي حل أو ربط!

هل ان هذه <العقلية> في حكم البلد من أسياد النظام ومافياته المعروفة والمستترة يمكن أن تقود الى حل ناجع لأزمة الشغور في الرئاسة، كما لأزمة النفايات المكدسة في الشوارع بعد فضيحة الفضائح التي حصلت عبر <تمثيلية> المناقصة العامة التي ألغيت مفاعيلها في الأسبوع الماضي <بسحر ساحر> خشية أن تحدث الانهيار الكبير في الواردات الضخمة للمافيا ورؤوسها الموزعة هنا وهناك، لتتحول بدورها الى أزمة نظام وأزمة وطن لا يتوافر حلّها إلا في عقد  حوار وطني أو مؤتمر وطني أو مؤتمر تأسيسي؟!

نعمة-افرام  

هل رُبط الشغور بالنفايات؟

الحوار السياسي الذي جرى بين المعنيين لإيجاد حل لأزمة الشغور الرئاسي وامتد الى باريس وروما والرياض وقطر وموسكو وواشنطن، وجرى نسفه وتدمير نتائجه لأن اللعبة التي بدأت بعدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلفاً لميشال سليمان،  وكان الرئيس الوحيد في لبنان الذي لم يتسلم الرئاسة عملياً ورسمياً من سلفه إمعاناً في التعطيل والتهميش، جعلت أزمة النفايات في مستوى أو في حاجة بدورها الى حوار محلّي وإقليمي ودولي لإنقاذ اللبنانيين من الإصابة القاتلة في أجسادهم وفي أجساد أطفالهم، كما بات يحصل هذه الأيام نتيجة لاستمرار أزمة النفايات من دون حلّ، كان متوافراً، عكس ما تردد نفاقاً وتزويراً بعد فضّ العروض المقدمة من الشركات العالمية المختصة، وذلك من خلال الأسعار المنخفضة جداً عن أسعار جمع وطمر وإتلاف نفايات لبنان التي دأبت شركة <سوكلين الخماسية> على تقاضيها من اللبنانيين ومن خزينة الدولة؟!

محللون وخبراء وديبلوماسيون دبّجوا تقارير مهمة وخطيرة عن مؤامرة <طمر> مناقصة النفايات في الأسبوع الماضي والادعاء الرسمي بأن أسعار المناقصة المقترحة بديلاً عن <سوكلين> مرتفعة عن أسعار <سوكلين>، فاقتضى إلغاء المناقصة. هكذا بشحطة قلم، وكأن ما حصل كان بالفعل تمثيلية هدفها مواصلة النظام وأهله <الضحك> على <ذقون> اللبنانيين واحتقار العلم والمعرفة والخبرة التي بات اللبنانيون من روادها في هذا الشرق، كما في العالم.

عندما يعرف اللبنانيون والعالم كله ان عرض السعر الحقيقي المقدم بدلاً عن <سوكلين> يوفّر للبنان عشرين مليون دولار في السنة، فضلاً عن استخدام التقنيات العالية المعتمدة عالمياً في هذا المجال، ناهيك عن إنتاج الطاقة، يصعب بعدها على هذا الرأي  العام أن يسلّم بطروحات الدولة وأسياد النظام اللبناني وآرائهم وقراراتهم، وبأخذها على غير محمل انعدام المسؤولية والرغبة في الإمعان بإرهاق الخزينة وجيوب اللبنانيين لمصلحة <المافيا>، أي <مافيا> هذا النظام...

السعر الحقيقي الذي تتقاضاه <سوكلين> عن النفايات ما بين 170 الى 180 دولاراً للطن الواحد 1100 طن في اليوم، فيما السعر الحقيقي المقدم في المناقصة أقلّه من شركة <أندفكو> 123 دولاراً للطن الواحد للمجموع ذاته، أي 1100 طن في اليوم، مع فارق آخر هو أن <اندفكو> التي تُستخدم تقنيتها العالية في الولايات المتحدة تتعهد بطمر 20 بالمئة فقط من مجموع نفايات لبنان وليس 80 بالمئة من هذا المجموع، كما تفعل <سوكلين> لأن الـ80 بالمئة من النفايات تعهّدت <أندفكو>، وهي شركة لبنانية، بمعالجة هذه النسبة العالية من النفايات (80 بالمئة) لإنتاج الطاقة والتصنيع، ناهيك عن أن الطمر والكنس والنقل والمعالجة وإقامة المصانع هي على عاتق <أندفكو> لو أُعلن فوزها بالمناقصة وليس على عاتق الدولة كما هي الحال مع <سوكلين>.

وفيق-صفاهل تجوز المقارنة بين الأزمتين؟

صحيح أن أزمة النفايات جمعاً وإتلافاً وتصنيعاً ليست في مستوى أزمة الشغور الرئاسي وانتخاب رئيس جديد للجمهورية، ولا تجوز المقارنة... لكن الموضوع تجاوز عملية المقارنة بين مستوى أزمتي النفايات والشغور في الرئاسة الأولى، لأن الاخيرة لم تصل ردود فعلها وتداعياتها الى الشوارع كما هو الحال مع أزمة النفايات التي وصلت تداعياتها ونتائجها المدمرة الى كل شارع في لبنان والى كل بيت والى كل مواطن، فتحوّلت بعد تمثيلية المناقصة والإلغاء والتزوير الذي حصل من خلال الإلغاء الى فضيحة كبرى على الصعيد الوطني، فجّرت حال الفساد المستشري في طول لبنان وعرضه، وباتت بالفعل أزمة نظام أقل ما يقال فيه إنه نظام فاسد يسرح فاسدوه ومفسدوه ويمرحون في سرايات الحكم والحكومة والبرلمان وفي الصالونات السياسية وحتى الحزبية، من دون أن يحاسبهم أحد لأنهم نجحوا في إفساد الضمائر بمعظمها، في غياب نظام المساءلة والمحاسبة، وبات حتى أهل النظام اللبناني المزيّن بالديموقراطية والحرية وحقوق الإنسان والنبوغ الفكري والثقافي والاقتصادي والمصرفي والصناعي في العالم، يخجلون من الدفاع جهاراً عن هذا النظام ويلحّون بالعمل على تصحيحه فوراً وإنقاذه بأية طريقة ناجعة خشية انهياره تحت أقدام من يسمّيهم البعض بالزعران أو بالشيوعيين وبقايا الشيوعية الدولية التي انهارت وتفكك نظامها القمعي ودولتها مع انهيار وتفكّك الاتحاد السوفياتي ومنظومة النظام الشيوعي..

إذاً، بات مطلوباً عملية إنقاذ للبلد وللنظام الحر لتحريره من الفساد والفاسدين أياً كانوا وفي أي منصب أو مرتبة كانوا لمنع أزمة النفايات وعدم معالجتها وفق الأصول، وضرب المناقصة بشكل مفضوح لصالح الفساد والمستفيدين منه، فتكون تلك العملية مقدمة لإنقاذ الجمهورية ورئاستها إما بنظام جديد أو بدستور جديد أو بقانون انتخابي جديد، وهذا يتطلّب السير بتؤدة بين نقاط الازمة والألغام المزروعة في حقولها من كل جانب.

يمكن القول بأن عملية الإنقاذ المشار إليها بدأت بعد التحرّك السريع الذي قاده المعاون السياسي للسيد حسن نصر الله السيد وفيق صفا في اتجاه البرلمان (الرئيس بري) واتجاه السرايا (الرئيس سلام) واتجاه قصر المختارة (الوزير جنبلاط)، فأسفر هذا التحرك في ظل حماوة الأزمة واتجاهها نحو الحقول المتفجرة المزروعة بالألغام من كل لون الى ما يمكن تسميته تبريد وتهدئة للأجواء بالاتصالات والحوار تمهيداً لقيادة السفينة اللبنانية وتصحيح توجهها لتصل الى المياه الهادئة وليس الى <التسونامي> الذي تتطلع إليه أكثر من جهة في طليعتها اسرائيل والإرهابيون...

الاتصالات التي تبودلت بين الرؤساء عون وسلام وبري، والوزير جنبلاط، الى جانب التحرك في بكركي الذي قاده البطريرك الراعي قبل حلول السبت الماضي، وجّهت السفينة الى اتجاه صحيح، الى الحوار المحصور حسب الرئيس بري بأرباب النظام الذي يطالب المتظاهرون في الشوارع بسقوطه، وكأن المعنيين يحاولون معالجة الموقف في ظل شعار <وداوها بالتي كانت هي الداء>.

هل يصل المتحاورون في أيلول/ سبتمبر وهو الموعد المحدد من رئيس البرلمان الى حلول أقله للبنود التي أدرجها بري على جدول الأعمال؟

يبقى أن لا يكون الحوار الجديد، مجدداً كما في الماضي <حوار طرشان>.