تفاصيل الخبر

هـــــل كــان يـعــلـــــم الأسـيـــر بـوجـــــود مستـودعـــــات أسلـحــــة تــابعـــــة لـــه؟

08/10/2015
هـــــل كــان يـعــلـــــم الأسـيـــر بـوجـــــود  مستـودعـــــات أسلـحــــة تــابعـــــة لـــه؟

هـــــل كــان يـعــلـــــم الأسـيـــر بـوجـــــود مستـودعـــــات أسلـحــــة تــابعـــــة لـــه؟

عبوات-ناسفةبقلم علي الحسيني

 تركت عملية الكشف التي نفذتها القوى الأمنية مطلع الاسبوع الماضي لمستودع الأسلحة التابع لجماعة الشيخ الموقوف احمد الأسير، ارتياحاً واسعاً لدى اللبنانيين خصوصاً في ظل الحديث عن شخصيات سياسية وعسكرية وأمنية كان يتم التحضير لاغتيالها بطرق متعددة، ان من خلال اطلاق النار بشكل مباشر على الهدف او من خلال زرع العبوات في سيارات او الى جانب الطرقات.

 

محتويات مستودع

الأسلحة

بعد ورودها معلومات تتعلق بوجود مستودع أسلحة واحد على الاقل من اصل ثلاثة تعود لجماعة الاسير قامت قوى الأمن الداخلي مدعومة بعناصر من شعبة المعلومات بمداهمته عند محلة البستان الكبير في صيدا حيث ضبطت في داخله كمية كبيرة من الأسلحة الحربية والذخائر و<الرمانات اليدوية> والقذائف الصاروخية من نوع <ار بي جي> وقذائف عيار 107 ملم ومدفعي <هاون> عيار 60 ملم، اضافة الى عشر عبوات ناسفة مجهزة ومعدة لتنفيذ عمليات اغتيال بواسطة أجهزة تحكّم عن بُعد تتراوح زنة كل منها ما بين خمسة الى عشرين كيلوغراماً من مادة <تي ان تي>، وأخرى شديدة الانفجار، كما اوقفت اثنين من أتباع الاسير، أحدهما يُدعى (م. ح) مواليد عام 1988 لبناني، والآخر فلسطيني الجنسية، وما تزال التحقيقات معهما جارية تحت اشراف القضاء العسكري. وقد ادت عملية الكشف هذه عن احباط مخطط سُربت بعض تفاصيله ويرتكز اولا بالرد على عملية توقيف الاسير على يد شعبة المعلومات التابعة للأمن العام وإحداث خضة أمنية في البلد من شأنها ان تعيد خلط اوراق متنوعة ووضعها على طاولة الصفقات خصوصاً تلك المتعلقة بوضع المساجين المصنفين ارهابيين والذين ينتظرون احكاماً تتراوح بين المؤبد والإعدام.

من أرشد القوى الأمنية الى مكان الأسلحة؟

امل-زوجة-الاسير  

في ظل نتائج التحقيق التي خرج بها القضاء العسكري مع الاسير كشفت معلومات انه وبنتيجة التحقيقات المتواصلة التي استمرت لأكثر من اسبوعين لم يصمد الشيخ امام وابل الاسئلة التي نزلت عليه والتي حاول تجاهل معظمها بكلمة <مش متذكر>. ولكن بعد مواجهته بمجموعة حقائق وأدلة موثقة انهارت معنوياته وراح يعترف بكل التفاصيل المرتبطة بها اي منذ التحضير لمعركة عبرا وصولاً الى إلقاء القبض عليه وما رافقها من مراحل تنقل خلالها بين مخيم عين الحلوة واستقراره عند مجموعات تابعة للمدعو بلال بدر مسؤول جند الشام في المخيم وتنقله خارجه بطرق متعددة ارتدى في احداها لباساً نسائياً شرعياً مع مجموعة من النساء ثم عاد بالطريقة نفسها، وقد عمد حينئذٍ الى اصطحاب اولاد صغار معه الى خارج المخيم لكي يبعد الشكوك عنه وعن مجموعة النساء اللواتي خرجن معه.

وتضيف المعلومات ان الاسير هو من ارشد القوى الأمنية الى مكان المستودع الذي كان يخصصه لعمليات تسليح عناصره، وهو المستودع الاول الذي اعتمده لهذا الغرض قبل ان يكلف في وقت لاحق مجموعة من عناصره ببناء مستودعين آخرين بإشراف مسؤول عسكري من جماعته لكنه موجود اليوم خارج البلاد وعلى الارجح داخل الاراضي التركية ويُدعى محمد خ. وآخر فلسطيني الجنسية متوارٍ عن الانظار داخل مخيم عين الحلوة وهو مقرب جداً من احدى الفصائل الاسلامية المتشددة داخل المخيم وقد قُتل ابن شقيقته خلال معارك عبرا بين جماعة الاسير والجيش اللبناني والتي افضت لاحقاً الى اخراجه من صيدا.

ومعلومات مغايرة

ولكن اوساطاً أخرى اكدت ان الاسير لم يكن يعلم اصلاً بمكان هذا المستودع وما اذا كانت هناك مستودعات أخرى، وانه نتيجة الجهود التي قام بها فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، تمكن من الوصول الى مكان المستودع الواقع عند منطقة البستان في صيدا، وذلك بعد حصوله على معلومات واثباتات دامغة تؤكد وجود نية لدى عناصر تابعة للأسير باحداث خضة أمنية في لبنان، وذلك من خلال استهداف شخصيات محددة اعتبرتها سهلة، بالإضافة الى استهداف نقاط ومواقع عسكرية تابعة للجيش اللبناني في منطقة الجنوب. وأشارت الاوساط الى ان فرع المعلومات وعبر كشفه هذا المستودع يكون قد حقق إنجازاً امنياً يضاف الى الانجازات التي حققتها مخابرات الجيش والأمن العام في الجنوب بعد تفكيكهما معظم الخلايا النائمة التابعة للأسير.

هذا ومع العلم ان الاسير كان قد اعترف منذ اسبوع تقريباً خلال التحقيقات بأنه وبعد خروجه من عبرا بطريقة وصفها بالمؤامرة التي نفذها حزب الله، كان ينوي الانتقام من مسؤولين سياسيين وعسكريين في الحزب وسرايا المقاومة وبعض الشخصيات في حركة <أمل>، وكشف انه بعد معركة عبرا بعدة اشهر اتخذ قراراً باغتيال شخصيات تنتمي الى الاحزاب المذكورة وانه كلف لهذه الغاية شخصين: الاول يُدعى شاهين سليمان والثاني معتصم قدورة، إضافة الى تكليفهما استنهاض مجموعات لتحديد الاهداف وجمع المعلومات لبدء عمليات الاغتيالات. وقال انه بدأ يومئذٍ العمل على توزيع المجموعات وعمد إلى توزيع مجموعات أخرى على باقي المناطق، وقد قامت تلك المجموعات باستئجار شقق في صيدا ومحيطها، وتحديداً في زاروب حشيشو وصيدا القديمة والشرحبيل لتخزين الأسلحة والاجتماع فيها.

علاقة الاسير بـ<جبهة النصرة> و<داعش>

من-الصعود-الى-الهاوية

اوساط الاسير وبعض مؤيديه يؤكدون على الدوام عدم صحة الاخبار التي تتحدث عن علاقة تربط شيخهم بتنظيمي <جبهة النصرة> و<داعش> ويشددون على ان العلاقة اقتصرت في اولى مراحل الثورة السورية على الجيش السوري الحر وعلى جمعه التبرعات لبعض قادة هذا الجيش من اجل مساعدة السوريين المدنيين ولشراء أسلحة من السوق السوداء سواء من لبنان او تركيا او حتى من داخل سوريا عبر جماعات تابعة للنظام السوري نفسه.

ولكن هذه التأكيدات سرعان ما تذوب كالثلج لدى العودة الى حديث الاسير نفسه عن <داعش> يوم شبّههم بصحابة النبي محمد واصفاً شعوره وهو يرى اقتحام <داعش> لمدينة الرمادي بالسيارات المفخخة وقتلهم الأطفال والنساء حيث قال على موقع تويتر <شهادة لله قولوا في مجاهدي الدولة الإسلامية ما شئتم فوالله لا تذكرني دماؤهم الزكية إلا بدماء الصحابة الكرام، لكن الفرق ان ثار مجاهدو الدولة الاسلامية لله أولاً وثم نصرة لاهل السنة>. وعن القتال الذي كان دائراً بين <داعش> و<جبهة النصرة> قال يومئذٍ: <لست اهلاً لأحكم بين المجاهدين في خلافهم. اختلف الصحابة فيما بينهم ثم ألّف الله بين قلوبهم، فأرجو الله ان يؤلّف بين المجاهدين جميعاً في الدنيا والاخرة>.

وتذهب الامور بين الشيخ و<جبهة النصرة> و<داعش> الى أبعد من مجرد دعاء بالتوفيق او دعم بالمال والمواقف، فها هو راشد ابو زيد الملقّب بـ<أبي آدم> وابن صيدا ومنفذ العملية الانتحارية في الانبار في العراق منذ فترة، كان واحداً من تلامذة الاسير داخل مسجد بلال بن رباح في عبرا، وذلك قبل أن يلتحق بتنظيم <داعش>، وكان الاسير قد نعاه على حسابه بالقول <شاب خلوق تعرفت إليه في مسجد بلال، لم تهدأ غيرته على الاسلام والمسلمين حتى قضى في الأنبار. تقبلك الله شهيدا يا أبا آدم>. وقبلها كانت معلومات قد سرت تتعلق بتأمير <داعش> الاسير على ولاية لبنان لكن ذلك بقي في اطار الأخذ والرد والتأكيد لكن من دون النفي.

 

<خيال الاسير> لـ<الافكار>: الشيخ قام بمراجعة أفكاره فقط

رمانات-يديوية-وصواريخ  

معروف انه كان سر الشيخ وصديقه المقرب وحافظ أسراره يوم لجأ الاخير الى مخيم عين الحلوة. نصحه أكثر من مرة بعدم الانجرار وراء المعلومات التي ترده من اشخاص وجهات غير موثوقة. لكن ماذا يمكن ان نناديك؟ يجيب: الافضل مناداتي بـ <خيال الشيخ> كما كان الاخوة يفضلون تسميتي.

هل فعلاً هناك جهة حزبية من داخل المخيم هي التي سلمت الشيخ لجهاز الأمن العام؟

الخيال: بالطبع، فإن المقصود من وراء هذا الكلام احداث نوع من عدم الثقة بين الاحزاب الاسلامية وتحديداً بين الشيخ والجماعة او الفكر الذي ينتمي اليه هو وغيره من الحركات التي تحمل فكراً اسلامياً جهادياً. بالطبع لا. فالشيخ ألقي القبض عليه أثناء توجهه من مطار بيروت الى دولة اجنبية وكان قبلها قد حاول مغادرة البلاد بالطريقة نفسها لكن تم تأجيلها بعد وروده معلومات تؤكد وجود احداثيات لدى الأجهزة الأمنية عن نيته المغادرة.

ماذا فكر الشيخ الاسير؟ هل فعلاً كان مؤيداً لـ<جبهة النصرة> ثم عاد وأنتج فكر <داعش>؟

ــ أولاً اخي العزيز وتصحيحاً للمعلومات، تُسمى: <الدولة الاسلامية في العراق والشام> وليس <داعش>. ثانياً، نعم لقد قام الشيخ بمراجعة لمنهجه العقائدي والفكري الذي كان يحمله قبل ان يتعرف الى قادة في الدولة الاسلامية والذين تأثر بهم وبفكرهم كثيراً وبروح الجهاد التي كانوا يتحلون بها، ولا أنكر ان من بينهم الشيخ خالد حبلص <ازال الله عنهم الغم>. نعم الشيخ اطلع من خلال هؤلاء القادة على الفكر الاسلامي الصحيح وقد طعمه بمجموعة أفكار ومعتقدات وممارسات كان ينتهجها ويسير عليها وكانت له علاقة خاصة بربه من خلال الصوم والصلاة بحيث كان يزيد من ساعات الصوم ولا يفوّت فرصة الا ويستغلها للركوع والسجود.

ماذا عن صحة الاسير؟

راجت خلال الايام الماضية معلومات تتعلق بتدهور صحة الاسير بعد تعرضه للتعذيب في مبنى وزارة الدفاع على ايدي مخابرات الجيش. ومن هنا كان لا بد من التواصل مع احد افراد عائلته، فكان الاتصال مع زوجته امل التي اكدت عبر الهاتف ان زوجها مريض جداً وبحاجة الى دخول مستشفى لتلقي العلاج وانه يعاني صعوبة التنفس اضافة الى اوجاع في انحاء جسده وتحديداً في رجليه.

وتابعت: في آخر زيارة قامت بها والدته للسجن شعرت ان خطواته بدت ثقيلة وبدا متألماً، فسألته عبر <الانترفون> بعدما جاء ليتحدث اليها وهو يستند على رجل آخر، فقال لها بالحرف الواحد <انني أموت هنا ويجب ان ادخل المستشفى بأقرب وقت>، والكلام هذا جعل شقيقه يصرخ ويقول: <لن نرى الشيخ بعد اليوم وسوف يستشهد بين لحظة وأخرى، واقول لكم ان الشيخ يعاني من مرض السكري وهو يُحقن يومياً بمادة (الانسولين)>، كما ان والدته وشقيقه رأوا شريطاً لاصقاً على يده اليسرى ما يعني انهم قد علقوا له مصلاً.

 

زوجة-الاسير-تقود-تظاهرات-واعتصامات-لاخراج-زوجهامصدر عسكري لـ<الافكار>: الاسير بصحة جيدة

في المقابل، أكد مصدر عسكري لـ<الافكار> ان الاسير بصحة جيدة وان كل الكلام الذي يُثار حول تعرضه للضرب والتعذيب او الى نكسة صحية لا اساس له من الصحة ويأتي في سياق خلق موجة تعاطف جماهيرية معه ومن اجل تحريض جماعات ارهابية من خارج الحدود للضغط في ملفات اخرى على رأسها قضية العسكريين المخطوفين، وهذا ما كانت طالبت به زوجته تنظيمي <جبهة النصرة> و<داعش> للإفراج عن زوجها مقابل الإفراج عن العسكريين ودعوتها هيئة العلماء المسلمين الى اعلان الاعتصامات والتحركات في الشارع وإقامة الصلوات في المساجد والتحريض ضد القوى الأمنية. ولا بد من الإشارة الى ان الاسير غير موجود في وزارة الدفاع بل هو في سجن الريحانية، وهذا يؤكد عدم تعرضه للضرب على أيدي مخابرات الجيش كما يسوّق البعض.

لكي لا تتكرر حالة الاسير

لا بد من التذكير أن ظاهرة الشيخ نمت وترعرعت في فترة الإحباط الذي ساد بيئة تيّار <المستقبل> بعد انقلاب قوى 8 آذار على حكومة الرئيس سعد الحريري واستخدام ما عُرف يومئذٍ بـ<أصحاب القمصان السود> لقطع الطريق على عودته إلى السراي، الأمر الذي ساهم في اطلاق تيارات التطرف والمغالاة ورفض الآخر، وما كان لظاهرة الأسير ان تلقى الحماس المعروف وكل هذا الدعم غير المسبوق من قبل شباب سني في صيدا وضواحيها وحتى خارجها مرورا بالاقليم وبيروت ووصولاً الى الشمال لو لم تصل الامور الى مستوى خطر بعد الاحتقان والتحديات من جراء استعمال فائض القوة لدى بعض الاحزاب في وجه فريق بدأ مع الازمة السورية يستشعر باستضعافه وإبعاده عن موقع القرار وعدم إشراكه في الحكم والحكومة وفي صناعة قرار الوطن.