تفاصيل الخبر

هل كان الرئيس سعد الحريري في زيارته لوزارة الدفاع يؤشر على الرجل الثالث في انتخابات الرئاسة؟

17/03/2016
هل كان الرئيس سعد الحريري في زيارته لوزارة الدفاع  يؤشر على الرجل الثالث في انتخابات الرئاسة؟

هل كان الرئيس سعد الحريري في زيارته لوزارة الدفاع يؤشر على الرجل الثالث في انتخابات الرئاسة؟

 

بقلم وليد عوض

putin_4  

احفظوا اسم <اليزابت ريتشارد>. إنها السفيرة الأميركية الجديدة في لبنان مكان السفير <دايفيد هيل> المنقول الى العاصمة الباكستانية <اسلام آباد> مثله مثل السفير السعودي علي عواض عسيري الباقي في لبنان حتى انتخاب رئيس جديد لقصر بعبدا. لقد مثلت <اليزابت ريتشارد> أمام اللجنة الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، بعدما اختارها الرئيس <باراك أوباما> سفيرة له في لبنان، وأجابت عن مجموعة من الأسئلة وجاءت أجوبتها جميعاً في المحور الآتي: التصدي للتنظيمات الارهابية، وأولها <داعش> بكل الوسائل المتاحة، والاعتماد على الجيش اللبناني بأسلحته الأميركية الحديثة في رد أي هجوم ارهابي عن حدود لبنان، ومد يد العون الى اللبنانيين لمواجهة عبء النزوح السوري الكثيف، والمساعدة على توفير فرص انتخاب رئيس جديد للبنان.

ولكن أخطر ما قالته السفيرة الجديدة <اليزابت ريتشارد> أمام <الكونغرس>: <والخطر كل الخطر أن يخترق حزب الله الاستقرار المصرفي في لبنان والازدهار المصرفي هو المعقل الأخير لاقتصاد لبنان>!

والسفيرة <ريتشارد> ذات خبرة في منطقة الشرق الأوسط، ذهاباً من دورها كسفيرة في <اسلام آباد>، ونائبة سفير في العاصمة اليمنية صنعاء، أي على دراية بكافة مكونات شعوب المنطقة، ورصد توجهات الشعوب.

وواضح حتى الآن ان <اليزابت ريتشارد> ستكون الشاهدة على انتخاب رئيس جديد لقصر بعبدا، وقد تقول ما قاله المبعوث الأميركي <ريتشارد مورفي> الآتي من دمشق عام 1988، وهو: <إما مخايل الضاهر أو الفوضى>، أي <سليمان فرنجية أو الفوضى>، أو تستوحي السياسة الأميركية وتقول: <إما ما يقع عليه اختيار اللبنانيين أو الدخول فيعتمة المجهول>.

ولا تدري <اليزابت ريتشارد> هوية ساكن البيت الأبيض في خريف 2016، حتى تتكيف مع توجهاته، فإذا كان سيد البيت الأبيض سيدة مثل <هيلاري كلينتون>، فبالامكان التصويب على نهج الحزب الديموقراطي، إما إذا كان سيد البيت الأبيض رجلاً مثل الملياردير <دونالد ترامب> فهناك مشكلة لأن مسز <ريتشارد> ستواجه غضب المسلمين بعدما هدد <ترامب> بمنعهم من دخول الولايات المتحدة.

و<اليزابت ريتشارد>، وهي تواجه الامتحان أمام اللجنة الخارجية لمجلس الشيوخ الأميركي قالت بكل وضوح ان لبنان محكوم بما يجري في سوريا، خصوصاً وهو يستضيف مليوناً ونصف مليون نازح ونازحة من الجارة السورية، ويواجه عاصفة الحركات الارهابية مثل <داعش>، وضمت  السفيرة <ريتشارد> الى هذه الحركات حزب الله كحزب ارهابي، أي انها أنشأت المشكلة قبل أن تأتي الى لبنان. فتعاطيها مع حزب الله كمنظمة ارهابية لم يأخذ بعين الاعتبار سياسة مجلس الوزراء اللبناني التي تقوم على أساس أن هذا الحزب مكوّن أساسي من مكونات الوطن، برغم ما يؤخذ عليه من تدخلات في بلدان الآخرين مثل مملكة البحرين واليمن، وما يؤخذ عليه في لبنان حيث يواجه تهمة تعطيل انتخابات الرئاسة، بمنع الوصول الى النصاب البرلماني المطلوب لانتخاب رئيس.

 

hariri-kahwaji-1<بوتين> والحمام الأبيض عند بحيرة <ليمان>

 

ولا بد من التركيز بعد ذلك على المشهد السوري. فثمة دلائل الآن على ان <مؤتمر جنيف> الذي بدأ يوم الاثنين الماضي يوحي بالتفاؤل، ويسمح للمبعوث الأممي <ستيفان ديمستورا> أن يرسل الحمام الأبيض قرب بحيرة <ليمان> في جنيف، مدعوماً بهيبة الرئيس الروسي <فلاديمير بوتين> الذي يتابع عن كثب مسار هذه المفاوضات ضاغطاً على الرئيس بشار الأسد بالتليفون من أجل أن يعطي توجهاته الى رئيس الوفد المفاوض باسم النظام بشار الجعفري، وعلى المعارضة السورية برئاسة خالد خوجة، لعدم عرقلة مسيرة التفاوض، والتخفيف من لهجة التصعيد والتهديد بالانتقام. وفي ذلك يقول الدكتور برهان غليون المعارض السوري المحاضر في جامعة <السوربون> الباريسية وأول رئيس للمجلس الوطني السوري بعد الثورة:

<سيخرج السوريون من الحرب مثخنين بالجراح وملتاعين من العنف وسفك الدماء، وهم، كما بينت الهدنة، متشوقون للسلام والهدوء للتعبير المدني عن أفكارهم وآرائهم بوسائل سلمية، وأغلبهم سوف ينكبون على تضميد جراحهم ولملمة شتاتهم وتأمين معيشتهم. أما المجرمون من أي طرف كانوا فسيهربون لأنهم يعرفون انه من الممكن الانتقام منهم وتدفيعهم ثمن ما اقترفوه>.

ومفاوضات الحل السياسي في سوريا تحتاج الى عرّاب واسع النفوذ مدجج بالطائرات والغواصات والصواريخ عابرة القارات، لأن الذي لا يملك لا يستطيع أن يؤثر في مجريات الأمور. والعرّاب الذي يستعين به المندوب الأممي <ستيفان ديمستورا> واضع خطة الحل السياسي في سوريا، هو الرئيس الروسي <فلاديمير بوتين>، لأن الرئيس الأميركي <باراك أوباما> شمس شارفت على المغيب، والرئيس الفرنسي <فرانسوا هولاند> لم يعد من ولايته إلا أقل من سنة، ورئيس وزراء بريطانيا <دايفيد كاميرون> منشغل الآن بالتحضير لاستفتاء 23 حزيران (يونيو) المقبل حول بقاء أو عدم بقاء بريطانيا في منظومة السوق الأوروبية المشتركة، والمستشارة الألمانية <أنجيلا ميركل> منشغلة من رأسها الى قدميها بمشكلة النازحين السوريين الذين أعلنت فتح أبواب ألمانيا أمامهم الى حد المليون ونصف المليون انسان، ثم اكتشفت ان حساب الحقل لا ينطبق على حساب البيدر..

الأمر... لـ<بوتين>

 

عملية كبس الزر في الحل السياسي لسوريا هي إذن في يد القيصر الجديد <فلاديمير بوتين>. هو الحرب وهو السلام. هو سلاح الجو الذي ينقض على الارهابيين، وهو مائدة المفاوضات في جنيف، كحالة سلام مكان حالة الحرب. لقد قيل زمان السبعينات ان لا حرب بدون مصر، ولا سلام بدون سوريا، وجزء من المقولة صحيح بالنسبة لسوريا، ولكن الأمر في كل ذلك هو للعرّاب الروسي الذي خرج على الملأ ليقول: <أنا الحرب وأنا السلام>.

وكان هذا الأمر واضحاً يوم الاثنين الماضي من خلال الاجتماع الطارئ في <الكرملين> بين <بوتين> ووزير الخارجية الروسي <سيرغي لافروف> ووزير الدفاع الروسي <سيرغي شويفو>. وكانت المفاجأة اتفاق الثلاثة بقرار من <بوتين> على سحب القوات العسكرية الروسية تدريجياً من الأراضي السورية بعدما أدت قسطها للعلى، وضمنت بقاء نظام الأسد، بعدما كان مهدداً بعصف الرياح، وكانت مناسبة لوزير الدفاع الروسي <شويفو> ليقول ان سلاح الجو الروسي في إطار عملياته العسكرية على الأرض السورية وفي أجوائها نفذ منذ 30 أيلول (سبتمبر) 2015 أكثر من تسعة آلاف طلعة وتمكن من عرقلة تموين الارهابيين بالنفط أو القضاء على هذا التموين ونقل الأسلحة الى المقاتلين الارهابيين، وان الطيران الحربي الروسي دمر في سوريا نحو 209 منشآت خاصة بانتاج النفط فضلاً عن تدمير أكثر من ألفي شاحنة لنقل المنتجات النفطية، إضافة الى استعادة السيطرة على أكثر من عشرة آلاف كيلومتر مربع من أراضي البلاد، أي ان السلاح الجوي الروسي ربح الحرب قبل أن تضع أوزارها، أو كما يقول الأديب الفرنسي الكبير <كورناي> في مسرحيته <السيّد>: <انتهت المعركة لغياب المتعاركين>.

إذن.. فسوريا متجهة الى الحفاظ على أراضيها، لا على مقص التقسيم، وإن كان الحفاظ على هذه الأراضي يعتمد ما يسمى الفيدرالية بعدما ثبت أن النظام غير الفيدرالي تسبب Elizabeth-Richards2في سقوط مئات ألوف القتلى والجرحى.

وعلى رأي المثل القائل: <إذا كان جارك بخير فأنت بخير>، والمراد من ذلك أن لبنان الذي عانى وكابد من الأزمة السورية وتداعياتها، وتأثيرها على الاقتصاد اللبناني، يمكن أن يسترد أنفاسه إذا قيض الله للهدنة في سوريا أن تطول، ولخطة السلام التي رسمها <ستيفان ديمستورا> أن تخفق بجناحيها، وللنازحين أن يتلمسوا طريق العودة، كل الى مواقعه ودساكره، وتدخل سوريا في مرحلة إزالة آثار الحرب الطاحنة، وانفتاح أبواب المشاريع الانمائية على مصراعيها.

 

فخامة الجنرال!

فهل كان الرئيس سعد الحريري يملك مثل هذه المعطيات، حتى يقول بالفم الملآن ان لبنان سيكون له رئيس جديد في نيسان (ابريل) المقبل؟! وهل كان، وهو يزور مقر وزارة الدفاع في اليرزة يوم الاثنين الماضي، ويبشر بقوة ومناعة الجيش اللبناني، يضع في باب الاحتمالات مجيء قائد الجيش العماد جان قهوجي رئيساً للجمهورية، كحل توفيقي إذا تعذر مجيء النائب سليمان فرنجية والعماد ميشال عون؟!

كتمان الرئيس الحريري لا يجعلك تتنبأ بما سيأتي، وبالرجل المهيأ لدخول قصر بعبدا، وإن كان هذا الكتمان صندوق أسرار تجمعت لدى الحريري من اتصالاته الخارجية، وشبكة اتصالاته مع جميع الدول بدءاً من المملكة العربية السعودية التي يحمل جنسيتها، وفرنسا التي يحمل جنسيتها أيضاً..

وراقبوا كيف يحرّك القيصر <بوتين> أحجار <الشطرنج> في سوريا لتخترق ظلام المجهول الآتي!