تفاصيل الخبر

هل حققت هذه الوثيقة أهدافها؟ أم أنها كانت مجرد فك  اشتباك بين حزب الله والتيار الوطني الحر؟    

13/02/2015
هل حققت هذه الوثيقة أهدافها؟ أم أنها كانت مجرد فك  اشتباك بين حزب الله والتيار الوطني الحر؟      

هل حققت هذه الوثيقة أهدافها؟ أم أنها كانت مجرد فك  اشتباك بين حزب الله والتيار الوطني الحر؟    

بقلم صيحي منذر ياغي

   يرى البعض ان وثيقة التفاهم التي جرى توقيعها بين حزب الله والتيار الوطني الحر يوم 6 شباط/ فبراير 2006 خلال لقاء العماد ميشال عون وأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله في كنيسة مار مخايل عندابراهيم-كنعان منطقة الشيّاح كانت الضمانة الوطنية التي جنبت الوطن الكثير من الفتن، وساهمت الى حد ما في أبعاد الصراع السياسي عن لغته الطائفية، في حين وجد البعض المعارض ان وثيقة التفاهم ولدت في مار مخايل ودفنت في مار مخايل وهي كانت لشق الصف وزيادة الانقسام المسيحي... وما بين مؤيد ورافض، تبقى وثيقة التفاهم حدثاً وطنياً كونه جرى بين قطبين سياسيين أساسيين في لبنان...

يوم الاثنين 6 شباط/ فبراير 2006، في كنيسة مار مخايل في بيروت -الشياح، شهد لبنان حدثاً مميزاً تجلى في توقيع وثيقة التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر، انعقد اللقاء بين النائب العماد ميشال عون، والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، واستمر الاجتماع نحو ثلاث ساعات، وتخلله الإعلان عن ورقة تفاهم مشتركة بين التيار والحزب. ثم عقد السيد نصر الله والعماد عون مؤتمراً صحافياً مشتركاً، عقب تلاوة كل من أبو زينب وجبران باسيل نص وثيقة التفاهم بين الجانبين.

مصالحة وطنية وتفاهم

واعتبرت مصادر في حزب الله <ان وثيقة التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله، وبعد مرور 9 سنوات على ذكرى توقيعها، ساهمت في تكريس نوع من المصالحة بين جمهور عريض من اللبنانيين، خصوصاً وانها جاءت مصادفة للأحداث التي شهدتها الاشرفية، أوائل شباط/ فبراير 2006، خلال التظاهرة التي انطلقت مستنكرة الرسوم الكاريكاتورية، التي تناولت النبي محمد(ص)، في احدى الصحف الدانماركية.

وعلى الرغم من ان الجنرال عون اعتبر خلال توقيع وثيقة التفاهم ان هذا اللقاء <ليس موجهاً ضد أحد او ضد 14 آذار، واذا كان هناك شيء بالفعل يمس بلبنان سنكون نحن و 14 آذار وسماحة السيد في خندق الدفاع عن لبنان>، فإن توقيع الوثيقة كان واضحاً بأنه ردة فعل وتحالف بوجه فريق من اللبنانيين(فريق 14 آذار) ومحاولة لإعادة التحالفات وضربة للحلف الرباعي الذي خرج الى النور خلال الانتخابات التي جرت عام 2005.

واللافت ان الجنرال عون وبمجرد توقيعه وثيقة التفاهم عمد الى الغاء <الميثاق البرتقالي للتيار الوطني الحر>، والذي قال فيه الجنرال عن سلاح حزب الله ما لم يقله <مالك في الخمرة>، ومنذ توقيع هذا التفاهم جرى تعديل الميثاق ليتناسب مع التحالف الجديد.

خصوم عون اعتبروا انه وضع نفسه من خلال تحالفه مع حزب الله في حالة تبعية للحزب، فيما كان رد العماد عون هو: <وثيقة التفاهم مع حزب الله مشروع سلام، خصوصاً بعدما تعمدت بمعمودية الدم في حرب تموز/ يوليو 2006 لتكون مشروع سلام فعلي كسر الحاجز المعنوي بين اللبنانيين وشكل الإشارة الحمراء لمنع الاقتتال الداخلي>.

وأكد العماد عون <ان المذكرة أرست قواعد وأسس الاستقرار وأسست لتفاهم من الممكن ان يحصل مع كل اللبنانيين من أجل إرساء الأمن والاستقرار، وهي علامة فارقة من أجل تحول في العلاقة بين اللبنانيين على فارس-سعيداختلاف مذاهبهم وطوائفهم وآرائهم السياسية>.

سعيد: نحن لسنا أهل ذمة

النائب السابق الدكتور فارس سعيد اعتبر ان وثيقة التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله <ولدت في مار مخايل ودفنت في مار مخايل وان الاختراق الذي كان حزب الله قد حققه عبر التيار الوطني الحر في الوسط المسيحي انتهى، ومن الاساس كان يتم التسويق للورقة على انها لحماية المسيحيين، لكن هذه الفكرة مرفوضة، فالمسيحيون ليسوا أهل ذمة وليسوا بحاجة لحماية، فالدولة تحمي كل المواطنين>.

أما عضو 14 آذار المحامي الياس الزغبي فقال لـ <الافكار>: <تم الترويج أثناء توقيع هذه الوثيقة الى انها تطمئن المسيحيين، ولكن في الواقع والممارسة أدت الوثيقة الى نوع من فرقة ما بين المسيحيين، واعتبرت كأنها موقعة مع فريق من المسيحيين ضد الآخر، وعوضاً عن ان تقدم تطمينات للمسيحيين خصوصاً على خط الضاحية الشرقية في بيروت، قدمت نماذج من التخويف وزرع الشكوك>.

غطاء للسلاح!

واضاف: <ورقة التفاهم لم تكن بمنزلة ضمانة للمسيحيين بقدر ما كانت محاولة لشق صفوف المسيحيين، لأن اي ورقة اتفاق ثنائي بين طرف داخل طائفة وطرف طائفي آخر لا يمكن ان تؤدي الى حالة استقرار بل تؤسس لحالة اضطراب وتبادل شكوك... هذه الورقة كانت بمنزلة غطاء فقط لسلاح حزب الله، وخصوصاً في بندها العاشر الذي نص على بقاء سلاح حزب الله الى زمن غير محدد، ويغطي بقاء هذا السلاح تحت شعار التوافق المسيحي الشيعي، وهذا كان الخطأ الاساسي والجسيم في هذه الورقة. فالاتفاق الايجابي لمصلحة لبنان المتعدد لا يكون الا بين كل المكونات>.

التيار الوطني الحر

القيادي في التيار الوطني الحر أنطوان نصر الله اعتبر أن العلاقة تطورت بين الطرفين، بعد توقيع ورقة التفاهم بينهما، خصوصاً في حرب تموز/ يوليو 2006. العلاقة بين الطرفين أكثر من جيدة، ويوجد أكثر من علاقة تفاهم بينهما، وقد يختلف الأسلوب في التفاصيل، وإنما على الصعيد الاستراتيجي والعام، فالعلاقة أكثر من جيدة.معظم الأمور يتفق عليها حزب الله والتيار الوطني الحر، وإنما يختلفان فقط بالأسلوب، فحزب الله يراعي بعض الخصوصيات، وهو بطبعه يأخذ وقتاً في قراراته، بينما يرى التيار الوطني الحر أن الأولوية اليوم للتحسين والاصلاح الاقتصادي، كي لا ينخر الفساد جسم الإدارات.

وموضوع الإصلاح والتغيير قد يشهد وجهات نظر مختلفة في بعض الأحيان. أما المقاربة فهي نفسها في ما خص موضوع سلاح حزب الله والوضع المتأزم في سوريا.

وأمل نصر الله أن تشمل ورقة التفاهم كل اللبنانيين، وهي مفتوحة للجميع، ويرى أن الوضع سيكون أفضل للبنان لو استطاع كل اللبنانيين أن يقيموا حوارات في ما بينهم.

أبو نجم : كسر

الحواجز النفسية

وثبقة-التفاهم

أما ميشال أبو نجم (باحث وصحافي، عضو لجنة الدراسات في التيار الوطني الحر) فقد اعتبر خلال حديث مع <الافكار>: <ان ورقة التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله ظاهرة جديدة في طريقة التعامل بين الأحزاب اللبنانية خاصةً بعد اتفاق الطائف، وتجربة لافتة خاصة حين تأتي بين طرفين مختلفين إيديولوجياً واجتماعياً وسياسياً. واعتبر ان هذه التجربة أسهمت في وضع ركائز أساسية للحد من مخاطر اندلاع حرب جديدة، وفي تأمين أكبر قدر ممكن من موجبات الإستقرار، ذلك أنَّ التفاهم بين طرفين سياسيين كبيرين يمثلان شريحة واسعة من البيئتين الشيعية والمسيحية ساهم أولاً في كسر الحواجز النفسية، ومن ثم في تحويل طبيعة الصراع من مذهبي إلى سياسي يدور حول الإختلاف في النظرة إلى الدولة وعلاقاتها الخارجية وسياستها الدفاعية وتوصيف الدستور، بدلاً من أن يبقى حصراً في خانة الإحتقان المذهبي كما برز بعد 2005. وقد أظهرت حرب تموز/ يوليو 2006 صورة مشرقة عن التضامن بين جميع المكونات اللبنانية وإفشال مخطط إسرائيل في تحويل الصراع إلى الداخل اللبناني من خلال تعزيز النقمة على حزب الله، وكان للتيار الوطني الحر ودوره في البيئة المسيحية ونشاط شبابه على الأرض الدور الأكبر في هذا الإطار. وعن نتائج هذا التفاهم فقد رأى ابو نجم إن امتصاص ديناميكيات النزاع وعدم تحويلها إلى حرب، وإظهار قدرة اللبنانيين على الإتفاق حول القيم المشتركة رغم الإختلافات هو أبرز نتيجة لورقة التفاهم>.

كسر معادلة الهيمنة

متابعاً: <من جهة أخرى، كان لهذه العلاقة أثرها الكبير لجهة كسر معادلة الهيمنة والتهميش التي بدأت في عصر الوصاية السورية وتحكّم القوى الحزبية الإسلامية بالموقع المسيحي في الدولة على جميع الصعد ما ضربَ الميثاقية والمناصفة. وفي حين حاولت قوى المعادلة نفسها الاستمرار بها بعد تحقيق السيادة بانسحاب الجيش السوري عبر <التحالف الرباعي> مع حزب الله، لذا أتت تجربة التفاهم لتسقط عملية محاصرة وعزل القوة التمثيلية الأكبر للمسيحيين، ما أدى لاحقاً إلى بدء المشاركة الفعلية للقوى المسيحية في القرار السياسي والمؤسسات الدستورية بما فيها الحكومة، ولو أن هذه العملية مسار مستمر حتى تأكيد الميثاقية والمناصفة الكاملة.

ولم ينكر أبو نجم حصول خلافات معينة بين الحزب والتيار خاصة في الملفات الاصلاحية والادارية مؤكداً أن إيجابيات الورقة لم تحجب اختلافات بين التيار والحزب خاصة لجهة كيفية إدارة الدولة وتحقيق الإصلاح مع ما يتطلبه ذلك من خطوات قد لا يكون الحزب قادراً عليها.

 

شعبية كبيرة

وحسب ما قالته اوساط سياسية لـ<الافكار>، ان وثيقة التفاهم قد تكون اضعفت الجنرال عون في الوسط المسيحي، الا انها منحته شعبية لبنانية كبيرة وخصوصاً في الوسط الشيعي استفاد منها خلال الانتخابات النيابية التي تعاقبت وتمكن من ان يكون رئيساً لأكبر كتلة نيابية، كما ان حزب الله يعتبر الرابح الاكبر في هذا المجال، لأنه تمكن ايضاً من توفير الغطاء والشرعية المسيحية لمواضيع مهمة كموضوع السلاح والمقاومة، بحيث بات نواب تكتل الاصلاح والتغيير ابرز المدافعين عن هذا السلاح.

إبراهيم كنعان: «غلطة>

الا ان ما كشفته وثائق اميركية في اطار ما عرف بفضائح <ويكيليكس> أظهر تذمر بعض نواب عون من تحالفه مع حزب الله، فعلى ذمة هذه الوثائق ورد انه في اليوم الثاني من الحرب (الوثيقة 239006 Beirut، تاريخ 14 تموز/ يوليو 2006)، التقى أحد الديبلوماسيين السياسيين العاملين في السفارة والنائب إبراهيم كنعان. قال الأخير إن الشراكة بين التيار الوطني الحر وحزب الله كانت «غلطة>. عملية أسر الجنديين الإسرائيليين يوم 12 تموز/ يوليو يصفها كنعان بـ<التهوّر>، قائلاً إنها تهدّد بتدمير ديموقراطية لبنان، وبإعادته إلى الأحضان السورية. وبرأي كنعان، فإن «تغييراً جذرياً» يمكنه إنقاذ الوضالياس-الزغبيع. فعون، بحسب النائب المتني، يدرك «حساسية اللحظة»، ومن المحتمل أن يصبح أكثر قابلية لـ«شراكة> مع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة.

فريد الخازن: قطع العلاقة

اما النائب العوني فريد الياس الخازن فهو أيضاً لم يسلم من فضائح <ويكليكس> فقد ورد في احدى الوثائق: يوم 13 تموز/ يوليو 2006 عبّر الخازن عن غضبه من «أكاذيب نصر الله في جلسات الحوار الوطني حين وعد بالحفاظ على هدوء الخط الأزرق>. وبرأي الخازن، فإن اتفاق عون - حزب الله تحوّل إلى شيء يصعب الدفاع عنه.

وكان الخازن أشد انتقاداً لحزب الله، واصفاً طبيعة أعماله بـ<غير المسؤولة والمنافقة>. وقال النائب العوني إنه «نصح بقطعٍ تام لعلاقات التيار الوطني الحر بحزب الله>.

ويبقى القول ان وثيقة التفاهم بين حزب الله والتيار وعلى الرغم من كل الانتقادات الموجهة اليها تظل من الاتفاقات التي تساهم الى حد ما في تبديد الخوف الذي نما خلال الحرب التي عصفت بين لبنان وأبعدت اللبنانيين عن بعضهم البعض، وكما جاء في مقدمة هذه الوثيقة: <إن الحوار الوطني هو السبيل الوحيد لإيجاد الحلول للأزمات التي يتخبط فيها لبنان، وذلك على قواعد ثابتة وراسخة، هي انعكاس لإرادة توافقية جامعة>.