بقلم علي الحسيني
[caption id="attachment_83949" align="alignleft" width="516"] الرئيسان ميشال عون ونبيه بري...الفتور بينهما يتسع ويتمدد.[/caption]بعدما كان استمع المحقق العدلي في جريمة إنفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوان إلى إفادات عدد من المسؤولين السياسيين والأمنيين في لبنان حول التفجير، فوجئ اللبنانيون الاسبوع الماضي بإدعاء صوان على كل من رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وعلى وزير المال السابق علي حسن خليل ووزيري الأشغال العامة السابقين غازي زعيتر ويوسف فنيانوس، بجرم الإهمال والتقصير والتسبب بوفاة وإيذاء مئات الأشخاص.
وتجدر الإشارة إلى أن صوان كان أرسل أرسل كتاباً إلى البرلمان ضمّنه بالإضافة إلى المُرفقة أعلاه، اسمي الوزيرين السابقين ميشال نجار وغازي العريضي، إلا انه في الإدعاء لم يقدم على الإدعاء عليهما، بعدما تبين أن لا علم لنجار بالأمر، فيما العريضي لم يكن له أي علاقة بالباخرة لأنه استقال قبل رسوها في مرفأ بيروت، وقبل إفراغ حمولتها. كما تبين أن بعض الوزراء الذين شملهم صوان في كتابه إلى المجلس النيابي، كوزيرة العدل ماري كلود نجم، والوزيرين السابقين أشرف ريفي وسليم جريصاتي لم يتبين أن لديهم أي علم بهذا الأمر.
بصمات الرئيس والردود
الاسبوع الماضي، أصدر مجلس القضاء الأعلى بياناً شرح فيه مسار التحقيقات في المرفأ حتى الآن، وتزامن البيان مع قرار القاضي صوان الادعاء على رئيس حكومة ووزراء، وشكّل تبنياً لقرار صوان. من هنا لا يُمكن فصل موقف مجلس القضاء الأعلى عن اللقاء الذي جمع وفداً منه مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الاسبوع الماضي، خصوصاً وأن الرئيس عون دعا الوفد إلى تفعيل العمل القضائي وإصراره على أن لا تبقى الاتهامات التي توجه الى المسؤولين في الأدراج أو من دون متابعة. وأكد بيان صادر عن المجلس أن التحقيق في انفجارالمرفأ يتم بدقة وتأن، مع ما يتطلّبه ذلك من احترام الأصول القانونية والعلمية التي تحكم هذا
[caption id="attachment_83951" align="alignleft" width="444"] الوزير السابق غازي زعيتر يأسف ويفند المغالطات[/caption]النوع من الجرائم، واصفاً ما تتداوله وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي من تصريحات وتحليلات، هو في أحيان كثيرة غير صحيح وغير دقيق.
في المقابل، لم تنم دار الفتوى على "الضيم" الذي لحق بالموقع السُنّي الأول في البلاد، الأمر الذي استدعى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان للقول إن الادّعاء على مقام رئاسة الحكومة استهداف سياسي غير مقبول وتجاوز للدستور ولقانون محاكمة الرؤساء والوزراء السابقين، ويصبّ في اطار حملات كيدية واضحة للعيان لا تخدم العدالة لفريق معيّن دون آخر لتصفية حسابات سياسية. وأعلن دريان أننا مع القضاء النزيه الشفّاف ومع الحرص على تحقيق العدالة وفقاً لأحكام القانون والتزام الدستور، وأي تسييس أو استنساب ادّعاء لكشف حقيقة انفجار مرفأ بيروت هو جريمة اخرى بحق الوطن، فالكل مسؤول في هذا الحادث المفجع.
ووجه دريان رسالة حاسمة وحازمة لكل من يعنيهم الأمر، بالقول: ليعلم الجميع ان الوطن لا يُبنى على المصالح الخاصة والكيديات ولا على الاستنساب. فلندع القضاء يأخذ مجراه بكل تجرد وانفتاح بعيداً من الضغوط ودون تقييده بسلاسل السياسة.
زعيتر: بئس القضاء الذي فيه صوان
[caption id="attachment_83950" align="alignleft" width="350"] القاضي فادي صوان يفتتح مرحلة استدعاء الكبار.[/caption]من جهته إعتبر الوزير السابق غازي زعيتر في مؤتمر صحافي ان القاضي صوان تجاوز صلاحياته، وتوجه إلى المجلس النيابي وزعم وجود شبهة على كل وزراء الأشغال والمال، كما أنه انحاز بموقفه وخالف الدستور. أضاف: هل سأل المحقق العدلي عن الباخرة التي دخلت عام 2013 غير المعروف مكان وجودها، الحقيقة يا سعادة المحقق العدلي تسكن في المرفأ سواء كانت آتية من الداخل أو الخارج، ومن الغريب أن نقيب المحامين لم يتصل بنا كوننا محامين.
وأشار الى ان مكتب بارودي وشركاءه حجز السفينة وخابر هيئة القضايا دون الرجوع إلي أو إطلاعي على الملف، وقد خالف بذلك الدستور، ولا يوجد أي مستند أو أي ملف يقول إنني على علم بالباخرة حتى كتاب السفارة الروسية والذي لم يذكر فيه وجود مواد خطرة. وختم: بئس القضاء إذا كان فيه قاض كفادي صوان، ولن نسكت أو نصغي لأي أجندات سياسية وغير سياسية.
و في خطوة لافتة بتوقيتها ورمزيتها، زار الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري السراي الحكومي يوم الجمعة الماضي، حيث التقى الرئيس دياب، للتضامن معه بعد الادّعاء عليه في قضية جريمة انفجار مرفأ بيروت. وبعد اللقاء، قال الحريري أتيت إلى رئاسة الحكومة لكي اعبّر عن رفضي المطلق للخرق الدستوري الواضح والفاضح الذي ارتكبه القاضي بالادّعاء على رئيس الحكومة. الدستور واضح، ورؤساء الحكومات يمثلون فقط أمام محكمة خاصة يُشكّلها المجلس النيابي.
[caption id="attachment_83948" align="alignleft" width="339"] الرئيس حسان دياب ..أبرز ضحايا الخلافات السياسية.[/caption]وشدد الحريري على أن رئاسة الحكومة ليست للابتزاز، من الآخر، وهذا الأمر مرفوض، ونحن لن نقبل به. من حق اهالي الشهداء معرفة الحقيقة، من حقهم أن يعرفوا من ادخل هذه الباخرة ومن غطّى عليها. اما التعدي على الدستور والادّعاء على رئاسة الحكومة فهذا امر مرفوض، وأنا أتيت للوقوف مع رئيس الحكومة والتضامن معه.
خلافات أهل السلطة
يبدو أن دائرة الخلافات الدستورية والقانونية والسياسية بين اهل الحكم ومن خلفهم الكتل النيابية والقوى الحزبية المنتمية الى هذا الفريق او ذاك، بدأت تتسع لتطاول عين التينة التي نأت بنفسها حتى الأمس القريب عن عدم التفاهم القائم بين بعبدا وبيت الوسط حول تركيبة الحكومة العتيدة بحسب العناوين التي دعا الرئيس الفرنسي "ايمانويل ماكرون" الى اعتمادها لتمكينه من توفير المساعدات المالية اللازمة لنهوض لبنان من الازمة التي انزلق اليها نتيجة
الهدر والفساد المعشش في الوزارات والادارات العامة.
في السياق، تُشير معلومات يتم تسريبها منذ فترة غير بعيدة، إلى وجود نوع من الفتور في العلاقة بين رئاستي الجمهورية ومجلس النواب يتخلله تبادل اتهامات سياسية وغير سياسية أبرزها يتعلق بملف تأليف الحكومة وملف التدقيق المالي. والمُلفت بحسب المعلومات، أن الخلاف بين بعبدا وعين التينة ليس وليد ساعته انما
[caption id="attachment_83952" align="alignleft" width="375"] الرئيس سعد الحريري .. دفاع سني عن رئاسة الحكومة[/caption]يعود الى اليوم الذي وجه فيه الرئيس عون رسالته الى رئيس المجلس النيابي نبيه بري تحديداً، وطالب عبره البرلمان بموقف صريح ومؤيد للتدقيق الجنائي الا ان المجلس في التوصية التي أصدرها كما اعتبرت بعبدا يومها لم يلب او يلاق تطلعات رئاسة الجمهورية لموضوع المساءلة والمحاسبة واعتبرت القرار النيابي غير قابل للصرف لما اعتراه من عدم وضوح من جهة ونظراً لشموليته وتوسيع بيكاره الزمني والاداري خصوصاً بعد تراجع شركة "الفاريس ومارسال" عن تنفيذ العقد الذي وقعته مع لبنان للتدقيق بداية في حسابات المصرف المركزي على اعتبار ان حصولها على المستندات المطلوبة يبدو متعذراً .
وأمام هذا المشهد المُربك الذي يُحيط بالبلد من كل جوانبه، تستبعد مصادر سياسية بارزة أن تعود الأمور إلى مجاريها بين رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل و"الثنائي الشيعي" على النحو الي كانت عليه في السابق، خصوصاً وأن "الثنائي" يتهم باسيل سرّاً، بالوقوف وراء كل العقد والإشكالات التي تحصل مع بعبدا، مع العلم أن الحسابات الرئاسية قد تقود باسيل إلى الاسراع في إصلاح ذات البين مع "الثنائي" وتحديداً مع حزب الله، في ظل المنافسة الشرسة على كرسي بعبدا، وحضور الحليف الأوثق للحزب، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية بقوة على الساحة الرئاسية، وهو الذي يبدو واثقاً من نيله جرعة دعم زرقاء وصفراء على حد سواء، في ظل العلاقة المتوترة بين باسيل والرئيس الحريري وهو ما يشهد عليه تأليف الحكومة راهناً.