تفاصيل الخبر

هل بدأ الذهب مسيرة تصاعدية من دون سقف؟

19/02/2016
هل بدأ الذهب مسيرة تصاعدية من دون سقف؟

هل بدأ الذهب مسيرة تصاعدية من دون سقف؟

 

جانيت-يلين بقلم خالد عوض

أدلت رئيسة الاحتياطي الفيديرالي الأميركي السيدة <جانيت يلين> منذ أسبوعين بشهادتها السنوية أمام مجلس الشيوخ الأميركي حول الأحوال المالية للولايات المتحدة. وكانت الأسواق قد شهدت أسوأ بداية سنة في التاريخ وهوت المؤشرات المالية بأكثر من عشرة بالمئة. وقالت <يلين> التي يحلل مستثمرو العالم كل حرف تقوله، ان البنك المركزي الأميركي يدرس موضوع الفائدة السلبية ولا يستبعدها كوسيلة ممكنة لتحفيز الاقتصاد. اليابان أعلنت في نهاية كانون الثاني / يناير اعتماد الفائدة السلبية على الودائع، والبنك المركزي الأوروبي كان أول من ذهب إلى هذه السياسة عام ٢٠١٤، وانضمت السويد والدانمارك مؤخرا إلى اليابان وفرضت نسبة ناقص 0,5 بالمئة على الودائع.

والفائدة السلبية هي عندما يخصم المصرف نسبة مئوية من أموال المودعين مقابل قبول ودائعهم، أي بدل أن يأخذ الناس فوائد من البنك سيدفعون نسبة من أموالهم له حتى يحفظ لهم ودائعهم.

بمعنى آخر، سيكون أوفر للمودعين في هكذا حالة إبقاء مالهم في البيت! وربما يصبح من الأفضل ساعتئذ تحويل العملة إلى ذهب! التوجه نحو العملة الصفراء بدأت تظهر ملامحه منذ اسابيع عندما ارتفع سعر الأونصة فوق حاجز الألف ومئتي دولار. ويبدو أن الخوف من ضعف الاقتصاد الأميركي ومشاكل اقتصاد الصين والعديد من الدول النامية يتسيد مواقف المستثمرين، ولذلك عاد الذهب إلى الصورة كملاذٍ آمن من كل ما يحصل في العالم، خاصة في ظل كثرة الحديث عن الفوائد السلبية.

الهدف من الفائدة السلبية التي يفرضها البنك المركزي على المصارف هو تشجيعها على عدم تكديس الودائع وحثها على الإقراض لتحفيز النمو. هذا الإجراء هو أحد الوسائل المتاحة لمحاربة الانكماش، وأصبح اليوم حديث البنوك المركزية في العالم التي جربت تقريباً كل شيء منذ ٢٠٠٨ وحتى اليوم ولم تتمكن من الوصول إلى نمو مستدام. هناك خطر حقيقي اليوم بأن يظهر الاقتصاد الأميركي بعض الضعف هذه السنة مما سيجبر المسز <يلين> بأن تتراجع عن رفع سعر الفائدة وتبقيها كما هي لأطول فترة ممكنة.

وبغض النظر عن الطريقة التي سيتعامل بها البنك المركزي الأميركي خلال هذه السنة، التي هي سنة انتخابية حساسة يحرص الرئيس الأميركي <باراك اوباما> أن تعكس نجاحاته الاقتصادية، فإن التوجه المالي العام على الصعيد العالمي هو إقراض الأسواق. من الصين إلى البرازيل مروراً بكل دول الغرب، الجميع مقتنع أن المال يجب أن يصل إلى المستهلك عن طريق قروض بفوائد ميسرة وإلا لا نمو. ولذلك فإن اتجاه رياض-سلامةفرض فائدة سلبية على المصارف يمكن أن يصبح الموضة المالية هذا العام.

مصرف لبنان كان قد بدأ منذ سنتين سياسة تحفيز القروض عن طريق توفير دعم للفوائد، ولذلك فهو مضى في هذا الاتجاه قبل غيره. ولكن موضوع الفائدة السلبية إذا تطور سيفتح إمكانية تسويق سندات الخزينة اللبنانية مع المصارف الدولية لأنه يساعد في تخفيف الفوائد على الدين العام. فالمصارف اللبنانية لا يمكنها منافسة البنوك الأجنبية في مستويات فوائد منخفضة، والأخيرة ستكون عطشى أكثر إلى سندات خزينة حكومية من دول مثل لبنان رغم المخاطر المرتبطة بها.

في كل الأحوال، ومع ظهور بوادر أزمة مالية عالمية جديدة يمكن أن تعجل في سياسات التخفيف الكمي والفوائد السلبية، يبدو مصــــــــــــــــرف لبنان محصناً جيداً باحتياطي كبير من العملات الأجنبية يناهز ٣٧ مليار دولار وبحوالي ٢٨٥ طناً من الذهب، لإدارة النظام المالي اللبناني بالحكمة والدراية نفسها التي انقذت لبنان في السابق. الفرق هذه المرة أن المصارف المحلية ستضطر إلى قبول أرباح أقل من الدولة، والانفتاح أكثر نحو إقراض القطاع الخاص اللبناني.