تفاصيل الخبر

هل بدأ العد العكسي لنهاية إسرائيل؟

12/07/2019
هل بدأ العد العكسي لنهاية إسرائيل؟

هل بدأ العد العكسي لنهاية إسرائيل؟

بقلم خالد عوض

هناك عدة تواريخ حساسة للمنطقة والعالم خلال الثلاثة أشهر المقبلة. هناك أولا إنتخابات حزب المحافظين في بريطانيا في ٢٢ تموز (يوليو) الجاري لخلافة رئيسة الوزراء <تيريزا ماي>. المعركة على أشدها بين وزير الخارجية الحالي <جيريمي هانت> ووزير الخارجية السابق <بوريس جونسون> مع أرجحية بسيطة لصالح الثاني. هذه الإنتخابات ستحدد كيفية خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي في ٣١ تشرين الأول (أكتوبر) المقبل. التاريخ المهم الثاني هو الإنتخابات الإسرائيلية في ١٧ أيلول (سبتمبر) الآتي بين رئيس الوزراء الحالي <بنيامين نتنياهو> وغريمه <بني غانتز>. أما المواعيد المهمة الأخرى فهي المناظرات بين المرشحين الديمقراطيين للرئاسة الأميركية في نهاية هذا الشهر وفي ١٢ أيلول (سبتمبر).

 

<بريكزيت>: أوروبا وبريطانيا إلى أين؟

 بريطانيا لم تحدد بعد كيفية خروجها من الإتحاد الأوروبي، أي بإتفاق أو بلا إتفاق، وهي بإنتظار رئيس الوزراء الجديد لتحديد هذا المسار، ولكنها في جميع الأحوال بحاجة ماسة إلى عقد إتفاق تبادل حر مع الولايات المتحدة لتعويض السوق الأوروبي الذي ستخسره بضائعها إلى حد كبير بعد الإنفصال من أوروبا. لذلك فإن آخر ما كانت تتمناه هي الأزمة الدبلوماسية المستجدة مع الولايات المتحدة والتي تسبب بها السفير البريطاني في واشنطن <كيم داروش> بعد أن تسرب عنه أنه نعت الرئيس الأميركي <دونالد ترامب> بالسخيف والأحمق. وكالعادة لم يوفر <ترامب> في ردوده على <تويتر> لا السفير ولا الحكومة البريطانية ولا رئيستها الحالية. هذه الأزمة ستصعب على بريطانيا المفاوضات مع الولايات المتحدة وتشكل عبئا جديدا على إقتصادها.في الضفة المقابلة، أوروبا ليست أبدا في حال أفضل. ألمانيا تعاني من تراجع المؤشرات الصناعية وتباطؤ النمو الإقتصادي الذي أصبح أيضا مشكلة كل الدول الأوروبية الأخرى. في الوقت نفسه ناهز حجم دين إيطاليا ٢٩٠٠ مليار دولار أي أكثر من ١٣٠ بالمئة من ناتجها المحلي. وهذا هو ثالث أكبر دين في العالم بعد الولايات المتحدة (٢١ ألف مليار دولار) واليابان (١٠،٥ آلاف مليار دولار). في ظل هذا المستوى من الديون في إيطاليا كما في عدة دول أوروبية، لن تتمكن أوروبا من مواجهة أي أزمة مالية محتملة بل يمكن أن تشهد إنهيار عدة اقتصادات داخل القارة العجوز عند أول أزمة. ولا يخفي رئيس البنك المركزي الأوروبي <ماريو دراغي> وخليفته المقبلة <كريستين لاغارد> التي ستستلم منه في ٣١ تشرين الأول (أكتوبر) المقبل أي يوم <بريكزيت> نفسه، أن مواجهة أي أزمة ستكون من خلال ضخ سيولة جديدة في الأسواق، أي بزيادة إضافية في الديون الحكومية. في حالة كهذه لن يستطيع اليورو الصمود وستتجه أسعار المعادن والعملات الرقمية إلى مستويات غير مسبوقة.

إسرائيل: إما دولة فاشلة أو... زائلة!

الإنتخابات الإسرائيلية التي جرت منذ شهرين فاز بها رئيس الوزراء <بنيامين نتنياهو> ولكنه فشل في تأليف تحالف مع اليمين لتشكيل حكومة. من أسباب فشله أنه إشترط على أي طرف يريد الدخول معه في ائتلاف حكومي أن يدعم قوانين حصانة له شخصيا لتحميه من عدة تهم فساد موجهة إليه وستدخله إلى السجن إن هو خسر هذه المرة. وإذا كانت الحملات الإنتخابية السابقة قد تركزت حول فساد <نتنياهو> وخطر إيران، فإن تصاريح المرشحين الإسرائيليين تدور حاليا حول كيفية التعاطي مع الفلسطينيين في الضفة الغربية ومع مشروع الإستيطان خاصة بعد أن دخل رئيس الوزراء السابق <إيهود باراك> على خط المنافسة تحت شعار <إسرائيل ديموقراطية>. صحيح أن حظوظ <باراك> محدودة ولكنه أعاد الحديث عن جوهر المشكلة الإسرائيلية أي إغتصاب حقوق الفلسطينيين، القضية التي تحاشاها كل المرشحين في الإنتخابات الأخيرة. إنتخابات أيلول (المقبل) يمكن أن تؤدي إلى أحد ثلاثة سيناريوهات: إما أن يفوز <بيبي> ويتمكن من تأليف حكومة يمينية تكمل المسيرة الإستيطانية وتمعن في سلب ما تبقى من أراضٍ للفلسطينيين فتواجه الغضب الداخلي والعالمي وتسقط عنها صورة الدولة الديمقراطية والعادلة. وإما أن يخسر <نتنياهو> فيدخل هو السجن ويفوز <غانتز> بأكثرية لا تسمح له بتشكيل حكومة متجانسة ويتضعضع النظام السياسي في إسرائيل. أو يفوز <نتنياهو> ويفشل من جديد في تأليف حكومة فتكون إسرائيل قد عجزت مرتين خلال ستة أشهر في تأليف حكومة. الإنتخابات الإسرائيلية المقبلة ستقول الكثير عن مستقبل دولة إسرائيل ككل.

 

 <ترامب> في وجه... لا أحد؟

أظهرت المناظرة الأولى بين المرشحين الديمقراطيين في الولايات المتحدة أن <ترامب> يمكن أن يكتسح إنتخابات ٢٠٢٠ بسبب غياب المنافس المقنع. صحيح أنه من المبكر جدا حسم هذا الموضوع ويجب إنتظار المناظرات المقبلة لتكوين صورة أدق عن منافس أو منافسة <ترامب> في المخيم الديمقراطي، إلا أن المؤشرات الأولى تؤكد أن الرئيس الأميركي في طريقه إلى تجديد سهل لولايته. هذا يعني المزيد من الحمائية والحروب التجارية والغوغائية السياسية اليومية التي لا يمكن أن تساعد في نمو الإقتصاد العالمي.

قبل نهاية سنة ٢٠١٩ ستتضح إلى حد كبير الإتجاهات الإقتصادية العالمية خلال السنوات المقبلة، خاصة في ما يتعلق بمستقبل أوروبا وبقدرة إسرائيل على الإستمرار كدولة وباحتمالات ومعالم أزمة مالية جديدة. من المؤكد أن هذه الأحداث لن تمر على منطقة الشرق الأوسط مروراً عابراً.