تفاصيل الخبر

هل أصبحت الحرب آخر ورقة للولايات المتحدة لوقف زحف إقتصاد الحرير؟

23/08/2019
هل أصبحت الحرب آخر ورقة  للولايات المتحدة لوقف زحف إقتصاد الحرير؟

هل أصبحت الحرب آخر ورقة للولايات المتحدة لوقف زحف إقتصاد الحرير؟

بقلم خالد عوض

إلى جانب الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، هناك سباقان للتسلح إنطلقا هذه السنة ويبدو أنهما يتركان بصمة قوية على الإقتصاد العالمي وعلى تراجع شهية المستثمرين في أنحاء المعمورة. الأول هو سباق نووي بين الأميركيين والروس والثاني هو بين الأميركيين (مجددا) والصينيين في آسيا. هناك داخل الإدارة الأميركية اليوم مَن يؤمن بأن إدخال الخصوم في سباق التسلح هو أسرع طريقة لإضعافهم إقتصاديا. هذه النظرية كانت إحدى ركائز سياسة الرئيس الأميركي السابق <رونالد ريغان> الذي حكم من عام ١٩٨١ إلى عام ١٩٨٩. بنظر العديد من الخبراء، <الريغونميكس> هذه ساهمت إلى حد كبير في القضاء على الإتحاد السوفياتي الذي إنهار وتفكك كليا في ٢٦ كانون الأول (ديسمبر) ١٩٩١ أي بعد سنتين من إنتهاء حكم <ريغان>.

 

ماذا حصل في شمال روسيا؟

صحا سكان قرية <نينوسكا> في شمال روسيا يوم الثامن من آب (أغسطس) الحالي على إنذار على الصفحة الإلكترونية لبلديتهم يفيد بأن مستوى الإشعاعات النووية تجاوز ضعف الحد العادي، ولكن التنبيه إختفى بسرعة بعدما نفت وزارة الدفاع الروسية أي تجاوز في معدلات الإشعاع في روسيا. تبين بعد أيام أن الروس كانوا يقومون بإختبار صاروخ نووي عابر للقارات في الجزء القريب من المحيط المتجمد الشمالي، ولكنه إنفجر وأودى بحياة خمسة علماء وضابطين روسيين إلى جانب

بعض الجرحى. تفاصيل الحادث ظلت تحت التكتم الشديد ولا زالت المعلومات غير واضحة عن المستوى الفعلي للإشعاعات في المناطق والمدن المجاورة لمكان الإختبار مثل مدينة <سيفيرودفينسك> التي يصل عدد سكانها إلى أكثر من ١٨٠ ألف نسمة . هذا الإختبار لم يكن ممكنا أو مسموحا به في ظل إتفاقية الحد من السلاح النووي بين روسيا والولايات المتحدة، ولكن الطرفين <إتفقا> منذ ستة أشهر على الإنسحاب منها، وكان يوم ٢ آب (أغسطس) أي قبل أسبوع من الحادث النووي في روسيا هو أول يوم رسمي لتنفيذ الإنسحاب أي لحرية الطرفين في إستكمال التسلح. العالم يعيش الآن سباق تسلح نووي لا سقف له، ويبدو أن الروس إنجروا إليه بسرعة لأسباب إستراتيجية بينما يعرف الأميركيون أن كلفة هذا السباق لن تؤذي إقتصادهم بقدر ما تؤذي إقتصاد غيرهم. كلفة الرأس النووي الصغير الواحد تزيد عن عشرين مليون دولار، وكلفة الصواريخ النووية المتوسطة المدى تزيد عن مئة مليون دولار للصاروخ، ويمكن أن تصل إلى عدة مئات ملايين الدولارات مثل الصواريخ المبرمجة التي تحملها السفن أو الغواصات كالصاروخ الروسي الذي إنفجر.

الطائرات إلى <تايوان> والصواريخ إلى <منغوليا>؟

سياسة سباق التسلح تعني فعليا سباقا في الإنفاق، ولكن الولايات المتحدة تضرب عدة عصافير بحجر هذه السياسة. أولا تضغط على الدول الحليفة <الخائفة> من الصين أو كوريا الشمالية أو إيران لشراء الأسلحة أي زيادة الصادرات ودعم شركات

الأسلحة الأميركية. لم يعد خفيا ما تنفقه دول الخليج مع الولايات المتحدة، أو ما أنفقته اليابان مؤخرا في صفقة شراء ١٠٥ طائرات ف ٣٥ شبح من شركة <لوكهيد مارتن> بصفقة تناهز ٨ مليارات دولار، كما بدأت كوريا الجنوبية بإستلام طائرات ف٣٥ شبح على أن يصل عددها إلى ٤٠ قبل نهاية ٢٠٢١. الجديد هو ما اشترته <تايوان> مؤخرا من طائرات فانتوم ١٦ الشبح (F16 VIPER) وما يعني ذلك من تهديد إلى حدود الصين الشرقية الجنوبية. بالإضافة إلى كل ذلك أعلن وزير الدفاع الأميركي <مارك اسبر> منذ مدة أن الولايات المتحدة تنوي إرسال

صواريخ متوسطة المدى إلى وسط آسيا ويبدو أن جارة الصين الشمالية <منغوليا> ستكون الوجهة الجديدة للصواريخ الأميركية. كل هذا يقلق الصين بل أصبح يغضبها وهي أيضا انجرت إلى التسلح بسرعة كبيرة وبدأت بزيادة ترسانتها الجوية من طائرات ج٢٠ المعروفة بالـ<تنين العظيم> لمواجهة الترسانة اليابانية والتايوانية. ويؤكد خبراء اميركيون أن الصين أبحرت هي أيضا في برنامج تسلح نووي في ظل ما يحصل بين روسيا والولايات المتحدة. وفي خضم كل ما يحصل ليست أزمة <كشمير> المستجدة بين الهند وباكستان بعيدة عن سباق التسلح هذا خاصة أن منطقة <كشمير> التي أعلن رئيس وزراء الهند <ناريندرا مودي> ضمها إلى الهند منذ أسبوعين هي على الحدود مع الصين وتفصل الأخيرة عن باكستان.

من الواضح أن إدارة الرئيس الأميركي <دونالد ترامب> تسعى إلى تخفيف سرعة نمو الإقتصاد الصيني ووضع عراقيل لتوسعه في كل مكان في العالم. بمعنى آخر الولايات المتحدة في صدد تلغيم طريق وحزام الحرير الصيني بكل ما اتيح لها من وسائل. في جو كهذا تصبح أي دولة مناهضة للولايات المتحدة هي صديقة للصين والعكس ربما يصبح صحيحا أيضا. يصح هذا التصوير على إيران وروسيا وكوريا الشمالية وغيرها. وفي جو كهذا تصبح خطوط التماس من سوريا إلى اليمن وليبيا خطوط تماس دولية أكثر منها إقليمية أو محلية، ولكن يبدو أنها ستظل كذلك بإنتظار تسوية إقتصادية كبيرة غير منظورة حتى الآن، أو إلى حين حصول تغير كبير في الأحجام الإقتصادية من جراء سباق التسلح كما حصل مع إنهيار السوفيات، أو

ربما إلى حد وقوع حرب دولية بدأت ملامحها بالارتسام.