تفاصيل الخبر

هـــل أصبــح لبـــنان بلــداً غيـــر صالـــح للـعـيـــش؟!

27/09/2018
هـــل أصبــح لبـــنان بلــداً غيـــر صالـــح للـعـيـــش؟!

هـــل أصبــح لبـــنان بلــداً غيـــر صالـــح للـعـيـــش؟!

 

بقلم علي الحسيني

من أين الدخول إلى أزمات لبنان، وكل الأبواب مشرعة على الكوارث والنكبات وعلى أدنى مستويات العيش الكريم؟ من أين الدخول إلى الأوجاع والمعاناة وإلى القهر والاستبداد، وكل باب للهدر والفساد والإمعان في إفقار الناس وإذلالها يتفرّع منه الف باب؟ اوجاع لم يعد في الامكان تحملها وكل مفاصل البلد أصبحت مُلتهبة والمرض تفشّى في كل أنحاء الجسد. وحده الله قادر على إخراج هذا البلد مما هو فيه أو لعل الدعاء وزيارة القديسين وأضرحة الأولياء الصالحين، أصبحت واجبة في زمن أصبح فيه الفاسد سيّداً والعاقل منبوذاً، والسلطة حلماً لا يُمكن الوصول اليها إلا على حساب لقمة عيش الفقراء حتّى ولو اضطُر الطامح والحالم إلى الدوس على كراماتهم وأجسادهم التي لم تعد تقوى على تحمّل الجوع والمرض.

 

من هنا البداية

باختصار شديد، هذا هو حال لبنان أو ما أوصله اليه السياسيون العابثون بكل شيء في ظل غياب أدنى شعور بالمسؤولية تجاه شعب أصابته عدوى الهزائم والانكسارات بعدما أصبح أسيراً للقمة عيشه ولو بـ<القطّارة>. بلد لا ماء فيه ولا كهرباء. النفايات تحتل شوارعه، والعاطلون عن العمل يتوزعون على الطرقات في الليل والنهار. عمليات سلب وقتل واغتصاب وحكومة غائبة عن السمع والبصر بسبب التناطح على الحصص وسعي كل فريق إلى تحقيق المزيد من المكاسب السياسية لأسباب مادية. النزوح يملء البلد والإرهاب يترصد الحدود والداخل والحرب المذهبية على الأبواب والتراشق الإعلامي والسياسي في أوجّه ووحده المواطن من يدفع الثمن.

كل هذه المشكلات ليست مفاجئة، فهي مظهر من مظاهر أزمة النظام في البلاد بعدما تقاعست الدولة عن مهامها ومسؤولياتها في التصدي للمشكلات الرئيسية بطريقة مستدامة، في حين لم تترك للمواطن سوى خيار بين اثنين: إما الموت جوعاً أو مرضاً أو إهمالاً، وإمّا أن يصنع لنفسه قانوناً خاصاً قاعدته <طريق الحرام>، بكافة أشكاله لإنقاذ عائلته. ولا يتعلق الأمر فقط بعدم الكفاءة في نظام التشغيل اليومي في البلاد، فالمشكلات المزمنة لها جذور عميقة إذ تكفي بعض الحقائق الرئيسية لإظهار مستوى الخلل في البلاد. لبنان عانى من عدم وجود رئيس لفترة طويلة، ومن عدم وجود حكومات كما هو الحال اليوم، وأيضاً من دون إنتخاب مجلس النواب الذي سبق ومدد لنفسه مرتين بطريقة غير دستورية ولا قانونية. في ظل هذا الوضع المخيف يُمكن الجزم بأنه خلال السنوات الأخيرة ، بدا لبنان وكأنه في سباق مع الزمن لضمّ جميع سمات الدولة الفاشلة. ففي ظل غياب كل شيء وتعطيل فعالية معظم السلطات الدستورية، وفقدان الحد الأدنى من المسؤولية لدى القيادات الحاكمة فيه،

بات من الصعب الاقتناع بأن في لبنان مجتمعاً لديه من المؤهلات والرغبة بالحياة في دولة مستقلة وله من الإرادة والقدرة على القيام بما يلزم وما يبرر قيام دولة مستقلة.

 

الأزمات الحكومية.. تقاليد لبنانية

حتى الساعة لم يستحضر العاملون على خط التأليف والذهاب إلى جلسة الثقة، قوتهم وإندفاعاتهم الذاتية والإقليمية لإنهاء هذا الاستحقاق بأقل الأضرار المُمكنة، فالمشكلات ما زالت عالقة بين طُلاّب الحصص وهو نمط أصبح جزءاً أساسياً من الحياة السياسية في لبنان، وهذا هو الحال منذ سنوات طويلة إذ من الصعب جداً تأليف حكومة وطنية بالمعنى الحقيقي من دون حصول عمليات <فرملة> سواء داخلية أو خارجية. وعلى الرغم من استبعاد الوصول الى حل للمشكلة الحكومية في المدى المنظور وهذا ما أكد عليه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في أخر أيّام عاشوراء، إلا أن أصحاب النوايا الايجابية والتفاؤلية، ما زالوا مصرين على تذليل كل ما من شأنه أن يمنع الخروج بحكومة توافقية في أقرب فرصة ممكنة.

القيادي في تيار <المستقبل> النائب السابق الدكتور مصطفى علوش يرى ان ازمة تأليف الحكومة تسير باتجاه المجهول، وان عدم اجتراح الحلول سيؤول الى ازمة نظام وصيغة، خصوصاً ان عدداً من اللبنانيين المنضوين تحت عباءة <حزب الله> ومن خلفه النظامين السوري والايراني تحدثوا ويتحدثون بشغف عن ضرورة اعادة النظر ليس باتفاق الطائف فحسب انما ايضا بجوهر الصيغة اللبنانية ككل، علماً ان لبنان قائم على التعددية الطائفية ولا يحتمل بالتالي اقله في ظل التطورات الاقليمية الراهنة اي انخراط في تعديل صيغته لاعتبار ان اي بحث بأساس النظام اللبناني قد يدخل البلاد في نفق من الظلام لا افق له ولا قرار. ويعتبر ان المخرج الوحيد من ازمة التأليف يكمن بتواضع فريق رئيس الجمهورية، وتحديداً بوقف سعيه للحصول على الثلث المعطل في الحكومة وما دونها خطوة جريئة انقاذية، وإلا فإن الازمة ستسلك ودون ادنى شك طريقاً وعراً حيث سقوط الهيكل سيكون حتمياً فوق الجميع.

وقال: إن القوات اللبنانية قدمت التنازلات الجسام لتسهيل ولادة الحكومة وارتضت بأربعة وزراء بدلاً من خمسة، الا ان إصرار التيار الوطني الحر على احد عشر مقعداً يحول دون ترجمة تنازلاتها عملياً في تأليف الحكومة. ويُشير إلى أن الهدف من عرقلة عملية التأليف ليس فقط تطويق رئاسة الحكومة عبر إضعاف حزبي القوات اللبنانية والتقدمي الاشتراكي، انما ايضاً استعادة صلاحيات رئاسة الجمهورية عبر الاستيلاء على حكومة لا صوت يعلو فيها على صوت التيار الوطني الحر. ويرى أن اصرار الاخير على الثلث المعطل، وبالتالي على حكومة لا تخدم سوى سياسته ومشاريعه وتطلعاته، سيؤدي حكماً الى تصاعد الاصوات المطالبة بإعادة النظر بالنظام اللبناني ومن ضمنه مسألة المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، ومن له اذنان مصغيتان وعقل راجح فليسمع ويتنبه.

 

الفساد المستشري

من المعروف أن علّة الفساد في لبنان، تلعب الدور الأهم والأبرز في تعطيل السلوك العقلاني الخلوق في المجتمع، وتعطيل فعل المؤسسات والقوانين في الدولة. وتعريف الفساد في لبنان يوصل الى قناعة تامة بأنه يُعيق حل الأزمات وتذليل الصعاب، فعلى سبيل المثال فالفساد في القضاء يذهب بالعدالة التي هي هدف القضاء. والفساد في تطبيق القوانين يعطل حكم القانون، ويخلق الفوضى، ويقضي على الثقة بين الحاكم والمحكوم، وعلى ثقة المواطن واحترامه لمؤسسات الدولة. ويمكن تصوّر ما يفعله الفساد في القطاع الاقتصادي والمالي. كما يقضي على القيم والروابط الاجتماعية، وقد يدفع إلى تمزيق النسيج الاجتماعي إذا كانت هناك مصالح خارجية تعمل على تدمير الأوطان، كما هو الحال في العديد من الدول الأكثر تأثراً بما سمّي <الربيع العربي>.

أما الدخول مباشرة الى قضايا الفساد في البلد، فيقودك مباشرة الى ملفات الكهرباء والمياه والنفايات والمطار والمرافئ والمؤسسات العامة والخاصة والعديد من الوزارات والمستشفيات والجامعات والمدارس.. وبحسب ما أجمعت عليه معظم الدراسات، فإن الفساد أصبح جزءاً من النظام اللبناني الذي يتحكم فيه التجار ورجال الاعمال الساعون والسياسيون بكل الوسائل لتحقيق الربح. وهذا ما تحقق من خلال الاحتكارات التي نشأت بشكل طبيعي في هذا البلد الصغير حتى صار الفساد جزءاً لا يتجزأ من المؤسسة الحاكمة المتبنية للايديولوجية الليبرالية الجديدة. وعطفاً على المثل القائل ان السمكة تفسد من الرأس، فإن الدولة اللبنانية غارقة في الفساد وتحمي مصالح الطبقة الحاكمة من خلال السماح لها بنهب المالية العامة والقطاع الخاص على السواء. وكم يبدو الأمر غاية في الإعجاب والإعجاز عندما يعلم المواطن اللبناني أن بلاده احتلت المرتبة 143 في مؤشر مدركات الفساد للعام الماضي من أصل

180 دولة، ليُسجّل بذلك تراجعاً مقارنة مع العام الذي سبقه أي 2016، إذ كان يحتلّ المرتبة 136 من أصل 176 دولة وذلك بحسب <الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية> (لا فساد) وهي الفرع الوطني لمنظمة الشفافية الدولية.

يعاني نظام النزاهة اللبناني وفق نتائج التقييم الذي تعده الجمعية من شوائب عدة، ادت الى اضعاف اطر الرقابة وانعدام المحاسبة وابرزها: محدودية الصلاحيات التي يملكها وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد، غياب الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، عدم فاعلية قانون الإثراء غير المشروع، ضعف الهيئات الرقابية الأربع الأساسية، ضعف الرقابة التي يمارسها المجلس النيابي على الأداء الحكومي، عدم اعتماد نظام الجلسات العلنية للمجلس النيابي، عدم تطوير نظام المناقصات العامة، وبروز التعاقد في الإدارة الذي يأخذ الطابع السياسي والإنتخابي. وسجلت الجمعية أن <اللبنانيين يعانون من نقص حاد في تقديم الخدمات العامة. فعلى سبيل المثال الكهرباء، ما زالت الدولة عاجزة عن تقديمها في شكل مستدام وعلى وقف الإهدار الذي بلغ المليارات عبر السنين. أما سرعة الإنترنت فهي من الأسوأ عالمياً وفق المؤشر العالمي بعدما حل لبنان في المركز 131 عالمياً من اصل 133 دولة، بينما غياب ضمان الشيخوخة والبطاقة الصحية التي يستفيد منها جميع المواطنين، تبقى من الحاجيات الأساسية التي يحرم منها اللبنانيون، كما ادى عدم إيجاد حل مستدام لأزمة النفايات الى ردم المكبات البحرية والبرية وتوسيعها، والى تلوث المياه في شكل خاص والبيئة في شكل عام، بعد انتشار المكبات العشوائية التي وصل عددها الى 941 بحسب آخر دراسة أعدتها <هيومن رايتس واتش>.

وبين البارز والأبرز، لا بد من التأكيد بأن عدم اقرار قانون حماية كاشفي الفساد، يفتح الباب واسعاً أمام التضييق على الإعلاميين والناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي، كما يحد من شجاعة المواطنين للتبليغ عن الفساد. من هنا يقع على عاتق منظمات المجتمع المدني التعاون في ما بينها من أجل الضغط لاقرار قانون الإثراء غير المشروع والمحاسبة على قاعدة <من اين لك هذا>، إضافة إلى القوانين التالية التي تنتظر التصويت عليها في الهيئة العامة: الاقتراح الجديد لقانون الإثراء غير المشروع من رأس الهرم الى أصغر عامل، الاقتراح الجديد للتصريح عن الذمة المالية والاقتراح الجديد لانشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.

 

أزمة النزوح المستعصية

 

خلال الأيام الماضية استنفرت الدولة اللبنانية بأجهزتها الأمنية والسياسية، اعلامها الخاص والتابع لمواكبة <جهودها القيمة> بإعادة مئات النازحين السوريين الى بلادهم وذلك بعد أكثر من سبعة أعوام على وجودهم داخل أراضيها. كانت كل تلك التغطيات التي ترافقت مع خروج الحافلات من لبنان باتجاه الأراضي السورية مرت مرور الكرام، لولا أن الدولة بمعظم أجهزتها حاولت أن تُعطي الموضوع أكثر من حجمه وأن تصوره وكأنه إنجاز جديد يُضاف لإنجازاتها، طبعاً مع التقدير الكبير للدور الذي تقوم به المديرية العامة للأمن العام في هذا المجال والجهود التي يبذلها  المدير العام اللواء عباس ابراهيم مع فريق من معاونيه. لكن كل هذا لا يُسقط المسؤولية عن الدولة برمتها والتي تعاطت منذ بداية الأزمة السورية مع عملية النزوح، بطريقة غير مسؤولة ولا مُحترفة ولا  تدل حتّى على وجود دولة مستقلة تحكمها سلطة القانون والمؤسسات. وقد تناست الدولة أن المئات الذين تمكنت من إعادتهم إلى بلادهم، هم ليسوا في الأساس سوى نقطة في بحر أعداد النازحين الهائلة في البلد والذين تجاوز عددهم المليونين ونصف المليون نازح.

اليوم تزداد أزمات لبنان من جرّاء تحمّله أعباء النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين، ناهيك عن جنسيات أخرى تعيش على أرضه، لا تخضع لأدنى المعايير القانونية، وهؤلاء إنما يشكلون عبئاً يُضاف إلى الأعباء الإقتصادية والإجتماعية والأمنية ومعهم تزداد معاناة المواطن اللبناني الذي يرزح بدوره تحط خطوط الفقر والعوز والتسيب أو الفلتان الأمني الذي يُرافقه بشكل يومي، من منزله إلى عمله، والعكس. وفي قضية النزوح السوري على وجه التحديد، حدّث ولا حرج. يتراوح عدد اللاجئين السوريين في مختلف دول العالم، لاسيما منها دول الجوار بين 4 و5 ملايين شخص، يستضيف لبنان منهم نحو مليون لاجئ مُسجلين في لوائح مُفوضيّة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إضافة إلى مئات الآلاف غير المُسجلين. وفي السياق عينه، يُقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بنحو سبعمئة الف شخص، أغلبيتهم مسجلون في لوائح الأونروا، وذلك من أصل نحو 6 ملايين فلسطيني موزعين بين لبنان وسوريا والأردن وقطاع غزّة والضفّة الغربيّة. ومن جراء هذا الحمل الثقيل، ترزح الدولة اللبنانيّة بكل مفاصلها تحت أعباء كبيرة وتتعرض لمخاطر جسيمة من دون أي بشائر أمل بقرب طي أو مُعالجة أي من الملفين خصوصاً في ظل عدم التوافق الدولي على إنضاج أي حلول للأزمتين اللتين تُشكلان أزمة الشرق الأوسط.

أيها السياسيون.. ما في شغل!

 

وفي ما يتعلق باللاجئين السوريّين، فإن لبنان يحتاج تقريباً الى نحو ملياري دولار في العام لتغطية نفقات المُساعدات الإنسانية لهم، ولتمويل الإستثمارات في القرى والبلدات والمدن المُضيفة، ولدعم الجمعيات والهيئات والجهات التي توفر السكن والتعليم والطبابة والغذاء والمياه وغيرها من الحاجات الأساسية. ومن هذا المنطلق فإن أجراس الخطر كلها تقرع ابواب الدولة اللبنانية، فلبنان لم يعد قادراً على تحمل أعباء أو تبعات النزوح خصوصاً وأن ثمة معلومات تؤكد ان لبنان ترتبت عليه خسائر متراكمة خلال  سنوات اللجوء السوري، لا تقل عن عشرة مليارات دولار، وليس ذلك فحسب، إذ إن اللجوء انعكس ضغطاً على الثروة المائية، وعلى البنية التحتية والكهرباء والخدمات التي هي شحيحة في الأصل، فضلاً عن فرص العمل وغيرها.

هي عبارة واحدة ووحيدة اصبحت تلازم اللبناني اينما وُجد في وطنه، فمن اقصى الشمال الى اقصى الجنوب عبارة تجمع بين ابناء الوطن الواحد:  <ما في شغل>، وهي عبارة مجبولة بالوجع آخذة في التصاعد المستمر رغم صمّ المسؤولين اذانهم عن المشاكل الحياتية اليومية التي تواجه اللبنانيين بكافة فئاتهم ومشاربهم خصوصاً بعدما وصل عدد النازحين في لبنان الى نحو نصف عدد اهل البلد ان لم يكن اكثر، وبذلك بات اللبناني يشعر بأن هناك من يزاحمه في لقمة عيشه ويمنعه من تأمين قوت عائلته اليومي بعدما دخلت يد العمالة الاجنبية معظم المصالح والقطاعات حتى تحول الامر الى مزاحمة معيشية بدأها النازحون مع اللبنانيين منذ دخولهم إلى لبنان وتحديداً منذ بداية الازمة السورية، ما دفع بالكثير من التجار إلى إقفال متاجرهم وسط ارتفاع معدل التضخم بشكل كبير ومخيف، الامر الذي انعكس بالتالي على اسعار السلع والمواد الاستهلاكية والغذائية إضافة إلى الارتفاع الجنوني في اسعار العقارات والاسواق الحرة.

 

ابتسم.. أنت لبناني منذ أكثر من عشر سنوات!

 

أن تكون مواطناً لبنانياً صالحاً، فهذا أمر يترتب عليه الكثير. يعني أن تكون واحداً من الكلّ الذي يشكل المجتمع بدوره ويؤسس لقيام دولة لائقة معترف بها في المنظومة الكونية. أن تكون لبنانياً، يشبه من الناحية الشكلية أن تكون هي فرنسية، وهو أميركي، وآخر سوداني، وآخر من أي جنسية، يبقى أن تسأل وتستكشف تلك النواحي الضمنية. لا تتساءل، ولا تشغل بالك بالبحث الالكتروني عن حقوق وواجبات الدولة تجاه المواطن والعكس في كل دول العالم، فلن تجد شبيهاً لبلدك. وهذا جميل بالمبدأ، يعني أنك فريد من نوعك. وإن اختلفت النظم والقوانين من دولة إلى أخرى باختلاف الحضارات والبيئات فإنها ولا بد أن تتلافى ضمن خطوط عريضة لها. ولكن الحديث عن هذا الأمر لا يبدو منطقياً أو واقعياً أمام وضعك أنت باعتبارك مواطناً لبنانياً منذ أكثر من عشر سنوات.