تفاصيل الخبر

هل أصبح حزب الله في مرمى اغتيالات عين الحلوة؟

04/05/2015
هل أصبح حزب الله في مرمى اغتيالات عين الحلوة؟

هل أصبح حزب الله في مرمى اغتيالات عين الحلوة؟

  

بقلم علي الحسيني

الشيخ-قاووق  الأجواء في مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان متوترة إذ لا يمر يوم على هذا المخيم الذي لا تتجاوز مساحته كيلومتراً واحداً من دون حدوث خضّة أمنية غالباً ما تكون إما عملية اغتيال او اشتباكات مسلحة بين مجموعات من الفصائل الموجودة بداخله وعادة ما يكون للتنظيمات الاسلامية حصة الاسد فيها.

تفاقمت الخروقات الأمنية داخل مخيم عين الحلوة ومحيطه خلال الاسابيع المنصرمة اذ باتت عمليات الاغتيال وزرع العبوات ونصب الكمائن لمسؤولين حزبيين، السمة الأبرز للوضع الحالي في المخيم والتي تمثلت في آخرها ثلاث عمليات اغتيال ضد عناصر من حزب الله، اثنتان حصلتا منذ ثلاثة أشهر تقريباً بينهما شاب فلسطيني الجنسية يدعى خالد مصطفى وهو ينتمي الى <سرايا المقاومة> التابعة للحزب وأخيرها لا آخرها منذ ثلاثة أسابيع حيث تم اغتيال العنصر الثالث في حزب الله مروان عيسى، الأمر الذي اعتبرت جهات أمنية انه يندرج ضمن خطة تهدف الى تطهير المخيم من خلال تصفية كل من يستعدي الحركات الاسلامية فيه وعلى رأسهم عناصر تابعة للحزب تسكن ضمن مخيم عين الحلوة. وما زاد في هذا الاعتقاد هو محاولة الاغتيال الفاشلة التي كان تعرض لها القيادي في حركة <فتح> طلال الأردني والمعروف بأنه على تنسيق أمني تام مع حزب الله والقوى الأمنية اللبنانية.

 

عمليات تصفية

 

يعتبر حيّ الطوارئ داخل مخيم عين الحلوة أحد أهم وأبرز معاقل الاسلاميين في المخيم وهؤلاء بمعظمهم ينتمون الى الفكر السلفي الداعم للثورة السورية والمعادي فكرياً وعقائدياً لحزب الله الداعم الاساس للنظام السوري برئاسة بشار الأسد. ومن خلفية الانتماء الفكري الخاص بهذه الجماعات من جهة وحزب الله من جهة أخرى وصل الاختلاف بينهما الى حد التصفيات الجسدية، خصوصاً وان في الجهة الاولى قياديين معروفين بالاسم يكنون العداء للحزب وللمؤسسات الأمنية اللبنانية التي وبحسب اعتقادهم انها داعمة لحزب الله وتغطي تدخله في الحرب السورية ومن بينهم المدعو بلال بدر ومحمد الشعبة وهيثم الشعبة وعبد الرحمن شمندور الذي كان قد قتل أثناء مشاركته في معارك عبرا الى جانب الشيخ مروان-عيسى-داخل-صندوق-السيارة-مقتولا-وصورة-له-قبل-مقتلهالفار أحمد الاسير وغيرهم كثر.

 

هكذا قتل مروان عيسى!

بعد الكشف عن هويته تكاثرت الشائعات حول طبيعة مقتل العنصر اللبناني في حزب الله مروان عيسى ابن شقيق عضو اللجنة المركزية للتنظيم الشعبي الناصري ناصيف عيسى المعروف بأبو جمال. فالبعض اعتبر ان الخلفية مادية بحت بينه وبين أحد اصدقائه في المخيم، والبعض الآخر اعتبرها رسالة مباشرة الى الحزب خصوصاً وان هناك من تحدث عن رسالة وجدت الى جانب جثته تقول: <هذا جزاء من خان الله ورسوله وكان في سورية ومن سرايا المقاومة>.

 وفي ما يأتي حكاية مقتل عيسى الذي تم استدراجه الى داخل منطقة التعمير قبل ان يختفي اثره ويعثر عليه مقتولاً داخل صندوق سيارته التي ركنت في أحد المواقف داخل المخيم. وقد أكدت مصادر لـ<الافكار> ان عيسى كان يعمل في تجارة الاسلحة بين المخيم وخارجه وانه جرى استدراجه الى داخل عين الحلوة من قبل شخص معروف بأبو الاسلام بناء على موعد لعقد صفقة بيع أسلحة رشاشة ومسدسات وذخائر متفرقة، وبعد مرور ساعات وجد مقتولاً بطريقة شنيعة اذ تم ربطه من يديه وقدميه الى الخلف بواسطة حبل سميك ثم لف رأسه بالنايلون بطريقة محكمة الى ان لفظ أنفاسه الأخيرة دون إطلاق النار عليه، وقد لف في كيس من الخيش ووضع في صندوق سيارته التي ركنت عند أحد المواقف في حي الصحون في الشارع الفوقاني من المخيم.

منير-المقدحالجيش اللبناني صمام الأمن والأمان

بعد حالة التوتر التي سادت بُعيد مقتل عيسى بأيام قليلة، جرى التداول بمعلومات تفيد عن نية للجيش اللبناني بالدخول الى حي الطوارئ وايضاً الى منطقة التعمير في عين الحلوة، خصوصاً وان الجيش كان قد انتشر عند تخوم هاتين المنطقتين تحسباً لأي ظرف طارئ قد ينجم عن الاستنفار المسلح الذي نفذته جماعة <جند الشام> التي ينتمي اليها محمد الشعبي المتهم بقتل عيسى وهو شقيق المسؤول في <جند الشام> هيثم الشعبي، مع العلم بأن اللجنة الأمنية الفلسطينية العليا كانت قد سلمت الى مخابرات الجيش اللبناني تاجري السلاح الفلسطيني خالد كعوش والسوري ربيع سرحان اللذين استدرجا عيسى الى داخل المخيم وهما حالياً موقوفان لدى السلطات اللبنانية. وفي هذا المجال علمت <الافكار> من مصدر فلسطيني في المخيم ان قيادة الجيش أبلغت الفصائل الفلسطينية انه إن لم تكن القوة الأمنية التابعة لها قادرة على ضبط الاوضاع الأمنية في المناطق التي يعتقد بوجود جماعات اسلامية متطرفة فيها، فلتترك الجيش يتولى هذه المهمة.

قاووق: دم عيسى لن يذهب هدراً

 

وفي الوقت الذي اعتبر فيه البعض ان حزب الله سوف يلجأ الى التخفيف من وقع الجريمة التي طالت أحد عناصره، إذ بنائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق يؤكد خلال حفل تأبين عيسى في صيدا وعلى مسمع وفد فلسطيني رفيع المستوى جاء مشاركاً في التعزية ان دم الشهيد عيسى لن يذهب هدراً وان القتلة معروفون  وأماكن وجودهم وأسماءهم وانتماءاتهم معروفة، ودعا الى استئصال بؤر الفساد والغدة السرطانية في المخيم قبل ان تنتشر، وانه على القوى الفلسطينية الشريفة القيام بدور مسؤول لقطع الطريق على أهداف المجرمين وتسليمهم الى العدالة. وقال قاووق: لن نترك دماء شبابنا تسفك، وهذا الأمر لن يمر هكذا فهي  الايدي نفسها التي ذبحت وغدرت بجنود الجيش اللبناني، وهذه الجريمة تغدر بظهر المقاومة، وأمام خطورة الاهداف والجريمة نحن أمام موقف مسؤول وعلى القيادات السياسية والأمنية الفلسطينية في مخيم عين الحلوة ان تدرك خطورة ما حصل وان تتحمل المسؤولية دون اي تساهل او تراخٍ وصولاً الى تسليم القتلة الى الاجهزة الأمنية اللبنانية.

 

اللجنة الأمنية الفلسطينية تتعهد بالتعاون

النائب-فضل-الله

في تلك الاثناء دعت اللجنة الأمنية الفلسطينية العليا المصغرة الى عقد اجتماع طارئ داخل مقر الأمن الوطني في عين الحلوة برئاسة اللواء أبو عرب بهدف تعزيز القوة الأمنية المشتركة خلال الايام القليلة المقبلة وتوسعة انتشارها كرسالة حاسمة بعدم السماح بضرب الاستقرار الأمني والعلاقات اللبنانية، وفي هذا الشق علمت <الافكار> من مصادر أمنية لبنانية ان اللجنة تعهدت بالتعامل والتعاون الايجابي مع مخابرات الجيش والعمل على الحصول على أشرطة كاميرات لم تفكك بعد في مكان استدراجه في منطقة التعمير الطوارىء قبل ارتكاب الجريمة وايداعها بيد القضاء المختص. ومن هنا أكد عضو المكتب السياسي لـ<جبهة التحرير الفلسطينية> صلاح اليوسف لـ<الافكار> ان اللجنة أبقت على اجتماعاتها مفتوحة لمواكبة الوضع الأمني في عين الحلوة وسبل تحصينه،وقد اتفق على اتخاذ خطوات عملية وميدانية لجهة تعزيز القوة الأمنية المشتركة واستكمال انتشارها. واضاف: اننا حريصون على الامن والاستقرار الفلسطيني والجوار اللبناني ولن نسمح لأحد ان يعكر صفوه وان التحقيقات في جريمة قتل عيسى المدانة والمستنكرة فلسطينياً سوف تستكمل حتى جلاء كامل الحقيقة ونيل الجناة عقابهم.

 

والقوى الاسلامية ترد ببيان لها

 

القوى الإسلامية في مخيم عين الحلوة دانت بدورها عملية خطف عيسى وقتله واعتبرت ان هذا الفعل يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول توقيت هذا العمل المشبوه والمدان وإلباسه لبوساً اسلامياً جهادياً، مع العلم ان ما كشفته التحقيقات عن شخصين متهمين رئيسيين بهذه العملية وهما خالد كعوش المعروف لدى الجميع بأنه لا علاقة له بأي حركة اسلامية وانه يتاجر بكل ما هو ممنوع، والشخص الثاني وهو ربيع سرحان الذي يعمل لدى كعوش، وان بينهما وبين المغدور تجارة بالسلاح وغيره مستمرة لأكثر من سنة، وان الخلاف بينهم هو بسبب هذه التجارة وعلى مبالغ مالية، مضيفة: اننا في القوى الاسلامية اذ ندين هذا العمل ونستنكره ونعزي أهل الفقيد فإننا نهيب بكل المخلصين الصادقين بتحري الحقيقة وان هذه الجريمة ليست على خلفية اسلامية ولا جهادية، ونطالب جميع الافرقاء بتحمل مسؤولياتهم في الحفاظ على أمن المخيم وسلامة أهله وعلى أمن وسلامة جوارنا اللبناني.

حزب الله لا ينام على دماء عناصره

مروان-عيسى 

يمكن لحزب الله ان يسامح في كل شيء إلا بدماء عناصره. هذا ما هو معروف عن الحزب، وهذا ما أكده ايضاً عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله الذي شدد على وجوب ان يسارع كل معني بأمن مخيم عين الحلوة وكل حريص عليه الى تسليم القتلة لأنه لا يمكن لأحد ان يقبل بأن تمر هذه الجريمة مروراً عابراً. وتابع: اننا كمقاومة وحزب لا تمر الجرائم التي ترتكب بحق مجاهدينا وأهلنا مرور الكرام، ولذلك فإن المطلوب الإسراع بهذه الخطوة حتى تعود الأمور الى سياقها الطبيعي لأن القتلة يجب ان يحاسبوا على فعلتهم أمام الدولة وقضائها ومؤسساتها المعنية بالدرجة الاولى بمنع هذا الانفلات الذي يحصل من خلال هذه المجموعات التي تريد شراً بالفلسطينيين وبمخيماتهم وبقضيتهم، ونحن نعمل دائماً للابتعاد عن الفتنة حتى لا تصيب بشرورها الفلسطينيين واللبنانيين، ولكن هذا لا يعني ان لا يتحمل أبناء المخيم والقوى الشريفة والحرة فيه مسؤولياتهم من خلال منع القتلة من جعل المخيم بؤرة للارهاب ولتصدير الانتحاريين والتكفيريين.

 

أجواء مشحونة تسبقها شائعة اغتيال المقدح

 

انتشار عناصر الجيش اللبناني مع بعض القوى الأمنية على أبواب نهر البارد يؤشر الى الحالة الأمنية الصعبة التي يعيشها هذا المخيم خلال الفترة الحالية. حواجز الجيش تؤدي مهامها على أكمل وجه عند أول حاجز وزحمة السير الخانقة الناجمة عن التفتيش الدقيق يترك ارتياحاً وسط الاهالي والقوى الأمنية الفلسطينية التي تساهم بدورها في بتعزيز الأمن والتنسيق المتكامل مع الجيش. ووسط الغليان النسبي داخل مخيم عين الحلوة انتشرت خلال اليومين المنصرمين شائعات عن محاولة لاغتيال قائد القوة الأمنية المشتركة الفلسطينية في لبنان اللواء منير المقدح داخل منزله الأمر الذي زاد من توتير الاجواء. وفي هذا السياق وصف المقدح في حديث لـ<الافكار> الوضع داخل عين الحلوة بأنه بات أفضل بكثير من السابق خصوصاً بعد انتشار القوة الأمنية الفلسطينية وتعزيز نقاطها داخله، وان الشائعات التي تخرج من هنا وهناك هدفها إشعال المخيم وجعله تحت مجهر المجتمع الدولي على انه بؤرة تحمي الارهاب وتوفر له ملاذاً آمناً، علماً ان ما يحدث بين الحين والآخر لا يتعدى الإشكالات الفردية، لكن هذا لا يعني ان نقف مكتوفي الأيدي وننتظر وصول الفتنة.

وقال المقدح: ان التحقيق في حادثة مقتل الشاب عيسى مستمر والاجراءات الأولية اتخذت، كما ان المشتبه بهم سلموا الى القضاء اللبناني، واليوم أصبح الموضوع لدى الجيش والقضاء واي شخص يرد اسمه سيسلم للدولة والقوى الأمنية. ورداً على سؤال بشأن الفلتان الأمني في حي الطوارئ وعن مدى صحة الوصف بتطبيق أحكام القصاص في هذا الحي على يد متشددين اسلاميين أجاب: حتى الآن هناك قوى اسلامية موجودة وهي ما زالت تحافظ على المنطقة، وعندما نشعر ان الأمر أصبح خارج نطاق السيطرة سنعلن ذلك ولكن حتى الآن القوى الاسلامية تتحمل مسؤولياتها ولها حاجز على مدخل المخيم.

 

حي-الطوارئ-في-عين-الحلوةأهالي عين الحلوة يسألون

يعتبر مخيم عين الحلوة أهم المخيمات في لبنان وأكبرها من ناحية عدد السكان حيث يعيش فيه حسب احصاءات منظمة <الانروا> حوالى 50000 نسمه في حين ترى تقديرات كثيرة ان تعداد سكان مخيم عين الحلوة بلغ حوالى سبعين ألف نسمة او يزيد، وهو أكبرها من ناحية المساحة والحجم والاكتظاظ البنياني، وأهمها كونه يعبر عن التوجه السياسي العام للاجئين الفلسطينيين في لبنان. ففيه أطياف سياسية مختلفة ومتناقضة في اكثر الأحيان، وغالباً ما تتحول فيه هذه الاختلافات او التناقضات الفكرية والعقائدية الى معارك مسلحة على الارض ينتج عنها قتلى وجرحى لكن سرعان ما تعود الأمور الى مجرياتها الطبيعية بين الاخوة.

وما زالت الفصائل المسلحة داخل مخيم عين الحلوة محافظة على سلاحها الكامل وهي التي تعتبر العمل الجهادي ضد اسرائيل عملاً مقدساً وتوليه اهمية كبرى. ومع كل ما يثار حول مخيم عين الحلوة تبقى للاهالي اسئلة مشروعة تتعلق بنظرة العالم كله الى هذه البقعة. لماذا يكتسب هذا المخيم كل هذه الاهمية؟ ولماذا ينظر الينا من منظار واحد وزاوية ضيقة؟ هل هي سياسة مقصودة؟ لماذا يتم التركيز على المخيم من الزاوية الأمنية في حين تهمل عن قصد او غير قصد الجوانب الاخرى؟ وهل ما يحدث في مخيم عين الحلوة سبباً لأمور أخرى، ام هي نتائج لما يعانيه هذه المخيم اصلاً من ظروف لا تحتاج الى تحليل او تقرير؟