تفاصيل الخبر

 هل السباحة في مياه البحر والمسابح آمنة في ظل فيروس "كورونا"؟

29/07/2020
 هل السباحة في مياه البحر والمسابح آمنة في ظل فيروس "كورونا"؟

 هل السباحة في مياه البحر والمسابح آمنة في ظل فيروس "كورونا"؟

بقلم  وردية بطرس

 

رئيسة قسم الأمراض الجرثومية في مستشفى الجامعة الأميركية الدكتورة سهى كنج: على الناس إتباع الاجراءات الوقائية في المسابح والمنتجعات السياحية وأهمها تعقيم الأسطح قبل استخدامها وغسل اليدين والحفاظ على التباعد الاجتماعي

[caption id="attachment_79863" align="alignleft" width="166"] الدكتورة سهى كنج : لا تنتقل العدوى عبر البول و لم نسمع عن حالات إصابة بسبب ارتياد الناس المسابح والشواطىء[/caption]

 هل السباحة في مياه البحر أو المسابح آمنة في ظل انتشار فيروس كورونا المستجد؟ وهل يمكن له أن ينتقل الفيروس الى الناس عبرها ؟ لقد أعلن خبراء الصحة في مركز السيطرة على الأمراض في الولايات المتحدة الأميركية أن فيروس كورونا لا ينتشر عبر الماء. كما أكد هؤلاء أنه لا توجد دلائل على أن السباحة تشكل مصدر قلق، كذلك لا يوجد دليل علمي يؤكد أنها آمنة مئة في المئة... لا يزال الفيروس لغزاً محيراً للعلماء والأطباء إذ لا يعلمون عنه كل شيء، ودائماً ما يفاجئهم في أماكن وأوقات وظروف الاصابة. ورغم أن السباحة آمنة إلا أن محيط الأحواض ليس كذلك، فهذه الأماكن تكون عادة مزدحمة. وفي حال حمل شخص ما الفيروس ولمس أحد الأسطح المشتركة سينقل العدوى الى الآخرين، إذ غالباً ما توجد هذه الأسطح في محيط المسبح أو على الكراسي والطاولات. ومن جهته يرى المجلس الأعلى للصحة العامة في فرنسا أن العدوى أثناء السباحة متصلة بالدرجة الأولى بالمخالطة بين الأشخاص والرذاذ المنتشر داخل الأحواض.

وما إن فتحت المسابح والمنتجعات السياحية أبوابها في لبنان حتى تقاطر بعض اللبنانيين إليها للاستمتاع بموسم السباحة، فكيف يحمي الناس أنفسهم من انتقال العدوى اليهم؟

إرتفاع عدد الاصابات في لبنان

 "الأفكار" تحدثت مع رئيسة قسم الأمراض الجرثومية في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت الدكتورة سهى كنج لتفيدنا ما إذا كانت السباحة في مياه البحر والمسابح آمنة، وما إذا كانت العدوى تنتقل داخل أحواض السباحة وغيرها؟  وسألناها بداية:

* ارتفع عدد الاصابات بفيروس كورونا المستجد في لبنان وأيضاً في العالم، فهل بدأت الموجة الثانية أم أن ذلك بسبب عدم التزام الناس بارتداء الكمامات والتباعد الاجتماعي بعدما فتح البلد؟

- برأيي أن ارتفاع عدد الاصابات بالكورونا التي سُجلت في الأيام الأخيرة ليس ناتجاً عن موجة ثانية بل عن إنفلات، لأن الآتين من الخارج لم يتقيدوا بالقوانين التي وضعتها وزارة الصحة. إذاً الحالات التي رأيناه ناتجة عن الانفلات، اذ لم يتقيّد الناس بقوانين التباعد الاجتماعي، وما إن فتحت المطاعم والمقاهي والملاهي أبوابها وكل الأماكن السياحية حتى رأينا إهمالاً في التقيّد بالقوانين. بالنسبة للمطاعم وغيرها اذا كانت مفتوحة فذلك أفضل بسبب تبدل الهواء فيها باستمرار، بينما في الأماكن المغلقة ينحبس الهواء في الداخل، وبالتالي فإن احتمال نقل العدوى في الأماكن المفتوحة أقل كثيراً من الأماكن المغلقة. ولكن هذا لا يعني أن الجميع لا يلتزم، فهناك أناس يتقيدون بكل الارشادات الوقائية بمسؤولية ووعي، بالتالي لا نستطيع القول إن كل اللبنانيين لا يلتزمون بالارشادات الوقائية.

أعداد المصابين غير دقيقة

* صحيح هناك قلة وعي ومسؤولية عند البعض ولكننا نجد أن البعض الآخر يلتزم بالارشادات كما يجب، لا بل أحياناً يُنظر اليهم بأنهم يبالغون..

- لا أعتقد أن هناك مبالغة من الناس الذين يتقيدون بالارشادات، لأن الأعداد التي تصدر يومياً عن وزارة الصحة هي أعداد غير دقيقة. وبرأيي أن أعداد المصابين هي أعلى من الأرقام المعلنة، فهذه الأعداد هي لمن خضعوا لفحص الكورونا، فإذا أجرينا الفحوصات عشوائياً للبنانيين كما يفعلون في بعض الدول، عندها سنكتشف  أن الأعداد ستكون أعلى من التي يعلن عنها. وإذا بدأنا بإجراء الفحص للناس سنكتشف على الأقل مئات الحالات المصابة بالفيروس، وبخاصة أن 40 في المئة من الحالات ممكن ألا تظهر عليها الأعراض، اي أن الأشخاص مصابون بالفيروس ولكن لا تظهر عليهم الأعراض.

* بالنسبة للأشخاص الذين أصيبوا ولكن لم تظهر عليهم الأعراض فهل يمضي الأمر وكأنه لم يحصل شيء، أم أنه سيترك أثراً على أعضاء الجسم مثل الرئة والقلب وغيرهما؟

- أعتقد أن الأشخاص الذين التقطوا الفيروس ولم تظهر عليهم الأعراض سيمر الأمر، ولكن السؤال الذي لا نعرف جوابه حتى الآن هو: هل الشخص الذي لا تظهر عليه الأعراض ستتعزز المناعة لديه فلا يلتقط الفيروس لاحقاً ؟ لغاية الآن لا نعرف جواباً عن هذا السؤال، ولا تزال هناك دراسات حول الموضوع. وتبين من خلال بعض الدراسات أنه كلما كانت كمية المضادات التي يحتويها الجسم كثيرة كلما كانت فترة المناعة أطول، والعكس صحيح. وتسمى هذه المضادات المقاومة ANTIBODIES ، ولكن لا أعتقد في الوقت الراهن أن هناك أحداً يستطيع أن يجيب عن هذا السؤال.

*  في المرحلة السابقة عندما كانت تُسجل 10 أو 20 حالة في اليوم كان الناس يشعرون بالذعر والخوف، بينما اليوم تُسجل يومياً حوالى مئة إصابة وأكثر، فهل عدد الاصابات مقارنة مع عدد السكان في لبنان مؤشر خطير بأن الفيروس ينتشر أكثر في هذه الفترة؟

- هذا الأمر ليس مؤشراً خطيراً، ولكن أود القول إن أكثر الحالات التي نعتبرها أعداداً كبيرة توجد في بؤر. يعني مثلاً سُجلت حوالي 20 أو 22 إصابة في الصليب الأحمر وبذلك تحولت الى بؤرة، وهذا يعني إذا أصيب شخص بالفيروس ونقله الى أشخاص من حوله

[caption id="attachment_79862" align="alignleft" width="400"] ويبقى الأساس في المسابح إتباع الاجراءات الوقائية.[/caption]

نعتبر ذلك بؤرة، كما حصل مع عمال شركة التنظيف إذ أًصيب 130 عاملاً بالفيروس لأنهم يقيمون في المكان نفسه حيث يتشاركون الطعام والنوم. إجمالاً أكثر الاحصائيات الآن تشير الى أنه يجب معرفة عدد الحالات الجديدة ضمن مئة ألف مواطن لنستطيع أن نقارنها، لأن هناك دولاً فيها 50 مليون مواطن وهناك دول فيها 5 ملايين مواطن، وبالتالي فإن مئة اصابة بهذه الدولة ليست هي نفسها  في دولة أخرى نظراً لاختلاف عدد السكان، وعندما ننظر الى سرعة انتشار المرض أو كم سُجلت وفيات لدى المصابين بالفيروس علينا أن ننظر أيضاً الى عدد الوفيات ضمن مئة ألف مواطن لكي تكون لدينا أرقام نقدر أن نقارنها ببعضها البعض بين دولة ودولة أخرى.

* عدد الوفيات التي سُجلت هي منخفضة في لبنان، فهل هذا الأمر يدل على أن الفيروس لا يفتك بالمصابين كما حصل في دول أخرى؟

- بصراحة إذا نظرنا الى الاحصائيات في العالم ككل فإن 1 في المئة من المصابين يموتون جراء إصابتهم بهذا الفيروس، وعندما نقول 1 في المئة أي نجمع كل الأعمار، فنسبة صغار السن هي 0.1 في المئة، وربما تكون نسبة كبار السن 5 أو 6 أو 7 في المئة، ولكن بالاجمال إذا جمعنا نسبة كل المصابين فإن عدد الوفيات يصل الى 1 في المئة، وهذا يعني طبعاً أن نسبة الوفيات بفيروس كورونا أعلى من نسبة وفيات الفيروسات الأخرى، ولكن ليس كما حصل مع فيروس (ايبولا) الذي وصلت نسبة الوفيات بسببه الى حوالى 90 في المئة.

فيروس كورونا وسرعة الانتشار

* بالاشارة الى فيروس "ايبولا" فلقد أودى بحياة أعداد كبيرة من المصابين أكثر من الكورونا، ولكن لماذا أثار فيروس كورونا الذعر والهلع لدى الناس أكثر؟

- هذا صحيح وذلك لأن فيروس كورونا المستجد سريع الانتشار، اما بالنسبة لـ"الايبولا" فإن الشخص يتعرض للاصابة به إذا وجد في المناطق الموبؤة او حصل اتصال مباشر مع المريض المصاب بالفيروس. أما بحالة الكورونا المستجد فلقد انتشر الفيروس في كل دول العالم وليس في بلد واحد وهنا تكمن خطورته. ولكن طبعاً يجب أن يتقيد كل شخص بالاجراءات الوقائية، الا أن فيروس كورونا ليس فيروساً قاتلاً بنسبة 50 أو 60 أو 70 في المئة، اذ نتحدث عن نسبة وفيات 1 في المئة وهو رقم منخفض.

هل السباحة في مياه البحر آمنة ؟

* يرتاد اللبنانيون الشواطى والمسابح والمنتجعات بعدما فتحت أبوابها، كاختصاصية في الأمراض الجرثومة أيهما آمن أكثر السباحة في مياه البحر أم المسابح؟ وأين تكمن خطورة انتقال العدوى في البحر أم المسابح؟

- فلنبدأ بالبحر: أولاً: كما نقول دائماً إن مياه البحر في السواحل اللبنانية ليست كلها نظيفة وذلك بسبب تحويل مياه المجارير الى أماكن قريبة من أماكن السباحة، وبالتالي هناك البكتيريا والفطريات وأمور أخرى التي ممكن ان تنقلها مياه البحر، ولهذا دائماً اذا كان علينا ان نسبح في مياه البحر، يجب أن نسبح في المناطق البعيدة قدر المستطاع عن المجارير. ثانياً: إجمالاً أن المياه المالحة تنقل الفيروس أو البكتيريا أقل من المياه الحلوة لأن الملح العادي مثل المعقم، ولكن بالرغم من ذلك نظل نرى حالات (سالمونيلا) في فصل الصيف لأن المياه تكون ملوثة بكمية عالية بسبب المجارير. اجمالاً الفيروسات تعيش في المياه المالحة أقل من المياه الحلوة لأنه كما ذكرت الملح مثل المعقم.... ولكن على شاطىء البحر يجب أن يطبق الناس  الاجراءات نفسها بما يتعلق بالتباعد الاجتماعي، فلا تكون الكراسي التي يجلسون عليها قريبة من بعضها البعض، اذ يجب على كل عائلة ان تجلس بعيدة عن العائلة الأخرى أقله على مسافة متر ونصف المتر أو مترين. ولأن المسابح في الهواء الطلق فلا حاجة لارتداء الكمامة. وأيضاً من الأفضل قبل أن يضع الشخص أغراضه على الكرسي أو الطاولة أن يعقمها، إذ إنه ممكن أن تنتقل العدوى للآخرين من خلال لمس الأسطح الملوثة، ولهذا يُفضل مسح الأسطح الملوثة بالمعقمات قبل استخدامها. وبهذه الحالة يحمي الناس أنفسهم من العدوى.

ضرورة ارتداء الكمامة أثناء الدخول الى الشواطىء

[caption id="attachment_79864" align="alignleft" width="444"] مدى خطورة السباحة في زمن "كورونا"[/caption]

* وماذا عن رمل الشواطىء، فهل يمكن انتقال العدوى إذا بصق أحدهم على الرمل وما شابه؟

- لا يعيش الفيروس في الرمل طويلاً مع ارتفاع حرارة الشمس في الصيف، وبذلك يكون احتمال انتقال العدوى قليلاً جداً. ولكن يجب الانتباه لأمر أنه منذ لحظة دخول الشخص الى المسبح الى أن يصل الى الرمل والبحر هناك خطوات عدة عليه أن يتبعها، فمثلاً يجب ألا يلمس أشياء ملوثة لحين وصوله الى مياه البحر، ويجب ارتداء الكمامة أثناء الدخول الى المسبح لحين الوصول الى المكان في الهواء الطلق، وطبعاً نظافة اليدين أمر أساسي. وطبعاً الاجراءات التي تُتخذ أثناء تناول الطعام في المطاعم يجب أن تُتبع تماماً في مطعم البحر أيضاً، أي نظافة اليدين والالتزام بالتباعد الاجتماعي، والتأكد بأن الشخص الذي يقدم له الطعام يضع الكمامة أيضاً. ولكن يجب أن ننتبه لأمر وهو أنه في بعض المسابح هناك بارات للمشروبات لذا يجب أن يتنبه الشخص بألا يجلس عليها ما لم تكن معقمة. وحتى لو أن هناك دراسات أظهرت أن الفيروس يعيش في البراز ولكن هذه الدراسات مبنية على فحوصات جينية، بما معناه لغاية الآن لا نعلم بأن الفيروس يعيش في البراز، ولكننا نعلم بأن هناك أمور جينية ولكن ليس فيروس حي.

 الاجراءات الوقائية

* وماذا عن الاجراءات التي يجب أن يتبعها الناس في المسابح الخاصة والمنتجعات السياحية؟

- الاجراءات هي نفسها، اي ارتداء الكمامات، ونظافة اليدين، وألا يلمس الشخص الأبواب أو المقابض من ثلم يلمس وجهه لحين الوصول الى الكرسي، وطبعاً يجب أن يقوم بتعقيم الكرسي والطاولة قبل أن يستخدمها. أما بالنسبة للمياه داخل المسبح فيجب على المسؤول عن المسبح أن يتولى اضافة الكلور بالنسبة المطلوبة الى المياه، اذ على الأقل يجب أن يُضاف الكلور بين 2 الى 4 في المئة، على أن تتغير المياه دورياً، لأن الكلور المركزة بنسبة 0.5 وما فوق تقتل الفيروس. ولكن بهذه الحالة يجب التأكد بأن هناك شخصاً يتولى القيام بهذا الأمر وأن يراقب معدل نسبة الكلور في المياه الى ما هنالك...

أهمية الكلور في أحواض السباحة

* وهل الكلور يحمي الأشخاص من انتقال العدوى عبر البول او البصق؟

- لا تنتقل العدوى عبر البول، ولكن أيضاً إذا كان المسبح مكتظاً بالناس عندها تنتقل العدوى، لأنه بالنتيجة كأي مكان مكتظ بالناس ولا أحد يتقيد بالتباعد الاجتماعي عندها تنتقل العدوى لأن المسافة بين بعضهم البعض قريبة جداً، وبالتالي من خلال النفس ينتقل الفيروس من شخص لآخر، وبهذه الحالة لا تعد المياه هي التي تنقل العدوى بل من خلال النفس. وكما ذكرت أنه يجب أن يجلس الأشخاص او العائلات على مسافة متر ونصف المتر أو المترين حفاظاً على سلامتهم. وطبعاً عدم لمس الوجه بعد استخدام أشياء من حوله اذا لم تكن معقمة. وكل هذه الأمور تحدثنا عنها في الأشهر الماضية لتفادي انتقال العدوى بين الناس، وطبعاً انتقال العدوى من خلال النفس أكثر بكثير من انتقالها عن طريق لمس الأشياء.

* يذكر دائماً أنه سُجلت إصابات على اثر مشاركة الأشخاص في الأعراس والحفلات أو الجنازات وما شابه، ولكن لم تُسجل إصابات بسبب ارتياد الشواطى والمسابح فما تعليقك؟

- لغاية الآن لم نسمع عن إصابات بسبب ارتياد الناس المسابح والشواطىء، طبعاً في الأسبوعين الأخيرين سُجل عدد كبير من الاصابات في بعض المستشفيات، ولكننا كنا نتوقع ذلك بصراحة. فمثلاً عندما يقصد بعض المرضى المستشفيات لا يعلمون الأطباء أنهم كانوا خارج لبنان، وبالتالي فإن انتقال العدوى في المستشفيات كان متوقعاً. ولكن لغاية اليوم والحمد لله لم تُسجل إصابات في المسابح .

* هل تعتقدين أن بعض العادات في المجتمع اللبناني قد تغيرت بسبب جائحة الكورونا مثل عدم المصافحة أو العناق أو القبلات عند الالتقاء ببعضهم البعض، إذ نرى البعض يلتزم بكل هذه الارشادات ولكن البعض الآخر لا يطبقها؟

-  لا شك أن قسماً كبيراً من اللبنانيين يتمتعون بالوعي وحس المسؤولية وقد غيّروا عاداتهم نهائياً، أي لا يتبادلون القبل والعناق. لا نريد أن نجزم بأن كل الناس لا يتقيدون بالارشادات الوقائية، فلو لم يكن اللبنانيون يتقيدون بالارشادات لكان عدد الاصابات أعلى بكثير مما يُسجل اليوم. ويبقى أن نقول إن التقيد بالارشادات الوقائية تحمي من الاصابة بهذا الفيروس.