تفاصيل الخبر

هكذا ينتشر "داعش" ويهدّد لبنان!

08/01/2016
هكذا ينتشر "داعش" ويهدّد لبنان!

هكذا ينتشر "داعش" ويهدّد لبنان!

بقلم علي الحسيني

الجيش-في-محيط-شبعا

<الدولة الاسلامية في العراق والشام> أو <داعش> هو تنظيم مسلح يُوصف بالإرهاب، يتبنى الفكر السلفي الجهادي، ويهدف أعضاؤه إلى إعادة ما يسموه <الخلافة الاسلامية> وتطبيق الشريعة، ويتخذ من العراق وسوريا مسرحاً لعملياته برئاسة زعيمه أبو بكر البغدادي.

 

بداية التكوين

بدأ تكوين <داعش> في العراق يوم 15 تشرين الأول/ اكتوبر 2006 إثر اجتماع مجموعة من الفصائل المسلحة ضمن معاهدة <حلف المطيبين> وقد تم وقتئذٍ اختيار أبا عمر زعيما للتنظيم قبل أن يخلفه ابو بكر البغدادي اثر مقتل الاول خلال عملية عسكرية قامت بها القوات الاميركية بالتعاون مع الجيش العراقي في منطقة <الثرثار> استهدفت خلالها منزلاً كان يوجد فيه كل من ابي عمر البغدادي وابي حمزة المهاجر الذي قُتل هو ايضا بالعملية ذاتها. ويُمكن القول ان عهد أبي بكر البغدادي شهد تحوّلاً وتوسعاً في مستوى العمليات وتنوّعها مثل عملية البنك المركزي العراقي، وزارة العدل، واقتحام سجني أبو غريب والحوت.

 

<داعش> في مواجهة الجميع

حقق تنظيم <داعش> الذي يقاتل الجيش السوري والقوات الكردية والمعارضة المسلحة والكتائب الإسلامية المناوئة له والعشائر السنية مكاسب ميدانية سريعة في سوريا خلال الفترات الماضية، وها هو اليوم يستكمل مسلسل احتلاله للمزيد من الاراضي السورية، الامر الذي يدعو الى التساؤل حول مدى قوّة هذا التنظيم العسكرية ومدى قدرته على فتح عدد من الجبهات في آن واحد، بما فيها جبهة جرود عرسال عند سلسلة لبنان الشرقية حيث توجد ألوية تابعة للجيش اللبناني ومجموعات مسلحة تابعة لـحزب الله، وهناك من يعتبر ان هذه الجبهة لا تقل اهمية بالنسبة الى <داعش> عن المناطق الاستراتيجية التي يسعى للسيطرة عليها سواء في سوريا او العراق، وربما تزيد عنها اهمية خصوصا وانه في حال سيطرته عليها سيتمكن من التمدد باتجاه عكار ليكون له منفذ على البحر.

توحيد بندقية المعارضة

في وجه <داعش>

اثار تنامي النفوذ الميداني الإسلامي في سوريا وتحديدا تنظيمي <داعش> و<جبهة النصرة> في المناطق المحررة من سيطرة النظام السوري، مخاوف المجتمع الدولي والمعارضة السورية، التي كانت تجد نفسها مضطرة أحيانا لمواجهة <الكتائب الإسلامية> في موازاة مواجهتها للقوات النظامية. وقد دفع هذا الواقع رئيس الحكومة السورية المؤقتة (حكومة المعارضة) أحمد طعمة، في أولى تصريحاته بعد انتخابه، الى التعهد بمواجهة مقاتلي تنظيم القاعدة في المناطق المحررة الى ان وصل اليوم الذي توحدت فيه بندقية المعارضة السورية لاقتلاع <داعش> وتوابعها من المناطق السورية، وتحديداً في درعا ومدينة حلب وريفها لأسباب كثيرة من ضمنها عدم الاتفاق على مبادئ القتال، وتكفير <داعش> لبعض الكتائب المعارضة وقتل عناصر منها وخصوصاً من عناصر <الجيش الحر>، وانطلاقه من أجندة جهادية إسلامية لا تعنيها قيم الثورة ضد النظام بقدر ما يعنيه تحقيق هدفه الاساس وهو تأطير الحراك الإسلامي تمهيدا للوصول إلى <الخلافة الاسلامية>، ناهيك عن تدخله في الحياة العامة للمواطنين السوريين وفرضه قيوداً على السكان الذين يحاولون باستمرار اللجوء إلى الفصائل العلمانية لحمايتهم من سلطة <داعش> واخواته.

 

<بييريه>: تصرفات <داعش>

حزب-الله-جاهزون-مع-الجيشلا تُحتمل

الخبير في شؤون الجماعات الاسلامية في سوريا <توما بييريه> يشير الى أن تصرفات <الدولة الاسلامية في العراق والشام> باتت لا تُحتمل بالنسبة لغالبية المجموعات المسلحة لاسيما محاولات الاستحواذ على المناطق الحدودية، ما يقطع الممرات اللوجستية للمقاتلين المعارضين، وان العديد من المجموعات أرادت منذ زمن طويل التحرك ضد <داعش>، الا أنها كانت تواجه بممانعة <حركة احرار الشام> التي كانت تتعاون بشكل وثيق مع <الدولة الاسلامية>. ويعتبر <بييريه> أن هذه الحركة، وهي أحد ابرز مكونات <الجبهة الاسلامية>، اعطت على الارجح الضوء الاخضر لهذه المعارك اثر هجوم <داعش> على إحدى قواعدها قرب حلب واعدام الطبيب الذي كان ينتمي الى الحركة، ما جعل المجموعات المختلفة تخرج عن تحفظها على مهاجمة التنظيم، الأمر الذي تمثل بالادانات لتصرفات <الدولة الاسلامية> الصادرة عن عدد من العلماء، ومن بينهم رجال دين قريبون من الايديولوجية الجهادية.

خريطة سوريا الجديدة

لم تعد خريطة سوريا كما كانت في زمن حكم حزب <البعث العربي الاشتراكي> احد اهم ركائز النظام السوري، بل انقسمت اليوم الى ثلاث دويلات: الأولى نظامية والأخرى ثورية والثالثة تابعة لتنظيم <داعش>. ويتقاسم النظام السوري والمعارضة السورية الممثلة بـ<الجيش السوري الحر> ومعه <جبهة النصرة> وبعض الحركات الاسلامية السيطرة ولو بأشكال متفاوتة على مناطق في حلب الرقة، دير الزور، أدلب، الغوطة الشرقية، درعا وحماه، في الوقت الذي وسّع <داعش> نطاق سيطرته في الآونة الأخيرة على مناطق عدة في القامشلي والحسكة والرقة دير الزور وبعض مناطق الارياف، مع الاخذ بعين الاعتبار الانسحابات التكتيكية التي تجريها القوى المتصارعة بين الحين والآخر. ومن جهة أخرى تسيطر قوات النظام وحزب الله بشكل مطلق على عدد من المدن الكبرى والمحافظات. كما توضح الخارطة العسكرية في سوريا ان قوات النظام تسيطر على معظم المدن في المحافظات الكبرى باستثناء الرقة، فيما فقدت السيطرة على جزء كبير من الأرياف أهمها في حلب وأدلب وحماه شمالاً ودير الزور شرقًا ودرعا جنوبًا والغوطة الشرقية لدمشق.

اما في الريف الشمالي فتسيطر وحدات الحماية الكردية على ثلاث مدن رئيسية، وتمكنت من إبعاد مقاتلي المعارضة عنها، فيما يسيطر <داعش> على المدن الواقعة شرق حلب وهي الباب، منبج، سد تشرين وجرابلس التي تربط مناطق نفوذها بالرقة، وتُعد أبرز معاقل التنظيم الذي تقدم من خلالها باتجاه أرياف الحسكة ودير الزور بعد قتال عنيف مع <الجيش الحر> و<الكتائب الإسلامية> و<جبهة النصرة>.

 

اهم المدن التي تقع تحت سيطرة <داعش>

 

ولاية الرقة وهي تخضع كاملة للتنظيم، ريف حلب ولاية حلب من خلال السيطرة على مدينة جرابلس الواقعة على الحدود مع تركيا، ومدينة الباب، ومدينة مسكنة ومدينة منبج، وريف الحسكةـ وولاية البركة من خلال سيطرته على الشدادي ومركدة، ريف دير الزور ولاية الخير بعد السيطرة على الصور والبصيرة والريف الغربي لدير الزور المتصل مع الرقة، بلدة خشام، كما عزز <داعش> سيطرته على الريف الشمالي المتصل مع الحسكة خلال الأسبوعين الماضيين، وريف حمص الشمالي ولاية البادية بعد سيطرته على منطقة الشاعر في البادية ومدينة الشولا.

 

في-صحراء-العراقمن اين يأتي المقاتلون الى سوريا؟

وصول المقاتلين الى سوريا هو امر تتشارك فيه دول عدة وبمباركة من اسرائيل التي لا تتوانى عن تقديم التسهيلات واللوجستيات والاستشفاء لمقاتلي <داعش> و<جبهة النصرة>. كما لا تزال تركيا تُعتبر اللاعب الابرز في الحرب الدائرة في سوريا، فهي لا تكتفي بتأمين الممرات واماكن للمعارضين بل تضيف الى خدماتها وسائل نقل جوية حيث تقوم بمساعدة المقاتلين الاجانب الذين يأتون من دول عدة وينتمون الى تنظيمات وبلدان مختلفة منها اليمن وليبيا الى داخل اراضيها، ومن ثم يُصار الى نقلهم جوا الى القواعد الاميركية والبريطانية في الاردن وتحديدا في منطقة الزرقاء، على ان تلي هذه المرحلة مرحلة التدريبات العسكرية على يد جنود اميركيين وبريطانيين قبل البدء بالتسلل الى سوريا فلبنان عبر الممرات غير الشرعية. وبعد عمليات التدريب يتوجه العناصر الى الجولان، وغالباً ما يسلكون من الزرقاء في الاردن الى الجولان مباشرة حيث يكون ممرهم من الجهة التي يسيطر عليها العدو الاسرائيلي.

 

كيفية وصولهم الى الحدود اللبنانية

تقول مصادر امنية لـ<الافكار> ان الخطوط الممتدة من اماكن تجمع الارهابيين وصولا الى الحدود اللبنانية قد تبدو مستحيلة بالمنطق، خصوصاً وان المناطق التي يجري اجتيازها تقع تحت سيطرة النظام السوري، لكن هذا لا يعني استحالة عبورهم كونه يوجد خطان سالكان للوصول الى النقاط المحددة.

الخط الاول هو الذي جرى تداوله بين الاجهزة الامنية والسياسيين والذي يبدأ بتوجه المقاتلين من محافظة الرقة وهي المنطقة التي يسيطر عليها <داعش> وفيها العدد الاكبر من مقاتليه الى منطقة خناصر ثم الى طريق السلمية في محافظة حماه وصولا الى بلدة سكرة في حمص، سالكين واحدة من هذه البلدات في حمص القريتين او مهين او صدد وتؤدي جميعها الى بلدة دير عطية وهي بلدة حدودية تقع بين جبال القلمون وسلسلة جبال لبنان الشرقية، وهناك خمس نقاط مقسّمة بين جيش الدفاع السوري والجيش السوري، ومن هناك الى سلسلة لبنان الشرقية.

أما خط الامداد الثاني الذي قد يكون سلكه المسلحون هو الحدود العراقية السورية، ويبدأ من معبر <البوكمال> حيث يسيطر <داعش> على هذه النقطة، وهنا لا بد من الاشارة الى ان توافد مقاتليه جرى منذ اسابيع اي قبل قصف الجسر الذي يربط العراق بسوريا ثم توجهوا الى البادية السورية على اطراف تدمر وصولا الى درعا في محافظة حوران، فعدرا العمالية التي تقع على تخوم الغوطة الشرقية وهي كانت تقع تحت سيطرة المعارضة قبل ان يعود ويسطير عليها الجيش السوري، فوصولاً الى داريا المنقسمة تحت سيطرة النظام و<داعش>، ومن داريا الى وادي بردى في دمشق ومنها الى سلسلة لبنان الشرقية.

والجدير ذكره ان كل الخطوط هذه سواء من الرقة او <البوكمال> تؤدي الى الحدود اللبنانية وان استغرقت عملية الانتقال اسابيع، وهي الممرات المتاحة الوحيدة التي يستطيع المقاتلون ان ينتقلوا عبرها في امان، وها هكذا-كان-البغداديهم اليوم باتوا يشكلون امراً واقعاً على حدودنا.

مصادر في حزب الله: نحن والجيش متأهبان

 

مصادر عسكرية في حزب الله اكدت ان عيون الجيش والحزب اكثر من متيقظة عند المناطق اللبنانية المحاذية لقرى العرقوب القريبة نسبيا من الجولان وجبل الشيخ. ومن المتوقع ان تقوم العناصر الارهابية وبمساعدة من وحدات من <الكوماندوس> الاسرائيلي باقتحام بعض البلدات اللبنانية، على ان تكون انطلاقتهم من هضبة الجولان الى لبنان بمحاذاة انتشار قوات حفظ السلام، وقد استطاعت <جبهة النصرة> مؤخرا السيطرة على بعض المناطق عند هذه النقاط كما بات علمها يرفرف الى جانب العلم الاسرائيلي. ومن الجولان يكون الهجوم الى سلسلة لبنان الشرقية، وهناك الكثير من الممرات غير الشرعية والمفتوحة على قرى لبنانية. وهكذا يكون الهجوم الاول من الجنوب نحو منطقتي شبعا وكفرشوبا.

اما الهجوم الثاني بحسب المصادر، فمن المتوقع ان يكون من الجولان الى جبل الشيخ فعين عطا التي تحيط بها مناطق درزية سورية فراشيا الوادي، مما يسهل على المقاتلين فتح الحدود واقامة مناطق آمنة لهم. وبذلك يكون المقاتلون امام ممرات مختلفة لمحاصرة الحدود اللبنانية من جهات متعددة، والتسلل الى داخل لبنان، وفتح معركة مع الحزب والجيش على نطاق واسع. وهنا تجدر الاشارة الى ان اكثر من سبعة آلاف مقاتل لـ<داعش> و<جبهة النصرة> يتوزعون على الحدود اللبنانية ينتظرون ساعة الصفر للدخول الى لبنان او للتوجه الى المعركة الكبرى في دمشق.