تفاصيل الخبر

هكـــذا رســم وزيــــر الـصـحــــة وائــــل أبــو فـاعــــور خـارطــــة طـريـــق الـتـغـطـيـــة الاسـتـشـفـائـيـــة للـمـسنـيـــن!

21/10/2016
هكـــذا رســم وزيــــر الـصـحــــة وائــــل أبــو فـاعــــور خـارطــــة طـريـــق الـتـغـطـيـــة الاسـتـشـفـائـيـــة للـمـسنـيـــن!

هكـــذا رســم وزيــــر الـصـحــــة وائــــل أبــو فـاعــــور خـارطــــة طـريـــق الـتـغـطـيـــة الاسـتـشـفـائـيـــة للـمـسنـيـــن!

 

بقلم طوني بشارة

SAM_0422-----2

تفيد الأرقام والدراسات بأن جميع اللبنانيين يستفيدون من التغطية الاستشفائية من قبل وزارة الصحة والتي تقدر بنحو 95 بالمئة من الفاتورة في المستشفيات الحكومية، و85 بالمئة في المستشفيات الخاصة، كما ويبلغ عدد الأشخاص غير المشمولين بالصناديق الضامنة مليونين و121 ألف شخص، اما عدد المرضى الذين تمت معالجتهم على نفقة الوزارة فيقدر بنحو 170 ألفاً، بما يشكل 8 بالمئة من الأشخاص الذين يحق لهم الإفادة من تغطية الوزارة، علما ان البعض منهم يدخل المستشفى أكثر من مرة، مما يعني ان هناك 254 ألف حالة دخول سنويا، وبهذا يكون عدد حالات الاستشفاء نسبة الى عدد المواطنين 12 بالمئة، أما بالنسبة الى الذين تتجاوز أعمارهم الـ64 عاماً فيقدر عددهم بـ114 ألفاً، منهم 31 ألف شخص يحتاجون الى دخول المستشفى سنوياً، بما يشكل نحو 27 بالمئة أي ان عدد المرات التي تدخل فيها هذه النسبة الى المستشفى هــــو 55 ألـــف مرة، ويبدو واضحــــــاً من الأرقـــــام ان كلفة الاستشفاء العــــــادي على نفقـــــــة الوزارة تقـــــدر بنحـــــو 349 مليــــار ليرة سنويــــــا أي 55 بالمئة من موازنة الوزارة، بينها 107 مليارات ليرة للذين هم فوق سن الـ64 أي 17 بالمئة من موازنة الوزارة فيما يدفع هؤلاء 17 مليار ليرة من جيبهم الخاص.

التغطية الصحية الشاملة، هل هي

لمصلحة المواطن ام الغاية منها تحقيق

 مكسب سياسي؟

 انطلاقاً من هذه الأرقام سعى وزير الصحة أبو فاعور الى إقرار التغطية الصحية الكاملة لمن هم فوق سن الـ64، فهل ان قراره نابع من اهتمامه بصحة المواطنين؟ أم ان ملف الصحة بات بالنسبة للوزير، بمنزلة مادة دسمة لتحقيق مكسب سياسي لحزبه او لطائفته؟ علماً ان الوزير شربل نحاس وزير العمل السابق كان قد رفع مشروعاً للتغطية الصحية الكاملة والشاملة لجميع اللبنانيين الى مجلس الوزراء، ويومئذٍ تحالفت جميع قوى السلطة لاسقاطه ومن ضمنها من يسعى حالياً لتنفيذه، وقد اقترح نحاس تغطية الكلفة الإضافية عبر استحداث مطارح ضريبية تطاول الأرباح غير المرتبطة بعوامل الإنتاج.

وأياً تكن الغاية من وراء تطبيق هذا القرار، فهل من الممكن تنفيذه بحذافيره؟ ومن اين سيتم الحصول على مصادر التمويل؟ وما موقف المستشفيات والمعنيين بهذا القرار؟

أبو فاعور ومشروع كمال جنبلاط

 الوزير أبو فاعور اعتبر هذا المشروع الأول من نوعه في تاريخ الجمهورية اللبنانية التي رغم جهود حكوماتها السابقة لم تنجح في الالتفات الى الشريحة الاجتماعية التي هي أكثر قلقاً على وضعها الطبي، وقال أبو فاعور: أرى في هذا المشروع وكأنني أحقق ما ناضل في سبيله منذ زمن الحزب التقدمي الاشتراكي الذي كان مؤسسه المعلم كمال جنبلاط أول من نادى بمفهوم الوظيفة الاجتماعية للدولة، وفي طليعة ركائز هذه الوظيفة الرعاية الصحية والاستشفائية، هذا المشروع هو هدية وليد بيك والحزب للبنانيين، ولولا دعم الرئيس جنبلاط والمواكبة المستمرة من الرئيس تمام سلام وحماسته لهذا المشروع ما كان ليبصر النور.

أبو فاعور: من المعيب ان يكون المواطن في القرن الحادي والعشرين خارج نظام الرعاية الصحية.

وأكد أبو فاعور بأن الدولة اثبتت وتثبت أمام كل منعطف انها تستطيع أن تخدم الشعب اذا ما حزمت أمرها وحسمت خياراتها الاجتماعية، وهي بذلك تحقق دورها الأساسي في خدمة المواطن ولا منة لها بذلك، وشدد على انه لا يجوز أن يكون أي مواطن خارج نظام الرعاية الصحية في القرن الحادي والعشرين، وعدم القبول تحت أي ظرف من الظروف ان يذل المواطن اللبناني خصوصاً المسن أمام أبواب المستشفيات.

ونوه أبو فاعور بأن هذه الخطوة ستساهم في ردم الهوة السحيقة بين المواطن والدولة التي عززها الأداء السلبي وبعض القوى السياسية وكرستها حالات الفساد التي تنهش الواقع اللبناني من مختلف جوانبه.

وعن مزايا المشروع وكيفية تأمين التمويل له أشار أبو فاعور: لا يخفى على أحد بأن الإنفاق على الصحة في لبنان انخفض من 12,4 بالمئة من قيمة الناتج المحلي عام 1998 الى 7,4 بالمئة اليوم مع تحسين في الخدمة الصحية، وشدد على ان حصة الدولة من هذا الانفاق هي 31 بالمئة والباقي تتحمله المؤسسات الخاصة، وأكد أبو فاعور بأن لبنان تمكن مع 16 دولة من تحقيق اهداف الالفية في تخفيض وفيات الأمهات بنسبة 75 بالمئة والأطفال بنسبة 60 بالمئة.

أبــو فاعــــور:التغطيــــة ستكون من الوفر الذي

احدثـــه تعزيــــز الرعاية الأولية

سليمان-هارون-------3 

واستطرد أبو فاعور: يتطبب على حساب وزارة الصحة حوالى 51 بالمئة من اللبنانيين المقيمين ويدخل حوالى 8 بالمئة منهم سنويا الى المستشفيات، وتبلغ حالات الاستشفاء (كون بعضهم ويدخل اكثر من مرة) ما نسبته 12 بالمئة، اما من هم فوق الـ64 عاماً فيبلغ عددهم 113 ألفاً و988 مواطناً، يمرض من بينهم 30 ألفاً و893 شخصاً سنوياً (أي 27 بالمئة منهم)، ويدخل هؤلاء أي الـ27 بالمئة 54 ألفاً و729 مرة للاستشفاء، وهذا ما يعادل 4 مرات المعدل العام لدخول المستشفى لمن هم خارج هذه الشريحة العمرية.

وتابع أبو فاعور: تبلغ تكلفة استشفاء من هم فوق الـ64 من العمر، 107 مليارات ليرة و385 مليوناً قياساً لنسبة الـ85 بالمئة التي كانت تدفعها الوزارة، وستزداد هذه الكلفة بنسبة 15 بالمئة بعد التغطية الكاملة، وهو ما كان يشكل 17 بالمئة من موازنة الوزارة، وكان هؤلاء يدفعون 17 مليار ليرة من جيبهم الخاص لتكملة استشفائهم على حساب الوزارة، وهو ما ستتولاه هذه الأخيرة بعد هذا المشروع، وتبلغ كلفة هذه النسبة 2,7 بالمئة من الموازنة الاجمالية للوزارة ككل، علما ان تعزيز الرعاية الأولية احدث وفرا بنسبة 7,4 بالمئة من الكلفة، كما ان تطوير قاعدة المعلومات الموحدة للمستفيدين من الجهات الضامنة سمح بتجنب الازدواجية في التغطية الصحية، كما ومكن من إعادة تصنيف المستشفيات ليس فقط بالنسبة لجودة الخدمات ومؤشر مدى رضاء المريض وانما عبر وضع مؤشرات تتعلق بتعقيد وجدية الحالات الاستشفائية لتخفيض كلفة الاستشفاء غير المجدي او الحالات التي لا تحتاج الى استشفاء، وسيطبق المشروع في المستشفيات الحكومية والخاصة ويبقى للمريض حرية الاختيار.

هارون والعراقيل الطبيعية للتطبيق

أما نقيب أصحاب المستشفيات  الخاصة سليمان هارون، فأكد بدء المستشفيات تطبيق التغطية الصحية بنسبة 100 بالمئة للمواطنين البالغين من العمر 64 عاما وما فوق، لافتا الى وجود بعض العراقيل الادارية والتي وصفها بالطبيعية خلال المرحلة الاولى من بدء التطبيق، لكنه أوضح انه لا توجد معوّقات مهمّة أمام التطبيق.

وأوضح هارون «ان التعاقد مع شركات تدقيق متخصصة كان مطلباً اساسياً بالنسبة لنا»، شارحاً ان عمل الشركات يرتكز على تطبيق آلية القبول التي تم وضعها وفق معايير محددة تسمح بالدخول الى المستشفيات.

وقال هارون : لا تستدعي كل الحالات التي تأتي الى المستشفيات الدخول الى الاستشفاء، بل ان بعضها يمكن ان يلجأ الى الطبابة الخارجية عبر الفحوصات والأدوية، وبعد التشدد في تطبيق آلية القبول، تراجع عدد دخول المرضى الى المستشفيات، مما حقق وفراً مالياً «لكنه لن يكون كافياً لتغطية العجز المزمن في موازنة الاستشفاء وفي الكلفة الاضافية التي ستنتج عن التغطية الصحية الشاملة وتعديل تعرفات العمليات الجراحية».

وذكر هارون ان المستشفيات أبدت ملاحظاتها حول التغطية الشاملة، لانها تعتبر انها ستكبّد وزارة الصحة كلفة إضافية، خصوصا في ظل وجود عجز مالي في موازنة وزارة الصحة للاستشفاء.

 

التغطية والعجز المزمن

 

ورأى هارون ان التغطية الصحية الشاملة لمن هم فوق الـ64 عاماً، ستزيد من هذا العجز المالي المزمن، مشيرا الى ان المستشفيات طالبت بزيادة موازنة وزارة الصحة المخصصة للاستشفاء بما لا يقلّ عن 80 مليار ليرة سنوياً لتغطية كلفة رفع مساهمة الدولة الى 100 بالمئة في التغطية الصحية، كما لتغطية العجز المالي السابق.

ولفت هارون الى ان اقتراح زيادة موازنة الصحة للاستشفاء يأتي أيضاً من أجل تغطية ما تطالب به المستشفيات اليوم من تعديل لتعرفات العمليات الجراحية القديمة.

وحول عمل شركتي التدقيق، قال هارون انهما ستبدآن أيضاً في الشهر الحالي التدقيق في فواتير المستشفيات الى جانب لجان التدقيق في وزارة الصحة. واوضح في هذا الاطار، ان لجان وزارة الصحة كانت تدقق في عيّنة من الفواتير وتعمّم نسبة الحسم على اجمالي الفواتير، بينما الشركتان الخاصتان فستدققان في كلّ فاتورة، «وهو الامر الذي نعتبر انه لن يؤدّي الى تحقيق وفر مالي كما يظن البعض، بل على العكس قد ترتفع فاتورة الاستشفاء لأننا نتوقع ان تنخفض نسبة الحسومات».

اما بالنسبة لمستحقات المستشفيات المالية، فقد كشف هارون ان وزراة الصحة سددت مستحقات العام 2015، وقد أبلغت وزارة المالية المستشفيات توقيع عقود المصالحة عن الاعوام 2000 - 2011، «كما وعدتنا وزارة الصحة بتحويل مستحقات الاشهر الستة الاولى من العام 2016 الى وزارة المالية».

ابو-فاعور-و-جنبلاط------1 

سكرية : قرار أبو فاعور قرار

مرتجل وغير مدروس

 

اما النائب السابق الدكتور إسماعيل سكرية فأكد دعمه التام لفكرة التغطية الشاملة لمن هم فوق الـ64 سنة، ولكنه اعتبر قرار أبو فاعور قراراً مرتجلاً وغير مدروس كما ان مصادر التمويل غير معروفة، وهو أقرب الى الاستعراض الإعلامي، وهو قرار من الممكن الطعن به على اعتبار انه لم يتم اخذ رأي الهيئة الاستشارية لدى مجلس الشورى بهذا الموضوع.

 وتابع سكرية: بالمبدأ لست ضد هذا القرار ولكن لدي ملاحظات وتخوف وقلق حياله، ففي ظل هذا المناخ الفاسد بامتياز بدءاً من السياسيين وصولاً الى الإداريين والى آلية التعامل مع المستشفيات ناهيك عن تراكم الفشل، لا أؤمن بأن هذا القرار سيطبق.

ــ نقيب أصحاب المستشفيات اعتبر ان هذا القرار سيزيد من دين الوزارة للمستشفيات، فما تعليقك على ذلك؟

- في الظاهر كما هو واقع الأرقام أؤيد هارون، ولكن في حال اردنا التدقيق بالأرقام لا اعتبره محقاً فبعض الفواتير ملغومة نوعاً ما.

ــ أبو فاعور سلم عملية الرقابة لشركتين تابعتين للقطاع الخاص، فهل سيكون هناك شفافية في عملية التدقيق؟

- الرقابة تم تسليمها لشركتين تابعتين للقطاع الخاص وتتعاطيان مهمة التأمين، مما يعني ان هاتين الشركتين لهما مصلحة بالتحيز، فهما عبارة عن شركتي تأمين ولا تخضعان اطلاقاً للرقابة، فمن يؤكد ان هاتين الشركتين ستعملان بشفافية في ما يتعلق بعملية التدقيق بالفواتير؟ وهنا أيضاً لا بد من الإشارة الى ان هناك العديد من المستشفيات المحمية للأسف سياسياً وطائفياً وتدفع مبالغ طائلة بغية دعم جهات سياسية معينة، فهل بإمكان أبو فاعور عن طريق القطاع الخاص التدقيق وبشفافية في فواتير هذه المستشفيات؟.

وختم سكرية حديثه قائلاً:

- أتمنى ان يطبق قرار أبو فاعور ولكن لدي قلق كبير وعلامات استفهام عديدة حيال هذا القرار، علامات استفهام سببها التراكمات الكبيرة للفساد وللتحايل، ناهيك عن علاقة المساكنة ما بين بعض المستشفيات وبعض الإداريين لدى وزارة الصحة، اضافة الى نفخ الفواتير والتغطية السياسية والطائفية لبعض المستشفيات.