بقلم علي الحسيني
اسمه يثير الجدل. فبمجرد أن تذكره حتى يحتدم النقاش بين مؤيد له وللدور الذي يقوم وبين معارض له. البعض يتهمه بالعمالة لصالح الاسلاميين المتشددين في جرود القلمون وخارجها، لدرجة ان هذا البعض وصل الى حد المطالبة بإعدامه بعدما اتهمه بتسهيل عملية خطف العسكريين.لكن البعض الآخر يصر على ان يُكمل دوره كوسيط خصوصاً وأن أوراق الوسطاء الآخرين تسقط الواحدة تلو الأخرى.انه الشيخ مصطفى الحجيري(أبو طاقية) فماذا سيقول في مقابلته الأولى والفريدة من نوعها؟
ــ بداية أخبرنا من هو مصطفى الحجيري؟
- أنا ابن عرسال ولدت فيها وترعرعت هنا حتى مرحلة الدراسة الثانوية. في زمني لم تكن صناعة الحجر قد اشتهرت في عرسال بعد والمقالع والمناشر، كانت الناس تعتمد على الماشية وزراعة البقول، حتى الآبار لم تكن موجودة مثل اليوم في تلك الحقبة. نشأت كباقي الاطفال في مدرسة المعارف وضمن عائلة متوسطة الحال. والدي رحمه الله كان متزوجاً من اثنتين، لديّ سبعة أشقاء وثلاث شقيقات. ولي أخ شهيد اسمه حسين سقط في الجنوب مع المقاومة الوطنية ضد العدو الاسرائيلي في العام 1990 وبقيت جثته فترة طويلة مع الاسرائيليين الى ان جرت عملية تبادل مع حزب الله فتم تسليمنا إياها. الأخ الثاني قتل السنة الماضية حيث تعرّض أثناء عودته من طرابلس لكمين في بلدة الهرمل على يد مجموعة من المسلحين وقتلوه على الفور ومن ثم فجروّا جثته.
وأضاف:
- يومئذٍ كانت إطلالتي على الإعلام وتوجهت بالشكر الى السيد حسن نصرالله وقلت له: أنت اشتركت في دمنا مع اليهود، فاليهود قتلوا حسيناً وانتم قتلتم علياً. ومن الغريب هنا ان الطائفيين يتهموننا بأننا نُبغض أهل بيت النبي علماً ان شقيقتي تُدعى فاطمة. كما كان لديّ شقيق متطوع في الجيش اللبناني وبعضهم يعمل في تجارة الأغنام.
بين باكستان وأفغانستان
ــ حدثنا عن مرحلة الشباب وعن توجهك الى الدين.
- الحكاية بدأت عندما احترقت ابنة شقيقتي من جراء وقوعها داخل وعاء حليب كان يغلي، يومئذٍ طلبت زوجة أخي مني ان أوصل بعض الثياب للصغيرة التي كانت نقلت الى مستشفى بعلبك. وأثناء وصولي الى مفترق إيعات أوقفني حاجز للمخابرات السورية وصادر الشاحنة الصغيرة التي كنت أقودها بعدما عاملني رجال الحاجز بإذلال وأهانوني واعتدوا علي بالضرب المبرّح من دون أي سبب. بعد ذلك ذهبت مع اخوتي لنطلب من حاجز المخابرات إعادة الشاحنة لنا، وأثناء عودتنا انقلبت بنا الشاحنة. فكرت في لحظتها أنه لا بد من الانتقام من عناصر المخابرات بأي طريقة، وكانت الفكرة أنني ذهبت الى طرابلس وانتسبت الى حركة التوحيد الاسلامي بقيادة الشيخ سعيد شعبان رحمه الله يومذاك كنت في السادسة عشرة من عمري.
وتابع يقول:
- لكن إرادة الله أرادت غير ذلك، فدخلت الكلية الشرعية خصوصاً وان الجو العام في طرابلس كان يتألف من المتُدينين وتعرفت أثناء ذلك الى عدد من السلفيين، كما عملت لفترة محدودة في <إذاعة التوحيد>. بعدها انتقلت الى بيروت والتحقت بكلية الأزهر لمدة سنتين، ثم انتقلت بعدئذٍ الى كلية الامام الاوزاعي لفترة سنتين ايضاً، ثم قدر الله انني سافرت الى الباكستان في العام 1990 وبقيت هناك حتى العام 1993 حيث أقمت كل تلك الفترة في مدينة كراتشي. <وحتى لا يذهب ذهن الناس بعيداً ذهبت مرة واحدة الى أفغانستان وتحديداً الى مدينة <بيشاور>، لكن ليس للقتال>. وهنا لا بد لي من الاشارة الى ان الكثير من الأفكار التي كانت منتشرة حينذاك في أفغانستان كنت ضدها وأنبذها بشكل جازم. وهناك التقيت بالشيخ بديع الله السندي الذي كان يُدرّس في الحرم المكي وغيره الكثير من العلماء.
ثم أضاف:
- في العام 1993 عدت الى لبنان والى مدينة صيدا تحديداً حيث بقيت لفترة 13 عاماً، ومن ثم الى عرسال حيث عملنا على بناء المسجد الحالي، وساعدنا رجل اسمه أحمد العبيدي رحمه الله، كان مندوب وزارة الشؤون الاسلامية في المملكة العربية السعودية في لبنان، وفيما بعد دخل خيّرون كثر منهم من أهل البلدة.
ــ هل لمصطفى الحجيري أتباع ومؤيدون؟
- من الطبيعي ان يكون لأي شيخ يُدرّس الفقه والدين اتباع ومؤيدون خصوصاً في القرى.
ــ لماذا لم نرَ عناصر حماية خاصة بك؟
- في كثير من الاحيان يقوم رجال الإعلام بتضخيم حجم هذا الشخص أو ذاك حتى يقضوا عليه. الحقيقة أنني أرى في عرسال أنها بلد الأمن والأمان وكل الحروب التي مرت على لبنان لم تقترب نيرانها من عرسال.
ــ متى جنحت نحو الثورة السورية؟
- أولا نحن مسلمون. والاسلام هو دين ينصر المظلوم على الظالم، وهذا مبدأ لا يختلف عليه اثنان، وكل الاديان السماوية تقول بوجوب نصرة المظلوم. ونحن عشنا في لبنان ثلاثين عاماً تحت نير الاحتلال <الأسدي>، ومنذ فترة كنت أتحدث الى أحد البعثيين في البلدة وقلت له: ظهورنا ما زالت تشعر بالألم، وما زالت علامات الجلد واضحة على أجسادنا. هل هناك لبناني لم يؤذَ من النظام السوري؟ تصوّر أننا كنا في عرسال إذا أردنا ان نأتي بكيس من الطحين فكان لا بد من أخذ الإذن من المفتاح أي العميل في البلدة لكي نتمكن من فتح القفل الذي هو ضابط المخابرات لكي يأذن لنا. هم الذين علموا الناس التهريب نتيجة تصرفاتهم هذه.
ــ كيف توطدت علاقتك مع الثوار؟
- في الاصل بدأت الثورة في لبنان قبل ان تبدأ في سوريا. ففي العام 2005 قتلوا الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وعلى أثره انتفض كل الشعب اللبناني وليس السُنّة وحدهم ما عدا من يتبع النظام <الأسدي> والمتحالف مع نظام <الملالي> في طهران. ما ذنب الرئيس الشهيد رفيق الحريري؟ فهل كان متطرفاً او ارهابياً او يحمل سلاحاً. الرجل قدم الخير لكل اللبنانيين، وأقل طائفة استفادت منه هم السنة، وأكثر من استفاد هم من الشيعة. الرجل لم يكن مذهبياً، بل لبنانياً وطنياً لا يفرّق بين هذا وذاك. وأنا أقول دائماً انه اذا كان هناك رجل علماني فهو رفيق الحريري، اما الآخرون كلهم كذابون وهم طائفيون ومذهبيون حتى النخاع. وعندما بدأت الثورة السورية تطلعنا الى حريتنا كلبنانيين، وكل العرب استبشروا خيراً بالتخلص من هذا النظام. وأنا بصراحة كنت من الداعين الأوائل لثورة الشعب السوري على حاكمه، وهناك بعض المشايخ في عرسال أفتو بحرمة ما أقول وراح بعضهم يتهمني بالفتنة. ويومئذٍ أكدت للجميع أننا ماضون مع الثورة فإن علا صوتها نعلو معها، ولا نؤيد هذا الفصيل أو ذاك. وبطبيعة الحال وصلت الينا اصوات الثورة والثوار. واليوم نحن نتفاعل بكل وجداننا العربي والوطني والاسلامي مع هؤلاء المستضعفين الذين خرجوا للمطالبة بالحد الادنى من كراماتهم ولقمة عيشهم.
غزوة عرسال
ــ ماذا تخبرنا عن غزوة عرسال المشؤومة؟
- بداية، الغزوة هي التي يقوم بها فريق لغزو أراضي الآخرين. وقناعتي انها جريمة ارتكبت بحق عرسال وبحق السوريين أنفسهم. والذي حصل ان رجلاً يُدعى أبو أحمد جمعة وهو سوري جاء من الجرود لزيارة عائلته في عرسال، وهو في طريقه ألقي القبض عليه من قبل الجيش وسيق الى السجن وتدخل رئيس البلدية علي الحجيري للعمل على إطلاق سراحه لكي لا تحدث مشكلة كبيرة في عرسال، فتعهد البعض بإطلاق سراح الموقوف، لكن المهم لم يطلق سراحه، ثم جاءت مجموعة تابعة له مع بعض المناصرين وبدأت بعض المناوشات على حواجز الجيش. في هذا الوقت، توجهت الى بلدية عرسال وهناك اتصل أحد الأمنيين برئيس البلدية وأخبره ان مركز الشرطة في البلدة محاصر من قبل مسلحين وان عليه فعل أي شيء لفك هذا الحصار.
وأضاف يقول:
- توجهنا الى المخفر على ضوء السرعة فوجدنا عند المدخل بركة من الدماء قالوا لنا انها تعود للشهيد كمال عزالدين. بعد ذلك صعدنا الى الطابق العلوي فحصل شجار بين أحد المسلحين وبين رئيس البلدية بعد ان هدد بقتله، فما كان من الرئيس الا ان انسحب من المكان وبقيت مع المسلحين وعناصر الدرك، حتى انني وقفت في النصف وقلت للمسلحين: إنكم لن تصلوا الى أي عسكري إلا على جثتي <اقتلوني قبل ان تصلوا اليهم>. في هذا الوقت حصل جدال وتلاسن بين المسلحين أنفسهم الى ان اتفقوا فيما بينهم على ان تذهب عناصر الدرك الى منزلي حتى يتم إطلاق سراح جمعة. كان همّي الاول هو إخراج العناصر من بين أيدي المسلحين خصوصاً أنه كان لدي شبه يقين أن العسكريين مهددون بالقتل لأن الذي قتل ابن عرسال لن يتورّع عن قتل غير ابن عرسال، والمسلحون كانوا عبارة عن خليط من فصائل المحاربين لكن غالبيتهم كانوا من سكان القصير.
خطف العسكر
وتابع قائلاً:
- عندما وصلنا الى باحة منزلي تقدم مني مرافق جمعة وقال لي: <معك وقت لغاية الساعة التاسعة مساء فإن لم يُطلق سراح جمعة سوف آتي لأخذ العسكريين>. فكرتي منذ البداية تمحورت فقط حول ضرورة إنقاذ حياة العسكريين بشتى الطرق، وأنا ظهرت عبر التلفاز وأعلنت ان العسكريين موجودون في بيتي. هل سمعتني الاجهزة الأمنية؟ هل سمعني الجيش؟ هل سمعني أي فريق سياسي او عسكري؟ العسكريون بقوا يومين في منزلي من دون ان يسأل عنهم أحد، وأنا لم أستطع القيام بأي فعل لأن منزلي كان مطوقاً بالمسلحين. لماذا لم تساعدني القوى الامنية في بداية الازمة على إخراجهم من بيتي؟. في هذا الوقت طلبت من ولدي أن يقوما بحراسة العساكر ويمنعان ولو بالقوة المسلحين من الاقتراب منهم، وذهبت الى مركز البلدية حيث وجدت الاستاذ أحمد الفليطي وطلبت منه الاتصال بالمسؤولين لكي يأتوا لأخذ العسكريين، لكن أحداً لم يتجاوب. في ذلك الوقت اتصل بي ولدي وأخبرني ان <جبهة النصرة> نزلت من الجرود وانها تحاصر المسجد حيث يقع منزلي والعسكريون، وفي هذه اللحظة بدأت المعارك في كل عرسال وبدأت معها القذائف الصاروخية والراجمات التابعة لحزب الله تنهال على مخيمات عرسال مثل المطر. مسلحو النصرة الذين جاؤوا الى منزلي كانوا بقيادة أبو مالك التلي وقال انه يريد ان يأخذ العساكر الى الجرود وهذا ما حصل.
ــ كيف تحوّلت الى وسيط بين الجهة الخاطفة وأهالي المخطوفين؟
- هي ليست المرة الاولى التي أفاوض بها <جبهة النصرة>، لكن بعض الاعلام الذي لا عهد له ولا إيمان لم يُظهر إلا الشبهات وحول العمل الانساني الى نقيضه. أنا أعرف كل أهل الثورة السورية وتعرفت على الجيش السوري الحر قبل أي جهة إسلامية. وبطبيعة الحال فإن من يتعاطى في نصرة الشعب السوري عليه ان يتعرف على الجميع ويصبح هناك نوع من العلاقات. أول مرة فاوضت النصرة كان على ثلاثة شبان مسيحيين يومئذٍ كانوا موجودين في يبرود وتمكنت من إطلاق سراحهم لاحقاً وقد رافقتهم الى رأس بعلبك حيث سلمتهم الى أهاليهم. والمرة الثانية كانت عندما اعتقل شاب من آل عزالدين من عرسال على يد <جبهة النصرة> وكان هناك توجه لقتله وتمكنت من إخلاء سبيله. أما الثالثة فكانت مع الدكتور ماجد القاضي وهو من الطائفة الشيعية من بلدة العين تمكنت ايضاً من اطلاق سراحه بعدما طلب أهله مني التدخل لحل قضيته. اذاً العلاقة مع <جبهة النصرة> ومع أبو مالك تحديداً لم تكن وليدة ما حصل مع العسكريين، بل هناك أحداث سابقة جمعتني بهم. وعندما اصطحب المسلحون معهم العسكريين الى الجرود خرجت معهم لمتابعة القضية، وفي تلك الأوقات لم تكن الأمور معقدة بالشكل الذي هي عليه اليوم ولم يكن هناك منتفعون وتجار ومحبو إعلام، ويومئذٍ وبفضل الله تم إطلاق سراح دفعة أولى مؤلفة من ثلاثة عسكريين من الدرك وبعدها ثلاثة من الجنود في الدفعة الثانية وبعدها عملت على إخراج عسكريين اثنين وبعدها خمسة عسكريين دفعة واحدة.
ــ هل ما زلت وسيطاً لغاية اليوم؟
- عندما تدخلت لم أطلب إذناً من أحد ولا كُلفت من أحد. ثم بعد ذلك بدأ بعض السياسيين يتكلمون عني بإنصاف، بمعنى ان هذا الرجل قد عرّض حياته للخطر من أجل إنقاذ العسكريين ثم بعد ذلك تابع الملف من دون تكليف من أحد. أنا أريد ان اقول هنا إن بعض الذين يعملون على هذا الملف أصبحوا يعتبرونه باب رزق ودعاية إعلامية بالنسبة اليهم. كما أني أريد ان أوضح أمراً آخر وهو ان لا وسيط مع <النصرة> لغاية الآن والشيخ وسام المصري طلب مقابلة <النصرة>، لكنهم رفضوا، والفليطي مكلف بمتابعة الملف مع <داعش> وليس <النصرة> التي بحوزتها ستة عشر مخطوفاً من أصل خمسة وعشرين.
ــ متى تحدثت الى أبو مالك التلي آخر مرة؟
- في آخر مرة صعدت الى الجرود عندما هدّدت <النصرة> بقتل الجندي علي البزاّل وطلبت مقابلتهم، لكنهم رفضوا وقالوا لا تأتي إلينا، لأنه وقبل فترة من هذه الخطوة كنت قد صعدت ايضاً الى الجرود بالاتفاق مع وزير الصحة وائل أبو فاعور وأوقفت عملية قتل البزال الذي كان قد تم نقله الى ساحة الإعدام، وذلك بعدما تكفلت لديهم بتسريع عملية التفاوض ولهذا منعوني في المرة الأخيرة، لأنهم اعتبروا ان وعودي لم تنفذ، مع العلم ان الدولة هي التي تكفلت وليس انا. وهنا لا بد من التنويه بالوزير وائل أبو فاعور الرجل النزيه الذي لم يكن ينام كما بقية المسؤولين وكنت على تواصل معه لغاية ساعات الفجر الأولى.
ــ هل لديك شعور خاص ان علي البزال لم يقتل خصوصاً وانه لم يتم الكشف عن جثته لغاية الآن؟
- عندما تتعاطى مع أشخاص لفترة طويلة تصبح على اطلاع واسع على أفكارهم ونمط تفكيرهم، وما عرفته عن <النصرة> انها لا تستطيع ان تُخرج مقطع <فيديو> عن عملية الإعدام ثم يتبين بعدها انه كذب، لأن صدقيتهم تُصبح عرضة للتشكيك لاحقاً، وهم بطبيعتهم لا يحلون الكذب ولا يبيحونه، وأنا لا اظن ان المقطع مزيف. وللمناسبة هم أعلنوا في السابق قتل الجندي محمد حمية ولم يسلموا جثته لعائلته. مع العلم أنني أتمنى ان يكون البزال على قيد الحياة.
ــ يُحكى ان يكون حزب الله يعوّل على فصل الشتاء وثلوجه للتخلص من مسلحي الجرود، هل ترون أن هذا الأمر ممكن؟
- أقول لك بكل صراحة، آخر مرة ذهبت بها الى <جبهة النصرة> رأيت انهم حوّلوا الجبال الى بيوت، ومن يعش في داخل الجبل لن يقتله الثلج. كما رأيت بأم عيني كيف يخزنون الكثير من المؤن وعندهم في الجبال الكثير من الاشجار يمكن ان يستعملوها للتدفئة. ومن يعرف جبال المعرة والجبة يعلم تماماً انها أحراج واسعة لأشجار اللزاب وهم يملكون من الحطب ما يكفيهم سنيناً طويلة.
ــ حدثنا عن شخصية أبو مالك التلي!
- هو ناشط اسلامي من مدينة التل قريبة من دمشق في بداية العقد الرابع من العمر ولديه أعمال خاصة. اعتقل على يد النظام السوري وتم سجنه في سجن صيدنايا، وهناك تكونت شخصيته حيث حفظ القرآن وتعلم على يد عدد من السجناء. وكلنا يعلم ان سجون الأسد مليئة بالأطباء والعلماء والدعاة والمثقفين والمهندسين ويمكن للانسان ان يتخصص في اي مجال داخل السجن فيما لو أراد ذلك فعلاً. عندما أطلق سراحه في العام 2011 توجه الى من توافق معه في أفكاره وعلى هذا الأساس تواصل مع الجولاني أمير <جبهة النصرة> العام الذي كلفه بإدارة المجموعات المسلحة في دمشق وبعدها في القلمون حتى أصبح أميراً لها. وشخصية أبو مالك ليست سهلة، وقد رأيت هذا في معركة عرسال عندما اقدمت جميع الفصائل المسلحة وقدمت له الطاعة بما فيها <داعش>، حتى أوامر الانسحاب من البلدة كانت بيده وكذلك المفاوضات. وهو لا يعتبر قروياً بسيطاً بل أقرب الى ابن المدينة من حيث البأس والشدة، لكن في مكان ما تغلب عليه العاطفة لكنه صعب المراس جداً.
ــ أين أصبحت مذكرات التوقيف الصادرة بحقك؟
- هذه المذكرات سياسية بامتياز وهي ظالمة وجائرة، وهم يعرفون قبل غيرهم انها مسيسة وكانت موجودة من قبل بحق ابني، مع العلم انني لم أعد أذكر عددها اذ انه في كل أسبوع يمكن ان تصدر مذكرة بحقي. وبمكان ما فإن الجيش يعلم ان إلقاء القبض على فلان بحجة أنه قتل فلاناً هو خطأ، وهناك ضباط في الجيش من أصحاب الضمائر يعلمون هذا الأمر خصوصاً القائد العماد جان قهوجي الذي بشخصه وحكمته منع تدمير عرسال في الوقت الذي كان يسعى فيه البعض الى تسويتها بالأرض.