تفاصيل الخبر

حكومة سلام تلج الى التعطيل من بوابة النفايات واستقالتها ممنوعة دولياً لأنها تهدد الاستقرار!

11/03/2016
حكومة سلام تلج الى التعطيل من بوابة النفايات  واستقالتها ممنوعة دولياً لأنها تهدد الاستقرار!

حكومة سلام تلج الى التعطيل من بوابة النفايات واستقالتها ممنوعة دولياً لأنها تهدد الاستقرار!

 

تمام-سلام-اكرم-شهيبفي وقت يبدو فيه ملف النفايات السبب المعلن لتعليق اجتماعات مجلس الوزراء، فإن مصادر سياسية معنية تؤكد بأن عدم الوصول الى <حلول عملية> لرفع النفايات من الشوارع والأحياء ليس الدافع الوحيد الذي جعل الرئيس تمام سلام يستنكف عن دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد يوم الخميس الماضي ما فتح الباب أمام دعوات الى استقالة الحكومة وانتقالها الى مرحلة تصريف الأعمال، بدلاً من أن تستمر <لا معلقة ولا مطلقة>، على رغم الخطورة التي تعتري الاقدام على هذه الخطوة في غياب رئيس الجمهورية واستحالة تشكيل حكومة جديدة لألف سبب وسبب، بعضها دستوري، والبعض الآخر سياسي.

صحيح ان التجاذبات التي أدت الى تفشيل الحلول التي تم اقتراحها لمعالجة أزمة النفايات، استمرت في إبقاء هذا الملف مجمداً ثم العودة الى خيار المطامر بعد سقوط خيار الترحيل، غير ان الصحيح أيضاً ان ثمة قناعة لدى رسميين وسياسيين بأن مناخ التصعيد السياسي الذي عطّل انتخاب رئيس جديد للبلاد، يستعد ليتمدد في اتجاه الحكومة على رغم الجهود التي يبذلها رئيس الحكومة لتفادي تجرعه هذه الكأس والتي جعلته يؤجل حسم موقفه من جلسة الى أخرى علّ وعسى، والدليل على ذلك ما دار في الجلسة السابقة لمجلس الوزراء من حوارات ساخنة كادت أن <تحرق> الحكومة لولا ان رئيسها رفع الجلسة من دون درس جدول الأعمال <المدوّر> من جلسة الى أخرى، ومن دون أن يحدد موعداً للجلسة المقبلة، وهو صمّ آذانه عن أصوات وزراء دعوه الى الاستمرار في الجلسة.

وفي هذا السياق تقول مصادر وزارية ان النقاش الذي دار بين الوزراء بعد مطالعة طويلة استمرت أكثر من نصف ساعة لوزير الصناعة حسين الحاج حسن حول موقف حزب الله من الضغوط السعودية على لبنان، واستعماله عبارات اضطرت الرئيس سلام الى حذفها من المحضر، أظهر ان وراء الأكمة ما وراءها وان الشرخ السياسي الذي تعاني منه البلاد منذ سنوات بلغ أوجه محدثاً انقسامات مذهبية وطائفية تنذر، إن هي استمرت واتسعت، بنتائج خطيرة على وحدة البلاد والمؤسسات. والواقع ان وزير الخارجية جبران باسيل ــ تضيف المصادر الوزارية ــ لم يكن يشعر بأن مطالبته باتخاذ مجلس الوزراء موقفاً موحّداً يتبناه كوزير للخارجية في اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب الممهّد للقمة العربية في دورتها السنوية، ستؤدي الى اندلاع المواجهة بين وزيري حزب الله من جهة، ووزراء من <14 آذار> ومن <المستقلين>، لاسيما وان مشروع الموقف الذي أعده وقرأه أمام الوزراء لا يحمل في طياته <الأفخاخ> التي من شأنها أن تفجّر خلافات بين الوزراء. ولأن المسألة لم تعد مسألة <رمانة> بل <قلوب مليانة>، فإن صيغة الوزير باسيل سبّبت اندلاع  النقاش الذي أطاح بالجلسة مستهلكاً كل الوقت الذي التأم فيه مجلس الوزراء والذي كاد أن يستمر لولا رفع رئيس الحكومة الجلسة الى إشعار آخر.

 

سلام: مجلس الوزراء ليس ساحة حرب

وتقول المصادر الوزارية ان من الأسباب التي تدفع الرئيس سلام الى الانكفاء عن الدعوة الى جلسات لمجلس الوزراء، قناعته بأن عدوى الانقسام السياسي الحاد في البلاد، أصابت متن الحكومة السلامية فتعطل النقاش الموضوعي، وغُيّبت شعارات من مثل <مصلحة البلاد فوق كل اعتبار>، وصار الوزراء <كل شاطر بشطارتو> في تسجيل المواقف وتسريبها الى الإعلاميين في أثناء انعقاد الجلسة عبر خدمة <الواتس آب>، غير مبالين بالظروف الدقيقة التي تمر بها البلاد والتي زادها حراجة التوتر الذي أصاب العلاقات اللبنانية ــ السعودية ودفع بالمملكة الشقيقة الى فرض <عقوبات> على الشقيق الأصغر من دون مراعاة تركيبته التي تدرك الرياض حساسيتها أكثر من أي طرف عربي أو دولي آخر. لذلك وتفادياً لتحويل مجلس الوزراء الى <ساحة حرب> ومطية لتغطية أخطاء وممارسات تنفذ لأجندات توصف بـ<الخارجية>، ولئلا يتكرر بشكل دائم <عجز> الحكومة، وخصوصاً رئيسها، عن اجتراح <حلول الحد الأدنى> للمسائل العالقة، كان خيار الرئيس سلام التوقف عن دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد والتذرع بملف النفايات الذي بات النقطة التي أفاضت الكأس، لأن الاستقالة غير واردة لا بل غير مسموح بها نظراً لتداعياتها على الاستقرار العام في البلاد الذي يبقى <الخط الأحمر> الممنوع تجاوزه مهما كانت الاعتبارات. وفي رأي المصادر الوزارية نفسها ان تعذر إعادة تكوين سلطة جديدة بدءاً من انتخاب رئيس للجمهورية وصولاً الى تشكيل حكومة جديدة، ليسا بالأمر المتيسر راهناً، ولذلك فإن خيار تعليق الجلسات الحكومية يبقى الأقل ضرراً تحسباً لدفع البلاد نحو المجهول.

وتكشف المصادر الحكومية، في هذا السياق، عن رسائل عاجلة وصلت الى الرئيس سلام من سفراء عرب وأجانب ومرجعيات دولية جعلته يستبعد الاستقالة على رغم المرحلة المتقدمة التي بلغها من القرف والاستياء بعدما استنفد الأداء السياسي في البلاد كل مقومات القوة والصمود والرصيد والصبر التي تسلح بها في مخاضه الحكومي. وبدا واضحاً ان رئيس الحكومة الذي راهن على مساعدات من سياسيين لحل أزمة النفايات تحول دون تعطيل العمل الحكومي المنتظم، أدرك ان عجز هؤلاء ــ أو عدم رغبتهم على الأقل ــ يماثل عجز الحكومة، فكيف إذا التقى <العجز> مع <عدم الرغبة>... وقد صارح الرئيس سلام من التقاهم الأسبوع الماضي بأنه انزعج كثيراً عندما بلغه أن أحد المراجع السياسية وصف موقفه بأنه <مناورة>، وزاد متسائلاً: <بعد ما استقال تمام بك. على علمي انو استقال...!>.

صيف وشتاء على سطح واحد

في غضون ذلك، تساءلت مصادر حكومية عن الأسباب التي دفعت وزراء في تيار <المستقبل> الى <تسويق> ايجابيات استقالة الحكومة وربطها بالخلل الذي أصاب العلاقات اللبنانية ــ السعودية نتيجة مواقف حزب الله، لافتة الى ان مثل هذا <التسويق> يبدو مستغرباً ومثيراً للريبة لأنه يتزامن مع حرص <المستقبل> على استمرار الحوار مع حزب الله، فكيف يمكن الجمع بين الترويج للاستقالة ولاستمرار الحوار في آن واحد، فإذا كان حزب الله ــ تضيف المصادر الحكومية ــ مسؤولاً عن تدهور العلاقات مع السعودية كما يقول وزراء <المستقبل> ونوابه، فلماذا تحميله مسؤولية تعطيل جلسات الحكومة من جهة، والتمسك ببقاء جلسات الحوار في موعدها الدوري من جهة ثانية، ما يدل على وجود <صيف وشتاء على سطح واحد> وهو ما لا يستقيم في السياسة إذا كانت المصلحة الوطنية هي التي تتقدم على غيرها من المصالح!

وفيما يؤكد أكثر من وزير ان الحكومة نجحت في تجاوز <قطوع> الموقف الموحد في المحافل العربية والاقليمية والدولية من خلال <تحصّنها> بالبيانات الوزارية سقفاً في القضايا العربية الساخنة وفي مقدمتها الحرب في سوريا، يرى وزير آخر ان تعليق جلسات مجلس الوزراء سيدفع الى مقاربة جديدة للعمل الحكومي تقوم على خيار من اثنين: إما تغليب <المصلحة الوطنية> (وهو شعار الحكومة السلامية) في كل المواضيع المطروحة أمام مجلس الوزراء والتعاطي معها بايجابية، وإما إبقاء الجلسات معلقة حتى إشعار آخر وليتحمل كل طرف مسؤوليته في عملية النحر الذاتية للسلطة التنفيذية كي تنضم الى الرئاسة الأولى الشاغرة، والسلطة التشريعية المعطلة، والسلطة القضائية المستهدفة بحيادها حيناً وببطئها أحياناً!