تفاصيل الخبر

حكومــــــــة شبــــــاب وملاحظـــــات دستوريــــــة

17/11/2016
حكومــــــــة شبــــــاب وملاحظـــــات دستوريــــــة

حكومــــــــة شبــــــاب وملاحظـــــات دستوريــــــة

 

بقلم سعيد غريب

SAM_5208

أياً يكن شكل الحكومة العتيدة، التي لن تكون مختلفة عن سابقاتها على الأقل في السنوات الست والعشرين المنصرمة، إن في المحاصصة، وإن في الوجوه، وإن في الأداء، مع تفضيلنا لحكومة شباب جديدة من الاختصاصيين، فإن ثمة إشكالات دستورية لحظها <اتفاق الطائف> ولا بد من توضيحها أو تصويبها، ولا نقول تعديلها، من قبل المعنيين وعلى الفور من أجل انتظام عمل الدولة والحياة السياسية، ومنعاً لأي إشكال قد يتطلب تدخلات خارجية لم تعد متوافرة لبت النزاعات، لاسيما على مستوى السلطة التنفيذية.

أولاً: إن الدستور اللبناني المعدل في اجتماعات <الطائف> لم يلحظ مرجعية واضحة لبت الخلافات، من هنا، يجب العمل وبسرعة على تشكيل هيئة دستورية عليا من كبار القضاة والحقوقيين لتفسير الدستور في بعض مواده، أو توسيع صلاحيات المجلس الدستوري المحصورة أعماله بالطعون المقدمة إليه.

ثانياً: البت بمهلة الخمسة عشر يوماً المعطاة لرئيس الجمهورية بموجب المادة 56.

ثالثاً: حسم المادة 73 من الدستور التي تقول: <قبل موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية بمدة شهر على الأقل أو شهرين على الأكثر بناء على دعوة من رئيسه لانتخابات الرئيس الجديد، وإذا لم يُدعَ المجلس لهذا الغرض، فإنه يجتمع حكماً في اليوم العاشر الذي يسبق أجل انتهاء ولاية الرئيس>، يجب حسم هذه المادة بإضافة العبارة الآتية:

<وإذا تعذّر الاجتماع لأي سبب يستمر الرئيس المنتهية ولايته في مهام رئاسة الجمهورية الى حين انتخاب رئيس جديد>.

ومن شأن هذه الإضافة إما أن تعجّل في الانتخاب وفق المهلة المحددة، وإما في عدم حدوث شغور في موقع الرئاسة الأولى.

رابعاً: إن المادة 49 من الدستور تحتاج الى تصويب لأن في خلفيتها خطأ غير مقصود ربما في مسألة السلطة الإجرائية.

فهذه المادة جاءت تحت العنوان الآتي، وعلى الشكل الآتي:

 

الفصل الرابع

السلطة الإجرائية

 

أولاً: رئيس الجمهورية

فيما تقول المادة 53 في الفقرة الاولى: <يترأس رئيس الجمهورية مجلس الوزراء عندما يشاء دون أن يشارك في التصويت>.

من هنا السؤال البديهي الذي لم يجد له جواباً من نواب <الطائف> المجمعين على أن رئيس السلطة الإجرائية بموجب وثيقة الوفاق الوطني هو رئيس مجلس الوزراء أي رئيس الحكومة.

وما دام الأمر كذلك، لماذا أتت المادة 49 تحت عنوان السلطة الإجرائية، أولاً رئيس الجمهورية، وطرحت إشكالية دستورية أساسية؟ والسؤال: مَنْ يكون رئيساً للسلطة الإجرائية عندما يترأس رئيس الجمهورية جلسة لمجلس الوزراء؟ هو أم رئيس الحكومة؟

خامساً: تقول الفقرة 2 من المادة 53: <يسمّي رئيس الجمهورية رئيس الحكومة المكلف بالتشاور مع رئيس مجلس النواب استناداً الى استشارات نيابية ملزمة يطلعه رسمياً على نتائجها>، والسؤال هنا: ما دامت الاستشارات ملزمة، فعلى ماذا سيتشاور رئيس الجمهورية مع رئيس المجلس؟ واستطراداً، عندما  تقول المادة عينها ان الاستشارات ملزمة، فهل تعني أنها ملزمة بإجرائها أم بنتائجها؟

يبقى، مع مطلع العهد الجديد، التوجه الى سيد العهد، وهو العارف بتاريخ لبنان، أن الأمل يتجدد، وتتوطد ثقة كبيرة بنهوض لبنان وسط انتفاضة وطنية تتمثل فيها وحدة اللبنانيين وإرادتهم التي لا تُغلب في بناء لبنان وطناً عزيزاً مستقلاً سيداً حراً فريداً كما كان بين الأوطان.

وليس اللبنانيون اليوم وحدهم ينظرون باعتزاز الى العهد الجديد، بل إن العالم كله يدرك، وهو ينظر معهم بإعجاب، سر قوة لبنان وقدرته على البقاء.

وتبقى إشارة بديهية، الى أن الدولة هي ملح الأرض... الدولة بهيبتها، بنظامها، بنقاء من سيحكمونها قوية وعادلة... الدولة التي أسس لها فؤاد شهاب... الدولة التي <تستأصل الفساد> من جذوره بورشة إصلاح تكون محاولة جدية لفرض مقاييس جديدة وقاسية على العلاقات بين الدولة والمواطن عبر الإدارة، ومحاولة للقضاء على أي لون من ألوان التساهل في تطبيق القوانين والأنظمة، وفي إبعاد المتزلفين والمقربين والمرتكبين.

نعم، <شطف الدرج يبدأ من فوق> وفي الذاكرة أن بشير الجميل خلق في لبنان في عشرين يوماً نهجاً وتياراً كالإعصار سيبقى التحدي لكل رئيس والمقياس لدى كل اللبنانيين.