تفاصيل الخبر

حكومة "التحديات" تترنح تحت الأزمات والضربات

23/04/2020
حكومة "التحديات" تترنح تحت الأزمات والضربات

حكومة "التحديات" تترنح تحت الأزمات والضربات

بقلم علي الحسيني

 

[caption id="attachment_77244" align="alignleft" width="375"] حكومة الرئيس حسان دياب..ما قبل المواجهة المرتقبة![/caption]

 خلطة سياسية ما ورائية يتم التحضير لها في لبنان من شأنها أن تُغير المسار السياسي القائم في البلاد في ظل عهد الرئيس ميشال عون وحكومة الرئيس حسان دياب. ومن خلف هذه الخلطة يلمع إتفاق ثلاثي مبني على إعادة إحياء تحالفات قديمة قوامها "الحزب التقدمي الاشتراكي"، "القوات اللبنانية" و"تيار المستقبل" والهدف منها تطويق الحكومة والضغط عليها إما لإجبارها على الإستقالة، أو لإعادة النظر في العديد من الملفات التي طرحتها في الفترة الأخيرة، لاسيما تلك المتعلقة بالخطة المالية والاقتصادية التي تسير بها. والسؤال الأبرز، يتعلق اليوم في الطريقة التي سيتعاطى بها "حزب الله" وحلفاؤه مع عملية التطويق هذه خصوصاً بعد الهجوم العنيف الذي تعرضوا له خلال الأيام الماضية.

 

على أبواب إنتهاء فترة السماح..الواقع لا يُلغي الحقيقة

 في الحديث عن الشكل، قد يرى البعض أن حكومة الرئيس حسان دياب هي الحكومة الوحيدة منذ سنوات طويلة، التي لم تكن من أصحاب الوجوه المعروفة التي أعتاد اللبنانيون على رؤيتهم وتكرارهم في جميع الحكومات التي تعاقبت منذ إتفاق الطائف والتي طغت عليها السيطرة الحزبية والمُحاصصات السياسيّة. تماماً كما يُسجل لها أنها شذت عن قاعدة حكومات الوحدة الوطنية التي تم الركون إليها على مدى سنوات خلت تحت ستار الديموقراطية التوافقية والمصلحة العامة والشراكة. لكن هذه النظرية حتى ولو كانت صحيحة في بعض جوانبها، إلا أنها لا تُلغي أن ثمة تقصيراً كبيراً طبع فترة السماح التي كان طالب بها دياب من أجل "تقليعة" فاعلة خصوصاً وأن هذه الفترة قد شارفت على النهاية. ولا يعفي أيضاً إنتشار فيروس "كورونا" الحكومة وكل الطبقة الحاكمة، من مسؤوليتهم في مجال مكافحة الفساد وملاحقة المرتكبين واستعادة الأموال المنهوبة.

  الإصلاح المالي والسياسي بالإضافة إلى تطبيق خطّة عمل إقتصادية مع بند مهم جداً عنوانه "إستعادة الأموال المنهوبة"، شكل العنوان الأبرز لثورة 17 تشرين وهو الذي تعهد الرئيس دياب بتطبيقه وتلبيته، يوم لاقى الشارع في منتصف الطريق. من هنا كان الرهان على هذه الحكومة في هذا المجال كبيراً على اعتبار أن فريقاً من لون واحد يقدم نفسه على أنه "حكومة اختصاصيين مستقلين" تماماً عن القوى السياسية قد لا يتعرض لألغام الاشتباكات والمناكفات السياسية المعتادة. لكن يبدو أن الآمال هذه هي قيد التبخر اليوم في ظل التراجع الكبير الذي تشهده البلاد، مما بات يُصعّب من مهمة هذه الحكومة ويُعيق طريقها نحو تحقيق أقل المُمكن، وهو في الوقت نفسه، يفتح طريقاً آخراً لعودة الثوار إلى الأرض، بتغطية من الأحزاب التي بدأت تُمهد لتعبيد طريق ثالث للوصول إلى خط المواجهة الفعلية.

 

إرباك حكومي وجنبلاط يصف دياب بـ"الحقود"!

[caption id="attachment_77245" align="alignleft" width="375"] رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط وسمير جعجع..والرسائل المتقاربة[/caption]

 يواصل رئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط شنّ هجماته على السلطة السياسية الحاكمة من بوابتها الحكومية. يُهادن ساعات قبل أن يعود ويُشعل السياسة في البلاد في خلال ساعة واحدة وهو الخائف بحسب المقربين منه على الوضع المالي العام في لبنان ومحاولات السيطرة على المؤسسة المصرفية الأم أي مصرف لبنان. من هنا شنّ جنبلاط الاسبوع الماضي هجومه الجديد على رأس الحكومة بوصفه الرئيس دياب "موظفاً عند أحد الضباط السابقين في المخابرات وعند جبران باسيل، وهو حقود". وتابع "يريدون السيطرة على المصرف المركزي والمصارف ويتهمون الآخرين بالأموال المنهوبة، متناسين أنهم جاءوا إلى البلد منذ العام 2005 وبدأوا يمارسون دورهم في السلطة، ويوجهون الاتهام إلى فريقنا، وإذا كنا نحن في الحكومة منذ 30 سنة، فهناك 15 سنة كانوا خلالها شركاء في المجلس النيابي والحكومة، فماذا عنها؟ استلموا على سبيل المثال ملف الكهرباء ووزارة الطاقة وما زلنا حتى اليوم نعاني من عدم معالجته، فنصف الدين تقريباً من الكهرباء".

 في هذا السياق، يسأل مصدر مقرب من جنبلاط الرئيس دياب، لماذا تجاهل التحذير من الإطاحة بـ"الطائف"، وما مدى صحة تناغمه مع رئيس الجمهورية ميشال عون في العديد من الملفات لاسيما ملف التعيينات، وأيضاً مدى صحة تعدد الآراء داخل فريقه الاستشاري المطعّم بعدد من المستشارين المحسوبين على التيار السياسي لرئيس الجمهورية؟ كما يسأل كيف أن دياب كان أكد أن 90 في المئة من الودائع لم تمس ليعود لاحقاً للقول إن الأموال تبخّرت؟ وأيضاً كيف يتحدّث عن إقرار 57 في المئة من الإصلاحات لتعود وزيرة الإعلام منال عبد الصمد إلى القول إنه يجرى حالياً التحضير للقوانين المتراكمة المرتبطة بمؤتمر "سيدر" مع أن مسودة الخطّة الإنقاذية تضمنت رزمة الإصلاحات التي أقرتها الحكومة السابقة وإن كانت وردت تحت عنوان مجموعة أفكار مبدئية مطروحة للنقاش.

 

عاد الحريري..فاكتمل فريق المواجهة

[caption id="attachment_77240" align="alignleft" width="430"] الرئيس سعد الحريري عائداً على أرض المطار..هل يكون العود أحمد؟[/caption]

 منذ شهرين تقريباً، راجت في الأوساط السياسية الداخلية معلومات تحدثت عن العودة إلى زمن إحياء التحالفات السياسية خصوصاً داخل فريق "14 أذار"، الأمر الذي نفته مراراً وتكراراً أوساط هذا الفريق، لكن من دون أن تُلغي فكرة العودة إلى صياغة تحالف جديد، لكن تحت أسس وعناوين جديدة لا تقوم على تلك التي ولدت عام 2005 وظلّت لفترة طويلة قبل أن يعود أقطاب هذا الفريق وينقسمون على أنفسهم.

 منذ أيام عاد رئيس "تيار المستقبل" الرئيس سعد الحريري، وذلك في توقيت أعتُبر على أنه مُنسق مع كل من جنبلاط ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، بهدف رفع منسوب التنسيق بينهم من أجل مواجهة "العهد القوي" وحكومته، وذلك في وقت كشفت فيه بعض الوسائل الإعلامية عن تواصل بين الثلاثة خصوصاً في ظل وجود تقاطع بينهم حول جملة من المواقف في مواجهة الحكومة والعهد اللذين يعدان من وجهة نظر المعارضين لانقلاب يطيح بالنظام المصرفي. وتشير أوساط سياسية إلى أن اللقاء الذي حصل بين جعجع وعضو "اللقاء الديمقراطي" أكرم شهيّب الموفد من جنبلاط الى معراب، سوف يترتب عنه مجموعة لقاءات لاحقة خصوصاً أنه جاء في وقت أُعيد فيه وصل ما سبق وانقطع بين الحريري وجعجع، وذلك من خلال الإتصال الهاتفي الذي أجراه الأول بالأخير بهدف تهنئته بحلول عيد الفصح.

 

أبو الحسن: ما فيهن يكملوا هيك

[caption id="attachment_77242" align="alignleft" width="429"] النائب هادي أبو الحسن..أسوأ العهود![/caption]

 في ظل الرسائل المتبادلة بين العهد وبين التحالف الجديد (القوات ـ الإشتراكي ـ المستقبل) وخصوصاً بين نواب ووزراء "البرتقالي" وجنبلاط، يؤكد أمين سر "اللقاء الديمقراطي" النائب هادي أبو الحسن: أننا لن ننزلق الى السجالات والى مستوى التجاذبات، وعلينا الالتفات للناس واحترام شعورهم في هذه المرحلة الضبابية، فالإرتباك كبير داخل السلطة والردود من وصفهم بـ"جوقة الشتامين" أتت بعدما وصل الإيعاز، قائلاً: لسنا أدوات بل قوة أساسية وطنية لنا حضورنا، نقول رأينا وعليهم أن يردوا على الرأي بالرأي، وعلى القول بالقول.

 وأوضح أننا نحن لا نستهدف رئيس الحكومة بشخصه، بل نوجه انتقادنا للأداء وللنتائج الكارثية التي نتجت عنه على كل المستويات، ونحن لا نستهدف رئاسة الجمهورية ولا الرئيس، لكن هذا العهد هو أسوأ العهود، وهو أسوأ من عهد الرئيس إميل لحود، فقد وضع البلد في مهب الريح. وإذ اعتبر أن وباء "كورونا" غطى على ارتكابات السلطة الحالية، شدد على أن لبنان اليوم في خطر نتيجة الممارسات الخاطئة، وعلى كل فريق أن يتحمل المسؤولية بمقدار مشاركته بالحكومة. ورأى أن لدى دياب باطنية عميقة وغريبة لا نفهم منها شيئاً، ولقد أعطينا فرصة للحكومة، ولم نتردد لأننا ندرك المصلحة الوطنية ونرفض الفراغ رغم الممارسات الخاطئة، لكننا لم نر حتى الآن أي اصلاح، بل نراهم يعيشون تخبطاً من "الهيركات"، مروراً بـ"الكابيتال كونترول" وصولاً إلى المساعدات الإجتماعية.

 وشدد على أن وليد جنبلاط يقارب الملفات بموضوعية ومن أزعجته انتقاداته فليصحح مساره، ويبدو أنه أغاظهم الدور الوطني الكبير الذي قام به في زمن "كورونا"، والذي لم يميز بين منطقة وطائفة، ما يعطيه بعداً وطنياً، في حين يبدو أنه ممنوع أن يكون لوليد جنبلاط حيثية وطنية، مشيراً إلى أن ما تبقى من مال وليد جنبلاط هو في خدمة الشعب اللبناني الطيب، وهذه سياسة متوارثة لدارة المختارة منذ التاريخ، وهو لا يخاف على ماله، بل على البلد و"يروحوا يلعبوا غير هاللعبة".

سهام بري وفرضيّة التعديل الوزاري

[caption id="attachment_77241" align="alignleft" width="381"] الرئيس نبيه بري..النبيه على الدوام[/caption]

 منذ أيام قليلة جرى تسريب معلومات سريّة حصلت "الأفكار" على جزء مهم منها وهي تتعلق بإمكانية إجراء تعديل وزاري هدفه مواكبة المرحلة الصعبة التي تمر بها الحكومة. تقول المعلومات إن لدى فريق السلطة نيّة كبيرة بإعادة الوزير السابق النائب جبران باسيل إلى وزارة الخارجية والمغتربين بدل الوزير ناصيف حتي، والوزير السابق النائب علي حسن خليل إلى وزارة المال بدل الوزير غازني وزني. وكشفت المعلومات أن سبب هذه الإجراءات تعود إلى حاجة الفريق الحاكم، لوجود وجوه معروفة ومؤثرة في الحياة السياسية في لبنان، من أجل مواجهة التحديات والمواجهات التي سوف تُفرض على الحكومة في الفترة المقبلة خصوصاً مع بروز عودة تحالفات سياسية من أجل هذا الغرض، وربما هدفها أخذ البلاد إلى مواجهات مفتوحة بين الداخل والخارج.

 هذه المعلومات تُقابلها أوساط أخرى بأن هذه الحكومة لا تحتاج إلى تأسيس جبهات وإعادة تحالفات لإسقاطها، بل أنها وبحسب تركيبتها الحالية، تفي بالغرض من أجل إسقاط نفسها خصوصاً وأنها بدأت تتلقى الضربات من رعاتها، بدليل أن رئيس مجلس النواب نبيه بري كان مارس القنص في اتجاه بعض الخيارات الحكومية كالـ"كابيتال كونترول" و"الهيركات"، في وقت فجر فيه أيضاً رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية من دون مواربة حرب تناتش الحصص بين المكونات الحكومية، نازعاً بذلك عن دياب وفريقه صفة الاستقلالية، ما يعني أن المحاسبة المرجوة لا تزال بعيدة المنال، ما دامت الأولوية للمحاصصة على حساب الكفاءة.

 

[caption id="attachment_77243" align="alignleft" width="431"] الوزيران السابقان علي حسن خليل وجبران باسيل..والعودة لمواجهة الخطر![/caption]

حزب الله..في كل عرس قرص

 صحيح أن تقارير صحافية دولية وصفت حكومة "مواجهة التحديات" عند تشكيلها بأنها حكومة حزب الله وأن رئيسها حسان دياب وصل الى السراي الحكومي بعباءة الضاحية الجنوبية وحلفائها وعلى رأسهم فريق العهد، خصوصاً "التيار الوطني الحر"، وصحيح أيضاً أن هذه الحكومة التي يُجاهر رئيسها بأنها مستقلّة وتكنوقراط مع أن الاستحقاقات التي خاضتها أخيراً أثبتت عكس ذلك، إلا أن ما يجري خلف كواليسها من مماحكات وتبادل رسائل "مُشفرة" لا يعكس مشهد الإجماع والرضى السياسي من قبل فريق التكليف لأداء الرئيس دياب وطريقة مقاربته للملفات والقضايا المطروحة.  

 ولعل أكثر من ينطبق عليه هذا التوصيف للمشهد الوزاري، حكومة ورئيساً هو حزب الله الذي يملك سلطة كبيرة في توجيه بوصلة القرارات الرئيسية في البلد، وهو ما نقلته أوساط قريبة من الضاحية الجنوبية لإحدى الوكالات الصحافية متحدثة عن عدم ارتياح الحزب لأداء الحكومة وتعاطي رئيسها مع ملفات متعددة. هذه الصورة تدفع إلى التأكيد أن المشكلة في لبنان سياسية بامتياز، غير أن البعض يحاول حرف الأنظار عن هذه النقطة الجوهرية بالدعوة إلى تغيير النظام الاقتصادي ومهاجمة القطاع المصرفي.