تفاصيل الخبر

حكومة الحريري تستعيد دورها كاملاً الأسبوع المقبل بدعم محلي شبه جامع وضمانات عربية وإقليمية ودولية!

01/12/2017
حكومة الحريري تستعيد دورها كاملاً الأسبوع المقبل بدعم محلي شبه جامع وضمانات عربية وإقليمية ودولية!

حكومة الحريري تستعيد دورها كاملاً الأسبوع المقبل بدعم محلي شبه جامع وضمانات عربية وإقليمية ودولية!

  

الحريري-وجمهور-بيت-الوسطمع عودة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يوم الجمعة في الأول من كانون الأول/ ديسمبر الجاري، من زيارته الرسمية لإيطاليا، يبدأ العد العكسي لعودة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري الى السرايا الكبير بعد طي صفحة الاستقالة التي كان قد أعلنها من الرياض في 4 تشرين الثاني/ نوفمبر، وانتهاء فترة التريّث التي أعطاها لنفسه بناء على طلب الرئيس عون حين عرض عليه الاستقالة يوم عيد الاستقلال، وبذلك يتوقع أن ينتظم العمل الوزاري من جديد بعدما تعثر طوال الفترة التي كانت فيها الحكومة <لا معلقة ولا مطلقة>.

أول مؤشرات إحياء الحكومة الحريرية من جديد سيكون من خلال دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد في قصر بعبدا حيث قضى المخرج الذي تم التوصل إليه بعد يوم من التشاور أجراه الرئيس عون مع رؤساء وممثلي عدد من الكتل النيابية، بأن تلتئم جلسة تعويم الحكومة من جديد ويصدر في نهايتها بيان رسمي يعيد التأكيد على الثوابت الوطنية التي وردت في خطاب القسم والبيان الوزاري وخطب رئيس الجمهورية في مناسبات متعددة، لاسيما تلك المتعلقة بـ<اتفاق الطائف> والعلاقات مع الدول العربية و<النأي بالنفس> ومواجهة الإرهاب والتهديدات الاسرائيلية، إضافة الى موضوع النازحين السوريين، وما يتصل بسلامة لبنان واستقراره، وسوف يشكل هذا البيان الذي سيتولى صياغته عدد من الوزراء من ممثلي الأحزاب <المتجانسة> في الحكومة، إشارة الانطلاق في العمل الحكومي من جديد مع التشديد على مبدأ عدم تدخل أطراف لبنانيين بالصراعات العربية - العربية، وذلك في إشارة غير مباشرة الى دور حزب الله في الحروب في سوريا والعراق واليمن.

وانطلاقة الحكومة من جديد لن تحجب الظروف التي أدت الى ولادة هذا المخرج الذي يُفترض ألا يحرج أحداً من المشاركين في الحكومة فيخرجه منها، لأن الصياغة ستكون مماثلة لتلك التي صيغ بها البيان الوزاري في عناية ملفتة، فما هي تلك الظروف التي جنّبت لبنان ازمة حكومية كبيرة كان يمكن أن تتشعب بحيث لن يكون من السهل ضبط تداعياتها؟

 

مراحل ولادة <الحل - المخرج>

 

مصادر مطلعة رافقت ولادة <الحل - المخرج> أشارت الى أن ملامح <حماية التسوية> التي نضجت العام الماضي بانتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية وتعيين الرئيس الحريري رئيساً للحكومة، ظهرت جلية مع عودة الرئيس الحريري الى بيروت بعدما غادر الرياض الى باريس حيث استقبله الرئيس الفرنسي <ايمانويل ماكرون> <كرئيس للوزراء يمارس صلاحياته كاملاً>، ومنها الى مصر حيث كانت للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رعاية لافتة، وصولاً الى محطة قصيرة في قبرص للقاء رئيسها، ومنها الى مطار رفيق الحريري الدولي و<بيت الوسط>. ومنذ اللحظة الأولى لوصوله الى منزله كانت الحلقة الضيقة من معاونيه في انتظاره، فيما الخطوط مفتوحة في أكثر من اتجاه بهدف وضع قواعد <ملحق التسوية>، لاسيما وأن كل المعطيات دلّت على أن بيان الاستقالة الذي تلاه الرئيس الحريري لم يكن من صناعة حريرية خصوصاً أنه يتضمن عبارات غير مألوفة في أدبيات رئيس الحكومة.

وفي <بيت الوسط>، في تلك الليلة، كانت أصداء مواقف رئيس الجمهورية من <أن كرامة رئيس الوزراء من كرامة لبنان>، يتردد صداها لتتناغم مع مواقف فرنسية وأوروبية وأميركية ترحّب بـ<عودة> الرئيس الحريري الى وطنه الأم لاستعادة مسيرة الحكومة من جديد، والبحث مع رئيس الجمهورية في السبل الآيلة الى إخراج لبنان من النفق الذي دخل بدايته وكان يخشى بقوة أن يضيع فيه. وفيما كانت الاتصالات قائمة والخطوط مفتوحة مع الرئيس الحريري وفريق ضيق من معاونيه من جهة، وقصر بعبدا وعين التينة ووزارة الخارجية والمغتربين من جهة أخرى بحثاً عن معالم حل بدأت ترتسم برعاية دولية خلاصتها أن لا بديل عن حكومة الرئيس الحريري في الوقت الحاضر، ولا بد من إجراءات عملية تعيد إليها الحياة. وبعد التشاور وضع السيناريو الذي نفذ بدقة في اليوم التالي، يوم عيد الاستقلال، حين شارك الرئيس الحريري في العرض العسكري الذي أقيم في جادة شفيق الوزان في بيروت والذي استهله الرئيس عون بطبع قبلة حارة على خد الرئيس الحريري الذي غادر موقع الاحتفال في سيارته ومعه الرئيس بري، ما أفسح في المجال أمام دردشة طويلة امتدت من ساحة العرض الى مدخل القصر الرقم 31، أي المدخل الأساسي حيث كان الرئيس عون في استقبال رئيس حكومته والرئيس بري، وعقد اجتماع ثلاثي عرضت فيه المعطيات على مختلف الصعد والتي أدت مع تحرك الداخل، الى <هبوط> الوحي بحلٍ مثلث الأضلاع خلاصته أن الرئيس الحريري <يعرض> استقالته، فيتمنى عليه رئيس الجمهورية التريّث لإجراء مشاورات تتناول مواقف القيادات اللبنانية من المواضيع التي أثارها والتي كانت محور خلافات أو تباينات في وجهات النظر، فيتجاوب <دولته> مع التمني الرئاسي ويتريّث.

الرؤساء-الثلاثة  

حلقات التشاور وفّرت الغطاء

لم يكن لهذا المخرج أن يأخذ وقتاً طويلاً لأن الكل كان في <جوّه> وسط متابعة خارجية مباشرة توّلتها باريس بتوجيه من الرئيس <ماكرون>، وهو ما أدركه الرئيس الحريري الذي حضر الى بعبدا حاملاً بيان <التريّث> بدلاً من <بيان الاستقالة> مطبوعاً ولم يحتج الى أي تعديل. انتهت خلوة <الرؤساء الثلاثة> لتصبح بعد ذلك خلوة ثنائية لم تقدم ولم تؤخر من المشهد الذي أعدّ بعناية في محاولة شبه مضمونة لنهاية أزمة <بيان الرياض>. وبعد تلاوة البيان شارك الرئيس الحريري في تقبّل التهاني الى جانب الرئيسين عون وبري حيث بدت ملامح الانشراح بوضوح على وجهه، ليغادر بعد ذلك قصر بعبدا الى <بيت الوسط> حيث كانت الحشود تنتظر <الزعيم القائد> وتهتف بحياته وتجدد البيعة له في مشهد كان الرئيس الحريري قد افتقده لسنوات، وعاد بزخم بعد الملابسات التي رافقت وجود الرئيس الحريري في الرياض.

وهكذا، وبين تمني الرئيس عون وتجاوب الرئيس الحريري وتشجيع من الرئيس بري، طغت موجات التفاؤل على ما عداها وبقي المطلوب وضع سيناريو يظهر أن لا غالب ولا مغلوب، بل <صحوة> وطنية جمعت قياديين وسياسيين وإعلاميين. وهكذا ولدت المرحلة التالية من الحل، وهي أن يبادر الرئيس عون الى إجراء تشاور مع ممثلي الأحزاب والكتل النيابية بشكل رافعة لعودة الحكومة الى ممارسة دورها. وفي هذا السياق تحدثت مصادر متابعة أن خيارات عدة وضعت على طاولة النقاش تمحورت خصوصاً على ثلاثة: المضي في استقالة الحكومة، إعادة تفعيلها بشكل كامل، أو إدخال تعديلات محدودة عليها. وفي النقاش برز أن حكومة الرئيس الحريري <لا تستحق> أن يتم إسقاطها ولو بالسياسة، فهي كانت حكومة منتجة عقدت 19 جلسة في قصر بعبدا، وجلسة واحدة في قصر بيت الدين، و31 جلسة في السرايا الكبير... وأصدرت هذه الحكومة 1650 قراراً، و888 مرسوماً عادياً و834 مرسوماً صادراً عن مجلس الوزراء، كما أحالت 28 قانوناً الى المجلس النيابي، أي ما مجموعه 1750 إجراء. وفي ظل هذه الحكومة صدرت قوانين عدة أقرها مجلس النواب بلغ عددها 65 قانوناً، وأربعة قوانين اعتبرت نافذة حكماً، وسبعة قوانين أعيدت الى مجلس النواب لإعادة النظر، كذلك أجرت هذه الحكومة مجموعة تعيينات في الفئة الأولى شملت مراكز أمنية واقتصادية وإدارية وقضائية بحيث ناهز عدد المعينين في وظائف الفئة الأولى 25 شخصاً، إضافة الى رؤساء وأعضاء مجالس إدارة المستشفيات الرسمية.

عوامل داخلية واقليمية ودولية

 

أبعد من إنتاجية الحكومة الحريرية، برزت صعوبة تشكيل حكومة جديدة في ما لو أصرّ الرئيس الحريري على استقالته لأن هذا الأمر سيفتح شهية المستوزرين من جميع الأطراف ما يعرقل ولادة الحكومة كما حصل في حالات سابقة، أما خيار التعديل الحكومي فلم يجد العدد الكافي من مؤيديه في صفوف حلقة المتشاورين لأن ذلك سوف يطرح اشكالية تتصل بأسماء الوزراء الحاليين الذين سوف يُستبدلون بوزراء جدد، وقد برزت صعوبات عدة <وحماسة قليلة> لخيار التعديل بعدما كان خيار الإصرار على الاستقالة قد استبعد نهائياً.

وكي يكتمل مشهد <الحل - المخرج> كان التشاور الذي أجراه الرئيس عون يوم الاثنين الماضي، والذي تلته مشاورات أخرى تولاها الرئيسان بري والحريري خلال وجود رئيس الجمهورية في ايطاليا، وصولاً الى إقرار الصيغة التي سيبتها مجلس ايمانويل-ماكرونالوزراء في أول جلسة يعقدها في الاسبوع المقبل بصرف النظر عن المواقف التي ستصدر عن بعض الأفرقاء في ما خص مسألة <النأي بالنفس> وغيرها من النقاط.

وتقول مصادر متابعة ان الوصول الى هذا المخرج لم يكن ممكناً لولا تضافر عوامل عدة بعضها داخلي والبعض الآخر خارجي، لعل أبرزها <مواقف هادئة وواعدة> صدرت عن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وسوف تمهد لعودة هادئة لمقاتلي الحزب وخبرائه من العراق وسوريا بعدما تأكد عدم وجود مقاتلين حزبيين في اليمن (وهو ما كان السيد نصر الله قد أعلنه علانية)، ومتابعة عربية لمسار الحل من القاهرة وعدد من الدول العربية التي فصلت بين الموقف من ايران والموقف من حزب الله، إضافة الى الحرص الأوروبي والأميركي على عدم المساس بالاستقرار الأمني والسياسي الراهن في لبنان والذي كان قد أبلغ الى المعنيين ولاسيما القيادة السعودية التي تعاطت مع التطورات السياسية الأخيرة بموضوعية وحيادية بعد <نصائح> وصلتها من دول كبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا التي شكلت مجتمعة ومتفرقة <مظلة أمان> بسطتها من جديد فوق لبنان بدعم أيضاً من روسيا وألمانيا وتركيا. وبرز تأثير كل هذه العوامل من خلال تبدل ملحوظ في حدة المواقف التي كانت قد أعلنت سابقاً ومن خفوت أصوات كانت في الأمس القريب مرتفعة وتراجعت حدتها شيئاً فشيئاً، سواء من داخل لبنان أو من خارجه!

في أي حال، تؤكد المصادر المتابعة أن حكومة الرئيس الحريري سوف <تقلّع> من جديد وبزخم تدريجي يرتفع منسوبه كلما حصل تقدم على طريق إنجاح الحلول السلمية للوضع في سوريا، واكتمال <التحرير> في العراق، وتراجع حدة القتال في اليمن، إلا أن العامل الأبرز يبقى في تحقيق تقدم على خط الوساطة الفرنسية بين الرياض وطهران والتي سجلت حراكاً متواضعاً من خلال <المفارز السباقة> التي حركها الرئيس الفرنسي <ايمانويل ماكرون> بالتنسيق مع الولايات المتحدة وروسيا في اتجاه العاصمتين السعودية والايرانية، والتي لم تسلط عليها الأضواء لضمان نجاحها في مهمتها الدقيقة التي قد تأخذ وقتاً، لكن مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة، فكيف إذا كانت بدأت بخطوات عدة واثقة توافرت لها <حصانات> عدة لضمان نجاحها ولو بعد تأخير سوف يوصف بـ<التأخير التقني>، لكنه سوف يمهد لحالات من التقدم خصوصاً إذا ما ساعدت التطورات الميدانية على ذلك؟!