تفاصيل الخبر

حجر الأساس للبنان ٢٠٣٠ أهم من تسمية رئيس الجمهورية المقبل وقانون الانتخابات!

10/06/2016
حجر الأساس للبنان ٢٠٣٠ أهم من تسمية رئيس الجمهورية المقبل وقانون الانتخابات!

حجر الأساس للبنان ٢٠٣٠ أهم من تسمية رئيس الجمهورية المقبل وقانون الانتخابات!

 

بقلم خالد عوض

riad salameh

رغم كل الظروف السياسية المعقدة ورغم الكساد الاقتصادي الشامل لا انهيار مالياً في لبنان... إلا في حالة انهيار مالي عالمي وهذا لا حول لنا به ولا قوة. كل ما يقال عن أزمة اقتصادية خانقة صحيح. ولكن الكلام عن خطر انهيار مالي أو تدهور لسعر صرف الليرة في غير محله، فالإحتياطي المالي لمصرف لبنان عاد إلى الإرتفاع في النصف الثاني من ايار (مايو) المنصرم ولأول مرة منذ الصيف الماضي. هذا يعني الكثير خاصة في هذه الظروف. فمن جهة يعني أن الحصار المالي الخارجي على البلد بدأ ينفك، ومن جهة أخرى فإن المصارف اللبنانية بقيادة البنك المركزي نجحت في تحويل العقوبات المالية على حزب الله إلى نقطة قوة لصالحها من خلال إلتزامها الكامل بالمراسيم التطبيقية الآتية من الولايات المتحدة. ليس هذا بالخبر السار لمؤسسات وأفراد كثيرين يتعاملون مالياً مع الحزب، ولكنها الضريبة التي يدفعها هؤلاء حتى لا يتعرض النظام المصرفي اللبناني برمته إلى الخطر.

الليرة بخير مع أو بدون رئيس للجمهورية، مع أو بدون انتخابات نيابية، مع أو بدون انسحاب حزب الله من سوريا، وأسباب ذلك تعود لسياسة الاستقرار النقدي التي يعتبرها حاكم مصرف لبنان الدكتور رياض سلامة الخط الأحمر المفروض منه على كل السياسيين والمضاربين. وإذا استمر مصرف لبنان في شراء الدولار في أشهر الصيف كما ابتدأ منذ اسابيع بسبب زيادة عرض الدولار مؤخراً، يكون قد حصن البلد وعملته من جديد ولفترة غير بسيطة.

هذا لا يعني أن الأمور كلها على ما يرام بل العكس هو الصحيح. الاقتصاد يمر بأسوأ مرحلة عرفها منذ عقود. القطاع العقاري يعاني من جمود خطير تعبر عنه بشكل أو بآخر أسهم <سوليدير> التي ما زالت دون سعر العشرة دولارات، أي أقل من السعر الذي طرحت به منذ أكثر من عشرين سنة. مداخيل الدولة تدهورت هذه السنة وكل الوفر الذي تحقق من انخفاض فاتورة استيراد النفط لم يكف لخفض عجز الموازنة الذي يمكن أن يناهز ٤ مليارات دولار في ٢٠١٦، وهذا المستوى لا بد أن يؤثر سلباً على قدرة البلد على الاقتراض بفوائد منخفضة. الدورة الاقتصادية شبه مشلولة والقطاع الخاص اللبناني يمر بأزمة وجود ليست كسابقاتها. الحل ليس قريبا بسبب استمرار الحروب من حولنا وتوقع اشتدادها، وبسبب العجز الداخلي في تحييد البلد عنها بالكامل، وربط الاستحقاقات السياسية والانتخابية بنتائجها.

الحل الاقتصادي إن أتى فسيأتي من ثلاثة محاور: الأول هو مساعدات دولية بشكل قروض ميسرة للنهوض بالبنية التحتية. والثاني هو عودة العلاقات اللبنانية - الخليجية وانعكاس ذلك بعودة الإنفاق الخليجي في لبنان. أما الثالث فهو فرصة إعادة اعمار سوريا التي لا يمكن التنبؤ بتوقيتها ولكنها ستنعكس نمواً اقتصادياً كبيراً في البلد. كل هذه الإمكانيات واردة ولكنها تنتظر الظروف السياسية الداخلية لتتبلور.

محمد بن سلمان 2ولكن هناك فرصة جديدة يمكن أن يستفيد منها لبنان وهي رؤية المملكة العربية السعودية لعام ٢٠٣٠ والتي أقرها مجلس الوزراء السعودي الأسبوع الماضي.

 أهم ما في الرؤية السعودية لعام ٢٠٣٠ هو الناحية التطبيقية لها والتي تمثلت في برنامج التحول الوطني حتى عام ٢٠٢٠. من السهل طرح رؤى نظرية ولكن من الواضح أن المملكة وضعت الخطط التطبيقية لذلك وواكبتها بمؤشرات أداء أساسية لمراقبة التنفيذ. وهذه هي المرة الأولى التي يضع فيها بلد عربي مؤشرات أداء دقيقة للتأكد أن الرؤية هي خطة حية، وأن الخطة هي مجموعة برامج بتواريخ محددة وأهداف واضحة. الرؤية السعودية أمامها تحديات كبيرة منها داخلية وأخرى خارجية. والمشوار فيها لن يكون سهلاً أبدا. وستكون النتائج هي الإمتحان الحقيقي للقيادة الواعدة في المملكة. ولكن في الوقت نفسه تحمل الخطة بعدا اقتصاديا إقليميا مهما جدا، فماذا تعني الرؤية السعودية للمنطقة ولبنان؟

في البداية يجب النظر إلى الخطة على انها مرحلة عبور السعودية من النفط إلى ما بعده. وإذا كان أكبر مصدر للنفط يفكر بهذه الطريقة فالأولى بالدول المستوردة مثل لبنان أن تواكبه. وبدل انتظار الغاز إلى ما لا نهاية لحل كل مشكلات لبنان الاقتصادية وحتى السياسية يجب التفكير جدياً بما بعد الغاز والنفط. لدينا شمس على مدار ٣٠٠ يوم في السنة والطاقة الشمسية أصبحت منافسة تجاريا، لذلك يجب تصور خطة تحول ٥٠ بالمئة من الطاقة التي يحتاج إليها البلد إلى طاقة شمسية مع حلول سنة ٢٠٣٠.

بالإضافة إلى مسار تنويع الطاقة لا بد من استلهام تركيز الخطة السعودية على تخفيف حجم ودور الحكومة في الاقتصاد. في لبنان ومعظم الدول العربية هناك مرض اسمه <الانتفاخ الحكومي> الذي ينمو ويتكابر باستمرار. ليس المطلوب الهرولة إلى الخصخصة بل يكفي وضع هدف تخفيف كلفة وحجم الموظفين في الدولة مع حلول عام ٢٠٣٠ إلى ثلثي ما هي عليه اليوم حتى نكون قد حققنا الكثير.

هناك أمور كثيرة أتت عليها الخطة السعودية لا بد من مواكبتها في لبنان وغيره من الدول. ليس المهم إسم رئيس الجمهورية ولا القانون الانتخابي الذي ما زال الجميع عاجزين أن يتفقوا حوله. المهم أن يخرج من يقول لنا ان لبنان في عام ٢٠٣٠ سيكون أفضل بكثير من لبنان اليوم، بعد أن يرينا بالتفصيل كيف سيتحقق ذلك، بالأرقام والأهداف المرحلية ومؤشرات الأداء الدقيقة، تماماً مثل السعودية التي حققت أكثر من نصف الرؤية بمجرد التفكير الملي في تفاصيل التنفيذ.