تفاصيل الخبر

هبة فرنسية لإقامة مشاريع انمائية في لبنان أكثر من نصف العاملين فيها من النازحين السوريين!

07/02/2020
هبة فرنسية لإقامة مشاريع انمائية في لبنان  أكثر من نصف العاملين فيها من النازحين السوريين!

هبة فرنسية لإقامة مشاريع انمائية في لبنان أكثر من نصف العاملين فيها من النازحين السوريين!

 

في الوقت الذي يتمسك فيه لبنان بعودة النازحين السوريين الى وطنهم بعدما تجاوز عددهم في لبنان المليون ونصف المليون نازح، وفيما سيستمر تجاهل المجتمع الدولي للطلبات اللبنانية بتنظيم هذه العودة في ردة فعل ملتبسة على المراجعات الرئاسية اللبنانية المتكررة، فوجئت الأوساط السياسية والشعبية بصدور مرسوم في الجريدة الرسمية الأسبوع الماضي رقمة 6134 يتعلق بإبرام اتفاقية تمويل بين لبنان ممثلاً لمجلس الإنماء والإعمار والوكالة الفرنسية للتنمية بهدف تنفيذ مشاريع بنى ريفية ومشاريع إعادة تحريج وتنفيذ عمليات تدريب في المناطق الأكثر تأثراً من جراء تبعات الأزمة السورية.

في ظاهره، يبدو المرسوم الذي حمل تواقيع رئيسي الجمهورية والحكومة ووزراء البيئة والزراعة والشؤون الاجتماعية والمالية والخارجية والعدل والاقتصاد، مرسوماً عادياً يدخل في إطار الاتفاقيات التي تعقد بين لبنان ومنظمات أو هيئات دولية لتقديم مساعدات عينية للمساهمة في الحد من تداعيات النزوح السوري الى لبنان الذي يشكو منها رئيس الجمهورية الذي كشف في الأسبوع الماضي ان الكلفة التي تكبدها لبنان للاهتمام بالنازحين السوريين بلغت 25 مليار دولار منذ أن بدأت الحرب في سوريا وحتى نهاية العام الماضي، وهو مبلغ كبير خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية والمالية الصعبة التي يمر بها لبنان. إلا ان التحقيق بخلفياته أظهر ان المرسوم الذي أقر في آخر جلسة لمجلس وزراء حكومة الرئيس سعد الحريري قبل استقالة رئيسها، نتج عن اتفاقية وقعت بين مجلس الانماء والإعمار والوكالة الفرنسية للتنمية في شهر أيار (مايو) 2018، وبالتالي فإن ابرامها تم على سبيل التسوية بعد عام من توقيعها، علماً ان جدلاً قام حين تم التوقيع لأنها مرتبطة بمسألة النازحين السوريين والمواقف الرسمية من عودتهم الى أرضهم.

وفي معلومات <الأفكار> ان الاتفاقية تنص على هبة بقيمة 15 مليون يورو حولت الوكالة ثلاثة ملايين يورو منها كدفعة مسبقة أولى وضعت في حساب المشروع الذي أتى بطلب من الجانب اللبناني، أي مجلس الانماء والاعمار الذي طلب من الوكالة بتزويدها بمنحة تخصص لتمويل مشروع يمتد على أربع سنوات يساهم خلالها مجلس الانماء والاعمار بشكل عيني من خلال تقديم أراض من المشاع، أما المشروع في حد ذاته فهو يقوم على دعم القدرة على التكيف على مستوى المناطق الريفية والبيئية في لبنان ويهدف الى تحسين الظروف المعيشية للسكان اللبنانيين والسوريين الأكثر ضعفاً في المناطق المتأثرة بتبعات الأزمة السورية على وجه الخصوص البقاع وعكار. ويموّل المشروع نشاطات مدرّة للدخل وفرص العمل في المناطق الريفية مع استهداف الأشخاص الأكثر ضعفاً وزيادة فرص عمل للشباب والنساء والتدريب الزراعي على صيانة الاستشارات الريفية على المدى القصير. أما على المدى المتوسط والطويل فيهدف الى المساهمة بزيادة مستدامة للانتاجية الزراعية من خلال تحسين امكانية الوصول الى المياه والري للاستخدام الريفي.

تعاقد مع نازحين سوريين!

إلا ان اللافت في شروط المشروع ان يكون العمال من النازحين السوريين بنسبة تزيد عن 50 بالمئة تنظم لهم عقود عمل للسنوات الأربع! وهنا تكمن <القطبة المخفية> التي مرت على الحكومة السابقة لاسيما وأن مجلس الانماء والإعمار يختصر بموجب ما نصت عليه الاتفاقية، دور وزارات عدة كانت موكلة إليها عملية الاهتمام بالنازحين، وبالمشاعات والزراعة والعمل، الأمر الذي كان يفترض أن تتنبه له الحكومة السابقة لاسيما وان تنفيذ الاتفاقية يعني التعاقد مع أكثر من نصف العامين فيه من النازحين السوريين لمدة أربع سنوات، ما يعني استطراداً، بقاء هؤلاء النازحين لمدة أربع سنوات في لبنان وعدم عودتهم الى ديارهم، في وقت ينادي لبنان المجتمع الدولي بتسهيل هذه العودة، فإذا بالاتفاقية المذكورة، تجيز بقاءهم أربع سنوات على الأرض اللبنانية، أي طوال مدة تنفيذها. وهذا يعني بالتالي عدم عودة هؤلاء العمال النازحين الى حين انتهاء مفاعيل الاتفاقية حتى ولو سمحت الظروف الأمنية والسياسية بعودتهم الى بلادهم!

كذلك فإن في المشروع علامات استفهام حول ما قصدته الاتفاقية باستخدام المشاعات اللبنانية التي لم تحدد فيها، ولا حُددت ايضاً الأراضي الزراعية وموارد المياه وغيرها، علماً ان تقسيم أموال المشروع يلحظ ما نسبته 10 بالمئة فقط من قيمة الهبة سيتم صرفها على الري والتشجير والتمكين، فيما سيصرف الجزء الأكبر على مصاريف التشغيل والأجور!

ورأت مصادر متابعة لملف النازحين السوريين في لبنان، ان هذا المشروع، يحقق اعترافاً رسمياً من الدولة اللبنانية ببقاء النازحين الذين سوف يستفيدون من فرص العمل أربع سنوات الى حين انتهاء المشروع... هذا إذا لم يتم تجديده في حال نجاح هذه التجربة... وبالتالي الإقرار باليد العاملة السورية من النازحين في وقت يعاني لبنان بطالة في صفوف الشباب اللبناني بلغت نسبتها مع نهاية العام 2019 بنحو 34 بالمئة، والأخطر من ذلك هو الاعتراف الدولي (وإن كان على المستوى الفرنسي في مرحلة اولى) بأحقية تشغيل النازحين السوريين في لبنان، فيما تسعى الدولة اللبنانية الى تأمين عودتهم الآمنة والكريمة الى بلادهم، ما يجعل القائلين إن النزوح السوري يشكل عاملاً ايجابياً في رفد الاقتصاد اللبناني، يجاهرون بصحة ما يقولون ويدعون تالياً الى تعميمه على نطاق أوسع... واعتبرت المصادر ان هذا المرسوم الذي مُرر في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء في عهد حكومة الرئيس سعد الحريري، لم يمر عفوياً، بل كان من المقصود تمريره على <عجل> ليصبح أمراً واقعاً! إلا ان المصادر رأت ان المرسوم الذي صدر يمكن تعديله بمرسوم لاسيما لجهة تصحيح الفقرة المتعلقة بعقود العمل للنازحين السوريين التي تخفي وراءها، إقامة للمستفيدين من هذه العقود، فيما لبنان يسعى الى تسهيل عودة النازحين السوريين الى بلادهم!