تفاصيل الخبر

حاملو فصيلة دم "A" أكثر عرضة للاصابة بفيروس "كورونا" من غيرهم

11/11/2020
حاملو فصيلة دم "A" أكثر عرضة للاصابة بفيروس "كورونا" من غيرهم

حاملو فصيلة دم "A" أكثر عرضة للاصابة بفيروس "كورونا" من غيرهم

بقلم وردية بطرس

 

الاختصاصية في الأمراض الجرثومية والمعدية الدكتورة ندى شمس الدين: المتغيرات في فيروس "كورونا" تلعب دوراً بما يتعلق بالتدهور السريري وارتفاع نسبة الوفيات

 

[caption id="attachment_82893" align="alignleft" width="377"] هناك علاقة بين فصيلة الدم والاصابة بـ الـكورونا.[/caption]

* دراسة فصيلة الدم علمية وجديرة بالاهتمام والإقفال على الطريقة اللبنانية لا يجدي نفعاً

أظهرت دراسة جديدة أن فصيلة الدم "O" ترتبط بانخفاض خطر الاصابة بعدوى فيروس "كورونا المستجد". ونشرت الدراسة في مجلة "Blood Advances" وشملت الدراسة 473 ألفاً و 654 شخصاً في الدنمارك تم اختبارهم لفيروس "كورونا" بين 27 شباط (فبراير) 2020 و 30 تموز (يوليو) 2020. ويعتمد نوع فصيلة الدم على وجود او عدم وجود بروتينات معينة على خلايا الدم الحمراء، وهذه البروتينات تُسمى مولدات الضد "أنتيجين" وتتحدد فصيلة الدم بالوراثة من الأبوين. وتوجد 4 فصائل للدم "O, A, B, AB" ووجد العلماء أن الخطر النسبي للاصابة بالفيروس كان 0.87 لدى الأشخاص الذين يحملون فصيلة الدم "O" مقارنة بنسبة 1.09 لفصيلة الدم  "A" و 1.06 لفصيلة الدم B،  و1.15 لفصيلة الدم AB وهذا يعني من ناحية احصائية أن حاملي فصيلة الدم "O" هم أقل عرضة لخطر العدوى بفيروس "كورونا المستجد"، ولكن هذا لا يعني كون الانسان يحمل فصيلة الدم "O" أنه محصن من فيروس " كورونا"، وتبقى الطريقة الوحيدة لحماية نفسه من الفيروس الالتزام بمعايير التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامة واتباع ارشادات النظافة الشخصية، واتباع تعليمات المنظمات الصحية في بلده.

 الارتباط ما بين فصيلة الدم وفيروس "كورونا المستجد"

 فما العلاقة بين فصيلة الدم وفيروس "كورونا المستجد"؟ وما أهمية هذه الدراسة؟ وهل وصلنا الى وضع كارثي في لبنان اثر تفشي الفيروس في البلد وغيرها من الأسئلة طرحتها "الأفكار" على الاختصاصية في الأمراض الجرثومية والمعدية الدكتورة ندى شمس الدين:

* بحثت دراسات عدة في علاقة الوراثة بالقابلية على الاصابة بفيروس "كورونا المستجد" وبشكل اكثر تحديداً دور فصيلة الدم في هذا المجال، وتوصلت جميع الدراسات الى نتيجة متطابقة وهي أن الأشخاص الذين يحملون فصيل دم "O" أقل عرضة للاصابة بفيروس كورونا، وان الحاملين لفصيلة الدم "A" هم الأكثر عرضة فكيف ترين هذه الدراسة وما أهميتها؟

- هذه الدراسة جديرة بالاهتمام، اذ منذ بداية جائحة "الكورونا" في العالم تبيّن أن هناك اختلافاً بين الشعوب من حيث انتشار الاصابات في بلدانهم وتطور الحالات لدى المصابين فيها. فلقد لاحظوا من انتشار الفيروس ان تطور الحالات لدى المصابين في ايطاليا واسبانيا هي أكثر مما عليه في المانيا، حيث عدد الوفيات فيها تُسجل رقماً أقل مما هو في ايطاليا واسبانيا ، وهذا الأمر جعلهم يتفقون حول امكانية ان يكون للجينات دور في هذا الخصوص، وعندها ربطوا ما بين فصيلة الدم والاصابة بـ"الكورونا". فموضوع دراسة الجينات عند الاصابة بالفيروس وفئة الدم ليس جديداً اذ انه موضوع قديم، وهذه الدراسة الجديدة التي تفيد بأن الأشخاص من فئة  "A" معرضين أكثر للاصابة بـ"كوفيد- 19"، ووجدت الدراسة ان فصيلة الدم "O" يكون تطور الاصابة لديهم أخف ولا تُسجل وفيات مقارنة مع فصيلة الدم "A" الذين يتعرضون  لمضاعفات شديدة وتُسجل حالات وفاة بينهم أيضاً. نحن نعلم بأنه بما يتعلق بفيروس "كوفيد –19" فالمتغيرات تلعب دوراً بالتدهور السريري وارتفاع نسبة الوفيات. واذا كان العلماء يرون أن الذكور هم أكثر عرضة للاصابة من النساء، كما تُسجل حالات وفاة لدى الذكور أكثر من النساء، وأيضاً بما يتعلق بالاصابة بمرض السكري فهو أعلى عند الرجال من النساء، وأيضاً مرض القلب وبالتالي الأمر منطقي أن يكون هناك ارتباط ما بين فصيلة الدم بهذا الموضوع،  ولهذا تم تسليط الضوء على التركيبة الجينية لدى الانسان، حيث ان هناك شعوباً معرضة لمضاعفات الفيروس أكثر من غيرها. فعلى سبيل المثال في أوروبا وأميركا تُسجل اعلى نسبة اصابة وأيضاً حالات وفاة، وحتى في أوروبا هناك اختلاف بين بلد وآخر. فمثلاً تُسجل اعلى نسبة اصابة بـ"الكورونا" في ايطاليا واسبانيا مقارنة مع نسبة الاصابة في المانيا والنروج ،ولهذا تُعتبر هذه الدراسة مهمة لأنها تلقي الضوء على علاقة فصيلة الدم و"الكورونا".

وتتابع:

 

[caption id="attachment_82892" align="alignleft" width="446"] الدكتورة ندى شمس الدين : لو التزمت الدولة جدياً بوضع خطة لتجهيز المستشفيات بالشكل الصحيح لما ارتفعت نسبة اصابة الطاقم الطبي.[/caption]

- تجدر الاشارة الى انه بدأوا بهذه الدراسة من شهر شباط (فبراير) الماضي حيث جمعوا المعلومات وتابعوا الى ان توصلوا الى هذه الدراسة. لقد اطلعت على هذه الدراسة ورأيت انها مفصلة بشكل علمي وهي جديرة بالاهتمام ولكن للأسف ليست لدينا في لبنان دراسة حول هذه الأمور، اذ اننا ننظر الى الدراسات في اوروبا وأميركا ولكننا بحاجة الى دراسة عن شعوب المنطقة بما فيها الشعب اللبناني لنعرف أكثر عن هذا الجانب بما يتعلق بهذا الفيروس، مع العلم أنه حتى الدراسة التي أجريت ركزّت على ايطاليا واسبانيا والمانيا والنروج بينما يجب أن تشمل الدراسة بلداناً أوروبية أكثر وأيضاً في أميركا. اذاً فكرة دراسة فصيلة الدم وارتباط بفيروس "كورونا" ليس جديداً ولكن الآن ألقي الضوء على هذا الموضوع بعدما لاحظ العلماء أن هناك ارتباطاً ما بين الفيروس وفصيلة الدم.

* كيف ستساعد هذه الدراسة بما يتعلق بالاصابة بالفيروس؟

- لا شك ان هذه الدراسة مهمة ولكن يبقى الهدف الأساسي والأول لمواجهة "الكورونا" هو الالتزام بالارشادات الوقائية وحماية أنفسنا قدر المستطاع من الاصابة به، وبالتالي مكافحة الوباء ليس بالعلاجات بل بالوقاية. فعادة هناك طريقتان بما يتعلق بعدوى الفيروس: اما ان يتغيّر الفيروس ويصبح أضعف واما بايجاد اللقاح ضده، ولكن لغاية الآن حصول أحد الخيارين او الاحتمالين غير متوفر. اذاً السلاح الوحيد بين أيدينا هو الوقاية والالتزام بكل الارشادات. وصحيح ان الدراسة تلقي الضوء على ان فصيلة الدم "A" أكثر عرضة للاصابة بالفيروس، ولكن هذا لا يعني ان اصحاب فصيلة الدم "O" لن يُصابوا بـ"الكورونا" وبهذه الحالة الوقاية هو الخيار الأنسب والأفضل لتفادي الاصابة بهذا الفيروس.

الإصابات لدى الشباب أكثر لأنهم لا يلتزمون بالارشادات الوقائية

* قبل أشهر كان كبار السن أكثر عرضة لمضاعفات "كوفيد – 19" ونسبة وفيات أعلى بينما اليوم نرى حالات اصابة وأعراض شديدة لدى الشباب وحتى تُسجل وفيات،  فلماذا يحصل ذلك؟

- تظهر الدراسات عن الأمراض الفيروسية انه يحصل فيها متغيرات، اذ يتحّكم بتطور المرض. فعلى سبيل المثال مرض "الايدز" أحياناً يكون الزوج حاملاً فيروس "اتش اي في"، ولكن عند اخضاع الزوجة للفحص يتبين أنها لم تصب بالفيروس بالرغم من العلاقة الجنسية بينهما، وأيضاً بما يتعلق بالأم الحامل اذا قد تكون حاملة الفيروس ولكن لا ينتقل الى الجنين لأن الفيروس يكون نائماً غير نشط ، ولهذا تتم دراسة متغيرات الفيروس. بالنسبة لفيروس "كورونا المستجد" فهناك متغيرات ايضاً، اذ يجب معرفة كيف التقط الشخص الفيروس،  فاذا كان الشخص قريباً من شخص مصاب فسيكون ضرر الفيروس عليه أكثر لأنه يلتقطه بطريقة تؤثر عليه كثيراً خصوصاً اذا سعل او عطس وهو قريب منه، بينما اذا وجد الشخص مع شخص مصاب وهو بعيد عنه مسافة متر ونصف المتر وبقى لمدة ربع ساعة مثلاً وهو يرتدي الكمامة فلن يُصاب به، وبالتالي هناك متغيرات ويجب النظر بكمية الفيروس التي التقطها الشخص، والمدة التي يقضيها الشخص مع شخص مصاب بالفيروس ولكن طبعاً اذا وجد معه في غرفة بدون كمامة وعدم الالتزام بالتباعد الاجتماعي فسيلتقط الفيروس.

وتتابع:

- بالنسبة لموضوع اصابة الشباب بـ"الكورونا" وظهور أعراض شديدة عليهم أكثر من الكبار في السن فمرده ان الكبار في السن يخافون على أنفسهم أكثر ويلازمون بيوتهم أكثر ولا يخرجون كثيراً ولا يقصدون الحفلات والمطاعم وما شابه، اي أنهم يتقيدون أكثر بالارشادات الوقائية، بينما الشباب يقصدون الحفلات والمطاعم ويلتقون بالناس دون الالتزام بالارشادات الوقائية وبالتالي يعرّضون أنفسهم للاصابة بالفيروس أكثر وتكون الأعراض شديدة عليهم أيضاً. للأسف في لبنان لا نجد ان المطاعم تلتزم بالتباعد الاجتماعي،  اذ تجدين الناس يجلسون متلاصقين لبعضهم البعض دون الأخذ بعين الاعتبار الوباء الذي يفتك بالشعوب. ولذلك عندما يقصد أحدهم المطعم فعليه ان يتنّبه الى كل هذه الأمور،  فمثلاً اذا بقي لفترة داخل مطعم مغلق وهناك من يسعل او يعطس فبهذه الحالة عليه ان يجلس على مسافة متر ونصف المتر من الأشخاص الموجودين في المطعم. صحيح ان العاملين يلتزمون بوضع الكمامات أثناء العمل ولكن ما أدرانا عندما يدخلون الى المطبخ لتحضير الطعام وما شابه عما اذا  كانوا يضعون الكمامة ام لا . للأسف في لبنان تُوضع النظريات ولكنها لا تُطبق، اذ ليست لدينا خطة واحدة لكي يلتزم الجميع بها، والأسوأ من ذلك أننا نرى المطعم يكون مزدحماً بالناس والغالبية تستخدم النرجيلة دون ادراك مدى خطورة انتشار الفيروس في مثل هكذا أجواء.

 

ليس هناك قطاع في لبنان جاهز لمواجهة الوباء

* وما مدى خطورة فتح المدارس حيث يُعتبر الأولاد من ناقلي الفيروس بشكل كبير لأهلهم والمحيطين بهم؟

- بالنسبة الي أرى أنه في لبنان ليس هناك قطاع جاهز كما يجب لمواجهة وباء" الكورونا"، اذ لم تُوضع خطة كما يجب بل انها مجرد توصيات نظرية ، مع العلم اذا أرادوا ذلك بامكانهم ان يساعدوا كثيراً ولكنهم يفلحون بالظهور على شاشات التلفزة كل يوم ويتحدثون عن اغلاق البلد او فتحه، بينما العمل الجدي يقتضي بأن يكون هناك تعاون وتنسيق بين البلديات ووزارة الداخلية ووزارة الصحة لتحضير الفرق المدمجة اي يجب تحضير الفرق المدمجة لذلك. ففي كل بلدان العالم كانت هناك جدية بالتعاطي مع انتشار الفيروس بينما عندنا تسير الأمور بشكل غير مقبول. تخيلي ان المصابين بـ"الكورونا" يتصلون بي من مختلف المناطق اللبنانية ويقولون لي إنهم مصابون ولكن لم يتصل بهم أحد ليعلمهم ماذا يتوجب فعله اثناء الحجر المنزلي وكيفية مواجهة هذا الوباء لأنه بالنهاية هناك طرق للتعقيم وغيرها، اي يجب ان يكون هناك برنامج توجيهي ولكن للأسف لم يحصل ذلك. وللأسف ايضاً الاعلام أحياناً يتيح من على منابره المجال لأشخاص غير متخصصين بمجال الأمراض الجرثومية للتحدث عن "الكورونا" وبالتالي حدث تضارب بالمعلومات التي وصلت الى الناس بطريقة مغلوطة.

إقفال البلد لا ينفع إذا لم يلتزم الناس بالارشادات الوقائية

* مع صدور قرار اقفال البلد ابتداء من تاريخ 14 الجاري لنهاية الشهر بسبب تفشي الفيروس في البلد، فهل سيحد ذلك من انتشاره؟

- الاقفال على الطريقة اللبنانية لا يجدي، فاقفال البلد لمدة اسبوعين وبعدها يفتح البلد ويخرج الناس الى كل مكان بدون الالتزام بالارشادات الوقائية فهذا لن ينفع وسترتفع الاصابات من جديد. لقد رأينا بعد اقفال البلد في شهري آذار (مارس) ونيسان (أبريل) الماضيين كيف ان الناس أبدوا استهتاراً عندما فتح البلد بينما الأجدى كان وضع خطة لمواجهة الوباء من خلال توجيه الناس حول طرق الوقاية وكيفية التعقيم الى ما هنالك، بينما في دول العالم رأينا كيف ان الدول قدمت لشعوبها المال لكي يلازموا بيوتهم ولا يخرجوا بدافع العمل وكسب لقمة عيشهم كما حصل مع اللبنانيين، اذ ان الناس اضطروا ان يخرجوا لتأمين لقمة عيشهم لأنهم اذا لم يفعلوا سيموتون من الجوع. نحن اليوم وصلنا الى وضع صعب جداً خصوصاً ان نسبة اعداد الاصابة في البلد ترتفع بشكل مخيف.

*  بالرغم من الاجراءات الوقائية التي يتخذها الطاقم الطبي والتمريضي في لبنان تُسجل نسبة اصابة بين الأطباء والممرضين وتُسجل حالات وفاة فلماذا تنتقل العدوى بالرغم من الاجراءات الوقائية؟

- في الحقيقة ليس هناك التزام بالاجراءات الوقائية وهذا ما أشرت اليه في سياق الحديث أنه لم تُوضع خطة لمواجهة الوباء كما يجب، اذ لم يحصل تدريب للأطباء حول كيفية التعامل مع هذا الفيروس لأنه بالنهاية هذا فيروس جديد ويجب ان تتكاتف الجهود لمواجهته، للأسف رأينا أطباء وممرضين أصيبوا بالفيروس لأن المستشفيات لم تكن مجهزة كما يجب للتعامل مع هذا الفيروس، فلو ان الدولة التزمت جدياً بوضع خطة لتجهيز المستشفيات بالشكل الصحيح لما ارتفعت نسبة اصابة الطاقم الطبي والتمريضي في لبنان، وأقول هذا لأنه للأسف رأيت انه لم تجر الأمور كما يتوجب، فهناك مسائل كثيرة تتعلق بالفيروس ولم تحظ باهتمام المعنيين ولهذا ترين ان الوضع في لبنان يزداد سوءاً.