تفاصيل الخبر

”حالمو اليابان“ في عرض ”ساموراي اكس“ على ”مسرح المدينة“: قصة آخر ”سموراي“ ياباني.. يرويها لبناني!

06/12/2019
”حالمو اليابان“ في عرض ”ساموراي اكس“ على ”مسرح المدينة“: قصة آخر ”سموراي“ ياباني.. يرويها لبناني!

”حالمو اليابان“ في عرض ”ساموراي اكس“ على ”مسرح المدينة“: قصة آخر ”سموراي“ ياباني.. يرويها لبناني!

بقلم عبير انطون

كان مميزا الاعلان عن مسرحية يابانية تعرض في <مسرح المدينة> تحت عنوان <سموراي اكس> في السادس من كانون الأول (ديسمبر) الجاري. لكن التعمق في تفاصيلها يكشف انها تتقاطع مع واقعنا اللبناني الذي يتطلب اخلاقيات الـ<سموراي> الشجعان حتى تعود القيم الى سكتها الصحيحة، والمبادئ الى التطبيق والتنفيذ.

فمن هي السيدة اليابانية التي كتبت واخرجت المسرحية وتمثل فيها؟ من هم <الحالمون اليابانيون> الذين أتوا من اقاصي الارض ليشاركوها العرض، وما الذي سيمتعون به الجمهور اللبناني؟ ماذا يعلمنا العرض عن الـ<بوشيدو> وما المعنى الذي تحمله هذه الكلمة اليابانية؟ ما علاقة استاذ التاريخ اللبناني بها، وبأي هدف سافر الى اليابان؟

التفاصيل الممتعة عن العرض استقيناها في لقاء <الأفكار> مع الممثلة والكاتبة والمخرجة اليابانية <رينكا تاكيمينا> (تتكلم بعض العربية الى اللغتين الفرنسية والانكليزية)، و<الساموراي> اللبناني محمد تمراوي.

بعد التحية على الطريقة اليابانية توجهنا الى <رينكا> (اسمها الاصلي <ايكو مينامي>) وطلبنا منها ان تعرّف قراء <الافكار> عن نفسها:

 ــ أقيم في لبنان منذ حوالى خمسة اعوام تقول <رينكا>. لقد تعرّفت هنا بعدد كبير من الاشخاص الرائعين الذين يحبون الثقافة اليابانية. بدأت بتعليم المسرح الياباني بشكل تطوعي وذلك لتشجيع اللغة والعادات اليابانية وايصال الحضارة اليابانية بالشكل الصحيح، وقد تمرست في المسرح المحترف في اليابان طوال عشرة أعوام.

 تدور قصة <سموراي - اكس> حول شخص لبناني سافر في العام 1867الى اليابان بهدف تعلم الـ<بوشيدو>، وهي مجموعة من القوانين الأخلاقية التي كان المحاربون (بوشي) يتبعونها في اليابان أثناء العصور الوسطى. يلتقي بـ<ساموراي> هناك ومنه يتعلم الفضائل السبع (وتسردها لنا <ايكو> باللغة الفرنسية وما يقابلها في العربية):

   Justice, Courage, Miséricorde, Respect, Honnêteté, Honneur et Loyauté

اما ترجمتها الى اللغة العربية فتعني: العدالة، الشجاعة، الرحمة، الاحترام، الامانة، الشرف، والولاء.

 ومن هذا المنطلق، تضيف <رينكا> كاتبة ومخرجة المسرحية، فإن العرض سيتبع معنى كل واحدة من هذه الفضائل في مشهد يجسدها. وهي رموز جد أساسية لنا جميعا سواء كنا يابانيين او لبنانيين او الى اية جنسية اخرى انتمينا حتى نعمل جميعا على الوصول الى مجتمع افضل.

وعما اذا كان الجمهور اللبناني سيفهم العرض وما يدور فيه، تؤكد <رينكا> انه سيفهمه بكل تأكيد: <لقد سبق ولعبنا المسرحية عينها على خشبة <مسرح بيريت> التابع للجامعة اليسوعية في الثامن من نوفمبر المنصرم واستطاع الجمهور الحاضر فهم القصة وما يدور فيها. سوف نلعبها بشكل اساسي باللغة اليابانية وباللغة العربية ايضا، وبعد كل مشهد ستكون هناك رواية تفصيلية باللغة العربية، فضلا عن ان العرض يضم الكثير من الرقص واللعب والتي يمكن ان تفهم من دون كلام او شرح حتى>.

 

تحية لجدّي!

تؤكد <رينكا> لـ<الأفكار> انها وضعت هذا العرض وهذا السيناريو تحديدا تحية لجدها، فهو من علمها الكثير من الأمور المهمة في هذه الحياة أوّلها التقدير، الحب، وقوة الروح حتى يتمكن الانسان من العيش وهو فخور.

 وتزيد <رينكا> بعد تفكير:

- في بلدكم عدد كبير من الأشخاص الذين أجلّهم، واعتبر لبنان بلدي الثاني وآمل فعلا ان يلاقينا الى العرض عدد كبير من الناس حتى يشحنوا انفسهم بالطاقة الايجابية في مثل هذه الايام العصيبة التي يمرون بها.

أما بالنسبة الى الممثلين المشاركين، فهم خليط بين ممثلين يابانيين وآخرين لبنانيين. بينهم من سيدهشكم بطلاقته باللغة اليابانية، تقول <رينكا>. لقد قمنا بالتمرينات لأكثر من ثلاث مرات أسبوعيا على مدى اربعة أشهر ويحمل فريقنا اسم <دريمرز جابان> (حالمو اليابان) وأعتبر نفسي محظوظة جدا في ان يشاركني ويحيط بي اعضاء رائعون مثلهم، بينهم الـ<ساموراي> اللبناني محمد تمراوي.

احلم باليابان..

 الى محمد تمراوي، <الساموراي> اللبناني الذي يلعب دورا أساسيا انتقلنا.

وقبل ان يفصّل لنا تجربته اليابانية وحلمه المؤجل لكن الأكيد بالسفر الى تلك البلاد البعيدة للعمل وتكوين عائلة، عرفنا بنفسه:

 ــ أنا مواطن لبناني عمري 26 سنة درست برمجة الكومبيوتر وادارة المعلوماتية في لبنان وفي فرنسا واعمل اليوم في <مؤسسة عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية> في الجامعة الاميركية في بيروت. في الشق المسرحي، فإن اعجابي باليابان هو ما قادني الى هذه المشاركة، فأنا احب اليابان جدا، واملك محبة هائلة للغة وحضارة واخلاق الشعب الياباني، وبالتالي كل ما يتعلق بهذا البلد ومن ضمنه المسرح الياباني.

دخلت عالم المسرح الياباني في نهاية العام 2014 من خلال مشاركتي في اول مسرحية يابانية مع معلمتي <رينكا>. ففي ايلول من العام 2014 انضممت الى صف اللغة اليابانية في الجامعة اليسوعية، اذ في جامعة القديس يوسف مركز يحمل اسم <المركز الاكاديمي الياباني> وهو تابع للسفارة اليابانية ويتم فيه تدريس اللغة اليابانية. وكانت معلمتنا هي <جونكو هوكي> من اليابان وهي صديقة لـ<رينكا>. وبينما كانت تحضّر مسرحيتها آنذاك سألتني ان كنت أرغب بالمشاركة، وبالطبع لم اتردد. كان العرض الاول لمسرحية يابانية اشارك فيها ليلة الخميس 5 شباط (فبراير) من سنة 2015 بدور شرطي في البحر وفي الوقت عينه العب دور سمكة الـ<سي هورس> سمكة الحصان البحرية، مع كنز على اليابسة الخ.. وكانت هذه باكورة المسرحيات اليابانية التي شاركت فيها وبلغت في مجملها اربعا حتى الآن.

وعن العرض الحالي <سموراي اكس> يعيد محمد ما روته لنا <رينكا> بانه يحكي قصة رجل لبناني، استاذ لمادة التاريخ، بات تفكيره، لشدة ما عاش زمنا من الحروب المستمرة، أكثر بحثا وعمقا في الانسان وحياته. في أحد الأيام يجد كتابا يحكي عن <السموراي>، وهم المحاربون في اليابان. راح يقرأه ليندهش وينبهر باخلاقيات <السموراي>، وتعرف بالـ<بوشيدو> اي قوانين حياة <الساموراي> واخلاقياته. وهذا اللبناني كان يتعلم الكاراتيه أيضا. يقرر مغادرة بلاده الى اليابان حتى يتعلم ويعيش مع <السموراي>. وكما شرحت <رينكا> فان كل مقطع من المسرحية يتناول واحدة من هذه الفضائل التي كتبت <رينكا> المشاهد حولها بشكل رائع.

ويضيف محمد:

ــ انا هو الانسان اللبناني الذي تجري معه هذه الأحداث، واسمه في العمل هو ايضا محمد تمرواي من بيروت الذي لما قصد اليابان في العام 1867اضحى <سموراياً> فيها، وبالتالي اعطي له اسم ياباني جديد هو <تمورا غينوسكي>، فيعيش مع <السموراي> الياباني ويتعلم الـ<بوشيدو> ويتزوج بامرأة يابانية.

 هذا الدور اسندته <رينكا> إليّ لانني كـ<محمد> املك اخلاقيات الـ<بوشيدو> في تربيتي وشخصيتي وتعاملي مع الآخرين. كذلك، فأنا امارس الكاراتيه، احب اليابان، واحب <السموراي> والحضارة واللغة اليابانية التي انقطعت عنها قسرا بسبب السفر.

وعن الصعوبات التي واجهته في اداء دوره الصعب يجيب محمد:

- بما انها المسرحية الرابعة التي امثل فيها مع <رينكا> فإنني لم اواجه صعوبات بل على العكس استمتعت جدا خاصة وانني العب الكاراتيه والـ<تايكوندو> والـ<تاي بوكسينغ> ما يمكنني ان اتحكم جيدا بجسدي. لقد تعلمت استخدام السيف بطريقة معينة ليست كما <الساموراي> بالتأكيد، انما بالحد الادنى وفقا للمبادئ الاساسية، وقد تمرنت عليها مع مدرّب يمارس <الايكيدو> وهو محترف كبير فيها اي <ماستر> منذ 25 سنة، كما انه <ماستر> ايضا في الفنون الدفاعية عن النفس. اما بالنسبة للاداء، فكنت اتمرن بسهولة مع الجميع، و<رينكا> التي اعتبرها والدتي اليابانية هي بالنسبة لي عائلتي، ونحن قريبان جدا من بعضنا البعض وبالتالي احيانا اتدرب معها على تمارين إضافية حتى احسّن المشاهد التي نؤديها، فالتمثيل يجري في دمي وأنا معتاد عليه منذ ايام برنامج <زغار كبار> الذي مثلت فيه لسنتين. وفي هذا العمل اشكر <رينكا> على ثقتها، وهي في كتابتها تختار الشخصية القريبة من الكاراكتير حتى تظهر بشكل طبيعي على الخشبة.

ويضيف محمد:

- الى كوني الشخص اللبناني الذي يسافر الى اليابان، أؤدي أيضا بصوتي دور الراوي اللبناني بعد كل مشهد. واود ان اشير هنا، انه من خلال هذه المسرحية تتم رواية قصة آخر <ساموراي> كان موجودا في اليابان.

ونسأل محمد ان كان مع كل هذا الاعجاب باليابان قد سافر اليها او تعرف عن كثب على ثقافتها المسرحية، فيجيب:

- لم اسافر اليها بعد، واتمنى ذلك بالمستقبل، كما انني اطمح الى ان اعيش فيها وأعمل واؤسس عائلة واقضي حياتي هناك. هذا هو هدفي في هذه الحياة.

أما بالنسبة للحركة المسرحية فيها، فلا يمكنني الاجابة عن هذا السؤال، يقول محمد. فأنا لم احضر اي مسرحية يابانية، لكن ما أثار دهشتي وتابعته لبعض المقاطع، ان هناك نوعا من المسرحيات تمثلها البنات فقط في أدوار لا تكون الا للذكور فيلبسن الازياء ويضعن الماكياج الذي يجعلنا نعتقد انهن ذكور فعلا، فيما هناك مسرحيات معاكسة تماما بحيث يلعب الذكور ادوارا للاناث، وفي ذلك تحد كبير من حيث الصوت والاداء والتعامل على المسرح حتى يقنعونا بما يقدمون، وهذا يتطلب قدرات تمثيلية وتقنية عالية جدا، ما يشكل تحديا كبيرا وهذا ما اجده رائعا.

وعلى الصعيد الشخصي، اضاف العمل على <السموراي اللبناني> الكثير من الخبرات، وفي هذا الصدد يقول تمراوي:

- تعرفت الى شخصيات رائعة من يابانيين وغير يابانيين وبنيت معهم صداقة قوية تعززت مع التمرينات يوما بعد يوم وكنت سعيدا فعلا بهذه القفزة التي حققناها مع بعضنا ما بين اليوم الاول وايام العرض حاليا، كذلك فقد تعرفت على قوانين الـ<بوشيدو> عن كثب، واكتشفت اكثر واكثر ان شخصيتي لا تشبه الكثير من الناس في لبنان، وكنت نوعا ما مرتبكا الى حين تعرفت على اليابان وحضارتها، فتغيرت حياتي منذ 9 اعوام ما يعطيني املا اكبر بأن اعيش واستمر واؤسس عائلة في اليابان.

اما سؤالنا عن امكانية انتقال المسرحية الى خارج لبنان فيؤكد محمد ان ذلك سيكون صعبا، خاصة وان المشاركين سيعودون للتو بعد العرض الى اليابان او غيرها من الدول، وان العرض الذي سيقدم في السادس من ديسمبر على <مسرح المدينة> هو مجاني و<رينكا> هي من تتكفل بالايجار والمسرح والازياء في حين يساعدها هو احيانا، كما تساعدها معلمته اليابانية التي كان يدرس معها اللغة في المركز... لا شك في ان الانتقال لعروض خارج لبنان سيكون جيدا بالنسبة الى محمد لكن الجوهري بالنسبة اليه كان الـ<تجربة من العمر> التي لن ينساها.