تفاصيل الخبر

حادثــة الجاهلـيـــة طـوّقـــت أمنـيــاً وتفاعــلـت سياسيـــاً... نحـو قـيــام جبهـــة درزيـــة تواجــه الأحاديـــة الجنبلاطـيـــة!

21/12/2018
حادثــة الجاهلـيـــة طـوّقـــت أمنـيــاً وتفاعــلـت سياسيـــاً...  نحـو قـيــام جبهـــة درزيـــة تواجــه الأحاديـــة الجنبلاطـيـــة!

حادثــة الجاهلـيـــة طـوّقـــت أمنـيــاً وتفاعــلـت سياسيـــاً... نحـو قـيــام جبهـــة درزيـــة تواجــه الأحاديـــة الجنبلاطـيـــة!

إذا كـــــانت المفاعيــــــــــل الأمنيـــــــــة والقضائية لما حصل في بلدة الجاهلية في قضاء الشوف قبل أسبوعين لم تنته فصولاً بعد الذي رافق عملية <احضار> فرع المعلومات للوزير السابق وئام وهاب للتحقيق معه بتهمة القدح والذم بحق رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، وفي انتظار انتهاء التحقيقات الجارية في ملابسات ما حصل بين قوى الأمن الداخلي وأنصار وهاب وأدى الى مقتل كبير مرافقي رئيس حزب التوحيد العربي المرحوم محمد أبو ذياب، فإن المفاعيل السياسية للحادثة بدأت تتظهر بصرف النظر عما رافق عملية <الإحضار> من ملابسات تفاوتت ردود الفعل حيالها سلباً كان أم إيجاباً. ومن أبرز ما سُجّل في هذا الإطار عودة التقارب بين رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني الوزير طلال أرسلان والوزير السابق وهاب بعد قطيعة استمرت سنوات شهدت خلالها العلاقات بين الزعيمين الدرزيين <مواجهات> سياسية حادة انعكست على القاعدتين الحزبيتين في الشوف وعاليه. وقد ساهمت إدانة الوزير أرسلان لما سماه <غزوة الجاهلية> من قبل عناصر فرع المعلومات في قوى الأمن، في تحقيق هذا التقارب إذ قابل وهاب موقف أرسلان بالإدانة ثم بإرساله وفداً رفيعاً من حزبه للتعزية والمواساة في المختارة، بردة فعل ايجابية واسعة حيث طالب بإعادة النظر في <التسوية> على المقعد الدرزي في الحكومة العتيدة بحيث يكون الوزير أرسلان هو الوزير الدرزي الثالث بدلاً من الذي تم الاتفاق عليه بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والوزير أرسلان ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الوزير السابق وليد جنبلاط، وذلك بعدما كان الوزير السابق وهاب يرفض أي حضور سياسي للوزير أرسلان.

جبهة درزية جديدة!

وفيما <أراحت> هذه المواقف القاعدتين <الإرسلانية> و<الوهابية>، سارع الوزير أرسلان الى شكر الوزير وهاب على مبادرته، لكنه أعلن تمسكه بـ<التسوية> التي تم الاتفاق عليها سابقاً وعدم حصول أي تبديل فيها لاسيما في ما يتعلق باسم الوزير العتيد. غير أن هذا الموقف لن يحول - كما تقول مصادر متابعة - دون التقاء أرسلان ووهاب على مسائل كثيرة أبرزها رفض الأحادية الدرزية المتمثلة بزعامة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الوزير السابق وليد جنبلاط، وبدء تكوين جبهة درزية تضم القوى الدرزية المعارضة للحزب التقدمي الاشتراكي والموزعة بين أرسلان ووهاب في الجبل، والنائب السابق فيصل الداوود في البقاع الغربي، وغيرهم من الشخصيات الدرزية التي لا تلتقي مع جنبلاط في خياراته السياسية، وما تصفه بـ<التفرّد> في إدارة شؤون طائفة الموحدين الدروز و<الهيمنة> على مؤسساتها ومجلسها المذهبي وصولاً الى مشيخة العقل فيها. ويعتقد العاملون على قيام هذه الجبهة بأنها سوف تعيد - إذا ما قامت - التوازن الى الساحة الدرزية التي برهنت في الانتخابات النيابية الأخيرة أن جزءاً كبيراً من أبناء الطائفة يلتقي مع توجهات قوى 8 آذار لاسيما في الموقف من حزب الله وقيادته، ومن سوريا والرئيس بشار الأسد، أو ما يسمى بـ<خط الممانعة>، وقد أتت زيارة الوزير السابق وهاب لخلدة الأسبوع الماضي مقدمة للبحث في إمكانية أن يعقد قريباً اجتماع في دارة الوزير أرسلان سوف يجمع شخصيات درزية معارضة للحزب التقدمي الاشتراكي بهدف الإعلان عن ولادة الجبهة الدرزية الموحدة تكون في سياستها على نقيض تام مع سياسات زعيم المختارة.

تقارب الدروز مع حزب الله!

 

ومن المفاعيل السياسية ايضاً لحادثة الجاهلية تعزيز التقارب بين الدروز وحزب الله الذي وقفت قيادته الى جانب الوزير وهاب في استنكار ما حصل ولعبت دوراً أساسياً في تطويق ردود الفعل على حادثة الجاهلية وحّدت من انعكاساتها الأمنية والفتنوية. وفي هذا السياق كشفت المصادر المتابعة بعض ما دار من اتصالات مع الرئيس سعد الحريري رافقت تطويق حادثة الجاهلية، كان ابرزها الاتصال الذي أجراه المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، الحاج حسين الخليل والذي أكد فيه على أن الكلام الذي صدر عن الوزير وهاب <مستهجن ومرفوض>، لكن ما قام به فرع المعلومات <مرفوض أيضاً ومستهجن> وكاد أن يؤدي الى مضاعفات لا تحمد عقباها. وبدا واضحاً من خلال الاتصال وما رافقه من تعابير أن حزب الله لم يكن في وارد التخلي عن حليفه الوزير وهاب خصوصاً بعد ما صدر من مواقف بعد العملية الأمنية كان من شأنها أن تؤجج المشاعر وتشعل الجبل. وتضيف المصادر أن ردة فعل حزب الله أتت بعد استشعاره بأن ما حصل يتجاوز محاولة تنفيذ قرار قضائي اتخذه المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود، بل كان يهدف الى <سحق> حليف الحزب في الجبل، خصوصاً أن العلاقة بين حزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي كانت قد واجهت خلال الأشهر الماضية تراجعاً نتيجة مواقف جنبلاط الذي وجّه في مناسبات عدة انتقادات للحزب عكست تململاً زادته حدة مواقفه من توزير نائب سني من قوى 8 آذار الحليفة مع حزب الله.

ويقول أحد القادة البارزين في حزب الله ان الأوضاع ما بعد حادثة الجاهلية لن تكون كما كانت قبلها، لذلك وتفادياً لأية مضاعفات، كانت الدعوة الى جميع المعنيين كي يعودوا الى ساحة التعقل وأخذ العبرة مما حصل <للابتعاد عن نهج المغامرات والاستعراضات الخاطئة والرهانات المستعجلة>.

هذه المواقف التي وصل صداها الى سيد المختارة، حرّكت لديه ردة فعل لاستيعاب ما حصل، فسارع الى إيفاد الوزير السابق غازي العريضي والنائب وائل ابو فاعور للقاء المعاون السياسي  للأمين العام لحزب الله حسين الخليل بهدف تطويق ما حصل والتشديد على أهمية الحفاظ على الأمن ليس فقط في الجبل إنما في كل المناطق اللبنانية. ومع إقرار الطرفين بالتمايز الحاصل بينهما في الشؤون السياسية، داخلياً وخارجياً، إلا أنهما التقيا على ضرورة تنظيم هذا الخلاف كي لا ينعكس سلباً على العلاقة السياسية وروحية الحرص على العلاقة المشتركة ومناقشة كل القضايا. ولوحظ أن <لهجة> الحزب التقدمي الاشتراكي اختلفت بعد هذا اللقاء لاسيما وان المعلومات أشارت الى ان الجانب الاشتراكي أبلغ الخليل أنه لم يكن على علم مسبق بخطة توقيف وهاب، وان ما صدر عن جنبلاط بعد زيارته لـ<بيت الوسط> ولقائه الرئيس الحريري كان ردة فعل أولية نتيجة نقص في المعطيات حول ظروف تنفيذ العملية الامنية والأسلوب الذي اتبع فيها والذي كاد أن يطيح بالاستقرار الذي تعيشه منطقة الجبل. وشدد الوفد الاشتراكي على ان جنبلاط سارع مع المسؤولين في الحزب التقدمي الاشتراكي الى ضبط القاعدة الجنبلاطية وتهدئة الساحة، مع التركيز على أن العلاقة مع حزب الله قائمة على التنسيق الدائم، خصوصاً بعدما أعلن الوزير وهاب أن المسألة لم تعد <عندي بل عند السيد نصر الله>، ما يعني أنه نقل المواجهة الى حلبة حزب الله، وهو أمر يدرك جنبلاط أن له أبعاداً خطيرة تتطلب معالجة هادئة، خصوصاً بعدما توافرت معلومات إضافية عما حصل لم تكن في عهدة الزعيم الدرزي مسبقاً الذي نقل عنه وفده الى حزب الله انه لم يكن على دراية بأن جوهر العملية الامنية يمكن أن يتجاوز <إحضار> الوزير وهاب الى ما هو أبعد من ذلك في السياسة، كما في التحالفات القائمة بين الوزير وهاب وقوى 8 آذار التي اعتبرت نفسها مستهدفة بكل مكوناتها مما حصل في الجاهلية. وتقول مصادر معنية ان قوى 8 آذار التي التفت حول الوزير وهاب وجهت بالتفافها رسالة الى من يعنيهم الأمر بأن مرحلة <استهداف> رموزها وأحزابها لن تمر بعد اليوم، خصوصاً بعد التطورات الميدانية التي تحصل في سوريا.

 

تنحي القاضي حمود!

 

في أي حال، فإن حادثة الجاهلية لم تنته بانتهاء العملية الامنية، لأن مفاعيلها السياسية مستمرة حسب المصادر المتابعة، وان ما كان صعباً لجهة <إعادة الروح> الى قوى 8 آذار، بات بعد هذه الحادثة، أكثر سهولة وواقعية. إلا أن الحدث الأبرز الذي سجل الأسبوع الماضي، فكان تنحي المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود عن متابعة الملف بعدما تبلّغ من محكمة التمييز طلب الرد المقدم ضده من الوزير وهاب بواسطة وكيله، وذلك في انتظار أن تفصل المحكمة بالطلب المقدم من وهاب، الذي كان قد أورد في كتابه أن تحرّك القوة الأمنية في فرع المعلومات تم بطلب من المدعي العام حمود، وطلب إبراز السند القانوني الخطي ومصدره والذي تم بموجبه إعطاء الإشارة لتحرك القوة الضاربة في فرع المعلومات لتنفيذ مهمتها. وتقول المعلومات المتوافرة لـ<الأفكار> ان تحرّك فرع المعلومات تم بناء على إشارة <شفهية> من القاضي حمود وليست خطية، وان هذه الإجراءات مدوّنة في محضر التحقيق المفتوح لدى المعلومات.

تجدر الإشارة الى ان وزير العدل سليم جريصاتي كان قد طلب من القاضي حمود في بداية شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، ان يصار الى تدوين الإشارات التي تصدر عن النائب العام التمييزي أو أي من النواب العامين، وعدم الاكتفاء بالتعليمات الشفهية فقط.