تفاصيل الخبر

جيش كبير من المرافقين للسياسيين والنواب يرهق كاهل الدولة، وعدد كبير من العناصر الامنية الرسمية وضع بتصرف بعض الفنانين!

15/01/2016
جيش كبير من المرافقين للسياسيين والنواب يرهق كاهل الدولة، وعدد كبير من العناصر الامنية الرسمية وضع بتصرف بعض الفنانين!

جيش كبير من المرافقين للسياسيين والنواب يرهق كاهل الدولة، وعدد كبير من العناصر الامنية الرسمية وضع بتصرف بعض الفنانين!

 

بقلم صبحي منذر ياغي

4

    لم يدرك ولم يعلم الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، الى اي مكان او جهة <اختطفه> مرافقوه، لحظة انتهائه من القاء كلمة قصيرة ومقتضبة خلال اطلالته الفجائية على الجماهير المحتشدة في ملعب الراية للاحتفال بالنصر في الحرب ضد اسرائيل في تموز 2006، فهو من المطيعين والمنفذين لأوامر مرافقيه المسؤولين عن حمايته...

فرق المواكبة، أمن الشخصيات، المرافقون، تسميات عدة لأشخاص لديهم مهمة حماية المسؤول او القائد او الزعيم. واذا كان بعضهم انضوى في هذه المهمة لدوافع عقائدية وحزبية، فالبعض الآخر جعل منها مهنة عيش وارتزاق، ترعاها مؤسسات امنية متنوعة، فضلاً عن ان ظاهرة مرافقة الشخصيات في لبنان باتت اشكالية قائمة لدى الاجهزة الامنية الرسمية.

وقد بات أمن حماية الشخصيات علماً من العلوم التي تُدرس في المعاهد والكليات العسكرية في عدد من الدول، وتندرج في اطار تنمية الشعور بالاحترام لحقوق الانسان عن طريق استخدام الاساليب الحديثة والانسانية الفعالة لمقاومة الارهاب.ما دفع بالخبراء الامنيين والعسكريين الى اجراء دراسات وابحاث عن الاسباب التي تدفع اشخاصاً او جهات للقيام بعمليات الاغتيال، والاساليب التي تُتبع عادة في هذه العمليات، والى البحث في سبل تعزيز دور فرق الحماية الامنية.

النائب اوغاسبيان: حماية الشخصيات

النائب جان اوغاسبيان والذي كان برتبة مقدم في الحرس الجمهوري في عهد الرئيس الراحل الياس الهراوي، وضع كتيباً بعنوان <أمن وحماية الشخصيات> عالج فيه هذا الموضوع باسلوب علمي مشوق، ومن ذلك انه في حال تعرضت الشخصية للاعتداء، يتعين على أول عنصر حماية يلاحظ الاعتداء انذار زملائه بالصياح، والاشارة الى الجهة التي يصدر عنها الاعتداء، ويجب ان يغطي الشخصية بجسمه، ويشهر سلاحه ويفتح النار اذا كان المعتدي يحمل سلاحاً، ويستخدم اسلوب عقارب الساعة لتحديد موقع التهديد، وتكون الشخصية دائماً في مركز <الثانية عشرة>.

وأضاف: <ان اسلوب عقارب الساعة يعطي جميع العناصر في فريق الحماية فكرة افضل عن موقع الخطر، اذ ان الاكتفاء بإعطاء اشارة ان الخطر هو الى اليمين او الى اليسار قد يسبب ارباكاً لدى عناصر الحماية بخصوص الاتجاه، وينبغي على العنصر الذي يكون بالقرب من المعتدي اكثر من سواه من عناصر فرق الحماية تحييده والسيطرة عليه، ويتم التغلب على المعتدي بواسطة اقل عدد من العناصر، حيث لا يلزم اكثر من عنصرين للتغلب على المعتدي، اما العناصر الاخرى من فريق الحماية فعليهم ان يندفعوا لاحاطة الشخصية بأجسادهم لحمايتها، ويقبض عنصر حماية الجسد على حزام او زنار الشخصية ويدفعه الى الخلف، فيرغم الشخصية على الانحناء قليلاً، مع التزام الحذر حتى لا تفقد الشخصية توازنها. وفي حال وجود سيارة قريبة من موقع حصول الاعتداء، يدفع الشخصية الى داخل السيارة في المقعد الخلفي ويغطيها بجسده، لتنطلق السيارة بأقصى سرعة وتترك مهمة القبض على المعتدين، على همة المفرزة السباقة او القوى الامنية الاخرى، لان القيام بذلك يستنزف قوة فريق الحماية.

 

من عرفات... الى نصر الله

jean-2

وعلم الحماية والمرافقة والمواكبة انتهجه العديد من الشخصيات والقادة، واذا اتصف القائد الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بتدابيره الامنية المذهلة والمحترفة التي اذهلت الاسرائيلييين في الماضي، فإن السيد حسن نصر الله هو الآخر بات الشغل الشاغل للاجهزة الاستخباراتية الاسرائيلية التي تحاول كل اجهزتها وتقنياتها المتطورة رصد مكانه وتحركاته، وقد احاط نصر الله نفسه بفريق امني لحمايته تلقى تدريبات امنية متطورة في ايران والمانيا.

وتؤكد مصادر مقربة من حزب الله لـ <الافكار> ان نصر الله محاط بجهاز أمن بالغ الفاعلية، وهو محاط دوماً بإجراءات أمنية مكثفة يتخذها هذا الجهاز احياناً رغماً عن نصر الله نفسه، وعليه تنفيذ اوامر مرافقيه دون تردد وبانصياع تام. وتقدّر المصادر ان حراسة نصر الله المحيطه به في المهرجانات الجماهيرية تتمّ بـ19 ضابطاً من الضباط المسلحين من حزب الله، ويترأسهم زوج ابنته فاطمة، وهؤلاء الحرس تلقوا تدريبات عالية جداً في مجال الحماية، وغالبيتهم قضوا فترات طويلة في معسكرات التدريب السرية في طهران، كما تنتشر فرق خاصة من الحراسة داخل القاعات الجماهيرية التي يعقد فيها نصر الله اللقاءات، مهمتها متابعة تحركات الجماهير، في حين أن مهمة الـ19 ضابطاً تشكيل دائرة امنية لصيقة حول السيد نصر الله.

أنا مخطوف زيكم

واوضحت المصادر ان نصر الله بادر الصحافيين الذين التقاهم سراً أثناء الحرب بالقول: <انا زيي زيكم مخطوف، لا أعرف أين أنا الآن، بعدما ادخلني المرافقون وأخرجوني في اكثر من مكان وسيارة...>.

وأضافت المصادر ان المشاركين في أحد احتفالات يوم القدس فوجئوا ذات مرة باختفاء نصر الله من منصة الاحتفال، ليتبين لهم ان مرافقيه حفروا نفقا في الشارع العام (المعروف باسم ابنه البكر هادي الذي استشهد في مواجهة مع الاسرائيليين) يصل الى مخزن في احد الابنية المجاورة. ولا يعترف جهاز أمن نصر الله بـ<محاباة الاقارب> - وفق ما قالته المصادر - ولا بالعلاقات الاسرية او المجاملات، ففي حفلة زفاف ابنته (الى حارسه) مُنِعت والدة العريس من توزيع البقلاوة التي أحضرتها للاحتفال كما جرت العادة وطلب نصر الله من مرافقيه إحضار بقلاوة خاصة.

ومن ناحية أخرى، قال احد المرافقين للسيد حسن نصر الله يُدعى (ابو محمد الحوراني): <إن السيد حسن نصر الله اثناء حرب تموز 2006 لم يُحاصر داخل حدود مربعه الأمني، بل كان حاضراً في أرض المعركة أينما وقعت وارتدى الزيّ الذي يليق بالمناسبة وخلعَ العمامة. انتظر أياماً معدودة بعد عودة الهدوء إلى الجبهات ليضعَ الزي العسكري جانباً، ويسير بهدوء المحاربين متفقدّاً حجم الخراب الذي طال أرزاق أهله من أبناء الجنوب>.

1أعلى حماية شخصية

ويؤكد خبير امني قريب من حزب الله: <ان نصر الله يتمتع بأعلى حماية شخصية على الإطلاق، والحديث يدور عن المئات من الأشخاص الذين يتوزعون على الأرض ويكونون في دائرة قريبة منه، والشرط الأول والدائم لأمنه، لا مجال لأي استعراض، وممنوع على الآخر، عدواً كان أو صديقاً، أن يتخيّل موكب السيد، لا أحد يعرف نوع سياراته ولا ألوانها، ولا حتى وجوه مرافقيه الحقيقيين، وهم غير الفريق الثاني الذي يظهر معه أمام الجمهور، ولكل من الفريقين تدريبه وأجهزة اتصاله وأسلحته، وهؤلاء ينتشرون في المكان متسلّحين بعيونهم، وما التقطته ذاكرتهم من سمات الوجوه وملامحها. والخطأ ممنوع، فهم يحرصون على الهدوء والحذر والصبر والتروّي والقناعة، والأهم من كل ذلك التكتم. ففيما يسرق حارسا السيد نصر الله <أبو علي جواد>، والرامي الماهر <أبو الفضل> المنتصبان على جانبيه كل الأضواء، فإن حالهم في الحرب تصبح معقدة جداً على مستوى تنقلات السيد وحركته، ويلازمه عدد قليل من المرافقين ممن لا يظهرون في الصورة عادة>.

ويؤكد مصدر في الحزب: <انه وخلال ظهور نصر الله شخصياً في اي مهرجان شعبي أي منذ اعتلائه المنبر، تكون منصات الصواريخ على اختلاف أنواعها مصوبة نحو الأراضي المحتلة، بالإضافة الى أعلى حالة استنفار للمسلحين على الجبهات، في وقت يكون هناك من يراقب بوسائل تقنية متطورة حركة سلاح الجو الاسرائيلي>.

الحــــرب اللـبـنانيـــــة...

والمـــــــــرافـقــون

وشهدت ظاهرة المواكبة وفرق الحماية الامنية والمرافقة مجدها أيام الحرب اللبنانية بحيث باتت لكل مسؤول حزبي أو قيادي ثلة من المرافقين والحراس الذين يواكبونه، وكان هؤلاء يتعرضون للناس بطريقة فظة خالية من اللياقة إضافة الى التعرض لبعضهم بالشتائم والضرب.

ويتذكر محمود.ش. كيف تعرض للضرب على ايدي مرافقي مسؤول في حركة <فتح> في منطقة الكولا في بيروت، في شهر آذار/ مارس من عام 1981، لان سيارته عرقلت سير موكبهم، اما في صيف 1985 فقد تلقت الزميلة الصحافية ل.ش. نصيبها من الضرب امام قلعة بعلبك، بأعقاب بنادق مرافقي < زعيم وطني>، لأنها لم تفسح الطريق امام <الزعيم المفدى> لانهماكها بأخذ اللقطات والصور.

 

فداء للزعيم

فرق-الحماية-5

محمد زيتون الذي كان مرافقاً لمسؤول في حزب يساري عام 1980، تحدث عن تجربته الماضية وتذكر كيف اندفع بشكل جنوني يغطي بجسده مسؤوله عندما انهمر الرصاص عليه من قبل عناصر من تنظيم فلسطيني لحظة مرورهم على طريق دير زنون في البقاع الاوسط، يومئذٍ أُصيب محمد اصابة طفيفة في كتفه تسببت باعاقة دائمة في يده، فيما نجا مسؤوله بأعجوبة. واذا كان محمد نادماً على تجربته الماضية، فإن سمير.ع.الذي تولى مرافقة مسؤول قومي اعتبر انه كان يؤدي واجباً حزبياً ووطنياً، والذي ينبغي على كل مؤمن بالعقيدة تأديته، وكل التضحيات والاخطار تهون امام القضية والعقيدة>.

 

زيادة الاجور

 ولان مهنة المرافقة والمواكبة محفوفة بالخطر، فإن المرافقين والحرس يطالبون اليوم بأن تُزاد اجورهم، وان تؤمن لهم الضمانات الشخصية وبالتأمين على حياتهم، لانهم اكثر الناس عرضة للموت، ومصير عائلاتهم مرتبط ارتباطاً وثيقاً بمهنتهم، لذا يقول محمود وهو عنصر من عناصر امن الدولة ومرافق مع عدد من العناصر لاحد نواب البقاع : <صحيح اننا نتلقى رواتبنا من الدولة، الا انه من غير المعقول ان نتولى بأنفسنا شراء الطعام والساندويش خلال مهمتنا بينما <سعادته> يكون غارقاً في التهام افخر المأكولات خلال دعوته لمآدب على شرفه>.

 

مرافقون لغسل الصحون

مرافقون آخرون لشخصيات سياسية اكدوا ان مهمة بعضهم تحولت الى غسل الصحون ومساعدة الخادمة، وشراء الخضار والفاكهة، وبعضهم بات مكلفاً بتسلية ابن المسؤول وحتى كلبه المدلل.

هذه الظاهرة لفتت انظار مسؤولين عسكريين واعتبروها غير لائقة، وطالبوا حتى بعدم ارتداء العناصر المرافقة بزاتهم العسكرية خلال عملهم حفاظاً على هيبتها.

واستغربت اوساط هذا الجيش الكبير من المرافقين الذي يرهق كاهل الدولة، في ظل نقص حاد في عديد قوى الأمن الداخلي. فمن غير المعقول ان هناك مسؤولاً سياسياً يرافقه خمسون عسكرياً من قوى الأمن الداخلي، في الوقت الذي يتولى فيه ستة عناصر وأحياناً خمسة عناصر مسؤولية الحفاظ على ارواح مئات من المواطنين في البلدات والقرى.

وتؤكد الاوساط ان القانون سمح بأربعة عناصر أمنية لمرافقة النائب او الوزير، الا ان بعض الوزراء او النواب، وحسب ما لديهم من نفوذ بالاستناد الى زعامات او احزاب، يصل عدد مرافقيهم الى حوالى الخمسين عنصراً، وبعض هؤلاء العناصر، ومن بينهم ضباط، يؤدون الخدمة لدى الشخصيات السياسية شكلياً.

وأعطت الاوساط امثلة في هذا المجال، اذ اكدت انه لدى رئيس جمهورية سابق حوالى 50 عنصراً امنياً رسمياً لحمايته وحماية منزله. كذلك تم وضع حوالى 40 عسكرياً، من بينهم عدد من الضباط، بتصرف (نائب 3وزعيم تيار سياسي) فيما وصل عدد هؤلاء الى الثلاثين عنصراً لدى نائب ورئيس حزب في الوقت نفسه.

ولفتت الاوساط الى ان هناك عدداً كبيراً من الحرس والعناصر الامنية وضع بتصرف بعض الاعلاميين والفنانين ومحطات تلفزيونية ومؤسسات اعلامية ومصرفية وحزبية، بسبب قرب هؤلاء من شخصيات سياسية نافذة.

المخالفة في هذا الموضوع تبدو واضحة خصوصاً اذا ما القينا نظرة على المرسوم رقم 2512 تاريخ 14/7/2009 الصادر عن المديرية العامة لقوى الامن الداخلي، والمتعلق بتنظيم مرافقة وحماية الشخصيات او المراجع والذي تضمن في مادته الاولى ان تُكَلَف وزارة الدفاع الوطني - قيادة الجيش، بمهمة مرافقة وحماية رؤساء الجمهورية السابقين على ان تؤمن عشرة عسكريين متطوعين للمرافقة. ويعود الى  قيادة الجيش تحديد رؤساء الجمهورية السابقين المهددين بالخطر وحجم ذلك الخطر وكيفية حمايتهم.

فيما نصت المادة الثانية على ان تُكَلَف المديرية العامة لامن الدولة بمرافقة وحماية الشخصيات او المراجع المهددة بخطر فعلي والتي يمكن ان يؤدي الاعتداء عليها الى اضطراب الوضع الامني.

اما المادة السادسة فقد ورد فيها: يجب ان تتوفر لتأمين حماية الشخصية او المرجع الشروط الآتية:

1 - أن تكون مقيمة في لبنان.

2 - أن تستفيد من تدابير الحماية المخصصة لصفة واحدة في حال حملها لأكثر من صفة في الوقت نفسه.

3 - أن لا تكون حمايتها مؤمنة بحكم وظيفتها من قبل مؤسسات عسكرية او أمنية اخرى (جيش، أمن داخلي، أمن عام، جمارك).

وحُدد العدد الأقصى المسموح به من العناصر للمرافقة والحماية كالآتي:

حرم رئيس جمهورية سابق متوف مرافقان، رئيس طائفة مقيم في لبنان 6، رئيس مجلس نواب سابق 8، رئيس مجلس وزراء سابق 8، وزير حالي 4، نائب رئيس مجلس نواب سابق 4، نائب رئيس وزراء سابق 4، نائب حالي 4، قاض حالي يتولى وظيفة قضائية محددة 1.

يبقى من الواجب القول ان الاحتياط ضروري، الا انه لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا، ولن ترد عناصر المواكبة ولا المرافقة المصير المحتوم، وكما يقول الشاعر:

<واذا المنية أنشبت أظفارها

                   ألفيت كل تميمة لا تنفع>.