تفاصيل الخبر

جريمة قبرشمون تجمّد الحكومة الى إشعار آخر وبري سحب ”أرنب“ مصالحة جنبلاط مع حزب الله!

08/08/2019
جريمة قبرشمون تجمّد الحكومة الى إشعار آخر  وبري سحب ”أرنب“ مصالحة جنبلاط مع حزب الله!

جريمة قبرشمون تجمّد الحكومة الى إشعار آخر وبري سحب ”أرنب“ مصالحة جنبلاط مع حزب الله!

لم ينتظر اللبنانيون طويلاً ليتأكدوا ان الجريمة التي قعت في منطقة قبرشمون ــ البساتين في قضاء عاليه يوم الأحد في 30 حزيران (يونيو) لم تكن مجرد حادث <عفوي> عبر خلاله أبناء من هذه المنطقة عن رفضهم لزيارة رئيس <التيار الوطني الحر> ورئيس <تكتل لبنان القوي> وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الى بلدة كفرمتى كردة فعل على المواقف التي يعلنها الوزير باسيل والتي وجد فيها من قطع الطريق ذلك اليوم <استفزازاً> لمشاعرهم وتناقضاً مع توجهاتهم السياسية التي يعبر عنها الحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة النائب والوزير السابق وليد جنبلاط. ذلك ان التداعيات السياسية التي تلت الجريمة أدخلت البلاد في نفق بات من الصعب الخروج منه لأنه نقل لبنان من مرحلة الاستقرار الأمني و<التسوية> السياسية، الى مرحلة اللااستقرار لاسيما في منطقة الجبل، كما عرض <التسوية> لسلسلة هزات قوية تركت بصماتها بوضوح على عمل السلطة التنفيذية المجمدة منذ ما يزيد عن شهر ونصف الشهر، كما أعادت فتح جروح الماضي التي ظن اللبنانيون انها <خُتمت> بشكل سليم ليتبين انها خُتمت على <زغل>...

عوامل كثيرة أدت الى نقل جريمة قبرشمون من اطارها الأمني الى المدى السياسي الأوسع، لاسيما بعدما أظهرت التحقيقـات التي تولاها فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي ان الذين أطلقوا النار مباشرة على مرافقي وزير شؤون النازحين صالح الغريب رداً على اطلاق هؤلاء النـار في الهواء لتأمين فتح الطريق المقفلة في وجه موكب الوزير، هم من مناصري الحزب التقدمي الاشتراكي ما أدى الى مقتل اثنين من مرافقي الوزير الغريب الذي ينتمي الى <الحزب الديموقراطي اللبناني> بزعامة النائب طلال ارسلان. كذلك أظهرت التحقيقات المثبتة من خلال رسائل صوتية تبادلها مناصرو الحزب الاشتراكي مع مسؤولين اشتراكيين ان الغاية من قطع الطريق في محلة البساتين في منطقة قبرشمون كان يستهدف الوزير باسيل الذي في ما لو أصرّ على المرور ذلك اليوم الى بلدة كفرمتى وحصل اطلاق نار لكان الوضع اختلف بنتائجه وتداعياته.

تفشيل مبادرات ابراهيم!

 

من بين هذه العوامل تفشيل كل المبادرات التي تولاها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم من اجل ايجاد مخرج معقول ومقبول للأزمة، وتمسك الطرفين الأساسيين بموقفيهما. فبعدما سلكت المعالجة الأمنية من خلال نشر الجيش ووحدات اضافية من قوى الأمن في المنطقة، وكذلك انطلقت المعالجة القضائية من خلال ادعاء النيابة العامة التمييزية على متهمين بالتسبب بالحــــــادث وإحالة الملف الى القضاء العسكري لتعذر انعقاد مجلس الوزراء لبت إحالته الى المجلس العدلي، ظلت المعالجة السياسية متعثرة، وهي تدرجت تباعاً حتى وصلت الى اقتراح بعقد اجتماع مصالحــــــــة ومصارحة في قصر بعبدا يضم، الى الرئيس عون، رئيسي المجلس النيابي والحكومة نبيه بري وسعد الحريري، والزعيمين الدرزيين جنبلاط وارسلان ينتهي باتفاق على إحالة الملف الى المجلس العدلي، مع الجريمة التي وقعت في الشويفات في مرحلة الانتخابات النيابية وذهب ضحيتها مسؤول اشتراكي برصاص محازب ارسلاني لم يتم تسليمه الى الأجهزة القضائية والأمنية المختصة حتى الساعة.

وفي هذا السياق، ثمة أكثر من رواية حول الفريق الذي تسبب بإسقاط المبادرات تلو الأخرى الى أن وصلت المسألة الى طريق مسدود توقف عندها اللواء ابراهيم عن مساعيه التوفيقية بالتزامن مع <تجمد> مجلس الوزراء عن الانعقاد لأن الرئيس الحريري لا يريد نقل الخلاف بين الاشتراكيين والارسلانيين الى داخل مجلس الوزراء ما يهدد بتفجير الحكومة لاسيما وان الدعم الذي تلقاه النائب ارسلان من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطابين متتاليين ساهم في <تحمية الملف> واخراجه من طابعه الأمني الى <تسييسه> بالكامل وبروز اصطفافات بلغت حداً بعيداً وصل الى الترويج عن <إحياء> جبهة <14 آذار> من جديد في مواجهة فريق <8 آذار>! وبدا من خلال مسار تدهور المبادرات ان التصلب الذي أبداه جنبلاط وارسلان على حد سواء،

ساهم في تبديد كل الآمال التي كانت توضع في كل مرة يتحرك فيها المدير العام للأمن العام بدعم من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب، وبتجاوب من رئيس الحكومة.

 

<لقاء السفارة>

وإذا كانت التسريبات المتبادلة عن التحقيقات التي تداولتها وسائل الاعلام زادت من تأزيم الموقف واحتدام ردود الفعل وتعقيد النتائج، إلا ان ما أعطى معضلة توقف التواصل وسقوط المبادرات بعداً يتجاوز النطاق المحلي، كان ما تسرّب من معلومات حول اللقاء الذي عقده النائب السابق جنبلاط، بناء على طلبه، مع سفراء عدد من الدول الكبرى بينهم سفراء فرنسا وأميركا وبريطانيا وألمانيا والكرسي الرسولي، في مقر إحدى الدول الأوروبية الكبرى، وفيها ان جنبلاط وصف ما يجري بأنه تطويق لزعامته ومحاصرة لموقعه السياسي ولدوره، وهو أيضاً استفراد له ولفريقه السياسي تقف وراءه سوريا وحزب الله. وقد اعتبر جنبلاط أمام السفراء ان دمشق تعمل على <تصفيته> سياسياً في استعادة لما فعله الرئيس الراحل حافظ الأسد بوالده الشهيد كمال جنبلاط، وما حاول فعله الرئيس السوري الحالي بشار الأسد معه شخصياً قبيل استشهاد الرئيس رفيق الحريري وبعد ولادة <ثورة الأرز>. وفي ما يشبه طلب <الحماية> من السفراء الحاضرين، لفت جنبلاط الى انه يخشى من تطور عملية الاستهداف للأقلية الشعبية التي يمثلها والتي لا يتجاوز عددها الـ300 ألف نسمة!

والذين اطلعوا على ما دار خلال اللقاء في السفارة الأوروبية في ذلك النهار، يؤكدون ان جنبلاط الذي استعاد وقائع حصلت في 7 أيار (مايو) 2005 في بيروت والجبل، أوحى من خلال حديثه ان مثل تلك الوقائع التي تخللها يومها <اجتياح> مسلحي حزب الله للعاصمة بيروت، قد يتكرر في أي لحظة معتبراً ان كل المؤشرات تحمل على الاعتقاد ان دوره السياسي يتعرض لتطويق. إلا ان جنبلاط لم يدل أمام السفراء بمعلومات مفصلة عما حصل في قبرشمون، وتجاوز الأمر الى الأبعاد السياسية التي وصفها بـ<الخطيرة>. واللافت ان الحزب التقدمي الاشتراكي التزم الصمت حيال المعلومات التي تسربت عن لقاء السفراء فلم ينفِ ما حصل كما لم يؤكد، بل تجاهل الأمر كلياً، الأمر الذي دفع مراقبون على صلة بالدوائر الديبلوماسية الى الحديث عن <كلام كبير> قيل في ذلك اللقاء، جعل موقف جنبلاط يتصلب حيال كل المبادرات التوفيقيةا لهادفة الى ايجاد حلول، بعدما كان أظهر ــ قبل اجتماع السفارة الأوروبية ــ ليونة في مقاربة المساعي التي قام بها اللواء ابراهيم.

 

متى جلسة الحكومة؟

 

في أي حال، وبصرف النظر عما ستؤول إليه نتائج التحقيقات الجارية في القضاء العسكري الى أن يُبث نهائياً بالجهة القضائية التي ستتولاه سواء كانت المجلس العدلي أو القضاء العسكري، فإن تداعيات ما جرى استمرت تتفاعل سلباً على واقع الحكومة التي غابت جلساتها منذ 30 حزيران (يونيو) الماضي، الأمر الذي دفع الرئيس عون الى الطلب من الرئيس الحريري العودة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء مستعملاً حقه الدستوري وفق المادة 53 (الفقرة 12) التي تنص على ان من صلاحيات رئيس الجمهورية <دعوة مجلس الوزراء استثنائياً كلما رأى ذلك ضرورياً بالاتفاق مع رئيس الحكومة>. وقد حاولت جهات سياسية اعتبار خطوة الرئيس عون تدخلاً في صلاحيات الرئيس الحريري، إلا ان وضوح النص الدستوري جعلت مثل هذه المحاولات تسقط ما أبقى الكرة في ملعب رئيس الحكومة في التجاوب مع الدعوة أم عدم التجاوب. وسط ذلك برزت معلومات من أوساط الرئيس الحريري تقدم ضرورة التوصل الى تحقيق المصالحة بين الطرفين قبل دعوة مجلس الوزراء، لأن الأولوية يفترض أن تكون لهذه المصالحة نظراً لوجود وزيرين على طاولة مجلس الوزراء، يتهم أحدهما الآخر بمحاولة اغتياله، فيما يرد المتهم ان الأمر لم يتجاوز في قبرشمون حركة احتجاج عفوية! وفي هذا السياق تقول مصادر الرئيس الحريري ان تحقيق المصالحة يجنّب جلسة مجلس الوزراء التفجير الحتمي، لأن إثارة أي من الوزيرين أكرم شهيب أو صالح الغريب لهذه المسألة يمكن أن يقود الجلسة الى نتائج غير محمودة. وعندما قيل للرئيس الحريري ان المخرج يمكن أن يكون بتغيّب الوزيرين عن الجلسة، سارعت مصادر الحزب التقدمي الاشتراكي الى رفض مثل هذا الاقتراح، ثم كانت للنائب ارسلان ردة الفعل نفسها مؤكداً ان وزيره لا يمكن أن يغيب عن جلسة للحكومة وانه سيطرح ملف قبرشمون للبحث والتصويت عند الحاجة وهو سيقبل النتيجة حتى ولو كانت سلبية فيسقط خيار إحالة الجريمة الى المجلس العدلي.

 

بري: نحو مصالحة جنبلاط والحزب!

في غضون ذلك، تلقف الرئيس بري الكلام عن المصالحة وانكفاء رئيس الجمهوريـــــــــــــــــــــــــة عن متابعة السعي من أجل تحقيقها بعدما أسقط الأطراف المعنيون مبادراته الواحدة تلو الأخرى على رغم مساعي موفده اللواء ابراهيم من أجل ذلك، فباشــــــــــــــــــر بري تحركاً على خطين: الأول باتجاه حزب الله لتأمين لقاء بين الحزب ورئيس التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، يمهد للقاء مع ارسلان، خصوصاً ان جنبلاط كان أعلن صراحة انه إذا كان لا بد من مصالحة ومصارحة ولقاء، فلتكن كلها مع الأصل ــ أي حزب الله ــ وليس الفرع أي الحزب الديموقراطي. وتشير المعلومات الى ان بري الذي التقى بداية الأسبوع مع رئيس <كتلة الوفاء للمقاومة> النائب محمد رعد، اقترح استضافة اللقاء بين الحزب وجنبلاط في مقر الرئاســــــــــــــــــــــــــة الثانية في عين التينة لبدء حوار يتم فيه جلاء الغموض الذي اكتنف العلاقة بين الطرفين خصوصاً بعدما جاهر جنبلاط بخلافه مع حزب الله في كل المواضيع وعدم اتفاقه مع أمينه العام السيد حسن نصر الله إلا في قضية فلسطين! ويرى <أبو مصطفى> ان <أرنب> المصالحة الذي أخرجه من كمّه وأطلقه في اتجاه جنبلاط والحزب لا بد أن يحقق نتائجه إذا كانت هناك رغبة حقيقية في المصالحة التي تقول المصادر المطلعة ان جنبلاط بحاجة إليها، فهل ان حزب الله لديه الحاجة نفسها؟