تفاصيل الخبر

جــــــورج خـبــــــاز: انـــــــا نـجـــــــم ”مــــــــذنّب“، ولـــــن أدخـــــــل الـتـلـفـزيـــــــون ”إلا إذا“..!

15/12/2017
جــــــورج خـبــــــاز: انـــــــا نـجـــــــم ”مــــــــذنّب“،  ولـــــن أدخـــــــل الـتـلـفـزيـــــــون ”إلا إذا“..!

جــــــورج خـبــــــاز: انـــــــا نـجـــــــم ”مــــــــذنّب“، ولـــــن أدخـــــــل الـتـلـفـزيـــــــون ”إلا إذا“..!

 

بقلم عبير انطون

صورة-جورج-خباز

<إلا إذا>... مسرحية جورج خباز الجديدة. هو فخور بها وبنسبة النجاح التي تلاقيها، فالجهد الذي يرصده جورج للمسرح ليس قليلا وهو يضحي لاجله اعمالا على الشاشتين الكبرى والصغرى، وجميل ان توفيه الخشبة تعبه وتعود عليه بالتوفيق معنويا وماديا. الا ان من يسألون عن <التجدد> ينتظرون من جورج جواباً، وبرأي البعض منهم ان ما يقدمه الخباز شعبوي ولكنه ليس ذا اثر في تاريخ المسرح، وهم في ذلك يتجنون، وجوابه لهم حاضر. فالفنان المتعدد المواهب استطاع ان يكتسح الميدان في النوع الذي يقدمه، ومسرحه شغال لاشهر وبحفلات مكتملة. فكيف يرد عن الاسئلة التي حملناها اليه، من كرّمه في كندا، وماذا عن فيلمه الجديد بعد فيلم <الانيمايشين> اللبناني - الايراني الذي شارك فيه بصوت الفأر <فرفور> بعنوان الفيلم <الملك>؟

مع جورج، كان لقاء <الافكار> وسألناه أولاً:

ــ نواكبك في اعمالك من موسم لآخر، ماذا عن مسرحيتك <إلا إذا> اليوم؟

- انها المسرحية الكوميدية الرقم 14 لي، وهي من طراز الكوميديا السوداء مدتها ساعتان وتتناول حكاية بناية في بيروت آيلة للسقوط، وقد تصدعت بسبب قدم عمرها والحرب التي مرت عليها، ويعيش في شققها سكان متنوعون من طوائف واحزاب واتجاهات مختلفة. وحين تقرر لجنة البناية معالجة وضع هذا المبنى، تقسم الآراء بين مؤيد للبيع ومؤيد للترميم فيما ارتأى آخرون ان يتم هدمها بالكامل لاعادة بنائها من جديد، ويحتدم الامر في شكل يبرز ان كل واحد يفتش عن مصلحته الخاصة، حتى اللحظة التي تصل فيها احدى الاعلاميات في احدى القنوات بغية تحقيق <روبورتاج> عن المبنى، وأثناء اعداد التقرير تتكشف الكثير من التفاصيل غير المعروفة، ومن هنا تبدأ الاحداث... تعرض المسرحية من الاربعاء الى السبت في كل اسبوع مع حفلتين نهار الاحد على مسرح <شاتو تريانو>، وتستمر بنجاح منذ بدء عرضها من حوالى الشهر، وتعتبر من انجح اعمالي منذ 14 عاماً.

ــ هل تسمي المنطقة البيروتية التي تقع البناية من ضمنها؟

- لا. هي في منطقة بيروتية محايدة غير منتمية لاي طرف سياسي، وهذا ما يفسر بقاءها على وضعها، فلا يلتفت اليها اي طرف ولا حتى الدولة. انها رمز لبيروت المنسية، وهي النموذج عن الوطن على نطاق اوسع بحيث تمثل هذه البناية الوطن الحاضن لكل ابنائه والمتصدع في هيكله. تمثل المسرحية اللبنانيين وتعكس برمزيتها واقعا مريرا، مضحكا - مبكيا، بشكل كوميدي صارخ لكنه يحمل املاً في النهاية.

ــ تكلمت عن الطوائف والاتجاهات المتعددة في العمل، هل تشير الشخصيات الى هذه الانتماءات بشكل واضح؟

- نعم، بشكل مباشر، والشخص يعرف من اسمه وتغنيه بطائفته، والعمل اختصار لفكرة جمال الطوائف وقبح الطائفية. هذا جوهر المسرحية!

ــ الوجوه المشاركة، تتعاون معها في كل مرة. هل باتت تشكل فريقك المسرحي؟

- هناك الكثير من الاسماء التي سبق وتعاونت معها مع وجهين جديدين هما أسبيد خاتشادوريان في دور الارمني، وجوزف ساسين بدور الناطور السوري من اصل فلسطيني. الوجوه الأخرى من سينتيا كرم الى لورا خباز وجوزيف آصاف وغسان عطية ومي سحاب وعمر ميقاتي ووسيم التوم وبطرس فرح وجوزف سلامة اعتادت على العمل معي في شروط مسرحي حيث ينطبق الاطار العائلي على الجو، بعيدا عن اي تجريح، في مسرح لا هو نخبوي صعب ولا هو تجاري يستخف بعقول الناس.انما هو مسرح وسطي يحاكي كافة الشرائح والاعمار.

ــ لكن يؤخذ عليك، ومن النخب الثقافية انك تكرر نفسك ولا تقدم عملاً مسرحياً فكرياً رائداً...

 يضحك جورج ويجيب:

 - <ومين قال اني بدي اتوجه للنخب>؟ هذه النخب لا تنتظرني حتى تعمق افكارها وثقافتها. من يصنفون انفسهم بالنخب ابعدوا الناس عن المسرح. انا اريد الناس في مسرحي، ولن تكون الثقافة حكرا على هؤلاء. هناك ثقافة الارض، وثقافة الفلاح، وثقافة العامل. الثقافة ليست محصورة بطبقة. النخبويون تقوقعوا ولم ينشروا ثقافتهم لعامة الشعب فيما المسرح في العالم يتوجه للجميع، لذلك ترون الكل مهتما به في الغرب. <شكسبير> بعظمته، وبعيدا عن المقارنة، يصنف مسرحه بالشعبي، والشعبي يصبح مع الوقت كلاسيكيا. ليست النخبة هي من يحيي المسرح، ولا هي من يرسم تاريخ الشعوب الثقافي، فضلاً عن ان المسرح انواع، وانا اخترت النوع الذي اجده مناسبا.

ويزيد جورج قائلاً:

- الكاتب الفرنسي الشهير <موليير> في القرن السابع عشر كان ممنوعا من العرض في القصر الملكي للويس الرابع عشر اذ كانوا يعتبرونه شعبويا وحتى سخيفا بالمقارنة مع ما كان يقدمه الكاتب <راسين> في <اندروماك> مثلاً، حتى انه كان منبوذاً من النخبويين. اليوم وبعد مرور كل هذا الزمن فإن <موليير> يحتل مكانة خاصة في المسرح والمدارس والجامعات الفرنسية. للنخبويين أقول: <برافو على تجاربكم لكنكم تنقّون جدا من اعراض الجمهور عن مسرحكم>.

سياسة...

ــ بعد اربع عشرة مسرحية، كيف تقيم تجربتك، وما الجديد في <إلا إذا>؟

- انها من المرات القليلة التي اتناول فيها موضوعاً سياسياً، الا انه مرتبط بارضية انسانية، اذ لا اتناول السياسة للاستفزاز بل لفكرة تصب لصالح العمل وتضع الاصبع على الجرح بجرأة، وهذا جديد <إلا.. إذا> المختلف عما سبق، مع ترجمة الخبرة والنضج مسرحيا وانسانيا. اما المقارنة من حيث الشكل والمضمون فاتركها للجمهور.

ــ الى اي مدى يتأثر توقيت العرض المسرحي والموضوع المطروح بالوضع العام للبلد؟

-المسرح الحقيقي والناجح هو الذي يمكن ان يعرض في اي زمان ومكان من دون ان يرتبط بظرف او حالة معينة فينتهي مع انتهاء الحالة... واعطيكم مثلا: مسرحيات زياد الرحباني مثلا كانت مرحلية في حينها، لكنها بقيت ناجحة وتسمع بعد سنوات على تأليفها وعرضها مع اسقاطات ليست مرتبطة بشكل مباشر بالزمان والمكان. اعمال كثيرة تدخل في هذا السياق ايضا، منها اعمال الفنان السوري الكبير دريد لحام والكاتب سعد الله ونوس وكذلك اعمال الماغوط وهي اعمال سياسية، فهذه كتبت في زمن معين لكنها لم تكن محدودة به، ولا زالت تعرف القيمة نفسها وتحمل القيم عينها من خلال القواسم المشتركة للانسانية جمعاء.

ــ وماذا عمن يربطون المسرح بقضية معينة، الاخوان صباغ مثلا، وهما يقدمان اليوم مسرحية <حركة 6 أيار> بعد <الطائفة 19>. هل تؤيد هذا الطرح، المسرحية - القضية؟

- هذا نوع من المسرح مرتبط أيضا بقضية او بفكر سياسي معين ولهم كل الحق في طرحه. وحده الزمن كفيل بايضاح استمرارية هذا النوع وبقائه. لم اشاهد المسرحية حتى احكم، لكنني اعرف ان الاخوين صباغ مجتهدان واحترم عملهما وتطورهما واعرف انهما يعملان بصدق، لكن الى اين يقود مسرحهم؟ الجواب للوقت وللقيمة الفنية التي يقدمانها...

7 مليون مشاهد!

ــ في <إلا إذا> اغنيات وبعض الاستعراضات التي باتت لصيقة بمسرحك ايضاً. لماذا تحرص عليها؟

 - الاغنيات من كلماتي والحاني اما التوزيع فلشارل شلالا، وحرصي عليها للتفاعل الذي تولده مع الجمهور، وهي تنعش العمل وفيها اكثر من رسالة.

صورة-1-من-مسرحية-الا-اذا- اغنيات مسرحياتك، وقد باتت مرتفعة العدد، ماذا يحل بها، وهل تسمع ما بعد عرض المسرحيات؟

- الاغنيات موجودة جميعها عبر الـ<يوتيوب> وتعرفون ان العالم اليوم لم يعد لجانب انتاج الاسطوانات بالشكل التقليدي. اعطيكم مثلا واحداً... اغنية <كبرت البنوت> لها 7 مليون مشاهد عبر الانترنت، مع آلاف التعليقات الايجابية. هذه عينة. كذلك، فان الكثير من اغنيات المسرحيات تستخدم في الاذاعات لاسقاطات معينة وفي ظروف تناسبها. انا سعيد جدا بهذه الاغنيات، الا انني لا اوزعها على الاذاعات لانني الّفتها لهدف وهو خدمة العمل الذي اقدمه على المسرح، ومع ذلك يتم التداول بها وتسمع على نطاق واسع لانها تنسحب على الواقع.

ــ مع اقتراب الاعياد المجيدة يبرز اسمك في البرامج التلفزيونية والاذاعية للنشاطات الانسانية والحالات المرضية او الخاصة، والبعض يعتقد انك تقوم بذلك للدعاية والاعلان لنفسك وذلك من مبدأ ان من يريد ان يساعد فلا يجب ان <تعرف يساره ما قدمته يمينه> بماذا ترد؟

- ما اقوم به من خلف الستارة ومن دون الاعلان عنه، اكبر بكثير. وليقولوا ما يقولونه. لمّا يطلبني احدهم لولد في ظروف معينة او للوقوف الى جانب حالة ظلم مرضية او اجتماعية هل اقول لا؟

وبعد برهة يزيد جورج قائلاً:

- بشكل عام اكره ان يطلق علي لقب <نجم> ولكنني احبه فقط لما يقرن بكلمة <المذنب> وسأشرح: النجم المذنب هو الذي قاد الماجوس والرعيان الى مغارة السيد المسيح مع ولادته حيث دفء العالم كله، فاذا كنت النجم المذنب الذي يقود الناس الى المحبة والانسانية والتلاقي فإنني اتشرف ان اكون نجما حينها. من يقول انني اقوم بذلك للدعاية والبروباغندا لا اكترث لكلامه.

ــ اي حالة من التي شاركتها صعوباتها اثرت بك؟

- كثير منها، ابرزها مع اطفال مرضى السرطان في <مستشفى سانت- جود> ومع اهاليهم الصابرين، كذلك الشاب شربل خليفة وهو من دون يدين، وطلب ان يراني في حلقة <احمر بالخط العريض> مع الاعلامي مالك مكتبي وبتنا صديقين... مثل هؤلاء الاشخاص اثروا بحياتي جدا، وانا اردد دائما بان جميعنا نعاني نقصا ما في مكان ما، وعندما ننتقد الآخر في فعله للخير ونسخف فعله فإنما يكون ذلك لـ<كب> النواقص التي فينا على الآخرين.

 ــ كُرّمت مؤخراً في كندا. اخبرنا عن هذا التكريم واسبابه؟

- هو تكريم افتخر به جدا من قبل الجالية اللبنانية الناجحة في كندا، وكرمت من قبل <المايور واتسون> عمدة مدينة <اوتاوا> بمنحي شهادة فخرية تقديرية من المدينة ضمن افتتاح مهرجان الفيلم اللبناني فيها، وقد شارك فيلم <غدي> بمدينتي <مونتريال> و<اوتاوا> ونال جائزة اضافية الى رصيده الحافل.

ــ ماذا عن المغتربات، هل تعرض مسرحك فيها؟

- منذ العام 2005 وانا اعرض في استراليا وكندا واميركا.

ــ ماذا عن الدول العربية، السعودية التي فتحت بابها للعروض الفنية العامة مؤخراً؟

- ممكن جداً، لم لا؟

ــ وهل تذهب اليهم بعملك اللبناني وموضوعه المحلي ام تخصهم بعمل ما؟

- بالموضوع اللبناني المحلي... من هويتي. اذهب اليهم لاقدم لهم بيئتي وخصوصياتي. انا لا اؤمن بالذوبان بالعالمية. الكاتب المصري نجيب محفوظ حاز جائزة نوبل العالمية للآداب انطلاقا من الحارة المصرية.

خبز... وبسكوت ايضاً!

ــ اين انت من التلفزيون اليوم، هل انتما على خصام ولا يقدم لك النجاح الذي يقدمه كل من المسرح والسينما؟

- لا، انما التلفزيون يلزمه تفرغ وتصوير ومن الصعب عليّ ايقاف المسرح لأجله إلا إذا قدم لي ما هو خارق.

ــ وفي السينما، ما جديدك بعد <غدي> و<وينن> عن المخفيين قصراً؟

- احضر لفيلم <الواوي> مع المخرج امين دره وشركة <Talkies> للانتاج، ويدور الموضوع حول البيئة الحاضنة الخاصة بالانسان، والظروف التي قد تجعل من الفرد عينه قاتلاً او سارقاً او مؤذياً، او عازفاً او رساماً او مبدعاً، وذلك مع مجموعة من الممثلين ولا زلنا في طور <الكاستينغ> للبعض.

ــ انت مثال الفنان الذي لا <ينق> مادياً، والذي يأكل خبزه من عمله الفني واكثر، وقد اثبت بأنك قادر على الانتاج لنفسك. هل يطعم المسرح خبزاً وبسكوتاً ايضا؟

- لقد تعبت جداً لأكون نفسي ولابني علاقة الثقة هذه مع جمهور كبير. فعملي يعرض لستة اشهر بست حفلات اسبوعياً بمعدل ستمئة شخص بالليلة. لقد عملت لسنوات حتى وصلت الى هذه النتيجة فضلاً عن ان النوع الفني الذي اقدمه احبته الناس وتماهت معه.

ــ وغياب اي منافس في الميدان عينه كان لك عاملاً ايجابياً ايضاً؟

- بالنوع عينه، لا، ما من منافس. ومن الصعوبة بمكان ان يكون الفنان مع الناس وبينهم وان يملك في الوقت عينه خلفية ثقافية كبيرة. انا أغرف من وجعهم وحالاتهم واترجمها على الخشبة بلغة البساطة، وهي اصعب لغات العالم اذ ليس سهلا ايصال فكرة للناس بدون تعقيد. ولهذا اسبابه، فقبل ان امتهن التمثيل والمسرح عملت نادلاً وسائقاً في خدمة <الفاليه باركينغ> وتعبت في الورش واختلطت بالناس في الباص وسيارة الاجرة، وفي الوقت عينه اشتغلت على نفسي ثقافياً، فجاء مسرحي ثمرة لشخصيتي ولسؤال لطالما طرحته: لماذا تكون الثقافة حكراً على اشخاص معينين ومجردة من البعد الترفيهي؟ فنجحت في جمع خلطة المشاعر بالترفيه والفكر.

ــ في النهاية، اكمل لنا الجملة التالية: لا اترك لبنان <إلا... إذا>؟

- إلا إذا هُجّرت منه قصراً... لا سمح الله!