تفاصيل الخبر

جونية الخامسة عربياً والـ23 عالمياً من حيث نسبة الغاز الملوث!

16/11/2018
جونية الخامسة عربياً والـ23 عالمياً  من حيث نسبة الغاز الملوث!

جونية الخامسة عربياً والـ23 عالمياً من حيث نسبة الغاز الملوث!

بقلم طوني بشارة

لبنان بلد الازمات بامتياز فما إن تنتهي أزمة حتى تبدأ أزمة جديدة، فجونية مدينة الحياة والسهر والسياحة والتي لطالما اشتهرت بخليجها الذي يضاهي بجماله اهم الخلجان العالمية، صنفت خامس مدينة عربية من حيث التلوث، مما جعلها ترزح وتعاني هي وأهلها تحت وطأة التلوث الخطير والمدمر، فالجميع، قادة ومواطنين، يعلم بأن لبنان يعاني من ازمة النفايات التي لا تخصنا نحن فقط بل هي قضية عالمية تتعلق بالبشرية، الا ان نسب التلوث المرتفعة خلال السنوات الأخيرة في لبنان بدأت تنعكس بشكل مباشر وسريع على اللبنانيين، ولكن المفاجأة هذه المرة ان التلوث هو بثاني أوكسيد النيتروجين والصدمة أن جونية في المرتبة الخامسة بين الدول العربية الأكثر تلوثا، اذ كشفت منظمة <غرينبيس> نتائج تحليل <غير مسبوق> لبيانات حديثة صادرة عن الأقمار الصناعية في الفترة الممتدة من 1 حزيران/ يونيو الى 31 آب/ اغسطس، جاءت فيها أسماء أهم البؤر الساخنة لمراكز تلوث الهواء في العالم، وقد احتلت جونية المرتبة الـ٥ عربياً والـ٢٣ عالمياً من حيث نسبة الغاز الملوث ثاني اكسيد النيتروجين في الهواء <NO2> لتسبق بذلك المدن الكبرى مثل القاهرة ونيودلهي.

 

<NO2> ومخاطره!

يُعد ثاني أكسيد النيتروجين غازا ملوثًا خطيرًا، وينبعث في الهواء عند حرق الوقود الأحفوري مثل الزيت والديزل، ثم ان المصادر الرئيسية لإنبعاث الغاز الملوث ثاني اكسيد النيتروجين في لبنان بشكل عام وجونية بشكل خاص، هي قطاع النقل ومعامل إنتاج الكهرباء، بدءاً من محطة الذوق لتوليد الطاقة الى السفن الكهربائية ومولدات الديزل المنتشرة على طول البلاد، علما ان التعرض الحاد لثاني اكسيد النيتروجين يؤدي الى أعراض تنفسية وأضرار في الرئة، ويزيد التعرض الطويل الأمد لثاني أكسيد النيتروجين من خطر الاصابة بالأمراض المزمنة ويؤدي الى زيادة معدلات الوفيات في جميع أنحاء العالم، ففي الاتحاد الأوروبي أدى التعرض لثاني اكسيد النيتروجين إلى ما يقدر بـ75 الف حالة وفاة مبكرة كل عام.

 واللافت عند اصدار النتيجة ان مسؤول حملات <غرينبيس - المتوسط> في العالم العربي جوليان جريصاتي، قال:

- نعلم أن هواء لبنان ملوث بشكل كبير، لكننا تفاجأنا بوجود جونية في مرتبة أعلى من المدن الكبرى مثل نيودلهي، انه انذار مخيف بأن تلوث الهواء في البلاد، وخاصة في المناطق المكتظة سكانياً، قد وصل إلى مستويات خطيرة جداً مما يعرض صحة المواطنين اللبنانيين للخطر.

واشارت المنظمة إلى ان السبيل للتخلص من أزمة تلوث الهواء في لبنان يكمن في وقف الاعتماد على الوقود الأحفوري، وزيادة إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، وعن طريق تخفيض عدد السيارات التقليدية ذات الاحتراق الداخلي لصالح وسائل النقل الشخصية والعامة التي تعمل بالطاقة الكهربائية كجزء من نظام النقل المشترك.

وشدد جريصاتي بعد اصدار النتائج الى انه قد حان الوقت لتكثيف عمل السلطات اللبنانية بشكل عاجل وتوفير الهواء النظيف للجميع! ولا يمكن لذلك أن يحدث إلا من خلال ثورة في مجال الطاقة تعتمد على طاقة متجددة موثوقة ورخيصة مثل الطاقة

الشمسية التي ستخرج البلاد من الظلام إلى مستقبل صحي ومشرق.

 

قادة جونية والازمة!

ولكن ما مدى تقيد السياسيين في منطقة كسروان بضرورة الإسراع في إيجاد الحل لهذه الازمة؟ وهل هناك نية للمعالجة ام ان النتيجة ستكون بالتنظير السياسي وتبادل التهم؟

وزير الطاقة سيزار أبي خليل أوضح قائلاً:

- إن القصة بدأت مع تقرير نشرته <غرينبيس> يعتمد على صور الأقمار الاصطناعية ويتحدث عن تردي نوعية الهواء في جونية وضواحيها، وهذا الموضوع ليس بأمر جديد في مدننا الساحلية، وجزء منه ناتج عن الواقع الجغرافي الذي يؤدي الى حصد الهواء الملوث في هذه المدن بسبب وجود جبال وراءها إضافة الى عدة مصادر ومنها إنتاج الطاقة الكهربائية والمولدات الخاصة وباقي الصناعات وقطاع النقل، ونوه ابي خليل بأن هناك تقارير تفيد ان نسبة التلوث في العطل الرسمية ونهاية الأسبوع تنخفض 28 بالمئة، وبالتالي بما ان معامل الكهرباء لا تتوقف في العطل، فمعنى ذلك ان ثلث التلوث يأتي من قطاع النقل.

 

ابي خليل وقضية غاز الذوق!

 

وأضاف ابي خليل:

- في موضوع معامل الذوق، بدأنا منذ العام 2011 منظومة معالجة للفيول قبل إحراقه، وأدى ذلك الى انخفاض الإنبعاثات حتى أصبحت ضمن معايير الإتحاد الأوروبي، إنما المشكلة انها ليست وحدها مصدر التلوث، فهناك عدة مصادر اخرى.

وفي ما يتعلق بعدم وصول الغاز الى الذوق أجاب ابي خليل:

- لقد أطلقنا مناقصة وهذا الأمر توقف بفعل الأزمات السياسية في المرحلة السابقة، الى أن أتت هذه الحكومة فأطلقنا مرة أخرى المناقصة، وإن شاء الله في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر سيتم تقديم العروض وترسية الإلتزام وبعدها بدء العمل، فهذا يحتاج للوقت فضلاً عن حاجة المعمل القديم الى تأهيل.

واستطرد قائلاً:

- لو حُلت هذه المسألة في وقتها، ما كنا اليوم بحاجة الى مولدات خاصة تكب دخانها على المنازل، وأنا لي شرف منع استيراد المازوت الاحمر الملوث لاستعمال محروقات اقل تلويثاً.

واستطرد قائلاً:

- اما في قطاع النقل، فقد تقدمنا باقتراح قانون للسماح بدخول السيارات العاملة على الغاز الى لبنان، وهذا الأمر محتجز لدى لجنة فرعية منذ العام 2012، فهذه السيارات تنتج 27 بالمئة انبعاثات أقل و40 بالمئة أقل من غازات الكربون، وعند عرقلة هذا الموضوع عملنا مع وزارة البيئة لإلغاء تام للتعرفات الجمركية للسيارات الكهربائية والهجينة.

وختم أبي خليل قائلاً:

- هذا الموضوع نتابعه منذ زمن ولم نكن غافلين، وقد واجهت مشاريعنا الكثير من العرقلة، ولكن إن شاء الله بالتعاون مع نواب كسروان- الفتوح ورؤساء البلديات نستطيع العمل لخير هذه المنطقة ولتحسين ظروف العيش فيها.

افرام والمولدات!

بدوره النائب نعمت افرام، وردا على الدراسة التي اظهرت ان مدينة جونية <التي لطالما اعتبرها الاحلى> هي من اكثر المدن تلوثا في لبنان، أشار قائلاً:

- انه من الواضح ان هناك تلوثاً كبيراً في جونية والجوار، والسبب الرئيسي لهذا التلوث هو المولدات الخاصة لتوليد الطاقة الكهربائية المنتشرة في الاحياء السكنية، اذ ان مدينة بيروت وعلى الرغم ان عدد سكانها اكبر من عدد سكان جونية إلا انه ليس فيها مولدات خاصة في احيائها السكنية، كما ان أحد اسباب التلوث ايضا في جونية ناتج عن معمل الذوق الذي يحرق فيولاً اكثر مما هو مصمّم له.

روكز والتساؤلات الثلاثة!

اما عضو تكتل لبنان القوي النائب شامل روكز فشدد على ان العلاج الاساسي لموضوع تلوث مدينة جونية هو باستخدام الغاز بدل <الفيول اويل>، وردا على تقرير <غرينبيس> في ما يتعلق بمشكلة السير والتلوث أكد روكز وبجزم بأن حل مشكلة السير في كسروان بات قريبا وذلك مع توسيع الاوتوستراد على ان يعتمد في ما بعد حل شامل، داعيا لتركيب فلاتر للمولدات للحد من تلوث الهواء.

واعتبر روكز ان حل مشكلة التلوث ليس في يد وزارة الطاقة لوحدها انما في يد مجلس الوزراء مجتمعا.

وأشار روكز الى انه وجه 3 أسئلة للحكومة تتمحور حول التساؤل عن عدم اتخاذ الخطوات المطلوبة من اجل استبدال <الفيول اويل> بمادة الغاز، ولماذا لم يصر حتى الان الى بناء محطات التفويز بالقرب من معامل الكهرباء والتي يمكن بعد وصلها بخط الغاز الساحلي بعد إنجازه؟ ولماذا لم تتخذ الحكومة خطوة تتمثل باستجلاب بواخر لتأمين الغاز المسيل ومد معامل الكهرباء بها لحين انشاء خط الغاز الساحلي؟

خازن والعجز القاصر!

 

اما رئيس <المجلس العام الماروني> الوزير السابق وديع الخازن، فحذر من مغبة المخاطر السرطانية جراء التلوث الضارب أطنابه في خليج جونية وجواره، وناشد نواب المنطقة أخذ هذا الإنذار على عاتقهم للتخلص من كوابيس السرطان.

وقال خازن منوهاً:

- في غياب أي بصيص حكومي بالتأليف، يبرز هاجس مقض من التلوث القاتل الذي لا يرحم حياة المواطنين على إمتداد الشاطئ من الدورة إلى خليج جونية ومحيطه الكسرواني، وهو يندرج في خانة التلوث النيتروجيني المسبب للسرطان، بعد تفاقم إصابة المواطنين بهذه الحالة المسرطنة والتي بلغت حد الخطوط الحمر في التصنيف الدولي.

وتابع خازن قائلاً:

- مع الشلل الذي يعتري التشكيلة الحكومية، يبدو العجز القاصر عن الإهتمام بالتلوث في الهواء والبحر الذي شهدنا غمار خليجه بالصرف الصحي أسوأ تجربة بيئية عرفتها المنطقة السياحية بإمتياز، ويفوق بأضعاف تلويث معامل شكا للبلدات المحيطة، مما ينذر بالهلع في قلوب الأهالي المطالبين بإطلاق حملة طوارىء غير عادية لحجب الموت المحتم بأرواحهم.

وختم حديثه:

- نناشد نواب المنطقة بالتحرك لإنقاذ هذه البؤرة التي استفحل أمرها، ولم يعد مقبولا تجاهلها، لإتخاذ الإجراءات الكفيلة بتطهير الأجواء ومياه الخليج الآسنة من هذا العدو المتربص بحياة الناس.

حبيش والقطارات!

 

بدوره أوضح رئيس اتحاد بلديات كسروان - الفتوح رئيس بلدية جونية جوان حبيش ان التقرير قال إن هناك تلوّثًا في جونية، ونسبته زائدة، وهذا صحيح، ولكن لدينا مشكلة تلوّث في كل لبنان، ونحن بحاجة إلى معالجتها، لافتًا إلى أنّه بالنسبة إلى معمل الذوق لتوليد الطاقة الكهربائية، فإنّنا إلى اليوم لم نصل إلى التأكّد من نسبة التلوث الصادرة عنه، وإذا أصبح تشغيله على الغاز، فنسبة التلوّث ستخف، وإذا تمّ إيقاف المعمل والاعتماد على الطاقة المتجدّدة، فنسبة التلوث تنعدم، وشدد حبيش على أنّه لا توجد وسائل نقل عامة أو قطارات والتي يجب تشغيلها أو تلزيمها للدولة، واصفاً أنّ عدد السيارات فاق قدرة الطرق على الاستيعاب، وكاشفًا عن أنّه يُعمل على تلزيم 4 محطات تكرير للصرف صحي: المحطة الأولى لُزّمت في ميروبا، الثانية قيد التلزيم خلال الشهرين المقبلين في أدما، والثالثة قيد الدرس في ذوق مصبح، وهذه مسؤولية مجلس الانماء والاعمار.

 

الدكاش واليد الواحدة!

 وبدوره النائب شوقي الدكاش وضع نفسه في تصرّف الأهالي لإيجاد الحلول للتلوث في جونية، وتساءل عن سبب التقاعس رغم وعود وزارة الطاقة بمعالجة الموضوع طوال 11 سنة، مؤكدا أنّه جاهز كنائب عن المنطقة للتعاون من أجل إيجاد الحلول، ووجّه الكلام إلى وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال سيزار أبي خليل، قائلا انه يريد في ظل هذه الازمة أن يكون مع المعنيين يدا واحدة لتطبيق القانون بعيدا عن النكد سياسي، داعيا إلى اعتماد سياسة المزدوج والمفرد في لوحات السيارات كخطة سير سريعة لتخفيف الازدحام والتلوث.

 ختاما نتمنى الا يتقاذف نواب جونية المسؤوليات في حين ان الأهالي يأكلون عصي التلوث، فالمعنيون مبدئيا اجمعوا على أسباب التلوث في جونية، والتي تتلخص بانبعاثات معمل الذوق الحراري وزحمة السير والتلوث الناجم عن المولدات الخاصــــة، إلا ان الآراء اختلفـــت حــــول كيفية معالجة القضية أو القضايا المسبّبة لهذا التلوث، ومع اختلاف الآراء وتقاذف المسؤوليــــات بين مجلـــس الوزراء ووزارة الطاقة ولجنة الطاقة النيابية ومجلس الإنماء والأعمار <ضاعت الطاسة>، فيما أبناء جونيـــــة يأكلـــون العصي إذ يبــــدو ان لا حـــل فعليــــا يلـــوح في الأفق.