تفاصيل الخبر

”جون كيري“ يرصد الموقف السياسي من الأردن فخامة الرئيس الآتي ما زال في قبضة... الغيوم!

26/04/2014
”جون كيري“ يرصد الموقف السياسي من الأردن  فخامة الرئيس الآتي ما زال في قبضة... الغيوم!

”جون كيري“ يرصد الموقف السياسي من الأردن فخامة الرئيس الآتي ما زال في قبضة... الغيوم!

 1

بات متعذراً احصاء المرات التي جاء فيها خلال الأشهر الأخيرة وزير الخارجية الأميركي <جون كيري> الى الأردن حتى غدا السائح الأول في المملكة الأردنية. وزياراته للأردن ليست محصورة في الملف الفلسطيني ــ الاسرائيلي الذي وصل الى طريق مسدود، ونشأت عند الفلسطينيين بعد يأسهم من المفاوضات مع الدولة العبرية، فكرة إلغاء السلطة الفلسطينية التي أنتجها اتفاق <أوسلو> بين ياسر عرفات و<اسحق رابين> عام 1993، وبذلك يعود الفلسطينيون الى سياسة الانتفاضة خصوصاً بعد المصالحة التي فتحت أبوابها في قطاع غزة بين <فتح> وحركة <حماس>!

مروحة <جون كيري>

   إذن.. ماذا في ثنايا زيارات الوزير الأميركي <كيري>؟

   أولاً: هناك التسليح العسكري الأميركي للجيش الأردني بموازنة 700 مليون دولار مقابل 70 مليون دولار من وزارة الدفاع الأميركية للجيش اللبناني، ومتابعة المناورات العسكرية المشتركة بين واشنطن وعمان، ويمكن في هذا الباب اعتبار الادارة الأميركية الأردن خطاً أحمر، وهي رسالة أولى لاسرائيل الموصولة مع الأردن باتفاق وادي عربا. والرسالة الثانية الى كل من يخطط لتحويل الأردن الى وطن فلسطيني، كما يدور في خلد رئيس وزراء اسرائيل <بنيامين نتانياهو>.

   وفي محادثات <جون كيري> مع ملك الأردن عبد الله الثاني لم يغب ملف المسيحيين في الشرق، وعندما تفتح سيرة هذا الملف فلا بد أن تفتح سيرة لبنان المقبل على انتخابات رئاسية بدأت طلائعها في البرلمان اللبناني أمس الأول الأربعاء، ولم تنته الى توليد رئيس جمهورية لبنان الجديد، ولو بعملية قيصرية.

   والوزير الأميركي <جون كيري>، وفي هذه المرحلة بالذات كان مطلوباً لزيارة لبنان، ولكنه فضل أن يتعاطى مع انتخابات الرئاسة اللبنانية، من خلال الأردن، حتى لا تكون زيارته للبنان هذه الأيام شبيهة بزيارة المبعوث الأميركي <ريتشارد مورفي> لبيروت عام 1988، واعلانه المعادلة ــ الانذار <إما مخايل الضاهر أو الفوضى>، خصوصاً وأن اسم الرئيس الجديد المطلوب للبنان لم ينضج في مخيلة الادارة الأميركية ومطبخها..

   وأمس الأول كان دور المطبخ النيابي اللبناني في توليف اسم رئيس البلاد الجديد، ولكن الرياح جرت بما لا تشتهي السفن، ولم تتكامل الظروف لإعطاء الدكتور سمير جعجع كرسي الرئاسة في قصر بعبدا.

   وكتلة نواب <المستقبل>، والشهادة لله، لعبت الدور المطلوب في تلك الجلسة بكل ذكاء وحصافة وبُعد رؤية، فهي تعلم أن انتخاب الرئيس لن يحصل في تلك الجلسة، وبذلك أعلنت الدكتور جعجع مرشحها الرسمي لتلك الانتخابات. وبذلك حافظت على وحدة قوى 14 آذار، ولم تسمح لعقد هذه القوى أن ينفرط، ويكون الانفراط لمصلحة قوى 8 آذار. ولكن ذلك لا يعني أن كتلة <المستقبل> ماضية في تبني اسم الدكتور سمير جعجع حتى النهاية، لأن ظروفاً اقليمية ودولية ستستجد لمصلحة المرشح الوفاقي، أي المرشح الرئاسي المقبول من الطرفين.

3

   وكان الرئيس أمين الجميّل، المرشح الرئاسي الثاني في قوى 14 آذار، يعوّل على الدورة الثانية، أي إذا عزّ على الدكتور سمير جعجع الحصول على 65 صوتاً نيابياً وهو العدد المطلوب لاعلان فوزه بكرسي الرئاسة، فإن كتلة الكتائب النيابية ستقدم في الدورة الثانية باسم الرئيس أمين الجميّل، وهي على ثقة بأن شريحة كبيرة من الأصوات التي خسرها الدكتور جعجع في الجولة الأولى كانت ستمنح صوتها للرئيس الجميّل، لو لم ينسحب، وذلك بغطاء اقليمي وربما دولي، على أساس أنه الأكثر اعتدالاً، والأكثر ملاءمة لهذه المرحلة، وكان على الرئيس الجميّل حتى يفوز بكرسي الرئاسة التي كان قد احتلها خريف 1988، أن يحصل على نصف عدد النواب زائداً واحداً، أي 65 صوتاً. وهذا ما لم يكن ممكناً أولاً لأن الأوراق البيضاء نزلت في صندوقة الاقتراع بقضها وقضيضها، وعطلت عملية فوز أي مرشح، وثانياً لأن كتلة الزعيم وليد جنبلاط قد اختارت للترشيح الرئاسي واحداً من الكتلة هو نائب بعبدا هنري حلو ليكون مرشح الديموقراطية والاعتدال، وهذا ما أفهمه للسيدة ستريدا جعجع حين جاءت لزيارته.

   وهكذا أنزل الستار على الجلسة الأولى لانتخاب رئيس الجمهورية، دون أن يكون اسم الرئيس الجديد للبلاد قد ظهر. وما على الرئيس نبيه بري إلا أن يعيّن جلسة ثانية لانتخابات الرئاسة، وثالثة، ورابعة، وصولاً الى يوم الأربعاء الثالث من حزيران (يونيو) وهو الموعد الذي أعلنه رئيس مجلس الشعب السوري محمد جهاد اللحام يوم الاثنين الماضي لانتخاب رئيس الجمهورية، والمرشح الأول وربما الأوحد لهذا المنصب هو الرئيس بشار الأسد، برغم وجود أربعة ملايين سوري خارج القطر السوري بحكم النزوح أو السفر.

   وإذا عاد الرئيس بشار الأسد من جديد الى قصر الرئاسة في حي المهاجرين، فلن يكون خارج اللعبة الرئاسية في لبنان، لا مباشرة هذه المرة، كما كان الحال مع عبد الحليم خدام ورستم غزالي، بل عبر حزب الله. فالحزب الذي ائتمنه الأسد على أمنه القومي في المعارك مع الجهاديين، سيكون هو حامل كلمة السر الخاصة باسم الرئيس الذي ينزل برداً وسلاماً على الرئيس بشار الأسد.

معهم كلمة السر!

   وعندما يتكلف حزب الله بكلمة السر السورية، فمعنى ذلك أن إيران، اللاعب الاقليمي الثاني بعد المملكة العربية السعودية، ستراعي كلمة السر السورية، وستسعى الى دعمها من الأطراف التي لها مصالح نفط وغاز مع إيران، إلا أن كلمة السر السعودية لم تخرج الى النور حتى الآن بانتظار بعض المستجدات، ولكن بات متفقاً عليه بأن الولايات المتحدة وأكثر دول أوروبا، تتبنى كلمة السر السعودية، مقابل كلمة السر السورية ــ الإيرانية، ومن الصعوبة بمكان أن يكون هناك مرشح واحد للطرفين.

   والمعادلة الآن هي: رئيس بصناعة لبنانية بنسبة خمسين بالمئة، وبصناعة اقليمية ودولية بنسبة 50 بالمئة. وكل هم الرئيس نبيه بري أن يرتفع منسوب الصناعة اللبنانية في شخصية الرئيس فتصل الى الستين بالمئة.

2

   وحتى ذلك التاريخ يبقى اسم الدكتور سمير جعجع هو الطافي على سطح المعركة، وقد أحاطها <الحكيم> بدروع الاتصالات بالفرقاء، من كتلة <المستقبل> النيابية، الى الرئيس أمين الجميّل في بكفيا الى الزعيم وليد جنبلاط عبر عقيلته السيدة ستريدا، وصولاً الى الجماعة الإسلامية في بيروت ونائبها عماد الحوت. ولكنه لم يأخذ من جنبلاط ضوءاً أخضر، لأن الضوء الأخضر كان للمرشح هنري حلو، ولم يأخذ من الجماعة الاسلامية وأمينها العام ابراهيم المصري لا حقاً ولا باطلاً، وإن كان الجماعة ينسقون في هذا الموضوع مع تيار <المستقبل> استدراكاً للانتخابات النيابية المقبلة في بيروت.

أين العماد عون؟

   والسؤال الطواف على شفاه المراقبين هو: هل ستبقى البلاد في حالة فراغ دستوري حتى يوم الثالث من حزيران (يونيو) موعد إعادة انتخاب الرئيس السوري بشار الأسد، أم ينتصر الطلب البطريركي بأن يكون هناك رئيس للبلاد، ولا يكون هناك فراغ دستوري؟

   ولكن أين موقع العماد ميشال عون في كل هذا الخضم؟

   العماد عون لا يريد أن يطرح نفسه خصماً في مواجهة سمير جعجع على حلبة المعركة الرئاسية، ويدرك أن انتخاب الرئيس لن يحصل من الآن وربما حتى الصيف المقبل، وينتظر أن يتعب المحاربون، كما يقول الكاتب المسرحي الكبير <كورناي> في مسرحية <السيد Le Cid> وهو: <انتهت المعركة لنقص الفرسان> (Le combat a cessé faute de combattants). ولن تنتهي المعركة إلا بوصول الموجة الى المرشح الوفاقي، ولذلك فالعماد ميشال عون الذي يقرأ في أفق الآتي من الأيام، كما يقرأ في كف الوضع اللبناني، يعرف متى يطل على المعركة كمرشح وفاقي ويقول: ها أنذا.

   أي حسابات <الجنرال> تقوم على أساس أن <الحكيم> يفتح المعركة و<الجنرال> ينهيها..

   وهنا لا بد من تسجيل انتصار للبطريرك بشارة الراعي في فتح المعركة الرئاسية داخل المجلس، وتسجيل انتصار للرئيس نبيه بري في الاستجابة لرغبة البطريرك مع علمه أن <الجنرال زمان> هو الذي سيتحكم بالمعركة آخر الأمر.

   وكما ستسفر المعركة عن رئيس، كذلك ستسفر عن رئاسيين مثل بطرس حرب، وروبير غانم، وهنري حلو، فلا يطل الواحد منهم على أي مطار في الخارج إلا ويشار إليه بالقول: هذا الرجل يحمل قماشة رئيس جمهورية!