تفاصيل الخبر

جولة البابا «فرنسيس» في الولايات المتحدة وكوبا أعطت دفعاً ودعماً للرئيس الأميركي «أوباما»!

02/10/2015
جولة البابا «فرنسيس» في الولايات المتحدة وكوبا  أعطت دفعاً ودعماً للرئيس الأميركي «أوباما»!

جولة البابا «فرنسيس» في الولايات المتحدة وكوبا أعطت دفعاً ودعماً للرئيس الأميركي «أوباما»!

 

بقلم جورج بشير

obama-netanyahu رحلة البابا <فرنسيس> للولايات المتحدة الأميركية والأمم المتحدة في الأسبوع الماضي لم تكن رحلة رعوية أو سياحية كما قد يتصوّرها البعض، خصوصاً في هذه الظروف العالمية الخطيرة، لا بل البالغة الخطورة، وعلى وجه التحديد في الظروف الدقيقة التي يجتازها الرئيس الأميركي <باراك أوباما> وإدارته، قبيل الانتخابات الرئاسية، وانتخابات الكونغرس بعد الحملة القاسية سياسياً عليه وعلى الحزب الديموقراطي والإدارة بسبب إقدامه على توقيع الاتفاق النووي مع إيران، وذلك خلافاً للاتجاهات التي قادها <اللوبي> الصهيوني - الأميركي لمنع الرئيس <أوباما>  من التوقيع، وللحؤول في الوقت ذاته دون إقدام الحكومات الأوروبية التي لـ<اللوبي> المذكور نفوذ سياسي عليها القيام بالمثل.

لكن الرئيس <أوباما> وإدارته والحكومات الأوروبية أيضاً لم تخضع للضغوط الاسرائيلية والصهيونية العالمية التي قادها من تل أبيب والقدس <المايسترو بنيامين نتنياهو>، إذ انها حذت حذو الرئيس الأميركي، فكانت حملة سياسية وإعلامية هائلة تعرض لها <أوباما> وإدارته وحزبه، مع سائر الإدارات الأوروبية بدأت في داخل الكونغرس الأميركي من مجلسي الشيوخ والنواب الأميركيين وتمددت هذه الحملة سياسياً وإعلامياً ليس داخل الولايات المتحدة فحسب حيث لا تزال، لا بل الى العواصم الأوروبية حيث تعاني هذه الفترة معظم الأحزاب الأوروبية الحاكمة من جراء هذه الحملة التي يُحتمل أن تتواصل حتى مواعيد إجراء الانتخابات في القارة الأوروبية لأن <اللوبي> الاسرائيلي - الصهيوني المُصاب بالهزيمة النكراء داخل مبنى الكابيتول في واشنطن لا يخطط فقط للثأر من الحزب الديموقراطي والرئيس <أوباما> وإدارته داخل الولايات المتحدة فحسب، إنما يشمل تخطيط الثأر هذا عواصم الدول الأوروبية التي وافقت بدورها على ما وافق عليه <أوباما> والإدارة الأميركية بالنسبة للاتفاق مع إيران.

 

النقمة لفحت الأمم المتحدة

الذين واكبوا المشاورات التي جرت على مستوى القمة بين رؤساء الدول الكبرى وحكوماتها على هامش الدورة العادية الحالية في مقر الأمم المتحدة ومجلس الأمن في نيويورك طوال الأسبوع الماضي، خصوصاً بين الرؤساء <أوباما> و<بوتين> و<هولاند> وغيرهم من رؤساء الدول التي لفحتها ردود الفعل الصهيونية والإسرائيلية بفعل الاتفاق النووي مع إيران، والتي أصابتها (الدول الاوروبية) ولا تزال في الصميم تداعيات الحرب في سوريا والعراق، خصوصاً موجات النزوح البحري والبري من هذين البلدين مما دعاها لإعلان ما يشبه حالة طوارئ أمنية - اقتصادية - اجتماعية، لاحظ هؤلاء أن الحرب الدائرة في الشرق الأوسط وخاصة في كل من سوريا والعراق، وحتى الوضع الهش في لبنان، بدأت تنعكس بسلبياتها على الداخل الأوروبي برمته لأن موجات تسفير <المجاهدين> من داخل الدول الاوروبية وأميركا التي ناصرتها وشجعتها وموّلتها وأيدتها سياسياً وإعلامياً أميركا والدول الأوروبية عادت لترتد على هذه الدول جزراً من حيث مخاطر إرهابية قضّت حتى اليوم مضاجع عدد من الدول الأوروبية، وقد دفعت بالولايات المتحدة الى المزيد من الحيطة والحذر، من خلال ترقب هذه الدول قيام المجموعات الإرهابية العائدة إليها، أي الى تلك الدول التي منحتها أصلاً الحماية والرعاية مع جنسياتها وحق العمل والإقامة فيها، بعمليات تسيء الى أمنها الوطني والى استقرارها، تماماً كما حصل في فرنسا وبريطانيا وحتى في الولايات المتحدة، الأمر الذي قد يزداد سوءاً إن لم تتوسع هذه الدول في إجراءات الأمن والوقاية من الإرهاب وشروره ومخاطره.

لا شك بأن جولة البابا <فرنسيس> على معظم الولايات الأميركية أعطت إدارة الرئيس <أوباما> دفعة قوية داخل المجتمع الأميركي برغم الامتعاض الذي أصاب الإدارة والحزب الديموقراطي من حملة البابا خلال جولته على الولايات على مثليي الجنس وطريقة تعاطي الحكومة الاميركية معهم وخاصة لناحية مطالبة عدد من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ من الحزبين الأميركيين الإدارة بمنح مثليي الجنس حق الزواج وتبنّي الأولاد، وهذا ما ثار البابا <فرنسيس> عليه كتوجّه معادٍ لقيم أميركا الأساسية وخاصة العائلة وحقوق أفرادها.

قضية النزوح السوري البحري والبري التي تشغل أوروبا وأحزابها وأميركا وإدارتها، لم تكن وحدها الملف الرئيسي في محادثات رؤساء أميركا وروسيا وفرنسا وبريطانيا وغيرها، وخاصة بين قداسة البابا <فرنسيس> وهؤلاء وخصوصاً الرئيس الأميركي، بل تعدّتها الى الطرق المتبعة من هذه الدول الى اليوم بالنسبة للحرب في سوريا والعراق، وللحرب على الإرهاب، ولكيفية تعاطيها مع المعارضة السورية بالتحديد، هذه المعارضة التي شهدت في السنتين الأخيرتين انشقاقات غير متوقعة أميركياً وأوروبياً في صفوفها، تحوّلت في الكثير من الأحيان الى حروب والى مواجهات تصفوية وضعت تنظيمات <داعش> و<القاعدة> و<جبهة النصرة> في مقدمة صفوف من يعارضون نظام الرئيس السوري بشار الأسد، في الوقت الذي تعتبر هذه الحكومات ذاتها في حرب ضروس مع الإرهاب والإرهابيين، وهذه التنظيمات الإرهابية بالذات. إذاً أتت هذه الدول وكأنها تريد الشيء وعكسه في آن. تريد إسقاط الإرهاب والانتصار عليه وعلى الإرهابيين، وتحيط هؤلاء بزنار من الحماية في الوقت ذاته، من خلال اقتصار مواجهتها للإرهابيين من الجوّ، فيما الإرهابيون هؤلاء يجتاحون المدن والقرى والمواقع من البر ويتخفّون بين صفوف المدنيين، وهم (الإرهابيون وتنظيماتهم) يتلقون الحماية والرعاية مع المال والسلاح والدعم اللوجستي باستمرار من دول إقليمية غنية، وخاصة مــــــن تركيـــــا التي تشددت معهــــــم في الآونــــــة الأخـــــيرة بعد الانفجارات الأمنية داخل تركيا مع الاكراد والعلويين وتوجّه الحزب الحاكم بأكثرية هشة مجدداً الى خوض انتخابات مبكرة قريباً جداً.

طبعاً الـ250 ألفاً من النازحين السوريين الذين أصابوا الدول الأوروبية اليوم بالتوتر والخوف، لا بل بالذعر التاريخي الذي وصلت ارتداداته الى روسيا وأوستراليا وكندا، دفعوا باللبنانيين وبوفدهم الحكومي برئاسة تمام سلام في المنظمة الدولية لأن يسأل هذا العالم المصاب بالذعر من 250 ألف نازح نيابة عن لبنان: <وماذا  عساي أن أفعل وأنا أتحمّل من جراء هذا النزوح السوري - العراقي ما لا يقل عن مليون ونصف المليون من النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين يبلغون نصف مليون أيضاً؟! لا بل ماذا عسى هذا العالم أن يفعل تجاهي ومعي لكي يخفف عني وعن شعبي الغارق بالأزمات المالية والاقتصادية والسياسية والإرهابية، ناهيك عن أزمة النفايات>؟!.

pope-francis-barack-obama

هل يبدأ العلاج بالكي؟!

في الأسبوع الماضي وبنتيجة هذه المشاورات الدولية التي دارت في أميركا وأوروبا وروسيا والصين وفي أروقة الأمم المتحدة، بدأ الحديث جدياً، خصوصاً على هامش محادثات البابا <فرنسيس> مع الرئيس الأميركي في واشنطن، للبحث عن علاج آخر للأزمة السورية - العراقية، وخاصة للوضع السوري، على أن يكون مختلفاً في الجوهر عن العلاجات التي اتُبعت خلال السنوات الخمس الماضية التي أطالت أمد الحرب ومعها وسّعت رقعة الدمار والخراب والموت والنزوح، وجعلت الإرهاب أقوى وأفعل وأوسع انتشاراً، من دون أن تحقق شيئاً من قبيل إسقاط النظام السوري أو إضعاف الرئيس بشار الأسد وترسانته المحلية والدولية، خصوصاً مع روسيا مثلاً، وتشير المعلومات الواردة الى بيروت وغيرها من العواصم الى ان استراتيجية بديلة تقرر اعتمادها دولياً للحرب على الإرهاب، وللحرب في سوريا والعراق، وللحدّ من موجة النزوح واللجوء، ، تقضي بإدخال روسيا وإيران الى اللعبة بقرار دولي، ومن خلال اتفاقات وتفاهمات تمّت على هامش اجتماعات نيويورك وواشنطن واعتماد شعار <وداوها بالتي كانت هي الداءُ> إذا صحّ التعبير. الأميركيون والحلفاء من الجو، وروسيا وإيران من البر، وذلك بالتعاون الروسي والإيراني اللوجستي مع الجيش السوري، أي مع جيش النظام بعد تعليق مطالبة الغرب بإسقاط الرئيس الأسد أولاً، إذ إن شعار الحرب الجديدة ضد الإرهاب أصبح <إسقاط الإرهاب أولاً...>. والباقي تفاصيل...