تفاصيل الخبر

جنبلاط يطبّق إستراتيجية لـ"تنظيم الخلاف": تنسيق مع "التيار"..وحوار متوقع مع "الحزب"!

04/06/2020
جنبلاط يطبّق إستراتيجية لـ"تنظيم الخلاف": تنسيق مع "التيار"..وحوار متوقع مع "الحزب"!

جنبلاط يطبّق إستراتيجية لـ"تنظيم الخلاف": تنسيق مع "التيار"..وحوار متوقع مع "الحزب"!

[caption id="attachment_78587" align="alignleft" width="375"] اللقاء بين الرئيس ميشال عون والنائب السابق وليد جنبلاط..هدنة وتنظيم خلاف[/caption]

الاستراتيجية التي وضعها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لمسيرته السياسية المقبلة بدأ يترجمها عملياً في المحافظة على "خصوصية" الحزب واستطراداً "اللقاء الديموقراطي" في أن يكون على مسافة واحدة من الجميع. عندما قال جنبلاط في قصر بعبدا بعيد لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إن له "خصوصيته" كان يعني ما يقول متوجهاً بشكل غير مباشر الى كل من الرئيس سعد الحريري ورئيس "القوات اللبنانية" سمير جعجع كي يعرفا أنهما لا يمكنهما الاتكال عليه في خط المعارضة الذي قرر رئيس "التيار الأزرق" انتهاجه، وسبقه الى ذلك رئيس "القوات اللبنانية". وبدا واضحاً من خلال تحرك جنبلاط أنه قرر فعلاً لا قولاً ممارسة هذه الخصوصية التي طالما اشتهر بها ليقينه بأن المرحلة الراهنة ليست كما المراحل السابقة وسط ما يجري من تقلبات في المنطقة ويتأثر بها لبنان حكماً على المديين القريب والبعيد.

 من هنا، بدأ تحرك الوزير السابق غازي العريضي في اتجاهين، الأول صوب قصر بعبدا، واستكمالاً صوب "التيار الوطني الحر" ورئيسه النائب جبران باسيل، وصوب قيادة حزب الله التي تربطها بـ"الرفيق غازي" علاقة حوارية قديمة العهد. ومع عودة العريضي الى الساحة السياسية بعد طول غياب أبعده عن مجلس النواب ومجلس الوزراء، يمكن استنتاج التوجه الجنبلاطي الانفتاحي لأن العريضي على تواصل دائم مع مختلف الأطراف السياسيين وأنشأ من خلال الوزارات التي شغلها، علاقات مميزة مع الأطراف السياسيين الى درجة أنه بات يوصف بـ"الوسيط المناسب للملف المناسب"، من دون أن يعني ذلك أنه الوحيد القادر على إقامة حوارات ملائمة إذ هناك النائب وائل أبو فاعور الذي "فرزه" جنبلاط للعلاقة مع السعودية وتيار "المستقبل"، وهناك النائب مروان حمادة المعروف بحدته في مقاربة المواضيع السياسية، فصله جنبلاط ليكون على صلة مع الحريري من جهة، ومع السلك الديبلوماسي من جهة أخرى.

بعبدا تسهّل!

 صحيح أن العريضي تسلم الملف الأصعب، وهو العلاقة مع "التيار الوطني الحر"، لكن الصحيح أيضاً أن مهمته لن تكون معقدة لاسيما وأن الرئيس عون الذي يكن للعريضي مودة خاصة، حريص على إنجاح مهمته وهو سيسهلها له من خلال "مونته" على صهره النائب باسيل الذي كان بدأ حواراً متقطعاً مع نجل جنبلاط النائب تيمور جنبلاط، ثم توقف من دون أن تعلن الأسباب الكامنة وراء توقفه وحلت محله حملات إعلامية و"تويترية" حادة زادت الهوة إتساعاً بين الطرفين. لكن زيارة جنبلاط الى قصر بعبدا بعد نجاح سعاة الخير أوقفت "الجيوش الالكترونية" لدى الطرفين في هدنة يعتقد أنها ستستمر طويلاً طالما أن التواصل قائم بين بعبدا والمختارة، وقريباً بين المختارة وميرنا الشالوحي (حيث مقر التيار الوطني الحر).

[caption id="attachment_78588" align="alignleft" width="375"] الوزير والنائب السابق غازي العريضي..عودته الى الساحة السياسية تؤكد التوجه الجنبلاطي الانفتاحي[/caption]

 غير أن ثمة من يقول إن التواصل الاشتراكي مع "التيار" قد يأخذ وقتاً ولا بد من تهيئة الأجواء لحصوله انطلاقاً من أن الرواسب التي خلفتها حادثة قبرشمون في الصيف الماضي، لا تزال ماثلة في أذهان الاشتراكيين و"التياريين" ولا بد من تفعيل اللقاءات على مستوى مسؤولي المناطق والبلدات والمنسقين قبل الوصول الى مستوى القمة الحزبية لدى كل من الطرفين. لذلك نشطت طوال الأسبوع الماضي اللقاءات في القرى والبلدات الجبلية والمعطيات الأولية تشير الى تبدل أجواء التشنج التي كانت سائدة وحلول خيارات الحوار بدل التباعد.  ولعل الاطلالة الأخيرة للنائب باسيل والتي قال فيها إن يده ممدودة للحوار مع كل الأطراف، كانت رسالة مباشرة الى جنبلاط والمسؤولين الاشتراكيين الذين تلقوها باهتمام وهو ما عكسه جنبلاط بعد أيام من خلال "تغريدات" غابت عنها المواقف الحادة وحلت بدلاً منها الرغبات في اعتماد الحوار.

 وانطلاقاً من هذه الأجواء الايجابية فإن مسؤولي الحزب الاشتراكي حرصوا على إبلاغ الفريق الآخر أن جنبلاط راغب في نزع فتيل الخلافات بين مناصري الحزب و"التيار"، وتنظيم الخلاف ضمن الأطر السياسية بعيداً عن التشنجات والانفعال بين القيادتين وجمهور الحزبين. في المقابل كانت مصادر قصر بعبدا تعمم أن الرئيس عون قدّر لرئيس الاشتراكي تصرفه بمسؤولية وطنية حيال حجم الأزمة الاقتصادية والمالية والمعيشية التي يواجهها لبنان، معطوفة على أجواء ومناخات اقليمية ودولية آخذة بالتصعيد المفتوح على احتمالات خطيرة. وسجّل الرئيس عون لجنبلاط قوله بعد زيارة بعبدا، أن لا علاقة له بأية أحلاف ثنائية أو ثلاثية وأن تصرفاته مبنية على حساباته الخاصة وعلى ضرورة تحسين العلاقة وتنظيم الخلاف مع "التيار الوطني الحر".

نحو حوار مع حزب الله!

 وفيما حرصت مصادر الحزب الاشتراكي على القول إن المبادرة الثنائية الطابع بين بعبدا والمختارة، لا ارتباط بينها وبين العلاقة بين الحزب الاشتراكي وقيادة حزب الله، فإن السعي الى تجدد الحوار بين الحزبين قائم على أكثر من خط مع وجود رغبة لدى القيادتين بالدخول أيضاً في حوار على قاعدة تنظيم الخلاف بين حزب الله والحزب الاشتراكي لأن المرحلة الراهنة تفرض مثل هذا التنظيم. وتوقعت مصادر الاشتراكي أن تعقد في وقت لم يعد بعيداً، سلسلة لقاءات بين الوزير السابق العريضي وقيادة حزب الله ممثلة بالمعاون السياسي للأمين العام للحزب الحاج حسين خليل ورئيس وحدة الارتباط في الحزب الحاج وفيق صفا، وذلك في إطار استكمال خيار التهدئة السياسية بين الطرفين لاسيما وأن تحسين العلاقة مطلوب اليوم من أغلبية الأطراف، وفي طليعتهم العهد والحزب الاشتراكي وحزب الله، وإن كانت المواقف السياسية مختلفة بين الأفرقاء الثلاثة، لأن التضامن مطلوب بقوة لمواجهة كل التحديات.

 في أي حال، الاستراتيجية المنفتحة لجنبلاط سوف تؤتي ثمارها على مختلف المستويات، سواء في مجال التعيينات الدرزية التي ستتم بالتوافق معه، أو من خلال التشاور الدائم ولو من خلال إطار جديد لـ"تنظيم الخلاف"!