تفاصيل الخبر

جـنـبـــلاط لـــعـب دور الاطـفـــائـي الـتـــاريـخـي فـــي مـذبـحــة «قــلـب لـــوزة » وعـكـس كـل الـمـعـــادلات

18/06/2015
جـنـبـــلاط لـــعـب دور الاطـفـــائـي الـتـــاريـخـي فـــي  مـذبـحــة «قــلـب لـــوزة » وعـكـس كـل الـمـعـــادلات

جـنـبـــلاط لـــعـب دور الاطـفـــائـي الـتـــاريـخـي فـــي مـذبـحــة «قــلـب لـــوزة » وعـكـس كـل الـمـعـــادلات

 

بقلم وليد عوض

سامي-الجميل كما السماء تضيء بالنجوم، كذلك السياسة تضيء بالرجال. في الماضي البعيد أضاءت السياسة بالزعيم الخالد رياض الصلح، طيب الله ثراه، وبالرئيس الشيخ بشارة الخوري، والرئيس فؤاد شهاب صاحب إنجاز مؤسسات مجلس الخدمة المدنية والتفتيش المركزي، والضمان الاجتماعي، والرئيس سليمان فرنجية الذي أضاف الى الضمان الاجتماعي الضمان الصحي، والرئيس الشهيد رشيد كرامي الذي اشتهر بتدوير الزوايا، واصطياد الفتنة، والرئيس سليم الحص صاحب جبخانة سلاح الموقف، والعميد ريمون اده الذي أدخل الثروات المصرفية الى لبنان عبر مشروعه الذي جاء به من سويسرا عام 1956 وهو <سرية المصارف>، والرئيس الياس سركيس صاحب الفضل عندما كان حاكماً لمصرف لبنان في تجميع أونصات الذهب لمصرف لبنان، فأنشأ صمام الأمان للعملة الوطنية.

   وهل يمكن أن ننسى رئيس وزراء عملاقاً مثل الرئيس صائب سلام صاحب القرنفلة البيضاء التي كانت تبعث في نفسه الأمل والتفاؤل، وصاحب الشعارات التي وحدت اللبنانيين مثل <لا غالب ولا مغلوب> و<لبنان واحد لا لبنانان>، ولا نستطيع أن ننسى مشهده التاريخي وهو يجتاز الخط الفاصل بين بيروت الغربية وبيروت الشرقية في عز الحرب اللبنانية الضروس، لمقابلة صديقه ورفيق الصبا في الملاكمة رئيس الكتائب الشيخ بيار الجميّل، وهو على يقين بأن اجتماع قطب مسلم وقطب مسيحي مثل الشيخ بيار كفيل بتبريد سخونة تلك الحرب، وفتح باب للأمل بمستقبل أفضل.

 

بري وتدوير الزوايا!

  

   وفي أيامنا الراهنة تتجدد صورة الرجال الذين يريدون أن يبنوا وطناً، ولا يبنوا زعامة وكفى. وعلى رأس هؤلاء يأتي الرئيس نبيه بري الذي قال بالأمس عن علاقته برئيس الوزراء تمام سلام: <نحن في الهوا سوا>.

   والرئيس بري، كما يقول، شيعي المذهب، لبناني الهوى، ولا يتصرف على أساس انه زعيم شيعي، بل جعل من رئاسة مجلس النواب مؤسسة لتلاقي الفرقاء، ومارس من أجل ذلك سياسة تدوير الزوايا. وحسبه الآن من إنجاز استضافته للحوار في قصر عين التينة بين كتلة تيار <المستقبل> وكتلة حزب الله. وهو في الانتخابات النيابية حليف حزب الله وشريكه في اللوائح. ولكنه في سدة الرئاسة النيابية، سدة التشريع، ليس حليفاً إلا لما هو في مصلحة لبنان. ولولا الحوار الذي رعاه بين <المستقبل> وحزب الله، لتفشى الاحتقان نبيه-بري-علي-العواض-العسيريالمذهبي في بيروت وعلى مستوى لبنان كله، وكانت البلاد ستواجه أصعب الأقدار.

   وحسبُ الرئيس بري انه تلقى إشادة خاصة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بحنكته وادارته للأزمات، ورد الرئيس بري على التحية الملكية بالتمني على السفير السعودي علي عواض عسيري نقل شكره الخاص الى خادم الحرمين الشريفين على هذه اللفتة الكريمة.

   وفي واجهة رجال الموقف يبرز اسم الزعيم وليد جنبلاط. لقد حز في نفس الرجل تلك المجزرة الارهابية في بلدة <قلب لوزة> الدرزية الشمالية، وذهب ضحيتها عشرون قتيلاً وعشرات الجرحى. وكان في مستطاع وليد جنبلاط أن يهب هبة واحدة ويقول <حي على السلاح>، ولكنه اعتبر الحادث من نوع الاشتباك الفردي، وانصرف الى معالجة الموقف بالتليفون والوسطاء مع <جبهة النصرة> التي اتهم رجالها بارتكاب المذبحة. وكان من نتيجة هذه الاتصالات الحارة أن برّد المناخ في <قلب لوزة>، وأصدرت <جبهة النصرة> بياناً اعتبرت فيه ان ما حصل كان <خطأ غير مبرر> وان عناصرها <تصرفوا> من دون الرجوع الى أمرائهم، وتوعدت المتورطين بمحكمة شرعية..

 

حكمة جنبلاط

 

   وهكذا لعب وليد جنبلاط دور الاطفائي الكبير بالمراسلة، وقال <يا نار كوني برداً وسلاماً على جبل الدروز>، وهذا الموقف لوليد جنبلاط موقف تاريخي سيذكره الدروز والعرب اجمالاً بخير، على اعتبار انه موقف زعيم تعالى على الجراح، واستمسك بالعروة الوثقى. وكان لافتاً برفضه أي هجرة لدروز <قلب لوزة> الى لبنان، ودعوته إياهم الى التشبث بأرضهم وعدم مغادرة بيوتهم التي ورثوها أباً عن جد، وتعطيل كل مخطط لتقسيم سوريا. وحسبُ العرب تلك الهجرة لمسيحيي العراق واستقرار بعضهم في الجنوب الفرنسي.

   ومن حق الرئيس التركي <رجب طيب أردوغان> أن يتخوف من سيطرة الأكراد على منطقة <التل الأبيض> المجاورة للحدود التركية، لأنه يكاد يرى فيها حالة تقسيم في المنطقة، وملامح دولة كردية تعبر من دائرة الخرائط الى دائرة النور.

   ووقفة الرجال هي أيضاً تلك التي التزم بها بطريرك أنطاكية وسائر المشرق الكاردينال بشارة الراعي حين جعل من ندائه المستمر الى إنهاء الشغور الرئاسي وانتخاب رئيس جديد صرخة يومية ليس من أجل الموارنة والمسيحيين، بل من أجل اللبنانيين كافة، لأن جمهورية بلا رأس مخلوق جغرافي معاق. ولو أحب الكاردينال الراعي أن يكون مسايراً للزعامات السياسية لكان فعل، وجعل السياسيين يتدافعون الى بكركي لأخذ البركة، لكنه رفض هذه الفئوية، وأراد أن يكون في قلوب كل اللبنانيين، لأن رئيس الجمهورية هو الحاكم الراعي لكل اللبنانيين دون تمييز. ومهمة الكاردينال الراعي مزروعة بالأشواك، لأنها تلقي على النواب مسؤولية تعطيل النصاب المطلوب لانتخاب رئيس للجمهورية، وتلقي على بعض الوزراء مسؤولية تعطيل مسيرة مجلس الوزراء عبر إعلاء كلمة الحزبية على كلمة الوطن.

وليد-جنبلاط-نعيم-حسن 

سامي على الأبواب!

   وفي باب الرجال القياديين لا بد من الوقوف عند انتخاب النائب سامي الجميّل حفيد الشيخ بيار الجميّل رئيساً لحزب الكتائب، في وقت يعز فيه انتخاب الرؤساء، وتحكيم صندوقة الاقتراع، وقد حصل النائب المجدد على 339 صوتاً مقابل 39 صوتاً لمنافسه، ديموقراطياً، السيد بيار عطاالله. وكأن نزول عطاالله الى ساحة هذه الانتخابات لم يكن إلا لتظهير اللعبة الديموقراطية في انتخابات رئاسة الكتائب، تماماً كما كان نزول العميد ريمون اده الى ساحة انتخابات الرئاسة صيف 1958 ضد اللواء فؤاد شهاب تعبيراً عن الحياة الديموقراطية في لبنان، وحصل على ستة أصوات سميت أصوات الديموقراطية اللبنانية.

   وأول مـــا فعلــه ســـامي الجميّل بعد اعلان فوزه بالرئاسة انه توجه بالتحية الى منافسه بيـــــار عطــــاالله، وقــــال: <أشــــعر بحمــــل ثقيـــل جــــداً وأشعر بمسؤوليـــــة كبرى. وسيكون عملي اليومي الى جانب كل الكتائبيين هو الوقوف الى جانب اللبنانيين والأوادم، وكل أم وأب وكل شاب يناضل كل يوم ليبقى في هذا البلد>.

   وهكذا افتتح عهده الجديد في رئاسة الكتائب بالتأشير على مكافحة هجرة أي مسيحي، وكان متميزاً بالقول: <سأعمل 24 ساعة على 24 ساعة، وسبعة أيام في الأسبوع و365 يوماً في السنة، متقدماً من زوجات الكتائبيين بالاعتذار المسبق>.

   وســـــامي الجميـــــّل يحمــــــل إرث جــــده مؤسس الحزب الشيخ بيار الجميّل، وإرث والـــــده الــــرئـــــيس أمين الجميّـــــل، ولكنــــه يريد أن يصنع مدرسة في الحزب غير مدرستهما التي كانت موصولة بزمان مختلف عن هذا الزمان، تماماً كما يريد أن يفعل <جيف بوش> وهو يعلن ترشحه لرئاسة الولايات المتحدة خريف 2016، بعيداً عن سيرة أبيه <جورج بوش الأول>، وأخيه <جورج بوش الثاني>.

   سامي الجميّل هدية للمستقبل والامتحان.

   وما أحوج لبنان الى مثل هذه الهدايا في هذا الزمن الرديء!