تفاصيل الخبر

جنبلاط في بعبدا: أمن الجبل أولوية وصفحة جديدة مع الرئاسة...وقريباً مع "التيار"!

13/05/2020
جنبلاط في بعبدا: أمن الجبل أولوية وصفحة جديدة مع الرئاسة...وقريباً مع "التيار"!

جنبلاط في بعبدا: أمن الجبل أولوية وصفحة جديدة مع الرئاسة...وقريباً مع "التيار"!

[caption id="attachment_77980" align="aligncenter" width="582"] اللقاء في قصر بعبدا بين الرئيس ميشال عون ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ..إنهاء للقطيعة بين الطرفين وفتح صفحة جديدة[/caption]

 لم تكن زيارة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب والوزير السابق وليد جنبلاط الى قصر بعبدا الأسبوع الماضي، زيارة عادية ولا هي تمت في ظروف عادية أيضاً، فالزعيم الدرزي الذي "تخصص" في أسلوب مهاجمة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وأطلق النعوت على عهده "الفاشل"، وأكثر من توجيه الانتقادات اللاذعة الى سيد القصر و"الحاشية"... وصل الى قصر بعبدا بعد ظهر الثلثاء الذي سبق موعد "اللقاء الوطني" الذي انعقد في قصر الرئاسة، ليجد في استقباله الرئيس عون ويرحب بـ"وليد بك" في بعبدا والابتسامة تعلو ثغره وكأن شيئاً لم يكن، لا انتقادات جنبلاطية، ولا اتهامات ولا توصيفات يمكن لقانون المطبوعات أن يتحرك تلقائياً لمعاقبة مطلقها!

 هذه المرة لم يحمل وليد بك معه كتاباً يقدمه الى الرئيس عون كما كان يفعل دائماً، بل كان يحمل هماً تقاسمه مع رئيس الجمهورية، وهو أمن منطقة الجبل واستمرار الاستقرار فيها، وقد لمس تجاوباً سريعاً من الرئيس عون الذي يحرص على المحافظة على الاستقرار في الجبل وعلى العيش المشترك وفصل الخلافات السياسية عن واقع العيش معاً، مسيحيين ودروز في هذه البقعة المميزية من لبنان التي عانت من عذابات كثيرة وشهدت مآسي كبيرة. جنبلاط كان قلقاً على وضع الجبل في ضوء تصاريخ ومواقف سلبية يتبادلها مناصرو الحزب التقدمي الاشتراكي و"التيار الوطني الحر" كلما "دق الكوز بالجرة" على خلفية ما حصل في قبرشمون في شهر آب (أغسطس) الماضي والتي لا تزال ذيوله مستمرة حتى الساعة... وما زاد الطين بلة انطلاق اذاعة من دير القمر تبث عبر الانترنت يأخذ عليها الاشتراكيون أنها "نبشت أحقاد الماضي" و"نكأت الجروح المؤلمة بين الدروز والمسيحيين في حرب الجبل، وأمعنت هذه الإذاعة ببث مقابلات فردية زادت في فتح الجروح التي التأمت كما عززت مناخاً من التوتر والفتنة التي كادت أن تتطور لولا تواصل "العقال" الدروز مع "التيار الوطني الحر" ودخول البطريركية المارونية على خط التهدئة وسحب فتيل التوتر، كما كان لتدخل النائب فريد البستاني ولبلدية دير القمر الدور الايجابي لتهدئة الخواطر.

تواصل مع "التيار"!

 ومن الحديث عن مسيحيي الجبل ودروزه، وضرورة استمرار العلاقة الأخوية والعيش المشترك، الى المواضيع السياسية والتطورات الأخيرة والعلاقة مع رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل في ضوء "الملاحظات" التي لدى وليد بك على رئيس "التيار" على رغم اللقاء الذي جمع الرجلين في الصيف الماضي على مائدة غداء في قصر بيت الدين خلال وجود الرئيس عون في المقر الرئاسي الصيفي، ثم الزيارة التي قام بها النائب تيمور جنبلاط الى اللقلوق واللقاء مع باسيل الذي بدا وكأنه أدخل العلاقات بين الاشتراكي و"التيار" في مرحلة جديدة، توافق الرئيس والزعيم الدرزي على ضرورة إعادة الحوار مع النائب باسيل وبين كوادر الحزبين لأن في ذلك مصلحة لأهل الجبل من جهة، وللمناخ السياسي من جهة أخرى، واستقر الرأي على ان يتواصل النائب السابق غازي العريضي مع باسيل وتفتح أبواب الحوار المباشر وصولاً الى لقاء يجمع "البيك" مع باسيل عندما "تستوي" الطبخة.

 وفي جو من الصفاء، تفاهم الرجلان على كثير من النقاط التي أثيرت واعتذر جنبلاط عن عدم تمكنه من حضور "اللقاء الوطني" لرؤساء الكتل النيابية الحزبية للاطلاع على البرنامج الاصلاحي للحكومة لأسباب صحية فالزعيم الدرزي يعاني من أوجاع في الظهر تفرض عليه حركة محدودة وراحة قبل الظهر ووقتاً لإجراء الفحوصات الدورية، وقد تزامنت كل هذه العناصر للاعتذار عن عدم الحضور معوضاً عن ذلك بإرسال ملاحظات خطية للحزب الاشتراكي و"اللقاء الديموقراطي" على خطة الحكومة. وتألفت هذه الملاحظات من 33 صفحة قياس "A4" فند فيها الاشتراكيون نقاط الخطة بالمفرق وسجلوا ملاحظاتهم عليها. وعندما طُرح موضوع الحكومة، لم يلمس الرئيس عون أي نقطة سلبية من جنبلاط في اتجاه الرئيس حسان دياب وهو ما أكده جنبلاط عندما غادر بعبدا وقال إنه لا يسعى لتغيير الحكومة والوقت غير مناسب للتغيير. كما أقرّ بسعيه الى تحسين العلاقة مع "الطيار الوطني الحر" و"تنظيم" الخلاف السياسي واعتماد النقد الايجابي...

 إلا أن "قنبلة" اللقاء كانت في اعلان جنبلاط أنه ليس مستعداً للدخول في تحالفات مع أحد، "مع احترامي للرئيس الحريري والدكتور سمير جعجع"، معتبراً ان له حساباته الخاصة ويتصرف وفق قناعاته وحساباته، ناعياً بذلك كل ما قيل عن ولادة جبهة معارضة من الثلاثي "المستقبل" و"القوات اللبنانية" والحزب التقدمي الاشتراكي على أن يدعمهم من خلف "البرداية" الرئيس نبيه بري وحركة "أمل". قال بوضوح جنبلاط انه ليس في وارد الدخول في هكذا أحلاف أو تجمعات لأنه يفضل أن يبقى حراً في خياراته واستحقاقاته، وهو ما ينعكس هذه الأيام على ادائه السياسي ومقاربته للملفات التي أراد أن تبقى بعيداً عن المهاترات، وهو أوعز الى نوابه وأنصاره لاسيما رواد التواصل الاجتماعي، بالتوقف عن مهاجمة رئيس الجمهورية وتوجيه الاتهامات والتوصيفات والنعوت، وكذلك الأمر بالنسبة الى النائب جبران باسيل، مع الاحتفاظ بالملاحظات البناءة التي لا تُفسد في الود قضية.

تطمينات وإنهاء للقطيعة!

حصيلة اللقاء بين عون وجنبلاط، إنهاء للقطيعة بين الطرفين، و"هدنة" يأمل الرجلان أن تطول بينهما وبين الحزبين لاسيما وأن زيارة جنبلاط الى قصر بعبدا جرى التمهيد لها عبر "وسطاء خير" على خلفية ان ليس لدى الرئيس عون نوايا صدامية أو انتقامية أو تصفية حسابات أو خطط لانقلابات، ناهيك عن رفض أي تقاتل سياسي أو ميداني لأن الهدف الانقاذي يبقى الأساس وأن الجميع يحتاج الى تعاون، فضلاً عن حرص الرئيس عون على وضع الجبل وصيغة العيش المشترك فيه. وكانت رسالة بعبدا الى جنبلاط التي حملها الوسطاء، أنه مهما كانت الخلافات السياسية كبيرة، فإن الرئيس عون يحرص على معرفة رأي وليد جنبلاط في كل المواضيع الأساسية ولاسيما في الخطة الاقتصادية والمالية التي أقرتها الحكومة ويأمل أن تناقش بروح وطنية مسؤولة لتأمين حد أدنى من الاجماع عليها، وبديهي أن يرد الرئيس عون بايجابية على كل مبادرة من جنبلاط لاسيما ما يتعلق بمصلحة الجبل، من دون أن يعني ذلك التباعد مع رئيس الحزب الديموقراطي النائب طلال ارسلان.

 أما في موضوع التعيينات، فإن المعلومات المتوافرة لـ"الأفكار" تشير الى أن جنبلاط طرحه بشكل غير مباشر مكتفياً بتعداد المناصب الدرزية الشاغرة والتي يأمل أن يعين فيها أشخاص غير عدائيين لجنبلاط وهي قائد الشرطة القضائية والنائب الثاني لحاكم مصرف لبنان والعضو في هيئة الأسواق المالية. لكن جنبلاط لم يتمسك ــ كما كانت العادة ــ بأي اسم من الأسماء التي قدمها، مظهراً تساهلاً في مقاربة هذا الموضوع وتاركاً لرئيس الجمهورية "حسن التدبير والتصرف".

 صفحة جديدة فتحت بين بعبدا والمختارة، قد تمهّد لصفحة مماثلة بين الحزب التقدمي الاشتراكي و"التيار الوطني الحر"...والخوف يبقى ممن يزعجهم التقارب بين الحزبين وإن كان ذلك يعود بالفائدة على العيش المشترك في الجبل بكل تفاصيله...