تفاصيل الخبر

جنبلاط بدل موقفه وطالب بملاك رئيساً للأركان ولو بالوكالة لأن قرار استمرار سلمان قابل للطعن لدى مجلس الشورى!

07/10/2016
جنبلاط بدل موقفه وطالب بملاك رئيساً للأركان ولو بالوكالة  لأن قرار استمرار سلمان قابل للطعن لدى مجلس الشورى!

جنبلاط بدل موقفه وطالب بملاك رئيساً للأركان ولو بالوكالة لأن قرار استمرار سلمان قابل للطعن لدى مجلس الشورى!

 

 

حاتم-ملاك عندما جال وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور ليل الأربعاء 28 أيلول (سبتمبر) الماضي، على رئيس الحكومة تمام سلام ونائبه وزير الدفاع الوطني سمير مقبل، وكثف اتصالاته الهاتفية مع عدد من الوزراء <المفاتيح>، ظن أهل الإعلام وبعض أهل السياسة، ان وزير الصحة يُطلع مضيفيه ومحدثيه على نتائج الاتصالات التي أجراها في السعودية بتكليف من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط حول الاستحقاق الرئاسي والطرح المحتمل للرئيس سعد الحريري بدعم ترشيح رئيس <تكتل التغيير والاصلاح> العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية... إلا ان الحقيقة كانت غير ذلك. فالوزير أبو فاعور الذي اشتهر بعبارة <مطابق للمواصفات> في حملته الصحية والغذائية والبيئية، كان يسعى من خلال تحركه واتصالاته الى تنفيذ <إرادة> النائب جنبلاط بتغيير الاتفاق الذي كان <أبرمه> أبو فاعور نفسه، مع وزير الدفاع وقيادة الجيش بإبقاء رئيس الأركان السابق اللواء وليد سلمان في منصبه لسبب معلن وهو ان مجلس الوزراء لم يلتئم لتعيين الضابط البديل، فيما كان السبب الحقيقي تفادي جنبلاط احراجات عائلية داخل <البيت الدرزي> نتجت عن تزكيته العميد حاتم ملاك ليتولى هذه المهمة متجاوزاً غيره من الضباط الدروز (راجع العدد السابق من <الأفكار>).

ولأن <الارادة الجنبلاطية> في زمن تغلغل السياسة بالمؤسسة العسكرية حتى العظم، تبقى هي الأقوى والأفعل، فقد كان لا بد من <تجاوب> المعنيين، فجمّد الوزير مقبل قرار استدعاء اللواء سلمان من الاحتياط قبل إحالته على التقاعد وانتهاء خدمته بعدما كان على مكتبه للتوقيع، <واستنفر> الوزير المعنيين لأن <وليد بك بيمون> بعدما تشاور في المسألة مع الرئيس تمام سلام الذي لم يعترض تاركاً لنائبه ان يتصرف وفق ما يمليه عليه <ضميره والقانون>! وكما حضرت قبل أيام <الفتوى> القانونية التي اعتُمدت لاستدعاء اللواء سلمان من الاحتياط وابقائه مسيراً لرئاسة الأركان بعد 30 أيلول (سبتمبر) الماضي، كذلك <استُحضرت> المخارج القانونية لتغيير القرار السابق واستبداله بالقرار الجديد الذي <يتناغم> مع الرغبة الجنبلاطية المستجدة. وما دفع الى <استحضار> هذه المخارج كون العميد ملاك أدنى رتبة من نواب رئيس الأركان ولا يمكن بالتالي تكليفه تسيير شؤون رئاسة الأركان إلا إذا تقدم على هؤلاء من حيث الأقدمية ليكون أعلى ضابط درزي في هيكلية الجيش كي يحل محل قائد الجيش في غيابه...

 

<اخراج غب الطلب>!

 

من هنا قضى <الاخراج> الذي استُحضر غب الطلب، ان يُرقّى العميد ملاك الى رتبة لواء، فيتقدم إذ ذاك على سائر الضباط الدروز، وهذا يفترض صدور مرسوم عادي (لا يحتاج الى موافقة مجلس الوزراء) يوقعه رئيس الحكومة والوزراء وفقاً للآلية المعتمدة (20 وزيراً على الأقل) إذا تعذر توقيع الوزراء الـ23. ولأن الرئيس سلام لا يضع العصي في الدواليب ويتجاوب مع كل الحلول التي تلقى تأييداً من <مكونات> الحكومة، أبلغ من يعنيهم الأمر انه يمكن أن يقبل بتواقيع 20 وزيراً قبل أن يضع هو توقيعه، ولا حاجة للوزراء الـ23 خصوصاً مع وجود وزيرين مستقيلين بالقول السياسي وليس بالفعل الدستوري، وعلى الفور باشرت الدوائر المختصة في وزارة الدفاع اعداد مشروع المرسوم الذي يتطلب، وفقاً لقانون الدفاع، موافقة المجلس العسكري الذي سرعان ما التأم باكراً في اليوم التالي (الخميس 29 أيلول/ سبتمبر) و<أقرّ> ترفيع العميد ملاك الى رتبة لواء مقدمة لتعيينه مسيراً لرئاسة الأركان الى حين تعيين رئيس أصيل للأركان... وأدرجت <موافقة> المجلس العسكري غير المعللة في متن مشروع المرسوم واقترنت بموافقة اللواء سلمان بصفته نائباً لرئيس المجلس العسكري الذي وجد نفسه، بين ليلة وضحاها، يخرج من منصب وُعد به قبل ساعات قليلة مضت وقبل أن يبدل <الزعيم> قراره وخياره!

وسلك المرسوم طريقه الى التوقيع بواسطة <الصيغة الجوّالة> لتعذر التقاء الوزراء في مكان واحد، وصار يتنقل مــــــــــــــــــن وزير الى آخر من دون أن يحصل في اليوم الأول (أي الخميس) على توقيع 20 وزيراً كما اشترط الرئيس سلام. إلا ان الاتصالات السياسية التي أجريت على غير صعيد أمنت في اليوم التالي (أي الجمعة 30 أيلول/ سبتمبر وهو اليوم الأخير لولاية اللواء سلمان في رئاسة الأركان) تواقيع الوزراء الـ19 وأضيــــــــــــــــــــف إليها توقيع الرئيس سلام الذي ارتضى أن يكون صاحب التوقيع العشرين بعدما <تيقن> من أمرين، الأول ان وزير الإعلام رمزي جريج موافق لكنه مسافر ويتعذر عليه الحضور للتوقيع، وكذلك الأمر وزير الزراعة أكرم شهيب الذي نقل عنه الوزير أبو فاعور موافقته <البديهية> على طلب <الرئيــــــــــــــــــــــــــس وليد بك>، والأمر الثاني توقيع وزراء <تكتل التغيير والاصلاح> جبران باسيل والياس بوصعب وأرتور نازاريان على المرسوم. أما وزير العدل اللواء أشرف ريفي ووزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم فلم يوقعا المرسوم كونهما قدما استقالة <سياسية> وإن لم تقترن بمراسيم دستورية.

الامرة له في غياب قهوجي فقط

 

ومع صدور المرسوم بالتواقيع العشرين ليل الجمعة، سارع الوزير مقبل، وقبل صياح الديك في اليوم التالي الأول من تشرين الأول (أكتوبر) الجاري الى الموافقة على قرار قائد الجيش بالاستناد الى المرسوم وتكليف <اللواء> حاتم ملاك تسيير مهام رئاسة الأركان في الجيش، بعدما كان استقبل نهاراً اللواء سلمان في زيارة وداعية! وبذلك لم تشغر رئاسة الأركان مع نهاية فترة تأجيل تسريح اللواء سلمان وإن كانت ظروف تكليف اللواء ملاك تسيير أعمال رئاسة الأركان لا تعطيه حق الامرة ولا حق حضور اجتماعات المجلس العسكري لأنه <مسيّر> لرئاسة الأركان وليس رئيساً أصيلاً لها. أما حق إمرة الجيش في غياب قائده العماد جان قهوجي الذي مُددت فترة تأجيل تسريحه حتى نهاية شهر أيلول (سبتمبر) 2017، فتعود الى اللواء ملاك كونه بات أعلى ضابط في هيكلية مؤسسة الجيش ويتولى تسيير شؤون الأركان، لأن الألوية الأربعة أعضاء المجلس العسكري باتوا خارج الهيكلية العملانية للجيش لأن وظائفهم لا تعطيهم حق الإمرة على الجيش ككل، بل إمرة كل مؤسسة يتولون ادارتها، وهي المديرية العامة للإدارة والمفتشية العامة والأمانة العامة للمجلس وليد-سلمانالأعلى للدفاع، علماً ان رئاسة الأركان هي من صلب هيكلية مؤسسة الجيش ويحل رئيسها مكان قائد الجيش عند غيابه.

ومع سريان قرار تكليف اللواء ملاك تسيير رئاسة الأركان، ظل السؤال الكبير المطروح يتمحور حول الأسباب التي جعلت النائب جنبلاط يبدّل رأيه ثلاث مرات ليرسوا أخيراً على ضرورة تعيين اللواء ملاك، ولو كمسيّر لرئاسة الأركان ريثما يتم تثبيته في أول جلسة يعقدها مجلس الوزراء لاسيما وان وزراء مكونات الحكومة وقعوا جميعهم مرسوم ترقيته الى رتبة لواء.

خوف من طعن

ثمة رواية يرددها قريبون من النائب جنبلاط خلاصتها ان الزعيم الدرزي تأثر بالردود السلبية التي رافقت تسريب <الفتوى القانونية> لإبقاء اللواء سلمان رئيساً للأركان و<النعوت> التي أعطيت لها لاسيما عدم قانونيتها وانها <بدعة> و<غير مسبوقة> و<تؤذي> الجيش وغير ذلك من التوصيفات التي جعلت جنبلاط يؤثر عدم تغطية <هذه المخالفة> سياسياً على رغم انه هو من أوصى بايجادها تفادياً للاحراج داخل <البيت الدرزي>. ويبدو انه استطاع <تجاوز> الاعتراضات الداخلية وفضّل القبول بتعيين اللواء ملاك مسيّراً لرئاسة الأركان غير كامل الحقوق، على أن يتحمل هو مسؤولية تغطية المخالفة القانونية والتنظيمية في بقاء اللواء سلمان في منصبه. وثمة من يؤكد بأن جنبلاط تبلّغ يوم الثلاثاء الذي سبق تغيير قراره بدعم بقاء اللواء سلمان، بأن امكانية الطعن بقرار وزير الدفاع تأجيل تسريح اللواء سلمان وابقائه في وظيفته واردة لدى أكثر من متضرر من هذا الاجراء، ما يعني ان مجلس شورى الدولة سيكون مضطراً الى قبول الطعن وبالتالي اسقاط قرار الوزير ما يعرّض مركز رئاسة الأركان المخصص عُرفاً للطائفة الدرزية، لـ<هزة> سياسية وقانونية تضعه في موقع ضعيف قياساً الى المراكز العسكرية الأخرى المشغولة وفقاً للعرف الطائفي المعتمد. إضافة الى ان المراجعات العائلية مع قصر المختارة لتعيين العميد ملاك أو غيره، فعلت فعلها في القرار الجنبلاطي الذي دلّ مرة جديدة على ان نفوذ الزعيم الدرزي في الادارات والمؤسسات العامة والأجهزة الأمنية لا يزال هو الأقوى والمرجّح والذي لا يمكن رده خصوصاً بعدما باتت السياسة تتحكم في مفاصل الدولة ومؤسساتها الادارية والأمنية على حد سواء!