تفاصيل الخبر

جنبلاط عارض.. لكنه لم يستقل من الحكومة ولا يترك بري والحريري.. ولا يعادي حزب الله!

08/11/2019
جنبلاط عارض.. لكنه لم يستقل من الحكومة  ولا يترك بري والحريري.. ولا يعادي حزب الله!

جنبلاط عارض.. لكنه لم يستقل من الحكومة ولا يترك بري والحريري.. ولا يعادي حزب الله!

 

لا يختلف اثنان على ان التطورات الأخيرة التي شهدها لبنان بعد <الحراك الشعبي> الذي سماه البعض <ثورة>، أحدثت فرزاً في مواقف الأطراف السياسيين، ازداد اتساعاً وتشعباً بعد استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري والجدال الذي نشأ عن نوعية الحكومة الجديدة واسم رئيسها وتوزيع القوى فيها، بين تكنوقراط وسياسيين...

أكثر الشخصيات جدلاً هو، كما العادة، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب والوزير السابق وليد جنبلاط الذي يحاول من خلال المواقف التي يتخذها أن يُبقي لحزبه، وللطائفة التي ينتمي إليها، مكانة مميزة بحيث لا يذوب وسط <تسونامي> تطور الأحداث، ولا يشكل عقدة أمام الحلول المقترحة سواء كانت تعجبه أم لا تعجبه.

كيف بدا مسار جنبلاط خلال الأزمة الأخيرة في لبنان؟

تقول مصادر مطلعة ان <أبو تيمور> تنقل في مواقفه حيال التطورات الأخيرة، من معارض لما يجري داخل مجلس الوزراء، على رغم انه كان ممثلاً في الحكومة المستقيلة بوزيرين، الى منادي باستقالة الوزراء، وبدا متناغماً مع حزب <القوات اللبنانية> في الموقف من ضرورة الخروج من الحكومة، وعندما أقدم وزراء <القوات> الأربعة على الاستقالة اتجهت الأنظار الى وزيري جنبلاط خصوصاً بعد تلك المداخلة السلبية التي أدلى بها وزير الصناعة وائل أبو فاعور وانضم إليه وزير التربية أكرم شهيب الى درجة خروجهما من مجلس الوزراء اعتراضاً، ولما بلغ الأمر بالقول ان الخروج من القاعة سيستتبعه خروج من الحكومة برز التمايز.

آثر الوفاء.. فتريث!

 

تضيف المصادر ان الاتصالات مع جنبلاط لم تهدأ تلك الليلة، وهو كان قبل ذلك أمام اختيار مجاراة <القوات> في استقالة وزيريه، لكنه آثر التريث الى حين يعقد مجلس الوزراء جلسته، وهكذا كان. لكن عوض أن يخرج جنبلاط من الحكومة كما كان أوحى من خلال مواقفه، فضّل البقاء فيها على رغم الاتصالات الكثيرة التي تلقاها من بعض <المتحمسين> في الحزب للإقدام على <خطوة نوعية>... لم يخضع جنبلاط للضغوط، فاستقر على البقاء في الحكومة لأسباب عدة أبرزها <الوفاء> للرئيس الشهيد رفيق الحريري ومن بعده لنجله الرئيس سعد الحريري. كذلك قرأ ــ وهو قارئ سياسي بامتياز ــ ما قاله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله حول موازين القوى والرسائل غير المباشرة التي وجهها <السيد> الى من يهمه الأمر. كما تابع حركة <الموتوسيكلات> التي كانت تغـــــــــــــــــزو من حين الى آخر الوسط التجاري وتطارد المعتصمين والمتظاهرين، مستذكراً <حركات> مماثلة شهدها ذات يوم ساحل الشوف وصولاً الى أعالي الباروك مروراً بخلدة والناعمة والمفارق الى الجبل. أدرك جنبلاط ان كل ما حصل يدفعه الى البقاء في الحكومة ــ قبل أن يستقيل رئيسها ــ وبعد الاستقـــــــــــــــــــــــــالة يقف جنبلاط الى جانب الرئسين نبيه بري وسعد الحريري في حلف شبـــــــــــــــــه معلن للقاء الدائم <في السراء والضراء>. كما استشرف في المتغيرات الاقليمية جولة حوار مرتقبة بين الولايات المتحدة والجمهورية الاسلامية قد تبدأ عبر وسطاء ثم تصبح حواراً مباشراً، ما يعني ــ حسب جنبلاط ــ ان إيران ستكون على طاولة التفـــــــــــــــاوض ولن تُستهدف في <عملية ضرب> كما روّج الأميركيون في وقت من الأوقات. ومن شأن هذه الوقائع إحداث تطور جديد على الساحة اللبنانية المتداخلة بشكل غير مباشر مع الساحة الاقليمية.

أما في الداخل، تضيف المصادر، فقد رأى جنبلاط ان أزمة قبرشمون التي خرج منها وفي زعامته كمية من الندوب والكلوم، لا تزال ماثلة في ذاكرته حيث كان للرئيس بري الدور الأبرز في إعادة التواصل بينه وبين حزب الله من خلال اللقاء الذي تجدد في عين التينة، وبديهي ألا يتنكر <أبو تيمور> لمبادرة <أبو مصطفى>، فيقف على خاطره في عدم الاستقالة أولاً من الحكومة، ثم في دعم الرئيس الحريري ثانياً، خصوصاً ان رئيس المجلس جاهر بضرورة عودة الحريري الى رئاسة الحكومة العتيدة، وإن كان <زعل> منه لأنه استقال على رغم مطالبته بعدم الاستقالة. وبذلك بقي جنبلاط في المعادلة بحيث يصيبه منها ما يصيب حليفيه الرئيسين بري والحريري، علماً ان جنبلاط يعتبر نفسه شريكاً غير مباشر في التسوية التي أعادت الحريري الى السرايا بعدما دخل الرئيس عون قصر بعبدا.

 

مع حكومة بلا أحزاب!

لقد استطاع جنبلاط أن يتغلب أيضاً على التباين الذي برز داخل حزبه في مقاربة التطورات، حيث أيد بعض قادة الحزب الاستقالة من الحكومة، فيما عارضها <الواقعيون> على رغم ان القاعدة الحزبية الاشتراكية كانت تتناغم مع <الانتفاضة الشعبية> لأن حزب كمال جنبلاط موقعه الطبيعي على جانب المنتفضين. لذلك أيد جنبلاط الانتفاضة من دون أن يشارك بها، ومدّها بالدعم المعنوي من خلال تصريحات تنقل بها من محطة تلفزيونية الى أخرى، مزوداً <الحراك الشعبي> بدفعة من التصريحات عوضت عن عدم مشاركته أولاً وعن عدم الاستقالة ثانياً. واللافت، كما تقول المصادر نفسها، ان رئيس كتلة <اللقاء الديموقراطي> النائب تيمور جنبلاط الذي ابتعد قليلاً عن الساحة تاركاً لوالده قرار الحزب والكتلة معاً، بدا قريباً من شباب الساحات وشاباتها، لكن آثر أن يكون والده في الواجهة لأن الحالة الراهنة تفرض مناورات اشتهر بها والده خصوصاً في الحالات الصعبة التي يمر بها الوطن.

ومع اقتراب ولادة حكومة جديدة وزع جنبلاط كلمة السر: <مع حكومة جديدة من دون أحزاب ومن دون وجوه تقليدية تلبية لمطالب الجمهور الكبير الذي خرج من كل الحواجز الطائفية والمناطقية>. وزاد بأن عهد الرئيس عون لا يستطيع أن يستمر إذا ما كان يريد أن يستخدم الرموز نفسها <ولا بد من تغيير الرموز والحكومة والنهج>. ويرى جنبلاط ان الحكومة الجديدة أمامها مسؤوليات كبيرة لذلك لا بد من تشكيل حكومة قابلة للثقة والاسراع في الاصلاح وهذا الأمر يعود الى اللبنانيين، بعد اسقاط نظرية المؤامرة التي يلجأ إليها اللبنانيون كلما عجزوا عن معالجة مشاكلهم ذاتياً. وفي المقابل يرى جنبلاط ان اللبنانيين دفعوا ما يكفي للمحاور الخارجية وعليهم الآن أن يهتموا بوطنهم.