تفاصيل الخبر

جمـيـــلات لـبـــنـان للـتـصـديـــر الـــى الـعـالــــــم، ونـفـايـاتـــــه للتصـديـــــر الى الأســــواق العـالـمـيـــــة....

24/12/2015
جمـيـــلات لـبـــنـان للـتـصـديـــر الـــى الـعـالــــــم،  ونـفـايـاتـــــه للتصـديـــــر الى الأســــواق العـالـمـيـــــة....

جمـيـــلات لـبـــنـان للـتـصـديـــر الـــى الـعـالــــــم، ونـفـايـاتـــــه للتصـديـــــر الى الأســــواق العـالـمـيـــــة....

 

بقلم جورج بشير

فاليري-ابو-شقرا فاليري أبو شقرا، فتاة لبنانية جميلة وموهوبة، انتُخبت ملكة جمال لبنان، كان يتوقع حسب الأنباء الواردة عن نشاطات اللجنة الدولية التي تنتخب ملكة جمال الكون، أن تكون واحدة من بين خمس مرشحات <فافوري> حسب هيئة الإذاعة البريطانية <BBC> لانتخاب ملكة جمال الكون للسنة الجديدة 2016.

لا شك بأن اللبنانيين الذين دأبوا على تصدير النبوغ والإنتاج الجمالي والفكري، وخاصة حروف الأبجدية الى جميع أنحاء العالم، خصوصاً الى البلدان التي استضافت ولا تزال جاليات لبنان الواسعة الانتشار، كانوا يصلون من كل قلوبهم أن تتمكّن ملكة جمال لبنان من احتلال مركز ملكة جمال الكون، ليصبح لبنان كعادته بعد جورجينا رزق، ملكة جمال العالم السابقة، مصدّراً في السنة الجديدة المطلة على لبنان والعالم، للجمال الراقي.

لكن في الوقت ذاته، وللأسف الشديد، فإن اللبنانيين ستعصر قلوبهم وهم يودعون نفاياتهم التي تنوي حكومتهم تصديرها الى العالم الذي يعتبر لبنان مصدراً تاريخياً للنبوغ والثقافة منذ وصول الأبجدية إليه من شاطئ مدينة جبيل، وبعد ذلك وصول الأديب والشاعر العالمي النابغة جبران خليل جبران الذي يحرص رئيس الولايات المتحدة الأميركية في احتفالات تكريم كبار الضيوف في البيت الأبيض على دعوة كل ضيوفه للوقوف إجلالاً واحتراماً لـ<صلاة> يتلوها رئيس أميركا من كتاب جبران خليل جبران.

لا أحد يمكنه تقدير حجم <الجرصة> التي ستصيب لبنان، بلد الفكر والحق والجمال، عندما تنشر صحف العالم أخبار رسوّ سفن الشحن الى أي بلد، ناقلة الى أراضي هذا البلد <إنتاج> لبنان من النفايات، لأن مسؤوليه وحكّامه لم يتوصّلوا الى توافق، أي توافق على خطة تقنية عالية لمعالجة النفايات في لبنان عبر مصانع حديثة مُعتمدة في أميركا وألمانيا وبعض البلدان الأوروبية لمعالجة النفايات في البلد من دون أن تترك هذه المعالجة أي أثر مؤذٍ للبيئة أو للصحة العامة، أي بنسبة صفر <تلوّث>...

مجلس وزراء لبنان يوم الاثنين الماضي، عرض لخطة تصدير نفايات لبنان الى الخارج من دون أن يُبرّر أحد من المسؤولين والحكّام أسباب التقصير والإهمال الى اليوم في التخطيط مسبقاً لتفادي مواجهة مثل هذه <الجرصة> العالمية، والتسبّب بتصدير نفايات لبنان إلى أراضي بلدان صديقة أو شقيقة لا فرق، وتجاهل ما يمكن أن يجنيه لبنان لو استورد مصانع المعالجة ذات التقنية العالية المُعتمدة في أوروبا وأميركا وأوستراليا وكندا، ليُنتج من هذه المصانع المعالجة الكهرباء والمواد الأولية لصناعة الدواء، ناهيك عن الأسمدة الكيماوية المستخدمة في الزراعة، وبصفر <تلوّث>؟!

النفايات  

سمسرة ورشوات

لو أن الحكومات اللبنانية السابقة اعتمدت التخطيط للمستقبل لكانت تداركت وصول لبنان الى هذا الوضع المزري الذي وصل اليه اليوم، وقد أصبحت النفايات جمعاً وإيداعاً ونقلاً وطمراً، تجارة جديدة رائجة غير مشروعة تُضاف الى مثيلاتها في حقل التجارة غير المشروعة بالمواد المُضرّة والقاتلة كالنفايات، أي المخدرات.

تجارة النفايات في ظلال ولاية <سوكلين> كانت مجالاً لإفادة بعض من المسؤولين والحكّام والسياسيين. وإن إلغاء مناقصة تلزيم النفايات التي جرت قبل ثلاثة أشهر تقريباً والحكم عليها كان مجالاً آخر لإفادة من استفادوا، وتخزين النفايات في جوانب الطرق المحلية والدولية وفي أحياء المدن والقرى اللبنانية لأكثر من أربعة شهور وحتى إشعارٍ آخر، كان بدوره مجالاً جديداً حقّق الثروات الطائلة لتجّار النفايات، جمعاً ونقلاً وطمراً، ولروّاد استغلال المآسي والأزمات على حساب بلديات لبنان والشعب اللبناني، تماماً كما أن عمليات تصدير النفايات ستشكّل بدورها مجالاً جديداً للإفادة غير المشروعة لسماسرة <مجهولين> لا بدّ وأن يصبحوا <معلومين> إذا مكّن مسؤولون المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم من أن يضع يده على الملف بالكامل ويغوص في أعماقه، وما لم تتحوّل قضية النفايات بالفعل إلى قضية خلافية مذهبية وطائفية وخلافاً سياسياً يستوجب تدخل الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي وحكومات الدول الكبرى...

وهكذا، كما كان إلغاء مناقصة معالجة النفايات بحجّة أن أسعارها فاقت أسعار <سوكلين>، وهذا لم يكن صحيحاً، فإن مناقصة تصدير النفايات الى خارج لبنان لبنان بدورها باتت تشكّل فضيحة موصوفة لا بدّ وأن يعرف الرأي العام اللبناني تفاصيلها بالكامل، بعد أن أوصل مسؤولون مسألة النفايات الى هذا الدرك. فمن فضيحة <سوكلين>، الى فضيحة التصدير، تمكّن كثيرون من تحقيق ثروات طائلة غير مشروعة على حساب المواطنين وخزينة المال العام من دون حسيب أو رقيب، ولا أحد يعرف سلفاً ما إذا كان النافذون سيمكّنون النيابة العامة المالية من الوصول الى الحقائق أم أنهم سيتمكّنون من فرملة التوجّه نحو المساءلة والمحاسبة التي لا شك بأن الشعب اللبناني بات شغوفاً بالوصول اليها وبلوغ درجات الحقيقة والكشف عن <المافيات> التي تحقّق الثروات الطائلة على حساب المال العام والمصلحة العامة دونما الأخذ في الاعتبار حال البلد الذي وصل الى الحضيض سياسياً وبيئياً واقتصادياً واجتماعياً، وحتى إعلامياً بعد فضيحة التعرّض السافر لأحد رموز لبنان الثقافية والفنية السيدة فيروز من دون محاسبة أو مساءلة أيضاً...

مناقصة تلزيم النفايات التي أُلغيت من دون أي مبرّر مقنع، وكان عارضون وصلوا الى عرض 57 دولاراً فقط ثمن معالجة الطن الواحد من النفايات يُزاد على هذا الرقم طبعاً ثمن الكنس وهو 66 دولاراً للطن ليصبح الرقم 123 دولاراً للطن بدلاً من 210 دولارات كانت تتقاضاها <سوكلين> عن الجمع والكنس والطمر، ها هم اليوم يصرّحون علناً بأن كلفة الطن الواحد للترحيل الى خارج البلاد ستبلغ 250 دولاراً، يُضاف إليها طبعاً بدل الكنس والجمع ما يقارب الـ90 دولاراً، فتصبح التكلفة حوالى 340 دولاراً للطن!.... أي أن لبنان سيتكلّف يومياً ما يقارب المليون ونصف المليون دولار بدلاً لترحيل حوالى (6000) ستة آلاف طن نفايات الى الخارج... يُضاف الى ذلك ما سيصيب سمعته من سوء في كل العالم إذ أن لبنانيين أصحاب خبرة واسعة موظفة في دول أخرى في هذا المضمار على استعداد لخدمة بلدهم وتوظيف هذه الخبرة التقنية الحديثة بكلفة أقل من خمسين بالمئة من دون أن تترك معالجة النفايات أي آثار مُسيئة للصحة أو للبيئة، ولا تحتاج عملية المعالجة المتطورة هذه لا الى طمر لبقايا النفايات  ولا الى من يطمرون، ولا الى من يخفون المزيد من 1444300696_الثروات بفعل استغلال مآسي اللبنانيين وأزماتهم الصحية والبيئية والمالية التي ألحقتها أزمة النفايات المفتعلة حتى اليوم.

 

من يتحرّك أولاً؟ الضمير أم القضاء؟

ويبقى السؤال المطروح تجاه هذه المعضلة، أي معضلة النفايات: من يتحرّك أولا، ضمير المسؤول الذي أوصل البلد الى هذا الوضع المتردي على صعيد جمع ومعالجة النفايات، أم القضاء اللبناني عبر النيابة العامة المالية التي بات اللبنانيون يحملونها المسؤولية، شرط عدم تكبيلها وفرملة إجراءاتها من المستفيدين الى يومنا هذا من <ثروة النفايات>؟!...

الجواب عن هذا السؤال هو المساءلة... لأن فاتورة النفايات كبرت وانتفخت وباتت تناهز الفواتير الأخرى التي يتحمّل الشعب وزرها، (الكهرباء، والماء، والهاتف) نتيجة الممارسة الملتوية والمشبوهة لمسؤولين سابقين وحاليين عن هذه الملفات، من دون أن يحرّك نواب الأمة ساكناً وكأنهم غير مسؤولين لا عن المال العام، ولا عمّا بقي لهذا الشعب الذي انتخبهم من جنى العمر أو عرق الجبين.

مجلس الوزراء وضع يده على هذا الملف (ملف النفايات وتصديرها الى الخارج)، فيما معلومات مفصلة وكافية بات وزراء في حكومة الرئيس تمام سلام يمتلكونها عن تفاصيل الفضيحة أولاً، وثانياً، وثالثاً... فهل يبقى لبنان ضحية يئن بين مطرقة جبال النفايات المتروكة على جوانب الطرق في المدن والقرى، وسندان سماسرة الكنس والجمع والمعالجة محلياً أو التصدير الى الخارج؟!...