تفاصيل الخبر

جمعيـــة ”أمهــات من لبــنان“ في خدمة الفقراء والمعوزين

07/04/2017
جمعيـــة ”أمهــات من لبــنان“  في خدمة الفقراء والمعوزين

جمعيـــة ”أمهــات من لبــنان“ في خدمة الفقراء والمعوزين

بقلم وردية بطرس

خلود-الوتار-قاسم-تقدم-الطعام-للفقراء----2

من أجل القضاء على ظاهرة أطفال الشوارع في لبنان أسست السيدة خلود الوتار قاسم ابنة بيروت، جمعية <امهات من لبنان> وذلك في العام 2008... لقد بدأت السيدة خلود نشاطها الاجتماعي والانساني منذ كانت في العشرين من عمرها وهي لا تزال ناشطة وتعمل جاهدة لمساعدة الفقراء وخدمة المجتمع. ولأنها آمنت بالمرأة اللبنانية وبأنها تقدر ان تحقق الكثير ترشحت للانتخابات النيابية في العام 2013، كما عُينت بمنصب المنسقة للبرلمانيات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، اذ استطاعت ان تشارك في أهم المؤتمرات العالمية ورفعت صوت المرأة اللبنانية على أمل ان تأتي بالتغيير الى مجتمعها وبلدها.... نالت السيدة خلود الوتار شهادة في علم الاجتماع وعلم الانسان من الجامعة الأميركية في بيروت، مع العلم انها ارادت ان تدرس التمريض فالتحقت بالجامعة الأميركية في بيروت في العام 1984 لتدرس الاختصاص الذي تحبه من جهة، ولكي تخدم بلدها الذي كان يعاني من ويلات الحرب من جهة ثانية، فدرست التمريض لثلاث سنوات، وتعرفت في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت الى زوجها الذي طلب منها ان تغير تخصصها لأن مهنة التمريض آنذاك كانت محفوفة بالمخاطر بسب الحرب الدائرة في لبنان حيث لم يكن من السهل التنقل من منطقة لأخرى بسبب المخاطر، وعندئذٍ قررت ان تدرس علم الاجتماع لانه بذلك تقدر ان تخدم الناس والمجتمع، كما انها درست علم الانسان حيث أخذت 12 <كورساً> في علم النفس من الجامعة الأميركية في بيروت، ثم درست <Teaching Diploma> وتخصصت بعلم النفس للأطفال في الجامعة الأميركية في بيروت، وتطوعت في مؤسسة <أرض البشر> السويسرية حيث نشطت كمتطوعة اجتماعية للعائلات المنكوبة من ويلات الحرب، ونظراً لخبرتها في التمريض عملت لمساعدة الأطفال الذين يحتاجون لاجراء العمليات الجراحية ولكن امكانيات ذويهم لا تسمح باجراء تلك العمليات، وقد عملت في تلك المؤسسة في أصعب واقسى الظروف التي عاشها لبنان خلال الحرب اذ كانت المهمة محفوفة بالمخاطر. وذات مرة تعرضت سيارة الاسعاف التي كانت تنقل بها الأولاد لنيران القناصة، فإذ بالولد الذي كان داخل السيارة يسقط قتيلاً، وعندئذٍ قررت السيدة خلود الا تغادر لبنان مهما ساءت الظروف والأحوال لانها شعرت ان بلدها بحاجة اليها، مع العلم ان أفراد أسرتها غادروا لبنان خلال الحرب، ولكنها لم تغادر لبنان طوال السنوات الماضية.

وتجدر الاشارة الى انها كانت قد دُعيت للمشاركة في مؤتمر في <رواندا> حيث كانت السيدة الوحيدة التي تمثل لبنان في ذلك المؤتمر، وتفاجأت هناك ان لا أحد يعلم حتى اين يقع لبنان، ثم دُعيت للمشاركة في مؤتمر في أثيوبيا، كما شاركت في مؤتمر برلماني عالمي في <واشنطن> وشعرت بغصة لان لبنان لم يكن حاضراً في ذلك المؤتمر، وتساءلت لماذا في مثل هذه المؤتمرات لا يبعث لبنان سيدات من لبنان للمشاركة فيها لدعم قضية المرأة؟ وبعدما تحدثت عن لبنان وعن النساء الفاعلات في بلدها تلقت رسالة عبر البريد الالكتروني تفيد بأنه تم تعيينها بمنصب المنسقة للبرلمانيات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهذا المنصب يخولها ان تهتم بالمؤتمرات التي تُعقد في المنطقة بما يتعلق بالبرلمانيات، واقامة ورش عمل للسيدات والبرلمانيات من بين نساء عربيات وليس فقط في لبنان، وهذا المنصب هو فخري تعمل من خلاله في سبيل قضية المرأة اللبنانية والعربية لإيصال صوتها في بلدها والمنطقة.

 

خلود الوتار قاسم تحدد أهداف جمعية

<أمهات من لبنان>

 

منذ ان أسست الناشطة خلود الوتار قاسم جمعية <أمهات من لبنان> تكرس وقتها للعمل الاجتماعي والانساني. ومن أهداف الجمعية: مكافحة الأمية في لبنان بالتعاون مع منظمة العمالة الدولية. نشر الوعي والثقافة الاجتماعية والتربوية والزوجية. مساعدة الأمهات والأطفال المشردين والمعوزين. مساعدة المسنين ورعايتهم اجتماعياً وخصوصاً المشردين والمعوزين منهم، كما اطلقت مبادرة <مطعم لكي لا ينام أحدهم جائعاً> وحملة <شبع> بعدما التقت بأهالٍ يعانون الكثير اذ التقت بأمهات لا يملكن ثمن ربطة الخبز لاطعام أطفالهن مما دفعها لاطلاق هذه المبادرة من أجل اطعام الفقراء والمعوزين، وهي تأمل ان تتضافر جهود المجتمع لكي تنجح الفكرة وتتعمم في كافة أنحاء الوطن.

<الأفكار> التقت الناشطة المثابرة خلود الوتار قاسم للاطلاع على الأعمال التي تقوم بها جمعية <أمهات من لبنان> وأيضاً على حملة اطعام الفقراء والمعوزين على مدار الاسبوع، ونسألها:

ــ ما كان الهدف من تأسيس جمعية <أمهات من لبنان>؟

- تأسست جمعية <أمهات من لبنان> من أجل القضاء على ظاهرة أطفال الشوارع قانونياً، وذلك من خلال العمل على تفعيل قانون منع التسول، ومحاولة ايجاد حلول ومخارج لهذه الظاهرة الخطيرة التي تدمر الانسان والمجتمع برمته. ولكن للأسف وكما يحصل في معظم الحالات، فإن القضايا الانسانية المحقة لا تحظى بالدعم لا بل تُحارب وهذا ما حصل معي اذ حاربني أناس مقربون مني، ولا شك انه في لبنان هناك العديد من الجمعيات ولكن الجمعيات الدينية والطائفية والمذهبية تلقى الدعم من الطوائف كافة، فيما الجمعيات التي تحمل رايات القيمة الانسانية والمعاناة التي يمر بها المواطن اللبناني يومياً لا تلقى اي دعم او اهتمام.

وتابعت قائلة:

- عندما رأيت هذا الواقع المؤلم، ولم افهم منطق اهمال الناس لحقوقهم والاستهتار بقيمتهم الانسانية، فقررت ان اعود الى مقاعد الدراسة والتخصص في علم الاجتماع السياسي في الجامعة اللبنانية، وبالفعل التحقت بالجامعة اللبنانية في العام 2010 وحصلت على شهادة الدبلوم والدراسات العليا، كما تواصلت مع أهم المتخصصين في هذا المجال. لقد تعلمت الكثير وتعرفت الى أشخاص، كما انني تعرفت الى شابات وشبان في الجامعة اللبنانية وهم بأعمار أولادي ولكنني تعلمت منهم الكثير اذ أنهم يملكون طاقة ولكن لا أحد يراها او يهتم بها. واليوم يعمل معنا شبان وصبايا كمتطوعين ومتطوعات في جمعية <أمهات من لبنان> كنت قد تعرفت اليهم أثناء الدراسة الجامعية. وكانت خطوة رائعة ان ارى الحياة من منظار آخر، وأصبحت أناضل واواجه التحديات لكي اطالب بحقي وحق أولاد بلدي، وأصبحت أشعر بالألم عندما أرى أحدهم يغتصب حقوق الآخرين لأنه يريد منفعة شخصية ولأنه يدعي الزعامة ولكنه في الحقيقة لا يكترث لوضع الناس الذين يعانون الكثير، فاذا قمت بجولة بين الناس ودخلت الى بيوتهم فسترين كم ان الناس تعاني اذ لا يجد الناس من يقدم لهم حتى ثمن الخبز لأنهم بكل بساطة لا يملكون اي فلس لشراء الخبز لأولادهم، لا بل أكثر من ذلك هناك عائلات مستورة ولا تطلب المساعدة ولا تمد يدها ولكنها تعاني الكثير. لقد ازدادت نسبة الفقر في لبنان بشكل كبير ولا من يسأل عن الفقراء والمعوزين، فللأسف الطبقة الفقيرة متروكة ولا من يعمل على مساعدتها.

وأضافت:

- لطالما اهتممت بالعمل الاجتماعي لسنوات طويلة، وكنت أنظم الصبحيات النسائية لأهدف اجتماعية وانسانية، وقد أردت ان أؤسس هذه الجمعية لانه كما تعلمين ان السياسة تدخل في كل شيء حتى في الجمعيات، الا انني حرصت على ان تكون هذه الجمعية لكل لبنان لأنني اعتدت على التعاطي والتواصل مع كل اللبنانيين دون اي تمييز، اذ تعلمت ان اعمل لخدمة الآخرين حيث كنت متطوعة في الصليب الأحمر، ولم يكن هناك ما يردعني لمساعدة الناس. ومن بين الأمور التي لن أنساها هي تلك الحادثة حيث كنا نعبر عبر المتحف في سيارة الاسعاف ومعنا أولاد، فانقلبت السيارة وتوفي أحد الأولاد بين يدي وكنت آنذاك في العشرين من عمري، وبالرغم من قساوة المشهد والألم الذي شعرت به الا انني قررت ألا أغادر لبنان لانني في تلك اللحظة شعرت ان وطني بحاجة الينا جميعاً وأنه يجب ان نعمل يداً بيد للنهوض به، وقد قررت ان أمنح طاقتي الجيدة للآخرين.

 

إطعام الفقراء

 

ــ تركزين اليوم على إطعام الفقراء، مع العلم ان مشكلة أطفال الشوارع كانت تستحوذ على كامل اهتمامك، فلماذا لم تتابعي ملف أطفال الشوارع وبدأت التركيز على اطعام الفقراء؟

-  لا شك ان مسألة أطفال الشوارع مهمة جداً ويجب وضع حد لها، فمن المؤلم رؤية أي أم على الطرقات مشردة وتشحذ، وأحياناً ترين أطفالاً لا يزالون يضعون الحفاضات ولكنهم مرميون على الطرقات. وعندما أسست هذه الجمعية أردنا ان نفعّل قانون منع التسول (القانون اللبناني يعتبر ممارسة التسول على الطرقات بمنزلة جرم يعاقب عليه القانون صاحبه خصوصاً اذا كان هناك عملية استغلال لأولاد قاصرين)، وذلك أولاً بملاحقة الأشخاص الذين يدفعون الأولاد للتسول، وثانياً بالعمل على عدم ترك الأطفال في الشوارع إذ يجب ان يكونوا داخل بيوتهم وفي مدارسهم وليس على الطرقات.

وأردفت قائلة:

- ولكن للأسف ان مسألة التسول لها علاقة بالمافيات، وهذه الظاهرة ليست موجودة في لبنان فقط بل في كل دول العالم. وعندما أسست الجمعية بدأنا نعد التقارير حول تسول الأطفال في الشوارع، وتابعنا الملف، ولكننا تلقينا تهديداً بأن نتوقف عن القيام بذلك، وقد هُددت شخصياً وقالوا لي اذا استمررت في ذلك فهذا سيؤثر سلباً على عائلتي اذ سيلحقون الأذى بأفراد عائلتي، لذا قررت للأسف ان اتوقف لأنه ربما في ذلك الوقت لم يكن القانون يحمينا، وقلت انني لست مستعدة أن أخسر أولادي وعائلتي أبداً لأن هدفي هو خدمة المجتمع ومساعدة الناس ولكن لا أريد ان يؤثر ذلك على عائلتي.

خلود-الوتار-قاسم-رئيسة-جمعية-امهات-من-لبنان---1وأضافت:

- الحب هو الدافع الحقيقي الذي يجعلنا نخدم وطننا ونتعامل مع كل انسان بمحبة. وعلى هذا الأساس تأسست الجمعية وهذا ما نقوم به. وكان الهدف من المشروع الذي عملنا عليه بما يتعلق بالمطعم الا ينام انسان وهو جائع، اذ من الصعب ان نفكر في يومنا هذا ان هناك أناساً لا يجدون ما يأكلونه. فتصوري انه عندما نقوم بجولة بين الناس ونسألهم عن أوضاعهم يقولون لنا: <هل لديكم ما نأكله؟> اذ ليس لديهم حتى ثمن ربطة خبز، وهذه قمة المأساة. لقد أجريت احصائيات تفيد ان هناك 40 بالمئة من الشعب اللبناني دون مستوى الفقر، أي أنهم يعانون فقراً مدقعاً، وبالتالي هناك أناس ينامون وهم جائعون، فيما هناك أناس في الوقت نفسه ينامون وهم يشعرون بالتخمة.

 

تعريب الأطعمة داخل المطاعم وتقديمها للفقراء

 

وعن التعاون مع المطاعم تشرح السيدة خلود:

- هناك فنادق ومطاعم ترمي الأطعمة في النفايات فيما للأسف يمكن تقدمة تلك الاطعمة للفقراء، ولهذا نتعاون مع المطاعم لمساعدة الفقراء، وهذا ما نقوم به اذ اتواصل مع المطاعم لنأخذ الطعام فأبعث بأشخاص لتعريب الأطعمة الزائدة وطبعاً أعني الطعام الذي يعد في اليوم نفسه، وفي اليوم التالي يأتون الأهالي وعائلاتهم. وقد قررنا انه كل يوم ثلاث سيدات يطبخن لنقدم الطعام للفقراء. بالنسبة الي، يسعدني ان اخدم واساعد الناس، وعندما نساعد الفقير او المحتاج نمنعه من ارتكاب عمل سيئ من اجل تأمين لقمة عيشه، لانه أحياناً هناك من يسرق فاكهة او خبزاً لانه جائع ولا يملك الثمن، واتمنى ان تعمم هذه الفكرة في كل المناطق اللبنانية، وأود التذكير أن أول من قام بهكذا عمل كان الأب وجدي علاوي عندما افتتح مطعماً للفقراء في برج حمود، ويجب ان تُعمم هذه الفكرة في كل المناطق اللبنانية. هناك العديد من الناس يقولون انهم لا يعرفون كيف يساعدون الفقراء، وبالتالي يمكنهم اتخاذ مثل هذه المبادرات في مناطقهم. تصوري عندما وضعت ذلك على صفحة <الفايسبوك> أبدى العديد من الناس اهتمامهم لتقديم المساعدة وعرضوا خدماتهم للمعوزين، وهناك طلاب قالوا انهم مستعدون ان يساعدوا وان يخدموا الفقراء. أحياناً يحتاج البعض للتوجيه والشعب اللبناني يتعاطف ويتفاعل. ونحن في المطعم نقدم كل يوم وجبة غداء ويوم الجمعة اعد بنفسي الطعام ونقدمه لكل الفقراء. وكل من يريد ان يساعد يقدر ان يتواصل معنا، واذا اراد اي مطعم تقديم المساعدة يمكنه ذلك أيضاً. ونحن لا نقبل المال بل نطلب ان يعمل الجميع لتقديم المساعدة. نحن اربع سيدات وقد وضعنا مبلغاً بسيطاً لتأمين ايجار المحل، وهو مكان نظيف ومرتب لاننا نحترم الأشخاص الذين يقصدوننا، ويستوعب المكان حوالى 30 شخصاً يومياً واتمنى ان تُعمم هذه الفكرة في كل المناطق اللبنانية لمساعدة الفقراء.

الترشح للانتخابات النيابية

 

ــ وماذا عن نشاطك مع جمعية <نساء رائدات> والاتحاد الأوروبي؟

- عندما حاربني البعض أثناء عملي كرئيسة جمعية <أمهات من لبنان> قررت ان ارفع الصوت واقول انني اريد ان ادعم جمعيتي. وكان السؤال المطروح: ما هو الحل او الطريقة بدون طلب الدعم من أحد؟ لهذا قررت الترشح للانتخابات النيابية عن مقعد بيروت - الدائرة الثالثة لكي يُسلط الضوء على جمعية <امهات من لبنان>. وعندما دعا الاتحاد الأوروبي في لبنان بالتعاون مع وزارة الداخلية لان تجتمع كل السيدات المرشحات للانتخابات النيابية، تعرفت الى جمعية <نساء رائدات>، وكان الهدف من هذا اللقاء ان تعمل النساء سوياً لتطوير أنفسهن، وقيل حينذاك ان على النساء ان ينتسبن الى الأحزاب لكي يحظين بالدعم، وقد استفزني هذا الكلام فقلت انني ترشحت كمستقلة ولن انتسب الى حزب لكي يدعمني، وانني لن اكون سوى مرشحة مستقلة. وبعد ذلك بدأت أشارك في ورش العمل التي تنظمها <نساء رائدات>.