تفاصيل الخبر

غيوم تتلبد في سماء العلاقات مع موسكو نتيجة التأخير في توقيع اتفاقية التعاون العسكري...

27/04/2018
غيوم تتلبد في سماء العلاقات مع موسكو  نتيجة التأخير في توقيع اتفاقية التعاون العسكري...

غيوم تتلبد في سماء العلاقات مع موسكو نتيجة التأخير في توقيع اتفاقية التعاون العسكري...

 

الصرافكشفت مصادر ديبلوماسية مطلعة لـ<الأفكار> عن ظهور غيوم بدأت تتلبد في سماء العلاقات اللبنانية ــ الروسية على خلفية تأخر لبنان عن البت في اتفاقية التعاون العسكري مع روسيا والتي تنتظرها موسكو منذ زمن. وقد أتى تأجيل طرح بند تفويض وزير الدفاع يعقوب الصراف التوقيع بالأحرف الأولى على هذه الاتفاقية أكثر من مرة وسحبه من جدول أعمال جلسات مجلس الوزراء المتتالية، ليزيد المخاوف الروسية حيال وجود نية لبنانية لتعطيل اتفاق التعاون على رغم <عبوره> في اللجان العسكرية الروسية ــ اللبنانية المشتركة والخبراء. وتقول هذه المصادر ان موعداً مبدئياً كان ضُرب لتوقيع الاتفاقية خلال مؤتمر الأمن الدولي السابع الذي انعقد في موسكو، إلا ان تغيب وزير الدفاع عن المشاركة في المؤتمر حال دون التوقيع، ثم تم سحب بند الاتفاقية من جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء قبل أسبوعين ما أعاد بالتالي الاتفاقية الى وزارة الدفاع وقيادة الجيش لدرسها من جديد!

وعلى رغم ان الزيارة التي كان من المتوقع أن يقوم بها الوزير الصراف لموسكو في 18 و19 نيسان (ابريل) الجاري قد أرجئت الى أجل غير محدد في انتظار حصول وزير الدفاع على التفويض بالتوقيع، فإن الجهات المعنية في موسكو بدأت تتحدث عن <تهرّب> لبنان من التوقيع و<رضوخه> للضغوط التي مورست عليه لعدم حصول تعاون عسكري لبناني ــ روسي، وكذلك عدم السماح بدخول <الروس> على المنظومة العسكرية اللبنانية، وبالتالي الاتفاق على تبادل المعلومات الأمنية بين البلدين. وتنقل المصادر الديبلوماسية نفسها ان محاولات تأجيل التوقيع على الاتفاقية، تزامنت أيضاً مع صعوبات تواجهها شركات روسية في التعامل مع عدد من المصارف اللبنانية خصوصاً ومصرف لبنان عموماً على خلفية العقوبات الأميركية حيناً، ومكافحة تبييض الأموال أحياناً، في وقت لا تزال فيه مصارف عربية تتعامل مع الشركات نفسها وتعقد حكومات عربية صفقات شراء أسلحة روسية وتوقع اتفاقيات للتعاون.

ضغوط أميركية مباشرة

وتتحدث المصادر الديبلوماسية عن ان الادارة الأميركية تمارس ضغوطاً مباشرة على لبنان للحؤول دون توقيع أي اتفاقية أمنية مع روسيا، وتلوّح بوقف التعاون بين الجيشين اللبناني والأميركي ان حصل التوقيع. لكن هذه المصادر لا تعطي المزيد من التفاصيل حول هذه المسألة بالذات حتى لا تزيد الأمور تعقيداً، وان موسكو تتريث في إثارة هذا الملف علانية الى ما بعد الانتخابات النيابية، خصوصاً أن ثمة من أشار الى ان رئيس الحكومة سعد الحريري طلب تعليق البحث في هذا الموضوع ريثما ينتهي الاستحقاق الانتخابي، بناء على رغبة عدد من سفراء الدول الكبرى بينها الولايات المتحدة الأميركية.

وهذا التردد اللبناني، دفع الحكومة الروسية الى توجيه رسالة غير مباشرة الى بيروت، عبر الموقع الحكومي الروسي للوثائق والمعلومات الذي يبث عادة المراسيم والقرارات الرسمية، والذي نشر نص قرار حكومي يمنح وزارة الدفاع الروسية صلاحيات إجراء المحادثات اللازمة مع الجهات المختصة في الجمهورية اللبنانية لبلورة الصيغة النهائية لاتفاقية تعاون عسكري مع لبنان تشكل إطاراً شاملاً للتنسيق واطلاق نشاطات مشتركة في كل المجالات التي تخص المؤسستين العسكريتين في البلدين. ووفقاً للقرار، فإن مسودة الوثيقة التي تشكل أساساً للنقاش بين البلدين عكست أبرز وجوه التعاون العسكري التي ستكون مدرجة في الاتفاقية، وهي تتضمن تبادلاً للمعلومات حول وسائل الدفاع وتعزيز القدرات في مجالات الأمن الدولي، وتنشيط التعاون في مجال مكافحة الارهاب وتطوير العمل المشترك في مجالات اعداد الكوادر والتدريبات العسكرية وبناء القوات المسلحة وتبادل الخبرات المعلوماتية، وإرساء آليات للتعاون بين جيشي البلدين في القطاعات العسكرية في مجالات التعليم والطب والتحليل العلمي والطباعة والرياضة والثقافة، إضافة الى التعاون الثنائي في مجالات البحث والانقاذ في البحر والتعاون ضد القرصنة والنشاط الارهابي والاجرامي.

واعتبرت مصادر متابعة ان توقيت الاعلان الروسي عن التوجه لإبرام اتفاقية تعاون عسكري مع لبنان على رغم عدم وضوح الموقف اللبناني، يشكل إشارة روسية واضحة الى ضرورة حسم هذا التردد الذي يتميز به الموقف اللبناني حيال موضوع التعاون العسكري مع روسيا، لاسيما وان هذا الموضوع مفتوح منذ سنوات خلال تولي الوزير السابق الياس المر مهام وزارة الدفاع ثم تلاه في الموقع نفسه الوزير سمير مقبل، وكلاهما أطلقا وعوداً بتحقيق التعاون العسكري مع روسيا، ثم سرعان ما كانت تتبخر هذه الوعود، ما أوحى بوجود ضغط خارجي أميركي وبريطاني لعدم قيام مثل هذه العلاقات مع روسيا على خلفية ان كل من واشنطن وبريطانيا <تفضلان> عدم ادخال المدرسة الروسية على المؤسسة العسكرية اللبنانية. لذلك وجدت موسكو خلال مؤتمر <روما 2> فرصة لا تعوض لـ<تذكير> لبنان بضرورة حسم قراره لأنه طال انتظار الإدارة الروسية لاستجابة لبنان مع الرغبة الروسية التي سوف تترجمها الاتفاقية التي تشمل ــ حسب المصادر الروسية ــ القيام بزيارات متبادلة للوفود العسكرية بين البلدين واجراء تدريبات ومناورات مشتركة والافساح في المجال أمام الزيارات المتبادلة للسفن الحربية والطائرات الى الموانئ البحرية والجوية للبلدين.

 

دبابات وصواريخ

ووفق المعلومات المتوافرة، فإن موسكو عبرت عن استعدادها للتجاوب مع رغبة لبنان بالحصول على تقنيات عسكرية روسية أبرزها دبابات من طراز <ت 70> وأنظمة صاروخية مضادة للدروع من طراز <كورنيت>. غير ان الجانب اللبناني لم يعط جواباً نهائياً للجانب الروسي الذي ظل ينتظر قراراً لبنانياً لم يتخذ بفعل الضغوط الغربية التي مورست على لبنان، كما يقول ديبلوماسي رفيع لـ<الأفكار>، إضافة الى إقامة مقارنة بين حصول الجيش اللبناني على أسلحة ومعدات <مجاناً> من أميركا وبريطانيا، وبين حصوله على معدات وأسلحة روسية بقرض مالي الأمر الذي يفترض توجه لبنان الى عدم خسارة <الهبات> الأميركية والبريطانية للحصول على سلاح روسي مدفوع الثمن بموجب قروض وليس هبة.كذلك يتذرع <الضاغطون> لرفض التعاون مع روسيا عسكرياً، بأهمية عدم تنويع مصادر الأسلحة ونوعيتها، خصوصاً ان غالبية أسلحة الجيش إما أميركية أو فرنسية.

وفيما يلتزم السفير الروسي في بيروت <ألكسندر زاسبكين> عدم إثارة موضوع التعاون العسكري اللبناني ــ الروسي علناً كي لا يؤثر على العلاقات بين بيروت وموسكو يفضل المعالجة الهادئة، كانت لافتة الزيارة التي قام بها <زاسبكين> قبل أيام على طول الحدود اللبنانية الجنوبية، ورافقه فيها الملحق العسكري الروسي في بيروت، حيث التقيا قائد القوات الدولية <اليونيفيل> الجنرال <مايكل بيري>، وذلك بهدف الاطلاع عن كثب عما يجري على الأرض، كما ذكرت مصادر روسية مطلعة. ويؤكد السفير <زاسبكين> ان العلاقات بين البلدين تحتاج الى متابعة دقيقة من الجانب اللبناني لئلا يترجم <الحرد> الروسي خطوات عملية تؤدي الى اضطراب في التعاون بين البلدين في مجالات غير دفاعية.