تفاصيل الخبر

غياب الاستحقاق الرئاسي عن محادثات ”جنتيلوني“ في بيروت إشارة إضافية الى عدم ”حماسة“ دولية لانجازه قريباً!

14/10/2016
غياب الاستحقاق الرئاسي عن محادثات ”جنتيلوني“ في بيروت إشارة إضافية الى عدم ”حماسة“ دولية لانجازه قريباً!

غياب الاستحقاق الرئاسي عن محادثات ”جنتيلوني“ في بيروت إشارة إضافية الى عدم ”حماسة“ دولية لانجازه قريباً!

Pr-Minister-Tammam-Salam-Meets-Italian-Minister-of-Foreign-Affairs-Paolo-Gentiloniلم يكن غريباً على الأوساط الرسمية والسياسية ان يحصر وزير الخارجية الايطالي <باولو جنتيلوني> الذي زار بيروت الأسبوع الماضي للمشاركة في افتتاح الطبقة السفلية للمتحف الوطني التي مولت الحكومة الايطالية تجهيزها، أحاديثه في الشقين الأمني والاقتصادي مع لفتة سريعة الى الأوضاع السياسية، على رغم ان الساحة اللبنانية <تغلي> بالمبادرات حول الاستحقاق الرئاسي والنقاش الذي لا يغيب عن أي اجتماع أو لقاء عام أو خاص، حول مصير الانتخابات الرئاسية وحصيلة تحرك رئيس تيار <المستقبل> الرئيس سعد الحريري ومواقف القيادات السياسية والروحية على حد سواء. إلا انه متى عَرُف السبب بَطُلَ العجب، وهو ان المجتمع الدولي لا يبدو <متحمساً> لفكرة انتخاب رئيس للجمهورية في المرحلة الراهنة، لا بل بات ممثلو عدد من الدول الكبرى والوسطى، وحتى الصغرى منها، <ينصحون> بالتروي وانتظار التطورات الاقليمية والمتابعات الدولية لها، خلافاً للغة التي اعتمدوها قبل أشهر حين كانوا يحثون اللبنانيين على التوافق في ما بينهم وانتخاب رئيس للجمهورية <بعيداً عن التدخلات الخارجية وتأثير الحروب الاقليمية والمجاورة>!

ولعل ما أظهره الوزير الايطالي <جنتيلوني> من <حرص> على ضرورة استمرار الاستقرار الأمني في البلاد وتسهيل عمل القوى الأمنية في منع تعديات مسلحي التنظيمات الارهابية والحد من تمددها وكشف خلاياها النائمة، من دون التطرق مباشرة أو مداورة الى الاستحقاق الرئاسي إلا من خلال دعوته الى انتظام عمل المؤسسات الدستورية، ما يؤكد ما أظهره سفراء عدد من الدول الكبرى بينها فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية من عدم <حماسة> للتحرك الذي قام به الرئيس الحريري بهدف إعادة الحياة الى الاستحقاق الرئاسي بعد عامين ونصف العام من الجمود. وبدا الوزير الايطالي واضحاً وهو يعكس في كلامه عدم الحماسة هذه من خلال تركيزه على ملف الغاز والنفط في المياه اللبنانية، لاسيما وان الشركة الوطنية الايطالية <ايني ENI> اختيرت من ضمن الشركات المرشحة للتنقيب في لبنان، الى درجة انه تحدث بلغة السياسيين اللبنانيين عندما طالب الحكومة اللبنانية بإقرار المرسومين المتعلقين بملف النفط والغاز. وفي هذا السياق، قالت مصادر حكومية ان ملف التنقيب عن النفط والغاز كان أولوية أساسية ــ وربما وحيدة ــ في زيارة الوزير <جنتيلوني> الى درجة ان حديثه مع نظيره اللبناني الوزير جبران باسيل تمحور خصوصاً حول ملف النفط الذي توليه الحكومة الايطالية اهتماماً ينطلق من استثمار ايطاليا في هذا الملف في كل من مصر وقبرص وإذا ما دخلت في النفط اللبناني، فإنها ستصبح شريكاً أساسياً في استثمار النفط في اسرائيل فتقيم بذلك حلقة وصل أوروبية بين هذه البلدان كلها.

 

تأثير النازحين على الاستحقاق الرئاسي!

 

أما الملف الثاني الذي استحوذ على اهتمام الوزير الايطالي، فكان ملف النازحين السوريين حيث بدا التناقض في الموقفين اللبناني والايطالي، إذ اعتبر <جنتيلوني> رداً على باسيل، بأن ما يطرحه لبنان من عودة للنازحين السوريين الى بلادهم <يبقى أمراً صعباً> في إشارة غير مباشرة الى ان العودة مرهونة بتحسن الأوضاع والحل السياسي الذي لم يجده الوزير الايطالي مقفلاً برغم الضجيج الحربي في المنطقة.

وفيما وعد <جنتيلوني> بعمل ايطالي وأوروبي على زيادة الدعم للحكومة اللبنانية لمعالجة أوضاع النازحين السوريين، لم يعط حيزاً في محادثاته للاستحقاق الرئاسي، مؤكداً بذلك ما كانت أشارت إليه مصادر ديبلوماسية في بيروت لـ<الأفكار> من ان لا حضور فاعلاً لدوائر القرار الغربية وخصوصاً الأوروبية في هذا الاستحقاق، علماً ان المصادر نفسها أشارت الى <عدم تكوّن قناعة> لدى المرجعيات الدولية بما يدور على الساحة اللبنانية راهناً من <سيناريوهات> رئاسية، خصوصاً في ظل تصاعد التوتر في المنطقة بين الرياض وطهران من جهة، وبين الادارة الأميركية وروسيا حول الملف السوري من جهة ثانية.

وللتأكيد على هذه المعطيات، كشف سفير إحدى الدول الأوروبية المعنية مباشرة بالملف اللبناني لـ<الأفكار> بأن التقارير والمعطيات التي ترد الى دولته تؤكد بأن الأوضاع في المنطقة تأخذ منحى تصعيدياً خصوصاً في سوريا، ما يجعل من الصعب الاتفاق راهناً على رئيس جديد للجمهورية قبل معرفة ما ستؤول إليه الحروب في الجوار اللبناني وانعكاساتها المتعددة الوجوه على لبنان، لاسيما وان أزمة النازحين مرشحة للتزايد في حدتها ما يجعل الاهتمام الدولي ينصب حالياً على معالجة هذه الأزمة والحد من تداعياتها على لبنان، وان من بين الأفكار المطروحة للتداول الخارجي امكانية الطلب من الدول المجاورة للبنان استيعاب المزيد من النازحين، من دون أن يكون لهذه الدول، الأوروبية خصوصاً، القدرة على ارغام تركيا والأردن والعراق على استقبال المزيد من النازحين السوريين، إضافة الى ان التجاوب الدولي مع متطلبات الاستحقاق الرئاسي خصوصاً في حال مجيء رئيس له <متطلبات> حيال ملف النازحين، هو محدود، ما يجعل من الأفضل إبقاء الوضع على حاله حتى ينجلي الموقف في سوريا ويصبح من الممكن التعاطي مع النازحين بأساليب وطرق تختلف عما هي عليه راهناً.

وثمة من تحدث في الأروقة الديبلوماسية عن ان مقاربة الملف الرئاسي في لبنان ستصبح مرتبطة بملف النازحين بمعنى ان أي تسوية رئاسية يمكن أن تحمل تغييراً في موازين القوى اللبنانية وتنعكس على وضع النازحين، لن تجد تجاوباً في الوقت الحاضر من المجتمع الدولي عموماً، والدول الأوروبية خصوصاً، ما يؤدي عملياً الى تغليب خيار <التريث> على ما عداه من الخيارات، في بت مسألة الاستحقاق الرئاسي وفق سلم الأولويات الدولية.

 

انطباعات <كاغ> وسعي باريس

 

وفي الوقت الذي تأكدت فيه المعلومات من ان المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان <سيغريد كاغ> عادت من زيارتها لإيران ولقاءاتها مع نائب وزير الخارجية للشؤون العربية والافريقية جابر الأنصاري ونائب وزير الخارجية للشؤون الدولية والقانونية عباس عراقجي، بانطباعات لا توحي بأن الانتخابات الرئاسية اللبنانية باتت قريبة، برزت إشارات بأن السعي الفرنسي لعقد مؤتمر لدول مجموعة الدعم الدولي للبنان في باريس خلال الشهر المقبل كبديل عن اجتماع نيويورك الذي تأجل الشهر الماضي، لم يحقق بعد أي تقدم ملحوظ، إذ لا يزال تجاوب الدول المعنية خجولاً، ومن هذه الدول من اشترط الحصول سلفاً على <ضمانات> من القيادات اللبنانية بالتزام ما تقرره دول المجموعة الدولية في حال عقدت اجتماعها المرتقب في باريس.

وتحدثت مصادر مطلعة على التحرك الفرنسي ان باريس لا تزال في طور تقييم مضمون المداولات التي دارت خلال اللقاءات التي عقدها الرئيس الفرنسي <فرانسوا هولاند> خلال وجوده في نيويورك لترؤس وفد بلاده الى اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز والرئيس الإيراني <حسن روحاني>، والتي لم تحمل جديداً من شأنه تمكين اللبنانيين من التوافق على رئيس جديد في المرحلة الراهنة لأن الانشغالات السعودية والإيرانية منصبة راهناً على ما يجري من تطورات ميدانية في سوريا والعراق، إضافة الى تعذر الوصول الى حل عملي للوضع في اليمن الذي لا يزال يتأرجح ميدانياً في عمليات كر وفرّ تزعج السعوديين ولا تريح الإيرانيين في آن. وما استطاع <هولاند> الحصول عليه من الجانبين السعودي والإيراني ــ وفق المصادر الديبلوماسية نفسها ــ لا يتجاوز <الوعود> بالسعي للتجاوب مع المسعى الفرنسي الذي بقي محصوراً في طلب <هولاند> من الرئيس الإيراني التدخل لإنهاء الأزمة الرئاسية اللبنانية، فكان رد <روحاني> وفريق عمله بدعوة فرنسا الى القيام <بوساطة> مع السعودية بحثاً عن الحل المنشود.

 

هل تتحرك الهبة السعودية للجيش؟

 

وتؤكد المصادر نفسها ان جل ما حققه لقاء <هولاند> مع ولي العهد السعودي كان حصوله على وعد من الأمير محمد بن نايف بدرس مسألة إعادة تفعيل الهبة السعودية للجيش اللبناني التي تبلغ قيمتها 3 مليارات دولار أميركي، خصوصاً بعدما بدأت باريس تسليم معدات من هذا العقد الى القوات العسكرية السعودية. وقد لمس <هولاند> ــ كما تقول المصادر نفسها ــ ان الرأي كان متفقاً بينه وبين ولي العهد السعودي على ان الوضع في لبنان <هش ودقيق> وهو مصدر قلق متزايد بفعل استمرار الفراغ في المؤسسات الدستورية اللبنانية ما جعل الاتفاق واضحاً على ضرورة <التعاون> الفرنسي ــ السعودي للمحافظة على الاستقرار الداخلي.

وتضيف المصادر ان كل هذه المعطيات تجمعت لدى عدد من سفراء الدول الكبرى في لبنان، ما جعلهم يعتقدون ان ساعة حل الأزمة الرئاسية اللبنانية لم تحن بعد، وسط توجه الى تشجيع <التسوية> التي يفترض أن تتوصل إليها القيادات اللبنانية التي عليها أيضاً أن تتصرف بـ<مرونة>، لأن هذه <التسوية> الموعودة هي مفتاح الحل.