تفاصيل الخبر

”غـرفـــــة مـنـاظــــــرة“ بـيـــن الـسـجـيـنــــــة واولادها الاولـــى مــن نـوعـهــــــا فــي لـبــــــنـان!

24/03/2017
”غـرفـــــة مـنـاظــــــرة“ بـيـــن الـسـجـيـنــــــة واولادها  الاولـــى مــن نـوعـهــــــا فــي لـبــــــنـان!

”غـرفـــــة مـنـاظــــــرة“ بـيـــن الـسـجـيـنــــــة واولادها الاولـــى مــن نـوعـهــــــا فــي لـبــــــنـان!

 

بقلم عبير انطون

1

في خطوة لافتة تختزن الكثير من المشاعر المتشابكة، كانت المبادرة التي قامت بها جمعية <زونتا> لتمكين النساء برئاسة السيدة وفاء ضو وبرعاية المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي. فنادراً ما تعانق الأم السجينة اولادها من دون ان يحول ثلج القضبان الحديدية بينهما، فتقبل صغارها وتضمهم الى صدرها ليقضوا معا زمناً كاملاً هو وقت الزيارة المسموح بها في <سجن بربر الخازن>، السجن الوحيد الذي أتاح حتى الآن افتتاح <غرفة مناظرة> داخل السجن بهدف استقبال السجينات لأطفالهن بعد ان تريثت السجون الاربعة الاخرى التي اودعت فيها طلبات مماثلة. فماذا عن الخطوة بمناسبة عيد الأم؟ ما كانت ابرز المشاهدات؟ وهل تختلف الأمومة في السجن عنها خارجه؟

السيدة وفاء ضو شرحت اهمية افتتاح <غرفة المناظرة> ونتائجها الملفتة لـ<الافكار> ومعها استعرضنا إنجاز مشاريع اخرى للجمعية في مجال الأمومة ايضا، وسألناها عن سبب تأسيس فرع لـ<زونتا> العالمية في لبنان، مع ما تحمله من أهداف ومشاريع.

سألناها أولاً:

2  ــ كيف انطلقتم بفكرة <غرفة المناظرة> بين السجينات واولادهن؟

- سبق وأنجزنا أكثر من مشروع في <سجن بربر الخازن> تحديدا، يدخل من ضمنها غرفة الولادة للسجينات الحوامل اللواتي يلدن في السجن، وهذه الغرفة تتيح للام ولولدها ان يبقيا جنبا الى جنب حتى السنتين من عمر الولد، وكنا قد افتتحناها في العام 2014 اذ امنا كل ما يتطلبه وضع مماثل من حليب وحاجيات ومستلزمات للولادة وما بعدها. وبقي هَمّ الأمومة والاولاد ماثلاً في روزنامتنا بعد حادثة اثرت فينا جداً، اذ التقينا ذات يوم بسجينة عراقية مع طفلين لها اودعت السجن لدخولها لبنان خلسة ومن دون اوراق رسمية، وبينما كنا نهم بترك الغرفة هرع الينا طفلها طالباً منا المساعدة لخروج امه من السجن، فأخذت سيدة من المحاميات المنتسبة الى جمعيتنا المبادرة وساعدتهم الى ان رحلوا الى بلادهم، وكرت سبحة المشاريع في هذا المجال.

ــ ماذا عن <غرفة المناظرة>؟

 - طرحنا المشروع على اربعة سجون في مختلف الاراضي اللبنانية ولم نحظ الا بموافقة <سجن بربر الخازن> حتى الآن، فأفردوا لنا مساحة لتكون واحة لقاء ما بين الأم واولادها قمنا بإعدادها وتجهيزها بالتعاون مع وزارة الداخلية والبلديات والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي..

ــ كيف يمكنك وصف المشهد ما بين السجينات واولادهن؟

 - مؤثر جداً حتى انني وزميلة لي لم نستطع البقاء في الغرفة. لقد عملنا على المشروع انطلاقاً من عنوان <السجن ما بيمنع الأمومة> خاصة انه في شهر آذار/ مارس يصادف عيد الأم والطفل، ولم يكن أجمل من مشهد معانقة الأمهات لاولادهن وتقبيلهم.

ــ ما كانت اعمار الاولاد؟

- من المولود في يومه الاول حتى الخامسة عشر عاما. في السابق كانت الزيارات تتم لمرتين في الشهر مع حاجز ما بين السجينات واولادهن. في <غرفة المناظرة> تلتقي الأم بولدها، تلمسه وتحضنه وتتحدث اليه.

3 ــ كم ولداً استقبلت الغرفة؟

- خمسة، وكل ام كانت تلتقي بأولادها لمدة نصف ساعة تقريباً بشكل مستقل تنسى فيه عالمها المقيد خلف القضبان بحيث تكون مرتاحة وتأخذ وقتها. وهنا لا بد لي من شكر ادارة السجن والسيدة ملك مراد التي سرعان ما امنت <غرفة المناظرة> ايماناً منها كما أكدت في الكلمة التي القتها بالمناسبة على اهمية التعاون مع هيئات المجتمع المدني لما فيه مصلحة حقوق السجينات، وهي اعتبرت ان لهذه الغرفة ايجابية تنعكس على نفسية السجينة الأم بأن ترى اولادها من دون اي حواجز مما يخفف من آلامها ويبلسم جراحها.

 

استشارة نفسية..

ــ لا شك بأنكم استشرتم اختصاصيين نفسيين قبل الإقدام على هذه الخطوة، لجانب الاولاد كما للامهات مع ما قد ينعكس عليهن سلباً ربما بعد اللقاء...

- سألنا عن تفاصيل كثيرة بدءاً من لون الغرفة وتجهيزاتها فأشاروا علينا بالالوان الهادئة الفاتحة، وكذلك بوضع لوح يمكن للأولاد ان يعبروا عليه عن أحاسيسهم ومكنوناتهم، فمنهم من رسم وجه أمه او كتب لها عبارة بلسمت جراحها، كذلك كان من بين الترتيبات التي قمنا بها ألا يخرج الولد من لقاء أمه الا بهدية تقدمها له وهذا ما تم بعون بعض الرعاة مشكورين فيشعر الاطفال ببهجة الزيارة.

ــ ألا تصاب الأم بإحباط وبحزن اكبر بعد ان ترى ولدها فتفتقده اكثر؟

- هي محبطة أساساً. على العكس هذا اللقاء يجعلها تنتظر متسلحة بالأمل خاصة وانها تحضن ابنها وتقبله، حتى ولو افترقت عنه بالدموع بعد انتهاء الزيارة على أمل اللقاء به من جديد. لا اعتقد ان اثراً سلبياً سيطال الولد او الأم وهذا الأمر لمسناه عقب انتهاء اللقاء بينهما فكان الجانبان بغاية الفرح وتم الحديث مع الاولاد وتقييم الأمور وقد سعدوا بالجلوس الى امهاتهن بشكل منفرد. واذا ما كان من اثر فإنه سيكون ايجابياً بالتأكيد، حتى على مسيرة الولد وتربيته فيعرف ان والدته تدفع ثمن خطأ ارتكبته وما قد تكون عليه النتيجة.

ــ هل تختلف مشاعر الأمومة في السجن عمن هن خارجه، في طرق التعبير مثلاً؟

- انه شعور واحد لا يتغير، في السجن او في خارجه، فهذا الرابط بين الأم واولادها اقوى من كل الروابط.

ــ هل من اولاد رفضوا مقابلة امهاتهم في السجن؟

- أبداً، لم يكن هنالك من رفض انما منعت ظروف البعض وجودهم.

4ــ هل من حالة خاصة اثرت بك شخصياً؟

- جميعها. اكثر ما يحز في نفسي السيدات اللواتي ظلمتهن الظروف فاضطررن على فعل ما استوجب ادخالهن السجن. هن مظلومات من عائلاتهن والبيئة والظروف التي نشأن فيها وخاصة لناحية التسيب المدرسي الذي يوصل في نهاية الأمر الى ما لا تحمد عقباه. اخشى الآن على الاطفال صبيانا وبناتا الذين لا يرتادون المدرسة حتى انني التقيت باحد الآباء وزوجته مسجونة، فسألته عن عدد اولاده وماذا يفعلون، فأجابني بان لديه اربعة، ثلاثة منهم وهم في عمر الذهاب الى المدرسة لم يسجلهم في اي منها لوجوب الاهتمام باخيهم الصغير، فهل هذا يجوز؟

ــ هل تعملون في سجون الرجال ايضاً لافتتاح <غرفة مناظرة> على مثال الأمهات؟

- نحن كجمعية تعنى بتمكين النساء لن نتعدى على عمل غيرنا من الجمعيات، وقد تناولنا الشق الذي يمكننا ان نخدم من خلاله. وهنا أشير الى ان همنا الكبير الذي سنعمل عليه كأولوية هو مساعدة السجينات على تعلم مهنة ما او اتقان ما يعرفنه حتى يتمكن بعد خروجهن من السجن من إعالة أنفسهن فلا يخضعن لضغوط من اي جانب تعيدهن الى خطأ وخطر جديدين.

<زونتا - بيروت>..

ــ ما هي جمعية <زونتا> وكيف تم افتتاح فرع لها في لبنان؟

 - الجمعية عالمية، ومقرها الاساسي في الولايات المتحدة الأميركية، تأسست في العام 1919 وتحتفل قريبا بعامها المئة، وهي تعنى بتمكين المرأة في جميع المجالات وتستمد اسمها من <زيوكس> وهي قبيلة هندية - اميركية وتعني الشرف والثقة <honesty and trust>. ارتكزت الجمعية على ما يتعلق بشؤون المرأة في اعمال ومشاريع كبيرة ولديها ممثل في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وينتخب رئيسها كل سنتين. في لبنان اسسنا <نادي زونتا - بيروت> في العام 2013 وانضممنا في أيلول/ سبتمبر كعضو الى الجمعية العالمية <زونتا انترناشيونال> التي توجد في 67 بلداً من حول العالم وتضم اكثر من ثلاثين ألف عضو، والهدف الاساسي كما سبق وأشرت المرأة وشجونها. نحن مجموعة من السيدات وضعنا يدنا بيد سيدة صديقة هي عضو في <زونتا انترناشيونال> قبرصية الجنسية وقد ساعدتنا على تأسيس فرع في لبنان.

ــ هل روزنامة او خطط العمل تتبع لـ<زونتا> العالمية؟

 - لا، في الخــــارج قــــد تختـــــلف الهموم والمشكلات. العام الفائت مثلاً عملت الجمعية العالمية بجهد للقضاء على احد الأمراض بهدف انهائه تماماً. في لبنان تختلف مشاكلنا، من هنا لنا حرية تقرير المشروع الذي نجده ملائما لبيئتنا مع التزامنا بالافكار العامة التي تطرحها الجمعية العالمية بما يتوافق مع مجتمعنا فندعمها، وكان لهذا العام ايضاً موضوع الزواج المبكر ومحاربة الاتجار بالبشر.

ــ هل تدعمون الاتحادات والجمعيات النسائية في لبنان بما تطالب به، <الكوتا> مثلا؟

 - ندعم كل ما يساعد المرأة لحياة افضل مع ان لي شخصياً رأياً مختلفاً في <الكوتا>، فأنا كامرأة لا اريد المطالبة بها وبما انه لي الحق في ان اصل واثبت نفسي وقدراتي، فلماذا اترجى هذا وذاك؟! نحن لا نخالف الجمعيات المطالبة بما يمكن ان يساهم في اعلاء شأن المرأة لكننا لا نركب الموجة نفسها، وتبقى الأهمية للتوعية والتمكين في اي مجال.

5ــ ما هو المشروع المقبل الذي تعملون عليه؟

- في التاسع والعشرين من شهر نيسان / ابريل المقبل نقيم حفلة عشاء سنوي تحت عنوان <close the loop> بالتعاون مع كندا ويعود ريعها لعمليات ترميم الثدي لسيدات اضطررن الى استئصاله عقب المرض. هذا الأمر حاجة ملحة، اذ تشكو كثيرات من السيدات من آثار نفسية بليغة تشكل عقدا في حياتهن بعد استئصال الثدي فتشعر المرأة و كأنها مخلوق ناقص و انها فقدت جزءاً كبيراً من انوثتها، وقد تتغير نظرة الشريك اليها، وهنا لا يجوز التعميم لان الكثيرين من الرجال يقفون الى جانب زوجاتهم وقفة دعم ومساندة رائعة. المشكلة عندنا انه ينظر الى هذه العملية على انها تجميلية في حين انها ترميمية ويجب ان تغطى طبيا، الأمر الذي لا يحصل للأسف، وسيكون هدف العشاء جمع المال لشراء الـ<بروتيز> لسيدات يتقدمن بطلباتهن الى الجمعية فيتم اختيار الحالات الأكثر إلحاحاً باشراف لجنة من الأطباء والاختصاصيين، وسيكون ذلك برعاية معالي وزير شؤون المرأة جان اوغاسبيان. وأشير هنا الى ان الصرخة عينها كانت قد اطلقتها الاعلامية ليليان اندراوس التي اختبرت المرض وتجاوزته لاعتبار العملية ضرورة وليست تجميلاً فقط.

ــ من يدعم الجمعية مالياً؟

- نحن جمعية لا تتوخى الربح.. بالعادة يجري الدعم من الجمعية العالمية، لكن وبما اننا لا زلنا في بداياتنا فإننا لا نتلقى هذا الدعم اذ اننا لا نعمل بعد على مشاريع كبيرة ونتكل على بعض الرعاة وريع الاحتفالات والتومبولا التي نقوم بها لهدف محدد.

ــ ألا تخشون في فورة الجمعيات النسائية من كل حدب وصوب، ان يُجر الصالح مع الطالح؟

- نعم نخشى من الأمر لذلك فإننا نطالب بالابقاء على الجمعيات التي تملك تراخيص فعلية وبرنامج عمل وتمويلاً واضحين . بالنسبة للتنسيق مع الجمعيات الاخرى فلقد انفتحنا عليها جميعها لكن تفاجأنا ان بعضها لم يرحب بنا، فيما نتبادل مع بعضها الآخر الحالات بحسب الجمعيات وما تعنى به. لقد عملنا مع <مؤسسة مخزومي> مثلاً ولا مانع ان نشارك خبراتنا وما يمكننا ان نفيد فيه مع اية جمعية جدية.