تفاصيل الخبر

جدل قانوني حول قرار المفرد والمزدوج وتلويح بتقديم طعون بمحاضر الضبط!

16/04/2020
جدل قانوني حول قرار المفرد والمزدوج  وتلويح بتقديم طعون بمحاضر الضبط!

جدل قانوني حول قرار المفرد والمزدوج وتلويح بتقديم طعون بمحاضر الضبط!

[caption id="attachment_77088" align="alignleft" width="444"] وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي..قراره اعتماد المفرد والمجوز شكّل مادة جدل قانوني وإداري.[/caption]

 لم يكن وزير الداخلية والبلديات العميد محمد فهمي يتوقع أن يثير القرار الذي اتخذه بسير السيارات على نظام المفرد والمزدوج في سائر المحافظات من ضمن الاجراءات التي اعتمدت لمواجهة تمدد وباء "كورونا" في لبنان، الضجة التي أثارها والاعتراضات التي توالت حول قانونيته ودستوريته. ذلك أن الوزير فهمي الذي حاول بـ"الحسنى" التزام المواطنين التقيد بحالة التعبئة العامة والأمساك من الخروج من المنازل والاختلاط منعاً لارتفاع عدد الإصابات، وجد نفسه في وضع لا يحسد عليه. فالكل يطالبه بالتشدد، وصرخات وزير الصحة حمد حسن تتردد في كل مكان عن أن لبنان ما زال في "عين العاصفة"، وأعداد المصابين الى ارتفاع، في وقت يستمر الاختلاط والتنقل و"عجقة السير". وهنا استذكر الوزير فهمي أنه سبق للبنان أن اعتمد نظام "المفرد والمزدوج" للحد من انتقال السيارات وتنقل ركابها، فأحيا هذا النظام من جديد وأدخله حيز التنفيذ مع بداية الأسبوع ما قبل الماضي ليكتشف أن هذا التدبير زاد في ازدحام السير على بعض الطرق بدلاً من أن يؤدي الى التزام المواطنين منازلهم. والسبب هو سوء فهم القرار الذي صدر، إذ فسره البعض أن بإمكان أصحاب الأرقام المفردة التجول في الأيام المحددة لهم، وكذلك الأمر أصحاب الأرقام المزدوجة، فخرجوا الى الشوارع متناسين أن قرار الزامهم البقاء في منازلهم لا يزال ساري المفعول وبالتالي يجب التقيد به وعدم الخروج إلا في حالات الضرورة القصوى. غير أن الإجراء ظل موضع أخذ ورد، وزادت الحواجز التي أقامتها قوى الأمن لتطبيقه، من ازدحام السير ومن الانتقادات التي طاولت هذا الاجراء لاسيما بعدما أعلنت قوى الأمن الداخلي حصيلة اليوم الأول كانت تحرير أكثر من 1300 محضر ضبط لمخالفي القرار، والغرامة تبلغ قيمتها 50 ألف ليرة أي بحصيلة أولية بلغت 65 مليون ليرة. وبرر مصدر أمني التشدد في اليوم الأول بأن القوى الأمنية تعمدت "خلق" أزمة سير لإجبار المواطنين على الالتزام بالقرار.

 إلا أن قرار الوزير فهمي لم يمر من دون اعتراضات منها أنه غير قانوني واعتبره البعض "إعتداء على الدستور" انطلاقاً من أن القرار يشكل تعدياً على حق الملكية المطلق والمصون من الدستور، كما أن فرض غرامة على المواطنين يعني إنزال عقوبة بحقهم والعقوبة غير ممكنة من دون قانون، إلا في حالة الطوارئ التي تسمح للدولة بوضع يدها على ملكية المواطن، فيما الواقع أن المعلن هو حال التعبئة العامة. وفي هذا الإطار يقول مرجع قانوني إن المادتين الأولى والثانية من قانون الدفاع الوطني، تؤكدان على الفارق بين الطوارئ والتعبئة العامة، لأنهما تتحدثان عن تعرض الوطن وجزء من أراضيه ومجموعة من سكانه للخطر والتأهب الكلي أو الجزئي للحد من هذا الخطر، ثم التعبئة العامة أو الجزئية لتنفيذ بعض الخطط المقررة، وهذا ما يمر به لبنان حالياً. إلا أن المرجع القانوني لفت الى أن المادة الثانية من هذا القانون تنص على أن التدابير المتخذة تعلن بمراسيم في مجلس الوزراء، وبالتالي فإن قرار الوزير فهمي هو قرار إداري غير قانوني لأنه لا يحق لوزير الداخلية إصداره، بل يفترض صدوره بموجب مرسوم.

 وكما في كل مسألة قانونية ثمة رأي آخر لمرجع قانوني يؤكد أن قرار الوزير قانوني مئة بالمئة لأنه استند الى المادة 375 من قانون السير الجديد، لاسيما الفقرة الثالثة منه التي اعتبرت أنه من مخالفات الفئة الأولى، أي المخالفات لأحكام القرارات التي تصدر عن السلطات الادارية والبلدية. أما القول بعدم صدوره بمرسوم، فيرى المرجع القانوني المؤيد للقرار بأنه صدر استكمالاً لمرسوم اعلان التعبئة العامة. وذهب المرجع الى حد القول إنه في الظروف الاستثنائية توجد شرعية استثنائية تعطي الحق لصاحب السلطة إذا كان التدبير يحقق مصلحة عامة ولو خالف القوانين والمراسيم.

محاضر الضبط

 وإثارة المراجع القانونية النقاش حول قانونية قرار الوزير قاد الى إمكانية الطعن في محاضر الضبط التي سُطرت بحق المخالفين. وفي هذا الإطار رجح مصدر قضائي أن القرار الإداري الصادر عن الوزير فهمي ليس لتنظيم السير فحسب ليكون قانونياً، وبالتالي فيه تعدٍ على استعمال المواطن لملكيته الخاصة. وفي رأي هذا المصدر أن لا أحد يمكنه أن يمنع مواطناً من استعمال ملكيته سواء كانت سيارة أو منزلاً في أيام محددة دون أخرى، لكن يمكن أن يمنعه من السير في شارع أو منطقة أو محلة، في حين أن التقييد في استعمال السيارة هو تقييد بحق مالكها، وذلك لا يجوز بقرار من وزير بل بقانون من مجلس النواب، وبالتالي فإن امكانية الطعن في محاضر الضبط واردة.

 في أي حال، قرار وزير الداخلية باعتماد المفرد والمزدوج استمر طوال فترة التعبئة العامة، لكن الوزير فهمي "أراح" المواطنين قليلاً لاسيما أصحاب السيارات العمومية في عيدي الفصح والشعانين على أساس أن الإجراء سيطبق بشدة في الآتي من الأيام لردع المواطنين عن المخالفات التي تضر بهم وترفع عدد المصابين نتيجة الاختلاط.