تفاصيل الخبر

جدل حول قانون الإثراء غير المشروع يتطلب تطبيقه إيضاحات أو تعديلاً للدستور!

07/10/2020
جدل حول قانون الإثراء غير المشروع يتطلب تطبيقه إيضاحات أو تعديلاً للدستور!

جدل حول قانون الإثراء غير المشروع يتطلب تطبيقه إيضاحات أو تعديلاً للدستور!

 

[caption id="attachment_81734" align="alignleft" width="445"] مجلس النواب في جلسته الأخيرة في الأونيسكو يقر قانون الإثراء غير المشروع[/caption]

 يبدو ان الخلاف على تفسير الدستور والقوانين انتقل الى مجلس النواب بعدما كان يدور في الأندية السياسية وعبر وسائل الاعلام حيث يكثر المجتهدون والخبراء في الدستور والقوانين... هذا الواقع افرزته جلسة مجلس النواب التي انعقدت الاسبوع الماضي واقرت سلسلة قوانين باستثناء قانون العفو العام الذي رُحّل على جلسة تعقد في الثلاثاء الاول من شهر تشرين الاول (اكتوبر) الجاري بسبب استمرار الخلاف بين النواب حول من يشملهم قانون العفو وسط تناقض واضح ليس في تفسير النص هذه المرة، بل في تحديد هوية المستفيدين من القانون.

 الا ان الجلسة تميزت باقرار قانون الاثراء غير المشروع المنتظر منذ سنوات، لكن اللغط دار حول ما اذا كان هذا القانون يطبق على رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة والوزراء وسط اجواء من النقاش لم تخل من الحدة لكنها لم تصل الى نتيجة حاسمة، اذ استمر فريق من النواب يعتبر ان الرؤساء والوزراء والنواب يخضعون لمفاعيل القانون، فيما قال فريق آخر إن النص ليس واضحاً لهذه الجهة الأمر الذي يتطلب تعديلاً للدستور في المواد التي تتحدث عن الحصانات المعطاة للرؤساء والنواب. ولأن المسألة هي مسألة عبارات فإن عدداً من النواب اعتبر ان في القانون ما يتعارض مع الدستور وينبغي استثناء الرؤساء والوزراء والنواب منها، علماً ان المادة المذكورة في القانون وهي المادة 114 اضيفت اليها عبارة "يعد جرم الاثراء غير المشروع جرماً جزائياً عادياً وخاضعاً لاختصاص القضاء العدلي".

بالنسبة الى الاغلبية بدا هذا التعديل زيادة في التأكيد على خضوع كل المسؤولين لقانون الاثراء غير المشروع، لكن بالنسبة الى نواب "المستقبل" كان ذلك استثناء للوزراء والنواب. فالنائب هادي حبيش اكد في تصريح له من المجلس ان "حصانة النائب دستورية، والاثراء غير المشروع جرم جزائي، والنص الحالي لم يطل رئيس الوزراء والوزراء".

وفي محاولة للايحاء بأن القانون قاصر عن ادانة كل المتورطين في الاثراء غير المشروع، طالب بأن يطال القانون رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب والموظفين، لكنه ربط ذلك بتعديل الدستور، داعياً الى تعديل دستوري لرفع الحصانات عن كل الناس.

 قبله كان النائب ابراهيم كنعان قد اشار، عبر "تويتر" الى ان القانون اقر من دون استثناء الوزراء او النواب او اي موظف عمومي، وبالتالي اعتبر الاثراء غير المشروع جرماً عادياً يخضع للقضاء العادي. كذلك هنأ النائب جبران باسيل المجلس واللجنة الفرعية ورئيسها على "انجاز اخضاع النواب والوزراء وكل الموظفين لقانون الاثراء غير المشروع، الذي حققه تكتل لبنان القوي في مسار محاسبة كل قائم بخدمة عامة" وتأكيداً على التفسير الذي يشير الى شمول الوزراء والنواب، وافق رئيس المجلس على طلب كنعان تدوين اشارة في المحضر الى ان جرم الاثراء غير المشروع ليس اخلالاً بالواجبات الوظيفية.

 ما ان يصدر القانون في الجريدة الرسمية حتى يكون القضاء ملزماً بتطبيقه، واذا كانت المادة 11 قد اثارت لغطاً مفتعلاً فإن المادة الاولى كانت واضحة في اشارتها الى ان احكام القانون تطبق على اي شخص يؤدي وظيفة عامة او خدمة عامة سواء كان معيناً او منتخباً... بما في ذلك اي منصب من مناصب السلطات الدستورية او التشريعية او القضائية او التنفيذية او الادارية او العسكرية او المالية". وبالتالي، فإن من يعترض على هذه الصيغة سيكون عليه الذهاب الى المجلس الدستوري للطعن في دستورية القانون.

تعديل الدستور....

 على رغم هذه المواقف التي تشرح ما حصل، ثمة من رأى في القانون خطوة الى الامام، لكنها خطوة ناقصة نظراً لضرورة تعديل 3 مواد في الدستور هي:

اولاً: المادة 60 والتي تنص على ان لا تبعة على رئيس الجمهورية حيال قيامه بوظيفته الا عند خرقه الدستور او في حال الخيانة العظمى، اما الجرائم العادية فهي خاضعة للقوانين العامة، الا ان اتهامه يأتي حكماً من قبل مجلس النواب فبغالبية الثلثين ويحاكم امام المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.

ثانياً: في ضوء المادة 70 من الدستور التي تنص ايضاً على اتهام رئيس مجلس الوزراء والوزراء باخلالهم بالواجبات المترتبة عليهم وايضاً بغالبية الثلثين وتكون المحاكمة ايضاً امام المجلس الاعلى.

ثالثاً: في ضوء المادة 40 التي تمنع اتخاذ اجراءات جزائية بحق النواب اثناء دورة الانعقاد والاستثناء، هنا غير مفيد في هذا النوع من الجرائم اللصيقة بالفساد.

 ويقول اصحاب هذه الرأي إن القانون الذي اقر ليطبق على رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزراء والنواب وجميع متولي الوظيفة العامة يجب لانفاذه بوجه رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزراء والنواب ان يصار الى تعديل الدستور بناء لمشروع قانون تضعه الحكومة بناء على اقتراح من رئيس الجمهورية سندا للمادة 76 من الدستور لكن الامر متعذر اليوم لوجود حكومة تصريف الاعمال، او اقتراح قانون موقع من 10 نواب وهنا يجب انتظار الدورة العادية سنداً للمادة 77 من الدستور. اما القيمة المضافة التي حققها القانون الجديد قياساً الى قانون الاثراء غير المشروع الذي تقدم به العميد ريمون اده في العام 1953 فهي النقاط التالية:

اولاً: استقلالية جرم الاثراء غير المشروع عن الجرائم الاساسية الاصلية المنتجة له وبالتالي اصبح من غير اللازم اثبات هذه الجرائم الاصلية بل يكفي الشروع الى المحاكمة بمجرد اثبات ان ثروة متولي الوظيفة العمومية لا يبررها  دخله من الوظيفة العامة.

ثانياً: نصبح هنا امام قاعدة انتقال عبء الاثبات الى الموظف الذي عليه ان يثبت مصادر تراكم ثروته، قد يكون ذلك من خلال دخل مشروعه او ارث او خلاف ذلك. ويرى هؤلاء انه اذا كان فعلاً القانون وضع لينفذ، فعلى النواب الالئتام لتعديل الدستور لازالة الالتباس، وبالتالي الاثراء غير المشروع بوجه الجميع رؤساء ووزراء ونواب ينزع الحصانات ويجعل هؤلاء يحاكمون امام القضاء العادي.

بدء أو عدم تعديله؟

 في المقابل، رأى الرئيس السابق للمجلس الدستوري الدكتور عصام سليمان ان قانون الاثراء غير المشروع الذي اقره مجلس النواب متقدم جداً على قانون الاثراء غير المشروع الذي اقر في العام 1999 خاصة لجهة تحديد مفهوم الاثراء غير المشروع وحدد كل زيادة غير مبررة في ثروة الموظف العمومي وشمل كل الموظفين والنواب والوزراء والرؤساء ورؤساء البلديات وبات نطاق تطبيقه واسعاً. واشار الى ان الحصانة على النائب تقتصر على مدة انعقاد مجلس النواب وخارج دورات انعقاد مجلس النواب يمكن ملاحقة النائب بجرم الاثراء غير المشروع امام القضاء العدلي اما اثناء دورة الانعقاد فإن ملاحقة النائب تتطلب رفع الحصانة عنه من قبل مجلس النواب بناء على طلب وزير العدل. وخارج دورات انعقاد مجلس النواب لا وجود للحصانة على النائب وسبق ان بعض النواب في لبنان في الستينات من القرن الماضي طلب رفع الحصانة عن احد النواب ورفض المجلس النيابي هذا الامر لكن بعد وقت قليل من انتهاء ولاية المجلس تم القبض على النائب ووضعه في السجن . وشدد الدكتور سليمان على ان المادة 60 من القانون تقول ان رئيس الجمهورية الذي يملك حصانة اذا تم اتهامه بالاثراء غير المشروع يحاكم امام المجلس الاعلى للرؤساء ولا يمكن المساواة بين الرئيس ورئيس الوزراء فالدستور اعطى الرئيس كياناً خاصاً به ومميزاً عن كل المسؤولين في الدولة. واكد ان لا مواد مخالفة للدستور في قانون الاثراء غير المشروع ولكن يجب تعديل المادة 70 منه.